26‏/10‏/2014

محمد حومد //ثلاث سنوات مرت على استشهاد المناضل كمال الحساني

لا نكاد نحيي ذكرى من ذكريات الشهداء حتى نجد أنفسنا على أبواب ذكرى أخرى. فبالأمس القريب خلدنا ذكرى الشهيد جبيهة رحال، وفيما قبل وبقليل، خلدنا الذكرى الأربعينية للشهيد مصطفى مزياني وذكرى الشهيدين الدريدي وبلهواري، وفيما قبل وبقليل أكثر، خلدنا ذكرى الشهيد عبد الحق شباضة وذكرى الشهيد عبد الحكيم المسكيني.. والقافلة طويلة ولا حصر لها… وكأنه كتب علينا أن نتهاوى واحدا تلو الآخر. فمن مراكش إلى بني بوعياش وعبر طول خريطة الوطن دماء الشهداء حاضرة وصرخاتهم مدوية عبر الأثير للقبض على الجمر والدفاع عن القضية.. مناضلون سقطوا شهداء تحت التعذيب على أيادي النظام وجلاديه، إما في السجون والمخافر والأقبية السرية (زروال وجبيهة والمسكيني واللائحة طويلة...) أو تحت طعنات الغدر الصامتة (البريبري المنتصر، نورالدين عبد الوهاب...). تعددت الأشكال والأساليب، لكن النتيجة/الجريمة واحدة: التصفية الجسدية/القتل/الاغتيال..

فها نحن اليوم (27 أكتوبر 2014)، في دورة النضال والشهادة، نخلد الذكرى الثالثة لاستشهاد المناضل كمال الحساني الذي اغتالته الأيادي الآتمة، أيادي الإجرام والإرهاب التي سخرها النظام لطعنه من الخلف في واضحة النهار.. إنها طعنة من الطعنات الغادرة.. فالألم مزدوج، وآلام الغدر أكثر إيذاء وأعمق جرحا.. إنها طعنة النظام الجبانة.. فدماء الشهيد كمال ودماء كافة الشهداء ستسقي الأرض التي أنجبتهم وستروي عشبها، لتنبعث منها وتنشأ أجيال قادمة سترد الاعتبار لتضحيات الشعب المغربي وستصنع المستقبل الذي ضحى من أجله الشهداء.. إن الأرض التي أنجبت الحساني ستظل تنجب الأبطال إلى أن يرث اللون الأحمر الأرض ومن عليها.. 

إننا ونحن نخلد ذكرى استشهاد المناضل كمال الحساني، نستحضرتاريخ وأمجاد الأرض التي أنجبته. إننا نستحضر المقاومة التاريخية ضد الاستعمارالإسباني، المقاومة الباسلة التي دحضت الاحتلال بقيادة المناضل محمد بن عبد الكريم، الأستاذ الأممي في فنون حرب التحرير الشعبية. إننا نستحضر انتفاضة بني بوعياش القريبة منا التي أخمدت وأجهضت بالنار والحديد، وتم الزج بابناء المدينة، أبناء الجماهير الشعبية في غياهب السجون ودهاليز الموت وتقديمهم لمحاكمات صورية لردعهم وخلق الرعب في صفوف أسرهم، حيث وزعت عليهم عشرات السنين من السجن النافذ بتهم واهية وحاقدة.. إنها الأرض التي أنجبت كمال.. إنها الأرض التي روتها دماء كمال الطاهرة.. 

ثلاث سنوات مرت على اغتيال كمال.. ثلاث سنوات من معاناة الفراق والحسرة، عاشها رفاقه وعائلته.. ولا يفوتنا بهذه المناسبة/الجرح/الدرس، أن نرفع التحايا للعائلة الصامدة ولكافة العائلات التي قدمت أبناءها قرابينا فداء للقضية.. وإن يعتقد النظام أنه من خلال القتل البطيء والممنهج والتصفيات الجسدية والاعتقالات...، سيوقف الفعل النضالي فإنه أخطأ الحساب.. فالقمع لن يزيد المناضل إلا صلابة وتجذرا. لقد تم استهداف الشهيد في معمعان الغليان الشعبي الذي أشعلت فتيله حركة 20 فبراير، والذي انخرط فيه الشهيد كسائر الغيورين على مصلحة الشعب ثم الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب، وهو واحد من أعضائها النشيطين، وكذلك الحركة الطلابية التي ناضل في إطارها طيلة فترة دراسته الجامعية

إنه شكل من أشكال تطور الصراع الطبقي ببلادنا. فكلما احتد الصراع، كلما كان الهجوم من طرف النظام على الجماهير الشعبية أكثر شراسة.. إن طبيعة النظام ثابتة ثبات السماء فوق الأرض، ولتحصين ذات المناضلين من هذا البطش الهمجي، من المفروض على المعنيين بالأمر بلورة أشكال نضالية متقدمة لرص الصفوف وتقويم الذات لردع العدو. فلا يكفي أن نرفع الشعارات ونخط المسودات الشيوعية لنتركها على رفوف المكتبات وعلى جدران الفايسبوك.. إن المبادرات الميدانية الجادة والمسؤولة هي تلك التي تنصب حول الخطوات القريبة جدا منا، خطوات تدفع المناضل إلى تحمل مسؤولياته والقيام بمهام محددة ودقيقة، حتى يتبين اللغو من الجد.. وحتى يدرك الجميع من يضع يده في النار ومن يلوك الكلام عن بعد ومن الأبراج العاجية.. إننا في أمس الحاجة إلى خلق فعل نوعي في حركتنا وقريب منا وليس بألبانيا أو الصين أو الوقواق... إنه يجب أن نرقى بذكرى الشهيد إلى مكانة عالية مع باقي الذكريات الأخرى.. إنها أمانة في عنق المناضلين، كافة المناضلين.. 

إن ذكرى الشهداء هي محطات يعتز بها المناضل ويرفع فيها بالشهداء عاليا وبقضيتهم إلى الأمام.. إنها استمراريته وثباته على الموقف الجذري.. إننا لن نلبس السواد ولن نساوم على قضيتهم التي هي قضيتنا. وليس مطلوبا منا رفع شعارات قوية ورنانة في القاعات الفارغة.. إنها محطات تعكس مدى التضحيات الجسام التي قدمتها الحركة الماركسية اللينينية المغربية، وتبرز حجم ذات وتأثير هذه الحركة العظيمة. فالمعادلة غير متكافئة، لقد أعطت الحركة الكثير منذ نشأتها في بداية السبعينيات من القرن الماضي. ويجب أن يستفاد منها وبشكل إيجابي وجد متقدم، وطبعا ليس من خلال ترديد جملها وتكرارها.. إن تضحياتها تجاوزت تضحيات أحزاب عتيدة في القتال والصمود مقارنة بالعديد من حركات التحرر الوطني عبر العالم.

فلكل منا قسط من المسؤولية، قد نصيب وقد نخطئ.. وعلى أرضية النقد والنقد الذاتين بعيدا عن النعرات والحزازت الذاتية، نصنع تاريخ الإنسانية الخالي من الطبقات.. أما النقد خارج الإجابة الفعلية والملحة على إشكالات وتعقيدات الواقع العنيد، فهو محاولة يائسة لهدم أي بناء نضالي وتمديد للمسافة الفاصلة بين التأسيس والهدف المنشود ..


26-10-2014




شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق