16‏/03‏/2015

البديل الجذري// الاتحاد المغربي للشغل: ماذا نريد الآن؟

   
 لا شك أن العمل النقابي واجهة نضالية أساسية في المسار النضالي لشعبنا. وقد سبق أن عشنا تجارب نقابية رائدة في حدود ما، خاصة داخل الاتحاد المغربي للشغل والكنفدرالية الديمقراطية للشغل، تجارب حققت العديد من الانتصارات وساهمت
في انتزاع العديد من المكتسبات. ونظرا لخطورة هذه الواجهة في معمعان الصراع الطبقي، جند النظام كل زبانيته، من قيادات بيروقراطية "مافيوزية" وقوى سياسية رجعية وإصلاحية، غارقة في التواطؤ والتخاذل، لكسر زخمها وإفراغها من مضمونها الكفاحي. فلم يعد العمل النقابي بالمغرب يؤدي تلك الوظيفة النضالية التي كانت تغذي العمل السياسي وتتفاعل معه، مدا وجزرا. وقد استغل النظام القائم، لتمرير مخططاته التخريبية والتصفوية، غياب قوى سياسية قوية وغير منصاعة وقادرة على تطوير العمل النقابي وصيانته من اختراقات المرتزقة والسماسرة، القدامى والجدد. فما يمكن الحديث عنه داخل نقابة معينة هو نفسه واقع حال باقي النقابات. لقد استفردت القيادات البيروقراطية بمصير النقابات، وجعلت منها وكالات وأبواقا لخدمة مصالحها الضيقة ومصالح أسيادها (النظام والباطرونا..).
وبالنسبة للمركزية النقابية، الاتحاد المغربي للشغل، فقد سجلنا في إحدى منشوراتنا (الاتحاد المغربي للشغل: من البيروقراطية الى البيروقراطية.. ماي 2014) أن "المتتبع لمجريات الصراع وتطوراته داخل الاتحاد المغربي للشغل لا بد أن يقف عند حقيقته (طبيعته) وأن يستشف آفاقه الآنية والبعيدة المدى. فهل هو صراع من أجل دعم وخدمة مشروع مجتمعي بديل، وعلى أرضية برنامج نقيض للمشروع والبرنامج البيروقراطي، أم هو مجرد خصومات بين"رفاق" الأمس، سرعان ما ستجد لها حلا من داخل نفس التوجه السائد والمسيطر على المركزية النقابية، أي على نفس الأسس والأرضية التي كانت من وراء الأزمة الذاتية التي تعيش على وقعها هذه المركزية؟ علما أن القيادات والهياكل والمؤتمرات تتم صناعتها من أجل أن تبقى المركزيات النقابية المغربية ومعها العمل النقابي المشوه سلاحا في يد الباطرونا ومعها النظام القائم لتوجهه الى ضرب مصالح الطبقة العاملة والحد من تطور وعيها السياسي والتنظيمي. وحقيقة هذه المركزيات "البارزة" (الاتحاد المغربي للشغل والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب والاتحاد العام للشغالين بالمغرب والكنفدرالية الديمقراطية للشغل والفدرالية الديمقراطية للشغل) هي كونها الآن مقاولات اتخذت من العمل النقابي سلعة لوضع أسهمها في سوق الأعمال وعالم الأموال وفي أسواق البورصة".. .
وقد بات اليوم كما الأمس، ومن الضروري، نضاليا، في ظل العبث الحالي، اتخاذ الموقف اللازم من طرف التيارات السياسية المناضلة وكافة المناضلين الثوريين، سواء داخل هذه النقابة أو تلك، وخاصة داخل النقابتين، الاتحاد المغربي للشغل والكنفدرالية الديمقراطية للشغل.
لقد سبق أن عبرنا عن ذلك، وقلنا بالحرف "وفي نظرنا، ليصب نضالنا النقابي في هذا الاتجاه، لابد أن يكون مؤطرا تنظيميا وبرنامجيا. فالعمل النقابي من طرف الأفراد، وكيفما تكن كفاحيتهم أو مرجعيتهم، سيجدون أنفسهم في الهامش أو تحت رحمة وتوجيه التنظيم أو التنظيمات السياسية الأكثر حضورا داخل هذه النقابة أو تلك وبنزين محركاتها لخدمة تصوراتها القريبة والبعيدة المدى. وقد عشنا ما يكفي من التجارب التي أثبتت أننا كأفراد سنبقى دائما الحلقة الأضعف أو اللقمة السائغة في حلق هذه الجهة السياسية أو تلك. وقد بدا ذلك واضحا بالنسبة لما يسمى "بالتوجه الديمقراطي"" (الاتحاد المغربي للشغل: موقفنا من البيروقراطيتين.. غشت 2014). إننا نؤمن أن لا حياة لنا، سياسيا ونضاليا وتنظيميا ونظريا، إن لم نكن جزء من الطبقة العاملة، نقدم تضحياتنا وسطها وفي مقدمتها ونمثل فصيلتها الواعية. وعليه، فإن الواجب والمسؤولية يقتضيان منا إعلان حضورنا الفعلي والواعي حيث تحضر القواعد النقابية، وخاصة العمال.. وحيث يحضر المناضلون.. لكن، لا معنى للسكوت عن الإجرام مهما كان سواء مس القواعد النقابية، أو العمال أو أبناء شعبنا أينما وجدوا.. كما لا معنى للسكوت عن الإجرام الذي يمس المناضلين، كافة المناضلين، وبمختلف المواقع.. 
لقد كنا منسجمين مع خطنا السياسي عندما دعونا الى خوض الصراع ضد البيروقراطية، قديمها وجديدها.. وسيستمر هذا الصراع حتى انتصار قضية شعبنا.. وهو ما أكدنا عليه سابقا أيضا: "وما يهمنا نحن، وكما دائما، الى جانب فضح هذه المافيا التي احترفت الاستثمار في العمل النقابي وجعلت من النقابات مجرد أدوات لخدمة الرأسمال المحلي والعالمي، هو التواصل والارتباط بالطبقة العاملة. ولأن هذه الأخيرة حاضرة داخل الاتحاد المغربي للشغل، فسيستمر انخراطنا بالاتحاد، وخاصة بالقطاعات التي تستقطب الأعداد الكبيرة من الطبقة العاملة، وعلى رأسها القطاع الخاص (المعامل والمناجم والمقالع والشركات والحقول...). كما سيستمر فضحنا لأي ممارسة قد تدفع إلى المزيد من تقسيم نضالات الطبقة العاملة، تكون محكومة بنظرة أنانية ضيقة الأفق بغية لي ذراع بيروقراطية قديمة من أجل التفاوض/التوافق (من موقع ضعف سياسي) على المقاعد في معزل عن أوسع القواعد العمالية المناضلة" (الاتحاد المغربي للشغل: موقفنا من البيروقراطيتين.. غشت 2014). 
وفي ظل التطورات الأخيرة التي عرفتها علاقة "التوجه الديمقراطي" بالاتحاد المغربي للشغل، حيث الاتصالات و"الصفقات" السرية والعلنية على قدم وساق، والتي قد تفضي الى معانقة البيروقراطيتين لبعضهما البعض، دون أي اعتبار، سياسي أو أخلاقي، سواء لمن ظل داخل الاتحاد أو لمن التحق "بالتوجه الديمقراطي" في قطاعات معينة (التعليم والجماعات المحلية أساسا)؛ ودون أي جديد يذكر في علاقة الأمر بالشعارات المرفوعة، من مثل "الفساد يطلع برا" أو "فاروق ارحل" أو "خدمة الطبقة العاملة وليس استخدامها"...؛ نجدد موقفنا الثابت التالي: "لقد كان موقفنا الواضح في تيار البديل الجذري المغربي هو العمل في الإطارات (القطاعات) التي تتوفر على قاعدة نقابية عريضة، سواء انشقت أو بقيت داخل الاتحاد. ودعونا على هذا الأساس الى الانخراط في الجامعة الوطنية للتعليم (التوجه الديمقراطي) والجامعة الوطنية لعمال وموظفي الجماعات المحلية (التوجه الديمقراطي) والاتحاد النقابي للموظفين والموظفات (التوجه الديمقراطي)، وفي نفس الوقت مواصلة الاشتغال بباقي القطاعات داخل الاتحاد. ولم نطرح في أي وقت من الأوقات مناقشة القوانين الأساسية أو غيرها، سواء بالنسبة للبيروقراطية الموروثة أو بالنسبة للبيروقراطية الصاعدة أو الجديدة" (الاتحاد المغربي للشغل: موقفنا من البيروقراطيتين.. غشت 2014). وقد التزم مناضلو تيار البديل الجذري المغربي بعدم تحمل أي مسؤولية في الأجهزة القيادية للنقابات المنشقة، لأن همهم الأساسي هو الارتباط بالقواعد النقابية والتواصل معها، وليس تزكية الانشقاق أو امتطاء الكراسي الوثيرة والمريحة.. وهو ما سيستمر سواء تواصل الانشقاق أم تمت العودة الى الأحضان الدافئة للبيروقراطية الأم. وعموما، في ظل التشتت الذي يعرفه الحقل النقابي وهيمنة القيادات البيروقراطية المتواطئة مع الباطرونا والمدعومة من طرف النظام القائم، تبقى أولويتنا الحضور حيث تحضر الطبقة العاملة والقواعد النقابية، سواء كان ذلك في صفوف الاتحاد المغربي للشغل أو في صفوف أي نقابة أخرى، كانت جديدة أم قديمة، محكومين بالهم الكبير، هم بناء الأداة السياسية للطبقة العاملة القادرة على توحيد صفوفها وقيادة نضالها من أجل حقوقها وتحقيق ثورتها على النظام القائم وإقامة نظام يخلصها من كل أشكال الاستغلال، وليس اللهاث خلف كعكة التمثيلية من فوق التي لن تكتسب ثقة المنقبين فبالأحرى ثقة شعب بكامله..
تيار البديل الجذري المغربي
C.A.RA.M.
16 مارس 2015



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق