01‏/02‏/2015

أحمد بيان// الإشادة بفوز حزب "سيريزا" باليونان تسويق للوهم وممارسة للتضليل..

أخذ فوز حزب "سيريزا" في الانتخابات البرلمانية باليونان حيزا مهما في المساحة الإعلامية في الآونة الأخيرة. وبدا الاهتمام بهذا الحدث مبالغا فيه ومحكوما بخلفيات ترويجية أكثر من أي شيء آخر.

ماذا عن حزب "سيريزا"؟
"سيريزا" يعني ائتلاف اليسار الراديكالي، تأسس سنة 2004 ويتشكل من مجموعة من الأحزاب السياسية المحسوبة على اليسار، ومنها أحزاب إيكولوجية ومناهضة للرأسمالية. يرأسه الآن أليكسيس تسيبراس. حصل على أكبر عدد من الأصوات في الانتخابات التشريعية ليوم 25 يناير 2015. وليعلم "رفاق تسيبراس" والمتحمسون لفوزه المشبوه أنه قد كلف في ماي 2012 من طرف الرئيس اليوناني بابولياس بتشكيل حكومة ائتلاف بعد فشل حزب "الديمقراطية الجديدة" في ذلك، إلا أنه فشل بدوره في إنجاز تلك المهمة التي يبدو الآن أن الطريق معبدة أمامه.
طبعا، حصول حزب ما على عدد كبير من الأصوات لا يعني بالضرورة أن هذا الحزب يخدم مصلحة المصوتين عليه أو مصلحة الشعب الذي يدعي تمثيله، وإلا لتم اعتبار حزب العدالة والتنمية الرجعي (الظلامي) يخدم مصلحة الشعب المغربي. السياق، بدون شك يختلف و"الديمقراطية" المغربية ليست هي "الديمقراطية" اليونانية، إلا أن الجهات التي تخدم مصالحها الطبقية البعيدة عن مصالح الطبقة العاملة تعرف كيف تصنع الحدث وكيف تمدد عمر معاناة الكادحين، وإن استدعى الأمر بالنسبة للبعض، أي المتسترين وراء الشعارات "اليسارية"، التحالف مع الامبريالية.. إنها حالة حزب "سيريزا" اليوناني.. وقد تكون مشاركة حزب "اليونانيين المستقلين" اليميني في حكومة "سيريزا" فضيحة لهذا الأخير وللمنتشين بفوزه.. كيف ينسى أو يتناسى القيادي في حزب "سيريزا" ذيميتريس باباذيموليس، العضو في البرلمان الأوروبي و نائب الرئيس تصريحه السابق "ليست هناك إمكانية لشراكة حكومية مع بانوس كامِّنوس (هذا الاخير رئيس حزب اليونانيين المستقلين). فهو ينتمي إلى بناية اليمين. إن مسيرة ومواقف بانوس كامِّنوس تموضعه على يمين حزب الجمهورية الجديدة. يستحيل وقوف حكومة يسارية مناهضة للمذكرات على قدميها إذا ما كانت تعتمد على صوت بانوس كامِّنوس"!!
والخطير هو تسويق هذا الفوز الملغوم من طرف بعض القوى السياسية المغربية والإشادة به وكأنه "فتح عظيم". إن ما قامت به هذه الأطراف المحسوبة بدورها على اليسار المغربي يعد تسويقا للوهم وممارسة للتضليل.. بالتأكيد أن هذه الأطراف تغرف من نفس "الصحن"، وسقفها هو سقف "سيريزا"، إلا أن ما يخدم الشعب اليوناني حقيقة، والطبقة العاملة اليونانية بالخصوص أكبر مما ذهب إليه "سيريزا"، وليس أقل من الاشتراكية بمعناها العلمي، أي ديكتاتورية البروليتاريا. وكذلك مصلحة الشعب المغربي، وفي مقدمته الطبقة العاملة أكبر مما تذهب إليه هذه القوى السياسية المغربية.
وحتى لا نتهم بالمغالاة والتطرف المجانيين أو اليسراوية الزائدة، نسوق المقال التالي تحت عنوان "حزب سيريزا: "عجلة احتياط يسارية" للرأسمالية" لصاحبه إليسيوس فاغيناس، عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني ومسؤول قسم العلاقات الأممية، ودون أن يعني ذلك أننا نتقاسم والحزب الشيوعي اليوناني نفس التوجه السياسي أو الإيديولوجي، فذلك للإحاطة بالموضوع، ليس إلا.
يكتب قاغيناس:
"ترافق تمظهر الأزمة الرأسمالية في اليونان مع سعي قوي للطبقة البرجوازية إلى شلِّ تحرك العمال أيديولوجياً عبر "التعكير" حول أسباب الأزمة و المشاكل التي يعانون منها، من أجل سوقهم نحو خيارات سياسية لا تُشكِّك بالنظام الاستغلالي. و هكذا، باشرت الأحزاب السياسية البرجوازية "القديمة" منها و الجديدة أيضاً، بالتركيز على ظواهر جانبية، مثل الفضائح المالية باعتبارها سببا للأزمة. "إن المال كان موجوداً. لكن بعض (السياسيين) قاموا بنهبه، لذا، فإن الشعب يدفع الآن ثمن ذلك"، حيث كان هذا، أحد الآراء الرائجة على نطاق واسع. و في ضمن هذا التخطيط أستخدم ما سمي ﺑ"حركة الساخطين"، التي زرعت الكراهية تجاه حركة الطبقة العاملة المنظمة و أهدافها، مع التركيز على شعارات: "لصوص! لصوص !" و"خونة! " الموجهة عموما نحو السياسيين، مهيئة بذلك التربة الأيديولوجية "لبذور" الآراء العنصرية الإجرامية لمنظمة "الفجر الذهبي" الفاشية.
في ظل هذه الظروف أثبت الحزب الشيوعي اليوناني بشكل حاسم أننا بصدد أزمة النظام نفسه، و من المطلوب القيام بقطع و فك ارتباط عن الاتحادات الإمبريالية كالاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، عبر فرض التملك الاجتماعي لوسائل الإنتاج و بناء اقتصاد و مجتمع آخر وفقاً لمعيار تغطية الحاجات الشعبية لا لمعيار الربح. على عكس ذلك عَمَد " تحالف اليسار الراديكالي " (سيريزا) على "حََشرِ" كافة الأذواق الإيديولوجية والسياسية ضمن إطاره، ليبرز كمعارضة رئيسية. و جديرة هنا بالذكر هي بعض عناصر موقف هذا الحزب، خصوصا في هذه المرحلة في وقت يُروج له من قبل ما يسمى ﺑ"حزب اليسار الأوروبي" باعتباره"قوة انقلابية" في وقت يتصدر رئيسه ألكسيس تسيبراس قوى حزب اليسار الأوروبي كمرشح لمنصب رئاسة مفوضية الاتحاد الأوروبي.
عندما يلتقي"اليسار الراديكالي" مع اليمين المتطرف.
اتخذت السكرتاريا السياسية لحزب سيريزا بتاريخ 7/2/2014 قرار سحب ترشيح الصحفي ثيوذوروس كاريبيذيس لمنصب محافظ إقليم مقدونيا الغربية للانتخابات المحلية المقبلة، التي ستجرى في فترة انتخابات البرلمان الأوروبي (أيار/مايو 2014) وذلك في حين تنقسم اليونان إلى 13 إقليماً. أي أن حزب سيريزا توصل (ليس على الفور بل بعد تنظير حزبي داخلي استمر لخمسة أيام ) لسحب مرشحه. و ذلك نظراً لنشر آراء للصحفي المذكور كأحد أتباع رؤية تآمرية لمعاناة عمال البلاد. حيث تقول هذه الرؤية بأن رئيس وزراء اليونان ساماراس يدمر البلاد وفق خطة رسمها اليهود !. إن هذه الرؤية التآمرية المتطابقة تماماً مع مثيلاتها المروج لها من قبل من الدوائر الفاشية، وجدت لها" مأوىً " ضمن "اليسار الراديكالي". هذا هو مقدار "راديكيليته"....
إن الحقيقة الغير مشكك بها،هي أننا هنا بصدد "قمة جبل الجليد"ما دام حزب سيريزا قد قام على مدى الثلاث أعوام الماضية ﺑ"ابتلاع" قطاعات برمتها من حزب الباسوك الإشتراكي الديمقراطي المتواجد في وضع تفككي.
و إذا ما تجاوزنا الواقعة المذكورة، فنحن سنرى بذل محاولة ممنهجة من قبل حزب سيريزا على مدى الأعوام السابقة لإنقاذ الرأسمالية في ضمير العمال. فلنر كيف قام بذلك عبر نظرة وجيزة.
تقديس طراز أوباما كرأسمالية "صحيحة"
يزعم حزب سيريزا بمسؤولية النيوليبرالية و "الرأسمالية النيوليبرالية" عن الأزمة ومشاكل العمال. مشيداً بسياسة أوباما على أنها "كينزية جديدة" موصفاً أياه ﺑ"التقدمية"!. خلال حديثه في ولاية تكساس أواخر العام الماضي، قدَّم ألِكسيس تسيبراس تمجيداً للرئيس الامريكي بقوله:"لدي شعور بإمكانية إقامة حوار بناء مع واشنطن بشأن قضية أزمة منطقة اليورو. و ذلك هو أحد الأسباب لشعوري بالسرور لوجودي هنا اليوم".
و بهذه الطريقة تتورط قيادة سيريزا و حزب اليسار الأوروبي في المنافسات القاسية الجارية بين القوى الإمبريالية. في حين من المعروف أمر ممارسة حكومات الولايات المتحدة وفرنسا و إيطاليا الضغط على ألمانيا لتحمل قسم أكبر من إدارة ديون الدول المثقلة بالمديونية في منطقة اليورو وخفض فائضها التجاري. حيث تصطف قوى حزب اليسار الأوروبي إلى جانب الولايات المتحدة. ومع ذلك، لا يجري الصراع المذكور و في أي حال من الأحوال من اجل مصالح القوى الشعبية، وليس له أية علاقة بشعوب أقوى أو أضعف الإقتصادات الرأسمالية.
فمهما تكن "خليطة" إدارة الأزمات المتبعة، فلن يتخلص العمال من أغلال الاستغلال الرأسمالي، لن يتخلصوا من الفقر والبؤس ، والتدابير الضد شعبية الجديدة.
و هو ما يتضح من المشاكل الاجتماعية و الاقتصادية الضخمة التي يعاني منها عشرات الملايين من العمال في الولايات المتحدة. و ذلك على الرغم من ظهور بعض مؤشرات إحصائية لنمو رأسمالي فوق رماد المكاسب الاجتماعية، حيث سيكون النمو المذكور ذو سمة ضد شعبية و سيواجه العمال عواقب أزمة فرط تراكم رأسمالي مقبلة أكثر عمقا. إن حزب سيريزا يغذي عبر اقتصار نقده فقط ضد ما يسمى ﺑ" الرأسمالية النيوليبرالية" أوهاماً لدى العمال بإمكانية وجود رأسمالية "خيرة" مختلفة.
في انتظار تغيير في حلف الذئاب
و لنذكر هنا أن الحزب الشيوعي اليوناني كان قد وَصَّف منذ عقد ستينات القرن الماضي، المجموعة الاقتصادية الأوروبية بأنها"خندق الوحوش". كما و عارض الحزب عام 1980 انضمام اليونان إلى المجموعة الاقتصادية الأوروبية و في عام 1991 عارض أيضاً معاهدة ماستريخت التي حولت المجموعة الاقتصادية الأوروبية إلى اتحاد أوروبي.
و على النقيض، كانت كافة الأحزاب الأخرى، بما في ذلك الحزب الذي نتج عنه حزب سيريزا الحالي، قد دعمت هذه الخيارات لدمج الطبقة البرجوازية إلى المجموعة الاقتصادية الأوروبية والاتحاد الأوروبي.
و يزعم حزب سيريزا اليوم: "أن الاتحاد الأوروبي ينتهك المبادئ و الأغراض التي أسس من أجلها". إن الواقع هو أنه منذ عام 1957 وحتى اليوم و مهما بقي الإتحاد الأوروبي و سواءاً إذا ما انقسم وتحول ليشكل اتحاد الشمال أو الجنوب، أو إذا ما تحول إلى فدرالية او كونفدرالية، فهو يبقى إتحاداً إمبريالياً، معادياً للشعوب والشباب.
فمن الواضح أن الاتحاد الأوروبي لا يتغير بتغير رئيس مفوضيته، التي تشكل آلية لمعالجة وتنفيذ أقسى التدابير الضد شعبية عبر إصلاحات سياسية، لأنها تخفي ضمن حمضها النووي عنصر استغلال الإنسان للإنسان، و عنصر الاستغلال الطبقي الذي هو التناقض الأساسي للمجتمع الرأسمالي.
لأن السؤآل هو: لماذا بُني هذا الإتحاد الدولي. لقد بُني لخدمة الرأسماليين في استغلال أكثر فاعلية للعمال في بلدان الدول الأعضاء. لقد بني لتمكينهم من تحصين سلطتهم عبر امتلاكهم لدعم برجوازيات بلدان الإتحاد الأخرى.. تم بناؤه لمساعدة الاحتكارات الأوروبية في صراعها الشرس مع احتكارات البلدان الأخرى و الاتحادات الإقليمية .
و ذلك في حين تتزامن عضوية معظم دول الاتحاد الأوروبي الأعضاء مع عضويتها في حلف شمال الأطلسي، و هو اتحاد ينظم الحرب اقتصاديا و سياسيا و عسكريا و شارك في الحرب على أراضي أوروبا و يشارك في التخطيط و التدخل في آسيا وأفريقيا، و اليوم في جمهورية أفريقيا الوسطى، مواكباً جنبا - إلى جنب الولايات المتحدة في العداء للشيوعية و في مواجهة الحركة عبر التشريع ضد "الإرهاب". هناك مسؤولية كبيرة تقع على حزب سيريزا باعتباره حزب المعارضة الرئيسي، الذي يمارس خداعاً واعياً للعمال بزعمه بإمكانية "دمقرطة" و "أنسنة" الاتحاد الأوروبي.
هذا و اكتشف سيريزا لمرة أخرى في الآونة الأخيرة، أثناء الأحداث الدامية في أوكرانيا "نقصاً في استقلالية السياسة الخارجية" خلال تدخل الاتحاد الأوروبي الغاشم في الشؤون الداخلية لأوكرانيا، الذي تمظهر بالإشتراك مع تدخل الولايات المتحدة في الصراع ضد روسيا، من أجل السيطرة على الأسواق والمواد الأولية و شبكات النقل في هذه البلاد. حيث زعم سيريزا بأنه كان بإمكان الاتحاد الأوروبي امتلاك"دور أقوى" في دعم مصالح الشعب الأوكراني، لو لم يتماشى مع خط الولايات المتحدة. وحينها، لكان الإتحاد الأوروبي قد غدى"قوة استقرار وسلام" وفقا لوجهة النظر هذه. ولكن ليس هناك من خداع أكبر من أن يدعي أحد ما، إمكانية تحول الاتحاد الأوروبي الامبريالي ﻠ"عامل سلام"، مع تغذية أوهام تقول بوجود إمبريالية صديقة للسلام! . حيث من المحتمل أن تتناحر الكائنات "المفترسة"الإمبريالية فيما بينها، و من ضمنها الاتحاد الأوروبي أثناء "تقاسم الفريسة"، ولكنها مع ذلك سوف تبقى دائما" كائنات مفترسة" معادية لمصالح الشعوب !
"جبهة" الجنوب و"رياحه"
يسبح حزب سيريزا " في "المياه العكرة" لأحزاب ما يسمى ﺑ" قوس معاداة المذكرات" و "معاداة الميركيلية" و نسخة الاتحاد الأوروبي المعادية للبنوك و منطقة اليورو، و الأحزاب التي تنتقد الترويكا و ألمانيا حصراً. ومع ذلك فهو يتجاهل حقيقة اندلاع الأزمة الرأسمالية أولاً في اليونان و من ثم حضور المذكرة التي تبعتها. و هو يتجاوز حقيقة أن الترويكا تحتوي في مكونات عناصرها على الاتحاد الأوروبي. إن المذكرة التي وقعتها الحكومة اليونانية مع ترويكا الدائنين ليست سوى تفصيل السياسة العامة للاتحاد الأوروبي في ظروف الأزمة في اليونان. وبالتالي فإن معارضة حزب سيريزا للمذكرة ليست سوى ذر للرماد في العيون، ما دام هذا الحزب في الوقت نفسه لا يعارض الاتحاد الأوروبي، بل يدعمه.
و مع ذلك، لماذا يعارض سيريزا الترويكا أو ألمانيا حصراً؟
إنه يقوم بذلك ليخفي دعمه الجوهري تجاه الاتحاد الأوروبي و رأس المال والاحتكارات. و هو يغذي أوهاماً لدى العمال بإمكانية تحول الاتحاد الأوروبي عبر قيام "جبهة لبلدان الجنوب". ومع ذلك، فمن يدعي بأنهم حلفائه و دعائمه دولياً، كحكومات الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا و جنوب البحر الأبيض المتوسط، هم أعداء للشعب يقومون أيضاً بهدم الحقوق الشعبية في بلدانهم، على غرار الحكومة الألمانية .
إن الاتحاد الأوروبي هو جحيم لجميع الشعوب! والحقيقة هي أن اتخاذ التدابير الضد شعبية ضد الطبقة العاملة و الشرائح الشعبية في جميع البلدان هو واقع، بغض النظر عن وجود مذكرات أو ديون .فقد اتخذت هذه التدابير في بعض البلدان في عقد التسعينات و في غيرها ابتداء منذ عام 2000و في غيرها بشكل جملة على شكل"صدمة"، كما هو الحال في اليونان في ظروف الأزمة، و في بلدان أخرى اتخذت بشكل تدريجي، كما هو الحال في ألمانيا نفسها .
و بطبيعة الحال، هناك اختلافات من بلد إلى بلد من ناحية المكاسب العمالية، والحاجات الاجتماعية، ومستوى البطالة. و هذا لا يحدث نظراً لتطبيق اليونان لسياسة اختيرت بأسلوب سيئ، أو نتيجة ﻠ"علاج خاطئ"، بل لأن نقطة انطلاقها كبلاد كانت في وضع أسوأ ضمن منطقة اليورو.
فعلى سبيل المثال، إن السياسة الزراعية المشتركة هي السياسة العامة التي تهدف إلى تمركز الإنتاج الزراعي و الأراضي في ملكية أيادٍ قليلة. حيث كان تطبيقها أكثر إيلاما في البلدان التي كانت لا تزال تحتوي على عدد كبير من صغار المنتجين، مثل اليونان .
إنها"رواية" لتنويم الشعوب و هي تقول أنه بمجرد هبوب "الرياح الجديدة من الجنوب" فهي ستكنس الاتحاد الأوروبي "الشرير" ليحل في مكانه إتحاد "أفضل". هذا و كانت صحيفة حزب سيريزا قد كتبت بتاريخ 12/6/2012: " فُتحت صفحة جديدة أمس في فرنسا. عبر انتصار اليسار". غذى حينها حزب سيريزا و قيادته أوهام كثيرة قالت بأن الإتحاد الأوروبي بدأ يتغير عبر انتخاب أولاند. إننا اليوم نعلم جميعا ما التطور الذي حصل...
وعلى النقيض من هذه الأوهام يقول تقدير الحزب الشيوعي اليوناني و الأحزاب الأخرى المشاركة في "المبادرة" الشيوعية الأوروبية، أن الاتحاد الأوروبي لا يتغير، فهو منظومة رجعية يتمثل جوهرها في مصالح الاحتكارات .
الديون "المرهقة" و التي لا يمكن تحملها
أثبت الحزب الشيوعي اليوناني و بالأدلة عدم مسؤولية العمال عن الديون و عدم وجوب دفعهم لها. حيث تحاول دعاية القوى الرأسمالية طمس الأسباب الحقيقية لتضخم الدين العام. ففي الواقع، اقترضت الدولة في السنوات السابقة لتلبية احتياجات ربحية رأس المال و هي تدعو العمال الآن إلى دفع كلفة ذلك. لقد تضخمت الديون نظراً للإنفاق الضخم على برامج التسلح من أجل احتياجات الناتو والمشاركة في بعثات إمبريالية. كما و من العواقب المترتبة على التكامل الاقتصادي اليوناني مع الاتحاد الأوروبي و مع الاتحاد الاقتصادي والنقدي. مثال نموذجي على ذلك هو انكماش قطاعات رئيسية للصناعات التحويلية التي واجهت ضغطا تنافسيا قويا و انكمشت (مثل الغزل و النسيج والملابس و المعادن وبناء السفن/وسائل النقل). و كان لاتساع العجز في الميزان التجاري وللزيادة السريعة في الواردات من الاتحاد الأوروبي، تأثيرها المماثل على تعاظم الدين العام.
زعم حزب سيريزا لفترة طويلة، خاصة قبل الانتخابات السابقة، أن "حكومة اليسار" سوف تفصل الدَين إلى صحيح (يجب دفعه) و "مرهق"، "غير عادل" لن يُدفع. حيث أوحى حينها بأنه من المحتمل أن يكون القسم الأكبر من الدين هو "مرهق" و هاجم حينها الحزب الشيوعي اليوناني لأنه لم يتبنى هذا المنطق "الواقعي".
ومع ذلك، فبقدر اقتراب احتمال تولي سيريزا لمقود الإدارة البرجوازية، يجري تغيير تدريجي لموقفه المذكور. حيث صرح الاقتصادي في حزب سيريزا يورغوس ستاثاكيس في شباط/ فبراير 2014 أنه استنادا إلى قياسات أجراها أن نسبة الدين "المرهق" هو 5٪ من مجموعه فقط. وهذا يعني أنه يعترف بوجوب سداد الشعب لما تبقى من 95 ٪ من الدين. و في الشهر ذاته ادعى رئيس سيريزا أثناء وجوده في ايطاليا أن الأزمة في اليونان هي نتيجة "لنموذج تنمية خاطئ يعتمد على الاستهلاك المفرط مع الإقتراض!". أي أنه يعيد إنتاج البدع البرجوازية الرئيسية في اليونان وخارجها حول سبب الديون و يدعو الشعب لدفع الديون، شريطة أن يصبح "قابلا للخدمة" و أن تعاد جدولته و ذلك على عكس ما تطالب به حكومة ائتلاف الباسوك مع الجمهورية الجديدة، أي إطالة مدة سداده. إن كلا حلي الإدارة ليس ﺑ"راديكالي" أو "صديق للشعب" بل ينصان على فرض تدابير ضد شعبية جديدة على العمال .
إن الحل الوحيد الصديق للشعب هو ما يطرحه الحزب الشيوعي اليوناني: عبر إلغاء الديون من جانب واحد و عدم مسؤولية الشعب عنها. و فرض التملك الاجتماعي لوسائل الإنتاج، مع فك الإرتباط عن الاتحاد الأوروبي عبر سلطة عمالية شعبية .
"راديكالية" ضمن "جدران" النظام.
يقوم حزب سيريزا الانتهازي الذي يتطور بسرعة نحو حزب اشتراكي ديمقراطي معاصر، بتغذية أوهام لدى الشعب، تقول بإمكانية وجود أسلوب إدارة أفضل، على الرغم من سيطرة الاحتكارات. متلاعباً بهموم و قلق الشعب مع الضغط من أجل حلول فورية دون إجراء تغييرات جذرية .
هذا و كانت نموذجية و معبرة على ذلك، كلمة ألِكسيس تسيبراس التي ألقاها في تظاهرة أجريت على شرف الاشتراكي الديمقراطي النمساوي برونو كرايسكي. حيث ذكر تسيبراس:"إن الحكومة اليسارية ستمد يدها إلى الإشتراكيين الديمقراطيين في أوروبا و إلى الليبراليين الأحرار الفكر" عبر مخطط ﻠ" تحقيق الاستقرار في منطقة اليورو، كخطوة أولى إلى أوروبا منفتحة وديمقراطية و متماسكة". إن حكومة كهذه ستسعى نحو "مخطط مارشال أوروبي" ستتضمن "إتحاداً مصرفياً صحيحاً، و دَيناً عاماً يُدار مركزيا من قبل البنك المركزي الأوروبي و برنامجاً ضخماً للاستثمارات العامة". و يؤكد ألِكسيس تسيبراس بشكل قاطع أن تحقيق هذه الأهداف،هو ممكن دون إجراء "تغييرات في معاهدات" الاتحاد الأوروبي.
هذا و كانت تأكيدات سيريزا على أن هناك "استمراراً للدولة" قد أدلت بوضوح أنه سيواصل عمل الحكومات السابقة فوق أرضية السياسة الضد عمالية و حطام الحقوق العمالية الشعبية، و هو يُظهر ما يعنيه هذا الحزب بما يسميه"اليسار الحاكم". إن ترشيح تسيبراس لمنصب رئيس المفوضية الأوروبية، يظهر التزام سيريزا تجاه الاتحاد الأوروبي الممثل لاتحاد احتكارات. إن إبراز حكومة أوباما كإدارة نموذجية، هو تأكيدا بأن حكومة هذا الحزب سوف تدير الرأسمالية. إننا بصدد تأكيدات كانت رابطة الصناعات اليونانية قد قيَّمتها بشكل محدد للغاية، مشيدة ﺑ"راديكالية سيريزا المفيدة".
عن "الديمقراطية" و "السيادة الوطنية".
يحاول سيريزا عبر دعايته إخفاء حقيقة أن مشاركة دولة رأسمالية معينة في اتحاد رأسمالي دولي كالاتحاد الأوروبي، تعني موضوعياً تنازلها عن حقوق سيادية. و ذلك، بالطبع ليس نظراً لوجود"احتلال ألماني"، كما تزعم بتضليل مختلف القوى القومية البرجوازية في "التيار المعادي للمذكرات"، و هو ما يعبر عن شعارات اعتمدتها قوى سيريزا أيضاً في بعض الأحيان. بل و لكن باعتبارها خياراً واعيا و استراتيجيا يتخذه رأس المال في كل دولة بما فيها اليونان، وذلك بغية تعزيز موقعه الاقتصادي والسياسي.
هذا و تتشكل اتحادات دولية في إطار اضطراد احتدام العولمة الرأسمالية، وهو ما يعني تزايد تشابك قطاعات لرأس المال من عدة دول، وتطور علاقات تبعية متبادلة بين الاقتصادات الرأسمالية، التي هي و بالطبع علاقات غير متكافئة نظراً لتشكلها فوق أساس التطور الغير متكافئ، هي علاقات متشكلة على أساس معيار القوة الاقتصادية والسياسية. إن هذا هو العنصر المميز لكل من الإتحادات الدولية الرأسمالية، كما و بشكل أشمل لشبكة العلاقات الدولية المتشكلة ضمن إطار النظام الإمبريالي العالمي. و يقول الحزب الشيوعي اليوناني بإمكانية كسر هذه العلاقات حصراً عبر فك ارتباط البلاد عن الإتحادات الرأسمالية الدولية و عن المسار الرأسمالي للتنمية، لا عبر تجميلها كما يسعى حزب سيريزا.
فكما هو واضح من مواقف سيريزا، يختلف هذا الحزب فقط مع " القيادة الألمانية للاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو"، ولكنه لا يختلف مع ممارسة الرقابة على الميزانيات حيث يكفيه أن يجري ذلك عبر"هيئات مشروعة". فعلى سبيل المثال ، إذا أجري ذلك عبر البرلمان الأوروبي، فليس لديه أية مشكلة في ذلك، لأنه يقول بأن هذا البرلمان هو الهيئة الوحيدة المنتخبة ديمقراطيا في الاتحاد الأوروبي.
ومع ذلك، فمفاهيم ﻜ"الديمقراطية" و "السيادة " لها "وصمة" اجتماعية متطابقة مع الطبقة الموجودة في موقع السلطة. فالديمقراطية البرجوازية ليست سوى سيطرة طبقية و دكتاتورية للطبقة البرجوازية في عباءة برلمانية، كما و القانون المغلف لها هو قانون الطبقة البرجوازية.
إن حزب سيريزا هو حامل لرؤية غير طبقية تجاه الحرية والديمقراطية. و يمارس نقداً في هذه المواضيع من وجهة نظر "تعددية البرجوازية الصغيرة". حيث يتجاهل و يتستر على الطابع المحدود حكماً للمكاسب الديمقراطية ضمن الرأسمالية. و يخفي حقيقة أن مصدر الاستبداد هو السياسة التي تخدم رأس المال، و هي المرتبطة في آن واحد ارتباطا وثيقا مع تنفيذ قرارات الاتحاد الأوروبي. و هو بموقفه العام تجاه السياسات المشتركة للاتحاد الأوروبي، يدعو إلى إنشاء أجهزة اتحادية أوروبية قمعية، من شأن هدفها موضوعياً مواجهة الحركات المناهضة للإمبريالية. و خلال نقده المذكور يتستر على دور هذه الأجهزة لكي يتجنب المساس بالاتحاد الأوروبي (الشرطة الأوروبية، هيئة العدل الأوروبية، فروندكس، شنغن الخ).
طابع "الاستفتاء"، و لكن حول ماذا و لمصلحة من؟
يسعى سيريزا في وقت يرى واقع فقدان الاتحاد الأوروبي ذاته، للتأييد و خلقه الاشمئزاز و السخط ضمن قطاعات واسعة للعمال، إلى طرح المزيد من المعضلات الكاذبة خلال انتخابات البرلمان الأوروبي و الإنتخابات المحلية، حيث يقول أن لها "طابع الاستفتاء على السياسات والأحزاب التي قادت البلاد إلى وضعها الحالي "أي "استفتاء حول مشروعية السياسة المطبقة من قبل الحكومة، من عدمها".
إن حزب سيريزا يقول أنه سيدعم قطاعات رأس المال "الصحيحة "، وبالتالي فإن الاستفتاء الذي يطالب به، هو حول ماهية قطاعات رأس المال التي ستتعزز في مرحلة الانتعاش. و حول ماهية القطاعات التي سيتم تمويلها. حقيقةً، ممن ستمول هذه القطاعات؟
إنه يطالب ﺑ"استفتاء" حول ماهية الأسلوب المختلف لزيادة التضييق على العمال: أهو عبر إطالة مدة سداد الدين (و هو ما تطلبه الحكومة من قبل المقرضين)، أم عبر إعادة جدولة الدين كما يطلب حزب سيريزا.
يعلن سيريزا التزامه تجاه الاتحاد الأوروبي و "إدارته الاقتصادية" معتمداً "مذكرات مستمرة" ضد الشعوب. وبالتالي فإن "الاستفتاء" الذي يطالب به هو أن يمنحه الشعب توكيلاً بإمكانيته في ضمان مسار أحادي الإتجاه ضمن الإتحاد الأوروبي مع تنفيذ مذكراته المستمرة. و بأنه قادر على إدارة الفقر و البؤس و على خداع العمال بأن اقتراحه سيجلب الرفاه الشعبي.
يطالب سيريزا بإجراء استفتاء لصالح "حكومة اليسار". ومع ذلك، فإن التطورات في فرنسا وايطاليا و قبرص وغيرها تدل على أن حكومات "اليسار" و" يسار الوسط" ليست شيئا آخر سوى "عجلات احتياطية يسارية" لمسار التطور الرأسمالي .
يُسجّل الحزب الشيوعي اليوناني بأن على العمال الذهاب إلى صناديق الاقتراع في شهر أيار/مايو، ممتلكين لمعايير مغايرة.
عليهم الذهاب مع امتلاكهم لمعيار معاقبة كل الذين حاولوا خلال السنوات السابقة و يحاولون الآن عبر الكذب و الترهيب و زرع الأوهام و إقناع الشعب اليوناني بإمكانية وجود تنمية صديقة له و لسواه من شعوب أوروبا، عبر المسار الرأسمالي للتنمية و الاتحاد الأوروبي.
عليهم الذهاب مع امتلاكهم لمعيار تشكيل معارضة عمالية شعبية قوية، و إعادة صياغة ضرورية للحركة العمالية الشعبية، و التحالف الشعبي من أجل النضال ضد السياسة المعادية للشعب والاتحاد الأوروبي و الأحزاب القائلة بمساره الإجباري.
مع معيار تعزيز النضال من أجل يونان الرفاه الشعبي، و استغلال كافة إمكانيات البلاد الإنتاجية و معيار التضامن والتعاون مع جميع الشعوب، على النقيض من أغلال الاتحاد الأوروبي و اللاعدالة والاستغلال الرأسمالي.
مع معيار تمهيد الطريق لفرض التملك الاجتماعي على الاحتكارات، وإلغاء الديون من جانب واحد، و فك الإرتباط عن الاتحاد الأوروبي. ليمتلك الشعب سلطته الخاصة ليغدو سيداً في فرص تطورات لصالحه.
مع امتلاكهم لهذه المعايير ينبغي على العمال استخدام انتخابات شهر أيار/مايو لرفض المعضلات الكاذبة، والإسهام في تحقيق منعطف لتوازن القوى لصالح الشعب، من خلال تعزيز الحزب الشيوعي اليوناني".


31 يناير 2015



شارك هذا الموضوع على: ↓




↓للتعليق على الموضوع
تعليقات
2 تعليقات

2 التعليقات:

  1. سيو
    شركة ميكسيوجي للتسويق الالكتروني والسيو تساعدك على جعل موقعك رقم 1 في جوجل وذلك عن طريق فريق عمل متكامل متخصص على استخدام احدث الاساليب والطرق المبتكرة التي تجعل جوجل يميز موقعك عن باقي المواقع
    مهما كانت المناسة شديدة على مجال موقعك نضع لك الخطة المناسبة لك
    اتصل بنا الان على 002/01010116604
    شركة تسويق الكتروني
    خدمات سيو


    ردحذف
  2. شركة تنظيف منازل بمكة
    شركة صقر البشاير تقوم بتنظيف المنازل بطريقة تحفظ للعين ان ترى كل الاثاث فى مكانه الطبيعى
    شركة صقر البشاير من الشركات الرائدة فى هذا المجال
    اتصل بنا على 0500941566 - 012/5576261
    غسيل كنب بمكة
    غسيل سجاد بمكة

    ردحذف

رسالة أقدم الصفحة الرئيسية