03‏/03‏/2015

غريب الصياد // حركة 3 مارس/ البؤر الثورية: في السياق والدروس التاريخية..


كتب الرفيق حسن أحراث مقالا تحت عنوان "حركة 03 مارس: تجربة في حاجة إلى الدراسة والتقييم"، نشر في مدونة "مغرب النضال والصمود، من أجل بديل جذري".
ويأتي هذا المقال في محاولة متواضعة للإحاطة بظروف تلك المرحلة وللخروج ببعض الدروس التي قد تفيد في مسيرة تحرر الشعب المغربي من ربقة المستعمر الجديد، نظام الكومبرادور والملاكين العقاريين والبيروقراطية المدنية والعسكرية...

اتسم السياق التاريخي لحركة 3 مارس بالتعقد والتأزم، تعقد الظرفية إقليميا ومحليا في تواتر الأحداث وتسارعها، إضافة إلى واقع الأزمة: أزمة النظام القائم التي تجلت بوضوح صيفي 71 و72 على التوالي، نتيجة التصدع الحادث من داخل التحالف الطبقي المسيطر المشكل من الطفيليات المشار إليها أعلاه في تنافس جلي على دور الوساطة لصالح الامبريالية المتنافسة (الأمريكية والفرنسية على الخصوص).
عزلة النظام:
وكنتيجة، جاءت عزلة النظام، بعد المحاولتين الانقلابيتين لاعبابو والمذبوح ثم لأوفقير، في ظروف عرفت تفجر الأزمة من داخل الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، وحل الأمانة العامة للاتحاد من طرف اللجنة الإدارية وبتعبئة من الشباب المشكلين لتفكير جديد، انشقاق الاتحاد بين مؤيدي بن الصديق ومؤيدي بوعبيد بعد إزاحة/استشهاد بنبركة، ومن تم بروز اليسار الماركسي اللينيني عبر نقاشات وتساؤلات حول جدوى حزبي التحرر والاشتراكية والاتحاد الوطني للقوات الشعبية والمعارضة الشكلية التي تنفس عن أزمة النظام السياسية بامتياز.
الوضع المتقدم للحركة الطلابية:
كما عرفت الساحة الجامعية المغربية وضعا أشبه بالغليان نتيجة الهجوم اللاشعبي على المكتسبات المنتزعة، وتصاعدت النضالات الطلابية لتبلغ أوجها مع الإضراب العام في دجنبر 1972 والذي قوبل باحتلال الساحة من قبل القوى القمعية الدموية وشن حملة طالت القياديين البارزين لأوطم بمعية الأساتذة والطلاب. وبعد أقل من شهر، اندلع نار إضراب ثان في يناير 1973 اعتقل على إثره رئيس الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، ونكل بالجماهير الطلابية بسلا واعتقل العشرات من الطلاب.
وبعد الهجوم على مقر أوطم بالرباط تم اعتقال نائب رئيس الاتحاد، مع استمرار الإضراب وتقدم الحركة الطلابية، أعلن معه النظام اللاوطني اللاديمقراطي اللاشعبي الحظر القانوني على أوطم. ويشار هنا إلى استمرار الحركة الطلابية والمعركة البطولية رغم ظروف القمع الأسود حتى تخوم شهر أبريل من ذات السنة مع تسجيل تضامن الحركة التلاميذية والتحام نضالاتها بنضالات الحركة الطلابية... تضامن قوبل بثلاث سنوات من الاعتقال الاحتياطي للتلاميذ "القصر" والأساتذة بتهم من قبيل "المس بالأمن الداخلي للدولة"، تتويجا بمحاكمة يوليوز 1976... لقد أفلت الاتحاد الوطني لطلبة المغرب من قبضة القوى الانتظارية والإصلاحية بعد بروز وعي جديد ويسار جديد، اليسار الماركسي اللينيني... وهنا يأتي درس مهم من دروس اللحظة التاريخية وهو استمرار الحركة رغم حظر الإطار قانونيا وعمليا بارتباط المناضلين بأوسع القواعد المناضلة ولزرع الفكر النضالي في الخطوات السديدة للحركة وقيادتها العملية، هذا الدرس قد يفيد المتهافتين على احتقار الجماهير وقوتها الضاربة بدل الالتحام بها لتستمر في خلق مناضليها الأوفياء تحت نيران العدو...
القوى الإصلاحية والنظام القائم: توافقات بين كر وفر
لم يكن واضحا لدى النظام والقوى المرتبطة به مدى إمكانية توفير "سلم اجتماعي" كاف لتدبير الأزمة السياسية في تلك اللحظة التاريخية، في ظل الأزمة بين الاتحاد الوطني للقوات الشعبية والاتحاد المغربي للشغل بقيادة المحجوب بن الصديق، كما أن أوضاع الطبقة العاملة كانت متفاوتة بين مأجورين يعيشون حياة الأرستقراطية وأغلبية ساحقة من عمال ذوي أجر هزيل لا يسد الرمق في مغرب السبعينيات، دون إغفال الجيش الاحتياطي للعمال من جماهير معطلة، جماهير تشكلت فئاتها من النزوح الكثيف نحو المدينة لاحتلال دور الصفيح والتخبط في البطالة وانتشار الأمراض الاجتماعية، ولعل واقع المدن الكبرى آنذاك كالرباط والبيضاء كان شاهدا على الوضع، أضف إليه الارتباط المشبوه لابن الصديق ورفاقه/حاشيته بالبلاط بل حتى لجهات أجنبية (أمريكية على وجه الخصوص) والريع النقابي الذي زكم الأنوف، مما فضح الارتباط المشبوه بين قوى الاستعمار القديم والجديد ضدا على مصالح الطبقة العاملة...
ولم تكن القوى السياسية آنذاك تنفك تدعو -بشكل مبطن تارة وبشكل صريح تارة أخرى- "القصر" إلى اقتسام السلطة، وحسب مقولة "موازين القوى" أو للدقة حسب الطبيعة الانتهازية لهذه القوى أو مستنسخاتها الممسوخة في زمننا هذا، تدحرج المطلب بين المجلس التأسيسي وتعديل الدستور، ومع تشكيل حكومة "القصر" برئاسة أحمد عصمان واستمرار مؤشرات الأزمة بين التحالف الطبقي المسيطر وأحزاب البورجوازية الصغرى مرورا بقصة الطرد المفخخ الذي انفجر بين يدي اليازغي، لوح النظام بورقة المغربة لامتصاص الأزمة السياسية، بينما منحت المؤسسات لإدارة البورجوازية المحلية الطفيلية، في حين منحت الأراضي "الممغربة" لبقايا الإقطاع لتكتمل ملامح الاستعمار الجديد.
البلانكية: رد على عجز الإصلاح.
إن عجز القوى الإصلاحية المشكلة للمعارضة الشكلية كان دافعا أساسيا لتفجر حركة 3 مارس البلانكية، فتبني الكفاح المسلح كان جوابا من رموز انحدر بعضها من جيش التحرير وشاركت في الانتقال نحو الاستعمار الجديد لتكتشف بعد ذلك لا جدوى المفاوضات السرية في البلاط والانتخابات المزورة في المؤسسات السياسية الصورية والتعلق بحبال الوعود والتلميحات بتصفية الأجواء وعدم تزوير الانتخابات، في انتهازية مقيتة وعزلة عن الجماهير ما بعدها عزلة، ومن تم جاء تبني الكفاح المسلح لكن مرة أخرى في عزلة عن نفس الجماهير التي تم التحدث باسمها ولمن يحملون بذور الفكر العلمي لتحرر الشعوب أن يفطنوا لما يمكن أن يأتي بعد ذلك حتى لو نجحت حركة 3 مارس.
ولقد كان لنكسة حرب يونيو 1967 دور مساعد في انضمام العديد من الأسماء التي جاء ذكرها في المقال المشار إليه أعلاه إلى هذه الحركة. خنيفرة والرباط ووجدة والناظور ومولاي بوعزة ومناطق أخرى كانت هدفا واضحا لتنزيل نموذج البؤر الثورية على أرض المغرب عبر زرع قنابل وتفجيرات وتبادل لإطلاق خاطف للنار هنا وهناك في مناطق تم ترشيحها للانفجار الاجتماعي...
ومع لعب النظام على الوتر الحساس "الخطر القادم من الجارة الشرقية" ومن ليبيا (القدافي) وبالنظر للنزعة القبلية السائدة آنذاك في العديد من المناطق بات الاستمرار في الانضمام لمثل هذه الحركة محفوفا بالشبهة، ليتم سحق الحركة في مهدها...





شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق