21‏/06‏/2015

حسن أحراث // مؤامرة 24 أبريل بفاس أو محاولة اغتيال ثورة قادمة






لم تأت مؤامرة 24 أبريل 2014 صدفة ولم تكن عشوائية. لقد دبرت بإحكام ولغايات سياسية دقيقة، وأهمها اغتيال النهج الديمقراطي القاعدي بالموقع الجامعي ظهر المهراز بفاس من خلال الزج بمناضليه في ظلام الزنازن وزرع الرعب في صفوف عموم المناضلين، بما يعنيه كل ذلك من رسائل واضحة الى أي توجه ثوري يتجاوز/يحطم الخطوط الحمراء، سواء بالجامعة أو خارجها. 
لقد وظف النظام في مؤامرته الأيادي القذرة للقوى الظلامية، كما دأب على ذلك في مناسبات عديدة (اغتيال الشهداء عمر بنجلون وأيت الجيد محمد بن عيسى والمعطي بوملي، الهجوم على الأشكال النضالية واستفزاز المناضلين الأوطميين بالعديد من المواقع الجامعية...). وما لا يدع مجالا للشك في افتعال المؤامرة والتضحية بحياة الطالب الحسناوي (الجريمة الحقيقية) هو استقدام المدعو عبد العالي حامي الدين، عضو الأمانة الوطنية لحزب العدالة والتنمية، المتورط في جريمة اغتيال المناضل محمد أيت الجيد بنعيسى، والعديد من المريدين من خارج مدينة فاس، الى رحاب الجامعة المشتعلة التي من الواضح أنها لم تكن لتقبل تدنيس ترابها الذي خضبه الشهيد أيت الجيد بدمائه الزكية..
والأحكام السياسية القاسية (قرن و11 سنة) هدية، مكافأة رمزية للقوى الظلامية، صنيعة النظام، من أجل مواصلة زحفها "المقدس" على اليابس والأخضر (المكتسبات والحقوق والمطالب...)، تنفيذا لأوامر وتعليمات النظام وأسياده (الامبريالية والصهيونية والأنظمة الرجعية)، وبدون تحفظ، بما في ذلك التنكر المفضوح لإخوانها (الإخوان المسلمون بمصر...).
إن المحاكمة مسرحية سياسية، ولا معنى لاستحضار الوقائع المادية أو البحث عن الأدلة والقرائن والحجج لتبرئة المتهمين. فالإدانة حددت منذ البداية، بل قبل البداية، أي قبل المؤامرة/الجريمة.
لقد استهدف النظام موقع فاس بالضبط بسبب خطورته كمشتل خصب للمناضلين خارج الجامعة، خاصة والوعي المتزايد بأهمية العمل السياسي المنظم في قلب الساحة السياسية. وتعتبر مؤامرة 24 أبريل ضربة استباقية لاغتيال الطموحات الثورية التي أخذت تترسخ على الأرض كمولود مزعج قد يربك حسابات النظام وحلفائه من قوى رجعية وإصلاحية، ويؤسس لثورة قادمة في ظل تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لأوسع لجماهير الشعبية، وفي مقدمتها الطبقة العاملة.
فلم يكتف النظام بترتيب فصول المؤامرة (تجريم المناضلين واختراق العديد من جبهات/معاقل الفعل النضالي واعتماد أسلوب التشويش والتضليل وخلط الأوراق وشراء/توظيف الأوراق الذابلة في صفوف المناضلين...)، بل ذهب الى آخر فصل منها وهو إصدار أحكام قاسية وصلت 15 سنة سجنا نافذا بالنسبة لسبعة معتقلين سياسيين ("طوالة"، كما قال الشهيد مصطفى بلهواري داخل الزنزانة رقم واحد بسجن بولمهارز بمراكش ليلة صدور الأحكام في حق مجموعة مراكش 1984، والتي وصلت بدورها الى 15 سنة سجنا نافذا.. إن التاريخ يعيد نفسه بشكل هزلي). ألسنا والحال هذه في عز سنوات الرصاص؟!! هل هناك مجال للأوهام (أوهام العهد الجديد وشعاراته الزائفة) بعد هذه المجزرة الرهيبة؟!! إن الفظيع رغم ذلك هو الصمت، صمت القبور من طرف من يزلزلون الأرض تحت أقدامنا بأصواتهم "المبحوحة" وشعاراتهم المتآكلة والروتينية وبرصاصهم "الأبيض".. إن الفظيع هو الاحتماء الجبان وراء أسطوانة النظام المشروخة التي تجرم المناضلين، أو بمعنى آخر "تكفرهم"..
إنه في ظل نظام لاوطني لاديمقراطي لاشعبي، لا مجال للمفاجأة أو انتظار الشفقة أو الرهان على تضامن الذئاب المكشوفة والمتسترة. فيمكن توقع السيء والأسوأ، لأن الصراع لا يرحم (أن تكون أو لا تكون). ولعل أهم دروس هذه المؤامرة تتجلى في رص صفوف المناضلين، خاصة خارج الجامعة. فالتاريخ لن يرحم ضعفنا وشتاتنا. وبداية شق الطريق الصحيح تنطلق من توجيه السهام الى صدر النظام وليس الى صدر أو ظهر المناضلين. فإذا لم يتوحد المناضلون اليوم بسبب تفاوت التقديرات والقراءات السياسية للظرفية الراهنة، وأعني المناضلين الحقيقيين، سيتوحدون لا محالة غدا.. فالقضية واحدة، شئنا أم أبينا، ولا ترتبط بهذا الشخص أو ذاك. إن شعبنا ينادي وأبناء شعبنا تحترق في الشوارع وفي المعامل والحقول وفي الجامعات وتختنق في السجون والدهاليز المظلمة.. ومن الطبيعي أن تجد المندسين/الخونة والانتهازيين هنا وهناك، إلا أن الفرز الحقيقي لن يتأتى إلا من خلال مواصلة الفعل النضالي الواعي والمنظم على كافة الواجهات النضالية، ومن بينها الميدان (دون تقديس). والميدان هنا ليس بالضرورة "التبندير والتصوار، أي أخذ الصور التذكارية، إنها موضة بئيسة" إبان الوقفات والمسيرات. إن الميدان، بالمعنى النضالي، هو التجذر وسط الجماهير الشعبية المضطهدة أينما كانت والارتباط بها، من عمال وفلاحين فقراء ومعطلين وطلبة ومشردين...، وبالتالي السعي الى تطوير وعيها السياسي والطبقي وتأطيرها وتنظيمها.. إن الصراع الطبقي هو محرك التاريخ، وتاريخنا يسير الى الأمام ويراكم التضحيات والبطولات التي ستصنع مستقبل شعبنا المشرق والسعيد بقيادة الطبقة العاملة.. 
لسنا أول المناضلين ولسنا أول المعتقلين السياسيين ولسنا أول الشهداء، ولن نكون الأخيرين. إن سجل شعبنا حافل بالمحطات العظيمة ومسيرته حبلى بالوقفات المشعة. وليس غريبا أن يغرق رفاقنا في ظلام الدهاليز (صدور الأحكام الصورية يوم 18 يونيو 2015) عشية ذكرى غرق الجماهير الشعبية الكادحة بمدينة الدار البيضاء يوم 20 يونيو 1981 في حمامات الدم.. إن للمناضل ذاكرة قوية، وإن لشعبنا ذاكرة أقوى من الصخر.. ومن لا ذاكرة له، لا ماضي ولا مستقبل له.. والمناضل ليس وليد لحظة أو محطة، إنه وليد سيرورة نضالية خبر إبانها بدون شك الواقع المر وراكم من التجربة ما يجعله قادرا على فهم هذا الواقع واستيعاب تناقضاته (التحليل الملموس للواقع الململموس)، وبالتالي اتخاذ الموقف والموقع النضاليين المناسبين.. 
ومن بين دروس المؤامرة الخبيثة:
- لا مجال للأوهام.. إن تكشير النظام على أنيابه معطى ثابت يعبر عن طبيعته الدموية، وكذلك خوضه حرب إبادة المناضلين والإطارات المناضلة؛
- ضرورة رص الصف المناضل لمواجهة حرب النظام المدعومة من طرف الطيف الرجعي والإصلاحي..
أما مهامنا الآنية، فتبتدئ بمؤازرة المعتقلين السياسيين، كافة المعتقلين السياسيين وعائلاتهم، وتتواصل عبر الفعل النضالي المنظم على كافة الواجهات النضالية، وخاصة في صفوف العمال..



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق