03‏/05‏/2015

غريب الصياد // مواجهة البيروقراطية.. مواجهة للنظام.


لقد أثبت الواقع الحالي الذي يعرفه التوجه الديمقراطي بما هو واقع أزمة قيادة على سدادة المواقف والآراء التي ظل بعض مناضلي اليسار الجذري المخلصين
والمعانقين لهموم شعبنا يدافعون عنها في كل المناسبات والمحطات التي ميزت التجربة منذ بدايتها حتى الآن، ومن بين أهم هذه المواقف : ضرورة رسم الحد الفاصل بين الممارسة النقابية المبدئية الديمقراطية شكلا ومضمونا والممارسة الفوقية المحتقرة لدور القواعد رغم التظاهر بأهميتها، التأكيد على ضرورة خوض الصراع ضد القيادات البيروقراطية على أرضية تفجير المزيد من المعارك – موازاة مع معارك شعبنا بفئاته المسحوقة- واكتساب الشرعية الميدانية للتقدم إلى الأمام في مهمة بناء البديل الحقيقي، على مستوى الفرز السياسي خاصة وعكس مدى الارتباط بالمعنيين الحقيقيين لا الانخراط في لعبة شد الحبل عبر توسع تنظيمي صوري ومشوه، لم يخدم الطبقة العاملة الآن في شيء. 

مفاوضات بئيسة إذن عشية فاتح ماي أريد لها –كما كل ماسبق ورغم أنف الجميع – أن تدخل في مسمى معانقة الطبقة العاملة والوحدة ونبذ الانشقاق،إن ما يهم البيروقراطية الجديدة هو الزعامة وصعود المنصات والكراسي الوثيرة (هذا واقع وليس سبة) وخير دليل على ذلك، هو التهافت العظيم تجاه انتخابات مناديب العمال والمأجورين، مناديب السلم الاجتماعي أصحاب المحافظ وحلالي العقد المهنية ونكافات العهد الجديد... والأخطر ليس فقط تبني هذه الرؤية اللاعمالية للطبقة العاملة بل ترويض القواعد وتربيتهم على مثل هذه اللعبة كتحديات ورهانات، تهدف إلى تشويه وإفساد وعي الطبقة العاملة، و إشاعة أن ما دون ذلك ما هو إلا زعيق افتراضي ورغبة في التميز بل وإفراط في الثورية. 
إن الآليات والأجهزة النقابية التي تمت بلورتها إبان ما عرف بتدبير الصمود، بدء بفك الارتباط وانتهاء باللجنة الوطنية ليست بأي شكل من الأشكال مجالا للنقاش الديمقراطي في جوهر الأشياء بل واجهة يتم خلالها تمرير الرأي الواحد، إذ لا فرق بينها وبين الآليات الموروثة عن الديمقراطية المحجوبية وبعدها الميلودية، إلا فرق بسيط: بإمكان أي كان أن يبدي رأيا معارضا دون عرقلة أو تشويش، لكن مثل هذه النقاشات لا تجدي سوى في تجميل الواجهة الديمقراطية، ولا يخرج الأمر في نهاية المطاف على ما هو معد سلفا مع بعض الرتوشات من هنا وهناك. وعلى هذا المنوال يفرض على المناضلين القبول بنتائج الديمقراطية المزعومة، البعيدة كل البعد عن ديمقراطية الطبقة العاملة. إذ لم يتم تنظيم أو فتح أي نقاش واسع ومسؤول، في حينه، قوامه النقد والنقد الذاتي، لاقتراح آليات العمل الممكنة وإيضاح الصورة للجميع وتحديد المسؤوليات للارتقاء في أدائنا النضالي مع تحديد الأولويات والرقي إلى مستوى التحديات الراهنة المطروحة. 
إن للشعب المغربي والطبقة العاملة ذاكرة، ولا ينبغي أن يفقد المناضلون المخلصون للعمال والشغيلة البوصلة النضالية بمجرد تفاوض أو تراجع أو انتهازية أو مساومة هذا الطرف أو ذاك. وفي ظل المستجدات الحالية، كما المعطيات السابقة، لم يعد هناك مجال لإغفال أو تناسي جدلية الصراع مع النظام الرجعي بما هو صراع مع البيروقراطيات النقابية والعكس صحيح، وغير ذلك يؤدي إلى المزيد من تشويه الوعي الطبقي في صفوف العمال والشغيلة مهما بدا حجم الارتباط بها وتكرار لازمة خدمتها لا استخدامها. حيث تصير التضحيات بنزينا في محركات صدئة أثبت الواقع عجزها على رفع التحدي ومسؤوليتها على الوضع العمالي الراهن. 
إن ردود الأفعال المدروسة بدقة تجاه سخط القواعد النقابية على الأوضاع الحالية لا تخرج على التعويم وتشويه الواقع وتحوير النقاشات الجادة عبر البوليميك وحجب المواقف الواضحة دون أي لبس، إذ لا ندعو إلى الهجرة من النقابات ولا إلى تأسيس مركزيات جديدة كما لا ندعو إلى التعايش مع البيروقراطية التي أزكمت رائحة فسادها الأنوف، لسنا من دعاة طرح دمقرطة النقابات على أية حال، في قفز على الوضع الطبقي الراهن مع بعض الاستعانة العرجاء بنصوص ماركس ولينين. ينبغي إذن خوض الصراع في جميع مواقع التواجد النضالي، داخل أو خارج الاتحاد، بل الارتباط بالطبقة العاملة أينما كانت، داخل النقابات أم خارجها، والدفع في تفجير معارك قمينة برفع الوعي وتمرس المناضلين والمزيد من الاحتكاك بأكثر المعنيين بالتغيير الجذري. إذ لن يتصلب معدننا السياسي إلا في حرارة المعارك النضالية وفضح المتآمرين على الطبقة العاملة من بيروقراطية مافيوزية وأخرى ذيلية انتظارية.



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق