30‏/04‏/2015

البديل الجذري // في ذكرى فاتح ماي 2015 المقاومة الصريحة للأعداء هي أساس بناء المشروع الثوري

فاتح ماي يوم تاريخي تعلو فيه أعلام المطرقة والمنجل في جل الشوارع الكبرى مدن العالم، ويتقدمها شعار "يا عمال العالم اتحدوا" كحقيقة قوية وساطعة ومهيبة لمستعبديهم الرأسماليين. وهو الشعار الذي عجزت جميع آلات الهدم
والمسخ البرجوازية وكل ما تملكه وتتحكم فيه من أجهزة قمعية وأدوات سياسية ونقابية وأقلام محترفة عن تحييده أو إزالته.. وذلك بالرغم من كل الإخفاقات الصغرى والكبرى وكل النكسات والآلام في إطار سيرورة النضال والكفاح العمالي ضد سارقي فائض القيمة ومصاصي دماء البشرية.
لقد بقيت وحدة الطبقة العاملة الرعب المخيف (الخوف المرعب) لكل الرأسماليين عبر العالم، كما بقيت أمل الإنسانية المبني على الإمكانيات الواقعية العلمية لتحرير قوتها ونيل حريتها وإنقاذ الحياة على كوكبنا من قبضة الذئاب البشرية في العصر الراهن، عصر السيطرة الإمبريالية. وبقيت كذلك، أي وحدة الطبقة العاملة، لأن العمال عبر العالم يشكلون طبقة واحدة ونقيضا فعليا للبرجوازية، وخلاصها هو في القضاء على مستغليها وبناء مجتمع خال من استغلال الإنسان للإنسان..إنها المهمة الثابتة والتاريخية التي لم تمح ولن تزول بالرغم من مجمل نعرات الأعداء ومؤامراتهم، فتنظيم العمال ووحدتهم أداة الثورة القوية والحاسمة والعلمية.. والطبقة العاملة المغربية، التي هي جزء لا يتجزأ من الطبقة العاملة عبر العالم، لها أمجاد وتاريخ يشاركها في ذلك جنبا إلى جنب أبناء شعبنا من الفلاحين الفقراء والطلبة والمعطلين وكافة الكادحين، نساء ورجالا، أمجاد يشهد بها تاريخ المقاومة المسلحة وجيش التحرير المغربي والانتفاضات البطولية وملحمة خيرة أبناء شعبنا في التجربة السبعينية الرائدة للحركة الماركسية اللينينية، بالرغم من جبروت الاستعمار المباشر وإجرام عملائه ووكلائه المحليين بعد المجيئ بهم للسلطة إثر مؤامرة إيكس-ليبان في شخص النظام اللاوطني اللاديموقراطي اللاشعبي، وانبطاح أحزاب الذل والخيانة، وكذا في ظل سطو البيروقراطيين المافيوزيين، الوجه الثاني لجلادي شعبنا، على المركزيات النقابية. هؤلاء الحراس الأقدمون الممعنون في الجريمة، جريمة الغدر والطعن في كل فعل جماهيري منذ حسم عرشهم على رأس المركزيات النقابية الى آخر انتفاضة لشعبنا البطل، والتي لن تكون الآخرة بطبيعة الحال، ببيعهم انتفاضة 20 فبراير في أشهر "مزاد" خياني والمؤرخ في 26 أبريل 2011 (المعروف باتفاق 26 أبريل) وبيع المنتفضين والمحتجين لأجهزة القمع في فاتح ماي 2012 وفاتح ماي 2013 بفاس لسنتين على التوالي وفي مسيرة 6 أبريل 2014 بالدار البيضاء وإلغاء التخليد لفاتح ماي لهذه السنة تحت غطاء ديماغوجي مألوف وممل والسعي الحثيث لتسقيف حركة 20 فبراير ولجمها والتحكم فيها من الخلف مع خليط من أقصى اليمين الظلامي والشوفيني والليبرالي الى أقصى "اليسار" وتشتيت الوحدة العمالية وبيع اليسار الجذري الحقيقي في مختلف مواقع وجبهات الفعل.. ولن تكون آخر جرائمهم ما لم تنخرط الجماهير الشعبية الكادحة في فعل ثوري مستمر ومستقل عن كل السقوف والتكتلات السياسية المنبطحة اليمينية والإصلاحية والانتهازية التي لا تعنيها أهداف جماهير شعبنا على خريطة بلدنا بكامله، في الأمس واليوم وغدا، ولن يعنيها أيضا أن تتجذر النضالات والانتفاضات وتتطور وتتوسع وتعم وطننا الجريح كله وتستمر وتطيح بأسيادهم وبمؤسساتهم.. فبالنسبة لهم كل التضحيات وكل النضالات وكل المآسي وكل الدماء ما هي إلا وسيلة لرفع أرصدتهم وإعلاء منصات التتويج للصعود فوقها، وهو ما قد تجتره جماهير شعبنا ما لم تتقدم الحركات المناضلة المتشبثة بالأفق الثوري مع الجماهير ومن داخلها وفي مقدمتها من أجل قلب ميزان القوى لصالح الشعب ضد أعدائه الطبقيين وبناء نفسها على استراتيجية طبقية ثورية واضحة استراتيجية الثورة الوطنية الديموقراطية الشعبية.. فالبطولة السياسية والحنكة النقابية صارا يوزنان بميزان العمالة والقدرة على التسخين والتبريد كطريقة راقية ومتقدمة في امتصاص الغضب والترويض للحماس وضبطه، وتوظيف الاحتجاجات الشعبية وبيعها من تحت الطاولة في بورصة قيم السلم الاجتماعي مع تخمة الكلام الديماغوجي من فوق المنصات وأمام الكاميرات. والمفجع أن يختار "الديمقراطيون" معانقة البيروقراطية الأم مع استبدال الصراع الطبقي بالمصالح الانتخابية الضيقة في أوج الخيانات والمهازل وجرائم البيروقراطية الأم، انتخابات أقصى ما يمكن أن تأتي به هو أن تفرز من سيشارك النظام في ترتيب الصمت وشرعنة نهب فائض القيمة وتكديس الثروة في جيوب العملاء والسماسرة والمستغلين (بكسر الغيم).. 
إنها اللعبة التي يتقنها سكان سوق البورصة النقابيون بجوار الأعداء ويتمرن عليها كل وافد سياسي جديد يتدرج للالتحاق بحراسة مصالح الأعداء الطبقيين. إنها أحقر جريمة سياسية تمارس على الإطلاق. إنها أشد فتكا من جرائم العدو الطبقي ومن قتله وسجونه واختطافاته. إنه من الوهم الاعتقاد أو بناء أمل شعبنا على البيروقراطيات النقابية المدعومة على المكشوف من الأعداء أو الارتهان وعقد الأمل على أوهام طلاق نهج المساومة أو لعب أدوار غير أدوار الوسطاء الفاسدين والسماسرة والتجار على حساب العمال وتضحيات شعبنا لصالح رأس المال وعملاء المستعمر. إن الحقيقة التاريخية التي كشفها الصراع ضد الرأسمالية عالميا هو أن موقع البيروقراطية النقابية كفئة وسيطة بين رأس المال والعمل تدفعها مصالحها دوما إلى أن تكون فئة فاسدة انتهازية خائنة معادية للطبقة العاملة وللجماهير الشعبية عموما ولنضالاتها ولاستقلاليتها عن مستغليها ومضطهديها وللنضال الثوري والقوى الثورية إجمالا. ولا يهمها غير الرعاية والحرص على حصتها من فتات الثروات وجيوب الفقراء المنهوبة ومن عرق الكادحين المسروق بصفتها شريك الأعداء الطبقيين في ضمان الاستغلال والاضطهاد والنهب واغتيال وتجريم الفعل النضالي الثوري وكل الحركات المناضلة. ولا تتردد في الإشراف بتنسيق تام مع النظام على توزيع الفتات إبان كل المناسبات، ومن بينها ما سمي بالاستحقاقات/الانتخابات المهنية (اللجن الثنائية...). إن ذلك في العمق ميثاق مفضوح لضمان سلم واستقرار اجتماعيين ضد مصالح الجماهير الشعبية المضطهدة وفي مقدمتها الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء. 
إن ما يحصل الآن في الساحتين السياسية والنقابية يطرح أمام المناضلين الجذريين أكبر التحديات على جميع واجهات الصراع بما فيها الواجهة النقابية من أجل تجذير المقاومة الميدانية والالتحام بالقواعد التحتية لبناء قاعدة تحتية صلبة ومعبأة وصهر الفعل النضالي بالحركات الجماهيرية المناضلة والمقاومة في صراع مع البيروقراطية التي تعد أحد أطراف الصراع والمواجهة مع النظام.. وإن أي تنازل عن المعركة مع البيروقراطية أو الاصطفاف معها، سواء داخل المركزيات النقابية أو على واجهات أخرى للفعل النضالي، لن يكون إلا خطوة في اتجاه التسليم بإجرام العدو وقبول الصمت على جرائم النهب والاستغلال وتعبيد الطريق أكثر للقوى الرجعية والإصلاحية وكل الانتهازيين والظلاميين للعبث بمستقبل شعبنا وبتضحياته. لذا فواقع الجماهير المزري والمتردي وواقع الاستغلال والقمع المسلط على كل حركة مناضلة وعلى أبسط احتجاج ليس له من حل سوى مواصلة تصعيد الفعل النضالي والتنظيم المستقل عن أدوات النظام وعملائه وسماسرته وبناء أداة العمال السياسية الثورية وتجاوز كل مكامن الضعف التي مرت بها انتفاضات وتضحيات شعبنا والعمل مع الجماهير ومن داخلها من أجل تجذير الحركة ودفعها في اتجاه تبني كل أشكال النضال الثورية. فكما سبق القول إن شعبنا أنتج طيلة هذه السيرورة وإلى اليوم خبرات ثورية ودروسا لابد من البناء عليها بنكساتها وانتصاراتها وأمجادها لكل من يهدف فعلا الى تجذير الصراع والمقاومة ومواصلة الفعل النضالي الثوري حتى إنجاز المهمات الكبرى لشعبنا بإسقاط نظام الاستغلال والاضطهاد وكل مؤسساته وبناء سلطة الشعب الحقيقية. وكما أنتجت نضالات أبناء شعبنا، بعماله وفلاحيه وطلبته ومعطليه و...، خبرات مثلما هو الأمر لدى باقي شعوب العالم المضطهدة، فهي قد زعزعت الكثير من القناعات وفضحت الكثير من الأوهام والترهات أيضا وأبانت عن فشل كثير من المشاريع السياسية وبينت عجزها عن أن تمثل بدائل حقيقية مناهضة لأنظمة الاستغلال والاضطهاد. ومن بينها المشروع الليبرالي بوجهيه الليبرالي السافر والإسلامي/الظلامي والمشروع "اليساري الرسمي" الذي تشبث مبكرا بخيار ما سمي بالنضال الديموقراطي كانبطاح وتراجع عن خط المقاومة وجيش التحرير، والذي تم توظيفه لإجهاض مشروع "اليسار الجديد" الذي تأسس على خلفية، وفي سياق، المراجعات والتراجعات التي صاحبت انحراف تجارب أوربا الشرقية، حيث استفاد من موجة الارتدادات الواسعة في صفوف اليسار السبعيني، "إلى الأمام " و"23 مارس" و"لنخدم الشعب".
إنها أهم الدروس التي تفرض علينا القطع مع كل الأوهام وكل خيارات الانبطاح والتراجع وكل الخطوط الانتهازية والإصلاحية وبناء بديل حقيقي مع الجماهير وفي مقدمتها الطبقة العاملة ومع الفاعلين الثوريين، تنظيمات وأفراد، على جميع واجهات الصراع، مع تطويره وتجذيره، أي مشروع البديل الجذري، على أساس المكتسبات والتجارب الثورية لشعبنا، تجارب المقاومة المسلحة وجيش التحرير وانتفاضات شعبنا وتجربة الحركة الماركسية اللينينية المغربية. وهذا هو أهم درس يجب الوقوف عنده وفهمه واستيعابه. إننا في مرحلة تستلزم على كل المناضلين الجادين، جماعات وأفراد، وكل الحركات المناضلة بناء المشروع الثوري مع ووسط الجماهير وعلى جميع واجهات الصراع ضد أعداء مشروع التغيير وضد النظام وكل أذياله من الإصلاحيين والليبراليين والظلاميين، مشروع يبنى على المقاومة الصريحة للأعداء ولا شيئ غيرها وعلى الفعل الجاد المنظم والمتجذر والواعي وسط الجماهير للإطاحة بالنظام القائم وكل أسس الاستبداد والاستغلال الرأسمالية من أجل بناء كل السيادة لشعبنا. ولا حل لنا غير جدلية بناء الأداة السياسية للطبقة العاملة وحلفائها الموضوعيين ومواصلة درب المقاومة والبطولات التي رسمتها دماء أبناء شعبنا الأحرار وهو الدرب الذي يشكل أرضية الوحدة الفعلية الجادة والمناضلة لتجاوز عمليا وجديا واقع التخبط والشتات وسط الحركات المناضلة وبين المناضلين الشرفاء والذي لا يخدم سوى الأعداء.
تيار البديل الجذري المغربي
C.A.RA.M.

30 أبريل 2015



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق