06‏/11‏/2014

الشهيد أمين التهاني.. شمعة انطفأت في زمن التراجع والمراجعة في عز القمع والحظر



بمدينة وجدة، يوم 04 نونبر 1956، ازداد الشهيد أمين التهاني. تابع دراسته بنفس المدينة إلى أن حصل على شهادة البكالوريا، شعبة العلوم
الرياضية سنة 1974. انتقل بعدها إلى مدينة الرباط لمتابعة دراسته في المدرسة المحمدية للمهندسين.


لم تمنع الظروف القاسية التي كانت تمر منها الحركة الطلابية المغربية الشهيد من الانخراط الفعال في نضالاتها، فقد شهدت فترة السبعينات قمعا شرسا لكل التحركات النضالية للشعب المغربي، ولنضالات الحركة الطلابية بشكل خاص، والذي تكثف بعد المؤتمر الخامس عشر لمنظمتها العتيدة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، ليتوج النظام هجمته بحظر أوطم "قانونيا" يوم 24 يناير 1973. لقد شهدت الحركة الطلابية في تلك الفترة حملة هوجاء من الاعتقالات وخاصة في صفوف قياداتها من أنصار اليسار الجذري (الماركسي اللينيني)، كما أقدم النظام على تفكيك اللجن والمجالس الطلابية، وصولا لمحاولة تنزيل "الإصلاح الجامعي" سنة 1975. ورغم التراجعات الكبيرة للقوى الإصلاحية ودعوتها للقبول بالإصلاح، أظهرت الحركة صمودا بطوليا بقيادة الطلبة الجبهويين في وجه كل محاولات الإقبار التي تعرضت لها، توجت بإسقاط الإصلاح، وتقدمت بخطى حثيثة دفاعا عن قضية التعليم وعن معتقليها، لتنتقل لأساليب تنظيمية جديدة، أهمها المجالس واللجن القاعدية السرية، وقد لعبت المدرسة المحمدية للمهندسين دورا بارزا ورياديا في تلك الفترة في ضمان الاستمرارية للنضال الطلابي بمنظمته أوطم، حيث بادرت "جمعية طلبة المدرسة المحمدية للمهندسين"، والتي انتخب الشهيد أمين التهاني رئيسا لها، إلى الدعوة لتنسيق طلابي وطني، ما فتح الباب أمام بعض اللجن والتعاضديات الفوقية، ليطفوا للسطح من جديد الصراع ما بين أنصار النهج القاعدي المدافعين عن البناء الديمقراطي لأوطم، والنهج البيروقراطي بقيادة "الطلبة الاتحاديين" والذي دشن المرحلة بالدفاع عن شعارات النظام من قبيل "السلم الاجتماعي"، "الإجماع الوطني"، "القضية الوطنية"...

سنة 1980، حصل الشهيد على ديبلوم مهندس دولة في الإلكترونيك والأوتوماتيزم الصناعية، لتبدأ مرحلة جديدة من حياته، بالموازاة مع مرحلة جديدة في الوضع السياسي بالمغرب، سمته الأساسية تفكيك المنظمات الرئيسية للحركة الماركسية اللينينية المغربية أهمها منظمة إلى الأمام التي انتمى لها الشهيد، والهجوم الشرس على ما تبقى من أنصار الثورة المغربية، بمختلف الأساليب والطرق، كان من بينها "الخدمة العسكرية"، التي استخدمت كأسلوب لتركيع المناضلين، وزرع ثقافة الخنوع والاستسلام في صفوفهم. وإن كان الأسلوب قد نجح مع البعض، فهو لم ينل من قناعات الشهيد الذي انخرط بقوة في نضالات الشعب المغربي بمجرد انتهاء مدة "الخدمة"، حيث عرفت تلك الفترة انتفاضتين مجيدتين 1981-1984 دونتا بمداد الفخر والاعتزاز في ذاكرة الشعب. واستمر الشهيد في عطاءاته رغم تحسن ظروفه المعيشية بعدما أصبح مهندسا في شركة "سامير" ورئيسا لقسم صيانة المعدات الكهربائية والإلكترونية. لقد لعب دورا مهما في توحيد نضالات المهندسين عبر خلق إطارهم النقابي الاتحاد الوطني للمهندسين، وشارك في الإعداد لمؤتمره الأول.

ومع استمرار الشهيد في الدفاع عن الحركة الماركسية اللينينية المغربية وعن تاريخها المشرق، ومحاولاته الحثيثة لاستنهاضها، سيتعرض للاختطاف هو و زوجته يوم 27 أكتوبر 1985. اقتيد بعدها إلى المعتقل السري السيء الذكر "درب مولاي الشريف"، حيث وجد في انتظاره خبراء التعذيب والتقتيل، جلادين أصبحت حياتهم تتلخص في إبداع أشكال الاستنطاق، وسلب الإنسان إنسانيته وكرامته. إنها الأساليب الإجرامية التي أدت يوم 06 نونبر 1985 لاغتيال الشهيد أمين التهاني، معلنا ميلاده الجديد من قلب السجون ودهاليزها المتعفنة.

سيظل أمين التهاني شهيدا وشاهدا على وحشية النظام اللاوطني اللاديمقراطي اللاشعبي، وتاريخه الدموي في حق الشعب المغربي البطل، ودليلا ساطعا على حجم المعاناة التي عاناها ولازال يعانيها المعتقلون السياسيون في غرف التحقيق المظلمة. سيظل أمين التهاني شهيدا وشاهدا على إفلاس كل من يحاول إصلاح النظام وتلميع صورته، سيظل ينادي كل الشرفاء من قبره: "لا إصلاح.. لا تصالح.."، لا حل غير انجاز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية واقتلاع النظام الفاسد من جذوره.

المجد والخلود لكل شهداء الشعب المغربي الأحرار...

مغرب النضال والصمود: من أجل بديل جذري
06/11/2014



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق