29‏/10‏/2014

غريب الصياد // بصدد إضراب 29 أكتوبر.. معاناة العمال لا تقبل الهزل



إن تاريخ تضحيات الشعب المغربي، على غرار باقي الشعوب التواقة إلى التحرر والانعتاق من ربقة الاستعمار الجديد ومن بطش الرأسمال المالي،
لهو تاريخ معطاء بانتصاراته وانتكاساته في مدها وجزرها، بحجم معاناة معتقليه وأرواح شهدائه ودماء معطوبيه، إنه تاريخ نضال مرير رسمت معالمه انتفاضات بطولية، علاوة على مساهمتها في رفع سقف التحديات، ورسم معالم المرحلة، فمكاسبها كانت فتاتا على موائد الانتهازيين والسماسرة والوصوليين وتجار الدم والمعاناة والسياسة وحقوق الإنسان... بيد أنها بالمقابل معين لا ينضب من الدروس والعبر، دروس لشعبنا البطل، لا لينتكس ويكل من الانتفاض بل يمضي في صنع قيادته الحقيقية، صانعة التغيير الجذري للأوضاع القائمة، الثورية حتى نهاية المطاف، الطليعة إلى آخر رمق، الطبقة العاملة.
إن تاريخ الانتفاضات هو تاريخ دروس وعبر للمناضلين الذين اختاروا القبض على الجمر، لا الذين ألفوا منذ عقود الانصياع للعبة الهامش الديمقراطي البعيد كل البعد عن قلب الرقعة، حيث لا تزال ترتع الكائنات السياسية المتخاذلة والقيادات النقابية البيروقراطية الكبيرة والصغيرة... القديمة و... الجديدة.
انتفاضة 65 فجرها أبناء هذا الشعب الأبرار دفاعا عن حقوقهم المقدسة وضدا على الإقصاء والتهميش ومخطط التجهيل المدرس والمدروس، خاضها مناضلو الشعب المغربي وقدموا على طبق من ذهب عربون تجديد للولاء وعنوان خذلان وطعن لقضية الثورة المغربية، لكن دروسها أعظم وأكبر، حيث تفجر الوعي بالمرحلة وبطبيعتها وطبيعة القوى المتخاذلة وضرورة الأداة الثورية... صمام الأمان في تجميع وبلورة النضالات والدفع بها إلى الأمام.
انتفاضة 81 كانت درسا جديدا في كيفية صنع التوازنات السياسية المشبوهة لتفويت الفرصة على التغيير الحقيقي.. اندلعت إثر إضراب عام وانتهت بمسلسل من المساومات على قاعدة عقود من السجون التي غرق في سوادها المناضلون الشرفاء من أبناء شعبنا...
انتفاضة 84 رسمت الحد الفاصل بين الصمت والصراخ، صمت الأبواق الرجعية والإصلاحية وصرخة الشهيدين...
والقائمة طويلة... والانتفاضات تلت الانتفاضات، ولعل انتفاضة 20 فبراير المجيدة قد أسقطت ما تبقى من الأقنعة ليس فقط عن وجوه القوى سالفة الذكر بل أيضا عن وجوه "الأنبياء" الذين لا يزالون بانتظار نزول الحزب الثوري من السماء على غرار قصة المائدة.
وفي الأيام الأخيرة، ارتفعت درجة الحرارة في التصريحات النارية، وفي البيانات المطرزة ولدى القادة التاريخيين من يمين أبواق الكومبرادور إلى يسار رفاق "مانديلا" وقس على ذلك ما بينهما. إنها الحمى التي تجلت بعد الإعلان عن الإضراب العام "التاريخي" وما بعده. تتسابق كل الدكاكين على دور ذلك الذي قال عنه المثل الشهير "يكوي ويبخ".. فمعلوم أن الإضراب العام دون أي مضمون سياسي لا يعدو أن يكون انخراطا مفضوحا في لعبة شد الحبل مع الحكومة/ المحكومة الرجعية بغية خلق قاعدة/ أرضية للتفاوض، ولا شك أن العمل قد تم كما ينبغي له أن يكون على تحييد القطاعات الحساسة إن اقتصاديا أو اجتماعيا، رغم أنها أي النقابات التي أريد لها أن تكون أكثر تمثيلية لا تملك القوة التي تدعيها، فكم يا ترى تبلغ نسبة انغراس هذه النقابات في صفوف الطبقة العاملة ولو بلغة التبطيق والمكاتب الصورية؟ ولم لم تعلن المسيرات والوقفات؟ لم ليست ثمة مسيرة "تاريخية" على طراز الإضراب "التاريخي" بقلب الرباط؟ بكل بساطة إنها نقابات جادة أيما جدية، التحقت بها نقابات تريد أن تثبت "جديتها" جنوحا للسلم الاجتماعي الذي نضاهي فيه البلدان جمعاء... إنها تخشى العصيان كونها مشاتل بيروقراطية، وهذا طبيعي فمعلوم أن الطبقة العاملة وجماهير الكادحين لا تتردد في رفع رايته لأن الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي يرزح تحتها شعبنا بالإضافة للأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تكاد تخنق النظام القائم وتطبق على أنفاسه لكفيلة برفع راية العصيان والتمرد وخروج الوضع عن سيطرة النظام وأزلامه. لكن أيضا لتعاد نفس المسرحيات الهزلية مجددا إزاء تضحيات جمة لأبناء شعبنا ومناضليهم الجذريين، الماركسيين اللينينيين، قولا وممارسة.
إن الانخراط في الّإضراب واجب نضالي لا ريب، لكنه انخراط فاعل، قائم على التحريض والفضح والمواجهة حتى نكون في مستوى تضحيات شهدائنا الأبرار وفي حجم معاناة كافة المعتقلين السياسيين في سجون العار. إنها معركة واحدة، كل لا يتجزأ.. نضال لا ينتهي.





شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق