31‏/05‏/2015

أحمد بيان// حوار مع امرأة عاملة من عالم "الموقف"..

"الموقف" (بالعامية/الدارجة المغربية) مكان عام يتجمع فيه حرفيون (مختلف الحرف) وحتى من "ينتحل" الصفة، وينتظرون "الذي يأتي أولا يأتي".. ينتظرون من
يتقدم لشراء قوة عملهم بأثمان بخسة.. فكثيرا ما يعود الحرفي خاوي الوفاض ودون أن يلوي على شيء بعد يوم شاق وطويل من الانتظار والترقب.. فلنتصور كيف سيواجه أسرته المتعلقة بأمل الحضور ذات مساء؛ حضور المعيل، حضور "الزاد" اليومي وأشياء أخرى (مصاريف الدواء والدراسة بالنسبة للأبناء واللباس..)!! 
إنه كثيرا ما يعود الحرفي خاوي الوفاض ودون أن يلوي على شيء بعد أيام شاقة وطويلة من الانتظار والترقب، وليس بعد يوم واحد فقط..
كان "الموقف" فضاء ذكوريا بامتياز.. إلا أنه في الآونة الأخيرة، تعددت هذه الفضاءات.. وأصبح الى جانب "موقف" الذكور "موقف" الإناث..
وكتجربة شخصية، اقتربت من "موقف" النساء. ووقفت عند نوعين من هذه "الخدمات" الهامشية.
فهناك "موقف" يستقطب العاملات في المجال الفلاحي والصناعي.. وهناك "موقف" خاص بالخدمات المنزلية ( التنظيف بالخصوص).
وفيما يلي نص حوار مع عاملة في "موقف" الخدمات المنزلية:
* مرحبا سيدتي، كيف ولجت عالم "الموقف"؟
في سن مبكرة (أول العنقود)، وبعد انقطاعي عن الدراسة (مستوى السادس ابتدائي)، اقترحت/فرضت علي عائلتي الخروج الى "سوق الشغل". ففي ظل الدخل المحدود لأسرتي وظروف العيش الصعبة، اضطررت الى قبول الفكرة. كان أبي عاطلا عن العمل (كان هو كذلك من رواد "الموقف") وأمي ربة بيت، ولي ثلاثة إخوة (أخ وأختين) يتابعون دراستهم، من ضمنهم أخت في حالة إعاقة جسدية..
كانت الفكرة في السنوات الأولى، الاشتغال بالحقول الزراعة.. وكباقي العاملات، كنت أرتدي لثاما يخفي ملامح وجهي وأقصد "الموقف".. كنا نتكدس (نساء ورجالا، وبأجساد ملتصقة ببعضها دون تمييز) داخل "بيكوب" متهالكة، ولا ننتبه الى شيء حتى نجد أنفسنا داخل أحد الحقول لجني الزيتون أو الليمون أو التفاح أو..
كانت الأجور زهيدة، وكان يرافقها السب والإهانة وبشاعة الاستغلال..
استمر الوضع على ما هو عليه لشهور.. وكانت الخاتمة مؤلمة.. لقد تعرضت لاغتصاب جماعي بأحد حقول التفاح.. ونتج عن ذلك حمل.. لدي الآن طفلة في سنتها الخامسة.. أكتري غرفة في منزل مليء بالغرف المكتراة للخادمات والنادلات و"المتاجرات" في أنفسهن ليلا (وحتى نهارا)..
اشتغلت كخادمة بالبيوت لفترات متقطعة، تعرضت إبانها للإهانة والتحرش.. 
وعندما عجزت عن أداء الأعمال الشاقة بالبيوت بدون رأفة أو شفقة، فضلت اللجوء الى "الموقف". لكل يوم نصيب..
* ماذا عن تجربتك "بالموقف"؟
"الموقف" هو الألم والمعاناة أيضا. "الموقف" هو الإهانة "الاختيارية". لكن، ما جعلني أفضله هو الهروب من الأعمال الشاقة "المنتظمة، أي اليومية وبدون توقف.. أنا الآن، أخرج الى الموقف كلما أسعفتني ظروفي الصحية بالخصوص.. وكثيرا ما أضطر الى العودة الى بيت العائلة لاقتراض بعض المال أو لاستدرار العطف لعلني أحصل على بعض الحاجيات. وتصوري عندما تنضاف معاناتي الى معاناة عائلتي.. إنها المأساة..
ملاحظة:
- أجهشت بالبكاء واعتذرت عن إتمام الحديث (الحوار)..
- أجري الحوار بالعامية (الدارجة المغربية) من طرف مناضلة فضلت عدم ذكر اسمها..
  31 ماي 2015



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق