26‏/09‏/2014

البديل الجذري: وقفة في الذكرى الأولى لإعلان تيار البديل الجذري المغربي

في شتنبر 2014، تحل الذكرى الأولى لإعلان ميلاد تيار البديل الجذري المغربي، بتزامن مع الذكرى الأربعينية لاستشهاد مناضل الشعب المغربي والنهج الديمقراطي القاعدي مصطفى مزياني، هذا الأخير الذي استشهد
بعد 72 يوما في معركة الإضراب عن الطعام البطولية يوم 13 غشت 2014، وهي المعركة التي أشعلت فتيل معارك المعتقلين السياسيين بالعديد من السجون المغربية، وبتزامن أيضا مع ذكرى انتفاضة صفرو المجيدة ليوم 23 شتنبر 2007. إنها سنة من عمر تجربة كفاحية وطموحة وعازمة في ممارسة جادة للمناضلين الجذريين لبناء الأداة السياسية للطبقة العاملة. تجربة واعية بأن كل فرد في المجتمع سواء كان عاملا مستغلا، والذي يعتبر عن حق القوة الرئيسة في الصراع الطبقي وفي عملية الإنتاج، أو معطلا يبحث عن إمكانية تدبير لقمة العيش بعدما حوله النظام الى قوة احتياطية لتحريك وسائل إنتاج الرأسماليين، أو فلاحا فقيرا معرضا للبلترة مع التدمير الممنهج من طرف الملاكين الكبار لإنتاجه وتعريضه للإفلاس، وأبناء كل هؤلاء المستهدفين بسياسة التجهيل والمخططات التخريبة للتعليم والخوصصة والمعرضين للتجهيل والطرد، وغيرهم من فئات الشعب المقهورة والمهددة في مصالحها وفي قوتها اليومي أمام التردي المتزايد للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.. إن هؤلاء وبجانبهم النصف الآخر من المجتمع، الذي تجسده المرأة بمعاناتها من الاستغلال والتمييز المزدوجين، الجنسي والطبقي، هم من تدعو مصالحهم الى التغيير الجذري، وهم من ليس لهم مصلحة في استمرار نظام الكمبرادور والملاكين العقاريين الكبار، وجزء منهم حولت الأحزاب الرجعية والإصلاحية وكذلك النقابات الصفراء والبيروقراطية تضحياتهم ونضالاتهم لسوق السمسرة والمقايضة مقابل فتات البرجوازيين. تجربة تعتبر أن هؤلاء هم المعنيون بالتغيير الجذري.. هم المعنيون بإزالة الظلم والاستغلال.. هم المعنيون ببناء حزب الطبقة العاملة.. هم من يتطلب قيادتهم من أجل بناء السلطة البديلة على أنقاض النظام اللاوطني اللاديمقراطي اللاشعبي. سنة من تجربة استمدت جذورها من تضحيات شعبنا ومقاومته، وتعتبر نفسها امتدادا لمختلف تجاربه، وخاصة تجربة الحركة الماركسية اللينينية المغربية والإضافة النوعية التي جسدتها منظمة "الى الأمام"، تجارب عرفت بطولات شامخة، وعملت على صيانة تضحيات شعبنا وعلى رأسها تضحيات شهدائه والمعتقلين السياسيين والصراع المستمر والمكشوف ضد الظلاميين والانتهازيين بفضح وتعرية وكشف كل مؤامراتهم ودسائسهم على الأرض، فكرا وممارسة. سنة من تجربة علمتنا كيف نعترف بحقيقتنا، أي أننا في بداية المشوار، وكيف نتقدم ونواصل المشي على جراحنا داخل السجون وخارجها، وكيف نستفيد من أخطائنا وتعثراتنا، وكيف نواصل الصمود ببساطتنا وتواضعنا ووضوحنا وكيف نقاوم النيران العدوة و"الصديقة"، وكيف نكشف الأعداء والعناصر الانتهازية والمندسة، وكيف نتواصل مع الرفاق والأصدقاء المخلصين لقضية شعبهم. وما السهام التي توجه الى التيار من الخلف وبأساليب ماكرة، إلا دليل على أنه في المقدمة.. سنة من تجربة واجه خلالها مناضلو التيار تحديات كبرى طبعتها هجومات النظام ومؤامراته والمتآمرين بمختلف تلاوينهم، أعداء وخصوما، والتي توجت بمؤامرة 24 أبريل 2014 التي كان هدفها اجتثاث الفعل الجذري من داخل الجامعة المغربية ومحاولة إجهاض تقدمه في الشارع، وتخللتها طعنات الخلف الغادرة، واجهوا كل ذلك بإمكانات وأدوات بسيطة مقارنة بحجم المعركة التي لازالت مستمرة على ضوء الشعار الموضوعي الذي أفرزته صراعات وتطورات المرحلة التاريخية "الشعب يريد إسقاط النظام" كشعار وحّد موضوعيا، منذ انطلاق حركة/انتفاضة 20فبراير، مطالب عموم الجماهير الشعبية المنتفضة ضد الاضطهاد والاستغلال، المعركة التي تؤكد بالملموس على الأهمية والضرورة التاريخية لبناء الأداة السياسية للكفاح الثوري، في شروط لن تتوقف فيه نيران ومؤامرات العدو لعدم توقف الصراع الطبقي، ولعدم الإقلاع عن التنظيرات الفارغة والشعارات بدون تطبيق. إنه لا معنى للنظرية والتنظير المفصولين عن النضال الفعلي وعن لحمته الطبقية مثلما لا معنى لدفن الممارسة في الحسابات اليومية وكأن الممارسة في غنى عن الغذاء الإيديولوجي لاستهداف التغيير. سنة من الكفاح عمق فيها التيار إيمانه بواجب التطوير والإبداع على ضوء كل المتغيرات والتطورات والمستجدات التي تحصل في العالم والخبرات التي أثارتها وتثيرها التجارب الثورية لتعميق الفهم وتطوير الأساليب وبناء الوسائل التي يتطلبها الطريق الثوري، لاعتبار أن الوسائل والأساليب لا تتكلس على خطوط محدودة وقوالب جامدة ومقولات ثابتة ونظريات نهائية وشروحات فارغة من حقائق الواقع، بل تكون الجواب الثوري على مقتضيات تتطلبها طبيعة الصراع الطبقي في كل مرحلة من التطور كما عبر لينين عن ذلك في ملامسته لأفق إسهامات نضالات الشعوب في التغيير الثوري وبناء الاشتراكية "إن جميع الشعوب ستصل الى الاشتراكية... ذلك أمر محتم، لكنها لن تفعل ذلك بنفس الطريقة تماما، بل إن كلا منها سيساهم بشيء من عنده، بشكل ما من الديمقراطية، بنوع ما من ديكتاتورية البروليتاريا، بمعدل مختلف من التحولات الاشتراكية في الواجهات المختلفة للحياة الاجتماعية".
إن الفعل الثوري وظروفه يتطلبان العديد من التكتيكات، كما أبانت عن ذلك العديد من التجارب التاريخية لقوى التحرر العالمية، بحيث صبغها التمايز الواضح في الأسلوب والوسائل والأدوات المستعملة. وكشفت أن الإصرار على تعيين تجربة أو تجارب ثورية واختيارها كأسلوب عملي للتعميم هو ضرب من الغباء الثوري والدوغمائية السياسية. لذا ليس إشكال الثورة أو مدخلها محصور في الخيار بين تطبيق العقيدة على التجربة أو تطبيق التجربة على العقيدة؟ بل ذلك يتطلب الاستقراء والتحليل الملموس للوضع الملموس واستكشاف الدروب والمسالك المطلوبة والمنسجمة والمتطابقة مع الإمكانيات الواقعية في الظروف الحية القائمة وإبداع الوسائل انطلاقا من معطيات الصراع الطبقي في شروطه التاريخية الدقيقة والمنسجمة مع الأهداف المحددة وإغنائها وتقويتها بالاستفادة الخلاقة من تجارب الشعوب. فالنضال في قناعة مناضلي التيار الذي يهدف لبديل تاريخي يقطع مع الاستغلال والاضطهاد والظلم هو نضال يبنى وسط المعنيين عمليا بهذه المهمة التاريخية، وخاصة العمال. لهذا لا يمكن أن يخضع للافتراضات أو يبنى على "لو كان أو كان يجب" في الدراسة التاريخية أو تعليمات (عاجية) أو إسقاطات متحجرة بأسلوب تجريبي يعتمد الولاءات للرموز العاجزة، فالمعارك تنتج وتنمي وتطور أبطالها الحقيقيين الذين يضيفون لمساتهم وإبداعاتهم للتراث الثوري العالمي، وأن أي إصرار على التقليد والتحجر لصيغة بعينها في رفض للأساليب الثورية المتنوعة والإبداع المستند لمعطيات الواقع والصراع الطبقي من إمكانات واستعدادات ومؤهلات.. ما هو إلا تستر (مفضوح) خلف الألفاظ الثورية والنضال الاسمي وتكيف ضمني وعملي بالتعايش السلمي مع الأعداء الطبقيين.
إننا في تيار البديل الجذري المغربي نعتبر أن الثورة المغربية كتغيير جذري للمجتمع المغربي لن تكون بأوامر وتدابير رسمية موكلة لمكتبيين أو متحدثين لبقين وناعمين أو للأحزاب الرسمية التي أغرقت قواعدا وقيادات بنشوة الكسب الذاتي والعمل مقابل المصالح الذاتية والأنانية والتي هي في العمق كائنات انتخابية ومصلحية تلهث وراء الغنائم وسلم النظام.. بل بالفعل الدؤوب والجاد والمنظم بقيادة الفصيلة الأمامية للشعب والموجه بنظرية ثورية وسط الزخم النضالي لجماهير تقاوم الظلم والقمع والاستغلال .. من أجل التحرر والانعتاق من قبضة النظام اللاوطني اللاديمقراطي اللاشعبي.
تيار البديل الجذري المغربي
C. A. RA. M

26/9/2014



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق