19‏/01‏/2015

أحمد بيان // هناك من يصنع "المستحيل"، وماذا يصنع المناضلون؟

 
من خلال تتبعنا لما يجري عبر العالم، لا يمكن أن ننفي أو أن نتجاهل الإنجازات العظيمة في مختلف المجالات، العلمية والتقنية والفكرية
والثقافية والفنية والرياضية... إنها إنجازات وتضحيات متواصلة ومبهرة. إنجازات وتضحيات لا تتوقف ولا تعترف بالحدود الوهمية، الجغرافية أو الإيديولوجية أو السياسية أو الدينية.. إنجازات تفضح الجهل والظلامية والانتهازية وكل أعداء الإنسان..
إنه شئنا أم أبينا، نعيش اليوم وقائع رائعة ومذهلة، وقائع تثبت، علميا ونضاليا، أننا نستحق أن نعيش جميعا على قدم المساواة وبدون استثناء، حياة الرفاه والسعادة والجمال، أي الحياة الكريمة في أبهى صورها..
إننا نعيش وقائع تثبت أن جرائم الاضطهاد والاستغلال بكل ألوانها (الامبريالية والرجعية والصهيونية والظلامية والشوفينية) الى زوال..
إننا نعيش، بكل ألم، فظاعات يندى لها جبين الإنسان الحر، الإنسان المناضل..
إننا نعيش الفوضى واليأس والإحباط...
إلا أن زمن الظلم هذا، زمن الاستغلال الطبقي هذا، الى زوال، الى انقراض..
إنه شئنا أم أبينا، نعيش اليوم زمن الانعتاق والتحرر، بكل المعاني..
لكن، ليس بمحض المساومة والخضوع أو الصدفة أو الإرادة..
فلا مناص، ولا بد، عن الصمود والمقاومة والتضحية.. إنه منطق الصراع الطبقي الذي ينصف في آخر المطاف الجديد القوي/البديل الجذري..
فإذا رجعنا الى العديد من الكتابات (وأغلبها خربشات انفعالية) نجدها بعيدة كل البعد عن الحقيقة.. لقد ساهمت في خلط الأوراق اعتمادا على تصفية الحسابات أو على "القيل والقال" (الشفهي). وبنت تحليلها الفج على المغالطات المقيتة (إن تكن معي، الى جانبي، أسكت عنك، أتحملك، بل أدافع عنك.. وإن تكن ضدي، كما أرى ذلك، أتجند بكل الطرق وبدون شفقة لأشوهك، عن حق أو عن باطل).. وكان كسلها وانتهازيتها واضحين عندما حرفت مواقف العديد من المناضلين الشرفاء والمبدئيين انطلاقا من عناوين كتاباتهم وما روج عن جهل وسوء نية حولها.. فبدل أن تخجل وأن تقوم بتصحيح أخطائها تخوض حروبا دونكيشوتية خاسرة..
إن المناضل ليس من يكتب أكثر (حد الإسهال)، وليس من ينشر أكثر (عبر النيت)، أو من يعيد نشر ما نشر (من الموقع العاجي وبكل وقاحة الجبان، وخاصة المختبئ وراء الأسماء المستعارة/المفضوحة).. فالعالم الافتراضي يوفر هذه الفرص بسهولة متناهية، للمناضل ولغير المناضل..
إن المناضل اليوم هو الميدان، هو المتابعة لما يجري في الواقع، هو الحضور الفعلي بتعقيداته وصعوباته، وليس الافتراضي أو ما يدور في الأذهان المريضة..
فمن يعيد نشر ما نشر، كأنه يمتص عرق الناشر الكادح.. إنه باطرونا جديد، بثوب ثوري زائف..
فهناك مناضلون يعيدون النشر لتوسيع النشر، ومن موقع التضامن، وأحيانا التبني.. لهم كل التحية والتقدير..
وهناك من يعيد النشر من موقع العجز، وفقط لتسجيل الحضور، الحضور الافتراضي فقط.. إنهم يلتقطون المعطيات بدل صنعها، وتراهم يزايدون على المناضلين القابضين على الجمر..
ليقرأ المناضلون الصادقون الحيطان أو الجدران الالكترونية/الفايسبوكية للأبطال المزيفين لهذا الزمن الرديء.. وليخبرونا عن الحاضرين والمتابعين عن قرب وكذلك عن الغائبين عن الميدان والمرددين للصدى فقط..
فما أكثر الغائبين.. وللأسف، فإنهم الأكثر انتقادا وتهجما على المناضلين الحاضرين والمتابعين.. إنها المفارقة الغريبة التي لا يفهمها ولا يفك طلاسيمها غير الغائبين عن الميدان والمرددين للصدى فقط..
إن الغائبين عن الميدان والمرددين للصدى فقط يعطلون مسيرة شعبنا ويجهضون نضالات العمال والفلاحين الفقراء وعموم الكادحين... إنهم يقتلوننا.. إنهم يخدمون أجندة النظام القائم بالواضح والمرموز..
ومن يدعو للتحالف أو الوحدة، فليكن في مستوى التحالف والوحدة، قولا وفعلا.. فالمناضل، لا يتحالف إلا مع المناضل..
وأن أصنفك (والتاريخ يشهد) ضمن "احتياطي كوادر مؤسسات النظام الإيديولوجي والسياسي والاقتصادي والثقافي السائد"، يعني أنك غير معني بتحالفي أو وحدتي.. إنك عدوي..

إننا فعلا عدو "الغائبين عن الميدان والمرددين للصدى فقط" (أهل جزر الوقواق الحالمين)..



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق