20‏/06‏/2015

يوسف وهبي// ذكرى انتفاضة 20 يونيو 1981: الدروس ومستلزمات النضال الثوري.

النقابات بالمغرب، أفلست، مرد هذا القول هو التراجع الخطير في تأطير جاد لنضالات الأجراء وعموم المنخرطين، والتواطؤ المفضي للانتكاسات المتتالية
لمكتسباتها، بدء من فزاعة الأزمة المالية ، بدعوى الرفع من تنافسية الشركات المتوطنة بالمغرب تارة، وبالإصلاح التي تباشره "الحكومة" في كل من قطاع الإدارة والنظام الضريبي المختل... بل إنها انخرطت في التآمر لتثبيت مخططات النظام إبان انتفاضة 20 فبراير وبعدها، من خلال الضغط بالإحجام عن انخراط منتسبي النقابات في الحراك المجتمعي كقوة فاعلة وجماهيرية. وليس هذا فقط، بل شكلت وعاء مخابراتيا لاقتناص مناضلي حركة المناضلة والمكافحة في أوج الصراع عند التحامها مع الطبقة العاملة في كل الاحتجاجات ذات النفس العمالي( مسيرة 6 أبريل، تظاهرات فاتح ماي...).
تحل علينا الذكرى السنوية 34 لانتفاضة الشعب المغربي المجيدة، 20 يونيو 1981، والتي قدمت من خلالها الجماهير الشعبية بمدينة الدار البيضاء آيات من البطولة والتحدي، تحدي النظام القائم والذي يلجأ في بعض ما يلجأ إليه، كلما ألمت به أزمة اقتصادية والمرتبطة ارتباطا وثيقا بطبيعته التبعية للنظام الرأسمالي العالمي إلى الرفع من أسعار المواد الأساسية، وذلك كحل للتنفيس على أزمته الخانقة التي تلم به وكتنفيذ لتوصيات المؤسسات والصناديق المالية العالمية، من أجل استمرار النهب الإمبريالي لثروات الشعب المغربي ولقواه الإنتاجية من عمال وفلاحين فقراء وعموم السواعد المنتجة. إن الرفع من أسعار المواد الأساسية كما قلت، كانت الشرارة التي أججت خروج الشعب المغربي في انتفاضة عارمة بمدينة الدار البيضاء، وعبر الإضراب العام الذي دعت إليه كل من نقابة الك د ش ونقابة إ م ش، وليواجه الرصاص الحي بالصدور العارية والمقاومة الباسلة دفاعا عن الحق في العيش الكريم والحر.
منذ الاستقلال الشكلي سعت النقابات العمالية بمعية الأحزاب السياسية إلى تأطير الطبقة العاملة وعموم الأجراء وذلك تماشيا مع تطورات الصراع الطبقي والانتفاضات المتفجرة للشعب المغربي دفاعا عن مطالبه الاجتماعية والتي تخفي بحجاب شفاف مطالبه السياسية من التحرر الوطني وبناء مجتمع الاشتراكية ( الشعارات الحقيقية لتلك المرحلة)، هذا التخفي الذي لازم النضالات والتضحيات الجسيمة للشعب المغربي بحكم طابع العمالة والاستبداد للنظام القائم من جهة والجذور الطبقية "البورجوازية" التي تنتمي إليها كل القيادات النقابية والسياسية المؤطرة للفعل الجماهيري التي اتخذ من القضية العمالية والجماهير الشعبية الكادحة موضوعا دعائيا لجذب العمال والكادحين الى عضويتها دون أن تكون جزء منها أو تمثل طليعتها من جهة أخرى.
من خلال كل ما سبق، وبالإضافة الى اشتداد الأزمة الاقتصادية والمجتمعية على عموم الشعب المغربي وفي مقدمته الطبقة العاملة، يطرح السؤال/الإشكالية: ما العمل؟
طبيعي أن سيرورة الفعل النضالي العمالي لم تتوقف، بل إنها مستمرة بالرغم من العقبات والعراقيل التي تواجهها وأشكال القمع والتدجين التي تستهدفها. كذلك فإن الفعل الواعي للمناضلين الجذريين عمل على تأطير معارك نضالية من أجل تعميق وتجذير الوعي الطبقي بعيدا عن انتهازية القيادات النقابية المحلية، والتشويه الذي يطالها من مدعي الالتزام النضالي والذي لا يخدم قضية الطبقة العاملة بنهاية المطاف، وبالرغم من ضعف انتشارهم وتنظيمهم. فتحت هذه السيرورة وفعاليتهم النضالية وتجاربهم البسيطة وانخراطهم في معمعان الصراع الطبقي ببلادنا، أعينهم على صعوبة اختراق الفعل النضالي الواعي، رغم العطاء والجهد الكبيرين المقدمين، حيث شساعة الفئات والشرائح المستهدفة، بالإضافة الى التنوع السوسيوثقافي للمعنيين الحقيقيين بالتغيير والى اختلاف تجاربهم والمصابة لحد التعصب لهذه التجربة أو تلك، والدور الهدام والمؤثر لإيديولوجية التحالف الطبقي المسيطر، أي البورجوازية الكبيرة( الكومبرادور والملاكين العقاريين).
هنا، تبرز من خلال هذا الزخم النضالي المبدئي ضرورة وملحاحية الفعل السياسي المنظم والذي يهدف بناء الأداة الثورية التي ستعمل على تجميع كل هذا الجهد النضالي في وعاء إيديولوجيا وسياسيا وتنظيميا، في خضم الممارسة العملية والميدانية وعلى جميع الواجهات، وهي مسؤولية عظيمة ملقاة على عاتق كافة المناضلين الثوريين. إنها أهم الدروس المستقاة من التضحيات الجسام الذي قدمها الشعب المغربي وفي طليعته الطبقة العاملة المغربية بدء من المقاومة المسلحة للمستعمر وأذنابه المحليين، مرورا بانتفاضة 20 يونيو 1981 والتي نحن بصدد تخليد بطولاتها وآلامها، وصولا الى انتفاضة الشعب المستمرة المتمثلة في حركة 20 فبراير المجيدة.
لهذا، تصبح ضرورة وصل الفعل النضالي للمناضلين الثوريين بالحركة النضالية الجماهيرية مرتبطة أشد الارتباط بالعملية التنظيمية وتحويل النضال من نضال حول ملفات مطلبية واقتصادية إلى نضال سياسي طبقي ثوري، لأن الأول يعمل وفق منظومة تحسين ظروف العيش- رغم أهميته- من داخل النظام القائم ، بغية "دمقرطته"، والثاني، يتجه رأسا نحو الهدف النهائي انطلاقا من تجدير الوعي الطبقي بغية بناء المجتمع البديل تكون الطبقة العاملة رأس قيادته دون اسقاط أهمية المكتسبات الجزئية، والتي في كثير منها يدخل ضمن تحسين ظروف العيش، في تكتيك المراكمة للمهمة الاستراتيجية.



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق