18‏/07‏/2015

الذكرى 31 لاستشهاد عبد الحكيم المسكيني على الأبواب


موحى أوكزيز:
الذكرى 31 لاستشهاد عبد الحكيم المسكيني على الأبواب
لم يكن تاريخ، حاضر ومستقل أي تغيير أو ثورة، تاريخا أبيضا ناعما وسلسا، خاليا من
الجراح والألم والمعاناة والتضحيات. بل إن تاريخ الثورات قائم على الصراع ولونه أحمر كلون دماء الشهداء الذين سقطوا شرفا في ساحات النضال بما فيها زنازن النظام. 

تحل علينا ذكرى الشهيد عبد الحكيم المسكيني والأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي ناضل الشهيد من اجل تغييرها، تتفاقم لترمي بالعمال والفلاحين الفقراء والشباب والأطفال في جحيم الفقر المعمم وتسلط عليهم القمع المادي والمعنوي.. 
تحل علينا الذكرى الواحد والثلاثين لاستشهاد المسكيني والنظام يعمل جاهدا لتجاوز أزمته الدائمة وتصريفها على كاهل شعب برمته.. 
تحل علينا ذكرى استشهاد المسكيني والمقاومة الشعبية في وجه النظام تتخذ أشكالا مختلفة (انتفاضات، مسيرات، إضرابات، احتجاجات… ) في شتى مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية.. 
تحل علينا ذكرى استشهاد عبد الحكيم المسكيني والساحة السياسية تعج بهيئات سياسية نقابية وجمعوية
تلف لفها حول النظام الذي ناضل الشهيد من أجل تغييره، وتعمل ليل نهار على طمس تضحيات الشهداء والرمي بهم، أي الشهداء، في غياهب النسيان وجعلهم إيقونات تتوسل بها رضى النظام وتزين بها حفلاتها من اجل خدمة أهدافها الحسيسة..
تحل علينا ذكرى استشهاد عبد الحكيم المسكيني والمناضلون المخلصون يرفعون التحدي بعيدا عن الضجيج واستمرارا على درب الشهداء من اجل تحقيق الأهداف النبيلة التي سقطوا من أجلها.. 
في هدا الباب أعيد ما كتب في حق الشهيد بمناسبة ذكرى استشهاده الثلاثين:
ABDELHAKIME MESKINI: Martyrisé le 19 Juillet 1984 à la prison locale de Béni Mellal
Né en 1964 dans les quartiers populaires de Zaouïa Cheikh, district El Ksiba, Province Béni Mellal. 
Il a poursuivi ses études aux lycées Moha Ou Saïd et Tarik bnou Ziad à El Ksiba, ville bastion de la résistance au Moyen Atlas face au colonisateur.
Arrêté en 1984 à Zaouïa Cheikh et puis emprisonné, torturé à Béni Mellal. 
Condamné ensuite en 1984 à 8 mois de prison ferme plus amende de 600 DH, ainsi que huit autres détenus politiques d’Elksiba pendant l’Intifada 1984.
Le martyr Meskini n’a pas pu supporter ni la torture ni Les conditions de «vie» atroces dans la prison locale de Béni Mellal. Il y succomba le 19 juillet1984.
Le martyr Meskini a été une des figures du mouvement de la jeunesse au sein du lycée Tarik bnou Ziad, il était en classe terminal L. Dynamique, cultivé, actif, le martyr discutait des thèmes du socialisme, de la démocratie et de la révolution. Il appartenait à la jeunesse marxiste léniniste. Précoce qu’il est, dynamique, actif et prenait la parole aisément, aimait les gens, de ce fait, il était au viseur des forces répressives du régime et ils ne l’ont pas raté. 
Repose en paix camarade, on ne t’oubliera jamais. On continue ton combat, notre combat. 
j’invite de nouveau les ami(e)s et camarades du martyr Meskini de nous soumettre les photos et documents le concernant. Avec mes remerciements.
ولد الشهيد عبد الحكيم المسكيني عام 1964 بالحي الشعبي المعروف حاليا بحي المطالب بزاوية الشيخ، دائ القصيبة موحى وسعيد، إقليم بني ملال، من أمه فاطمة زهيري وأبيه محمد المسكيني.
تلقى تعليمه الابتدائي بزاوية الشيخ، وانتقل فيما بعد إلى ثانوية موحى وسعيد بمدينة القصيبة، قبلة كل تلاميذ وتلميذات المنطقة (اغبالة ايت سخمان، ناور، تزي نسلي، زاوية الشيخ، اغرم العلم، ايت علي، تاكزيرت، فم العنصر... الخ)، ثم طارق بن زياد في نفس المدينة القصيبة، المدينة التي تعتبر من أهم معاقل المقاومة في الأطلس المتوسط .
كان الشهيد نشيطا في الحركة التقدمية للتلاميذ بالقصيبة موحى وسعيد ومنخرطا في الحياة الاجتماعية والثقافية للثانوية.
اعتقل سنة 1964 بزاوية الشيخ، ورحل فيما بعد الى السجن المحلي ببني ملال. حكم الشهيد ب 08 (ثمانية) أشهر سجنا نافدا وغرامة مالية، كما هو الشأن بالنسبة لباقي أفراد مجموعته المكونة من ثمانية معتقلين سياسيين من القصيبة إثر الانتفاضة الشعبية في يناير 1984، أغلبهم تلاميذ ثانوية طارق ابن زياد، باستثناء أستاذ واحد كان يدرس بثانوية موحى وسعيد.
كانت شروط الاعتقال شديدة القسوة وفظيعة جدا. انهار جسم الشهيد عبد الحكيم المسكيني في ظروف انعدمت فيها أبسط مقومات الحياة، رغما عن احتجاجات المعتقلين السياسيين الذين ظلوا يطالبون إدارة السجن بتحسين أوضاعهم. فاستشهد يوم 19 يوليوز 1984، جراء انتقام إدارة السجن ببني ملال من المعتقلين السياسيين، تماشيا مع تعليمات شد الخناق عليهم على الصعيد الوطني، حيث لم تقدم حتى الإسعافات الأولية للشهيد لإنقاذ حياته، رغم وضعه الصحي المتدهور حسب شهود عيان.
*الشهيد المسكيني والقضية:
لا يمكن تناول استشهاد الرفيق عبد الحكيم خارج سياق نضالات الطلبة والتلاميذ خلال عقد الثمانينات. فقد ولد الشهيد بقلعة من قلاع الأطلس المتوسط، زاوية الشيخ، قرب القصيبة، ذات التاريخ العريق في النضال والمقاومة المسلحة، تاريخ مليء بالتضحيات الجسام والدروس والجراح البليغة التي لم تندمل بعد ولازالت آثارها المادية والاجتماعية والنفسية قائمة حتى الآن، أرض حبلى بالنضال والعطاء مقابل مناورات شيوخ القبائل والاستعمار القديم والجديد، شأنها في ذلك شأن المنطقة بأسرها التي ضحت بالغالي والنفيس ولم ينل أهلها التقدير الذي يستحقونه والتعريف الكافي بتاريخهم. إن الأطلس المتوسط (والقصيبة تحديدا) ظل غائبا عن انشغالات الفعل والفكر السياسيين الجادين والمسؤولين، لاستلهام الدروس اللازمة لتصليب المسار الثوري للفعل السياسي الجذري رغما عن غنى وتشعب التجارب النضالية والثقافية والسياسية التي انخرط فيها جل ساكنة المنطقة، من عمال وفلاحين فقراء وحرفيين وتجار صغار... انتفض الأطلس المتوسط كباقي مناطق بلدنا الجريح في وجه النظام وإداراته المدنية وأجهزته البوليسية والعسكرية كما عودنا على ذلك دائما. إن جبال وهضاب ووديان وممرات ومدن الأطلس المتوسط لشاهدة على جسامة الانخراط الشعبي في المحطات النضالية ذات البعد المحلي والوطني والدولي وعلى جرائم النظام وأعوانه. فهل ننسى الشهيد والبطل أحمد الحنصالي ورفاقه وبطولاتهم ضد الاستعمار الفرنسي التي ألهبت المقاومة وعبدت طريق الكفاح المسلح بكامل أرجاء المغرب؟!!
كباقي معظم أطفال المنطقة عاش الشهيد حياة عسر طبعت جسده النحيف. فلم تبخل أمه الحنون، فاطمة زهيري، حتى بما لا تملك لكي يتابع دراسته، وتعبت واجتهدت وجدفت ضد كل التيارات وضد كل العواصف وضد كل الناس من أجل ابنها، الشهيد عبد الحكيم، من اجل قوتهما ومعيشهما، ولكي يدرس الشهيد آملة أن ينفلت من مخالب الفقر والاستغلال وهي أدرى كأم وكامرأة بواقع الاستغلال والاضطهاد اللذين تعاني منهما ولازالت كل امرأة، سواء كانت عاملة أو فلاحة أو حرفية أو حتى بالبيت العائلي. وبالمناسبة، وفي إطار الواجب النضالي لدعم ومؤازرة عائلات المعتقلين السياسيين، ندعو كافة المناضلين الى رد الاعتبار لأم الشهيد، فاطمة زهيري، ولكافة أفراد أسرة الشهيد، وخاصة التخفيف من آلام ومعاناة الأم المكلومة...
عرفنا الشهيد جادا ومجتهدا وصارما، وأحيانا قاسيا حتى مع نفسه. لا يعرف الملل والكلل في الدراسة وفي النقاش الثقافي والسياسي الذي كان يجمع تلاميذ ثانوية طارق بن زياد. كان الشهيد ذي بنية نحيفة وقامة قصيرة وشخصية قوية. كان يتفاعل بسلاسة وتلقائية خلال دردشات ونقاشات التلاميذ كما داخل الفصل الدراسي أيضا. كان يبعث القلق والتساؤل عبر استفساراته الدائمة والمؤرقة، وكذلك الدينامية ودوام السؤال والرغبة في مواصلة الحديث والسجال بكل احترام.
هكذا كان الشهيد. من السخط على الواقع البئيس، واقعنا جميعا، الى البحث الجدي والدائم والمستمر عن الخلاص. كان الشهيد بثقافته وطبعه يعشق الحياة والمستقبل. كان يحث محيطه وأصدقاءه على معانقة القضايا المصيرية وطرح الأسئلة الكبرى في كل المجالات، الفلسفية والسياسية والاقتصادية والثقافية ...
في سنة 1984، تمت الدعوة لاجتماع تلاميذ ثانوية طارق بن زياد ب"تاوجضات"، حي من أحياء مدينة القصيبة، قليل السكان، كان شجر الزيتون يغطي جل مساحته ويحتوي على عين ماء. حي تاوجضات هو نقطة تداخل القرية والمدينة. تم بناء ثانوية طارق بن زياد بمحاذاة الحي وافتتحت أبوابها في الموسم الدراسي 1983/1984. التقى التلاميذ بتاوجضات لكونه مكان يستقطب تجمعات شباب المدينة ليلا للترفيه على شكل حلقات أصدقاء للتداول في أخبار المدينة وشؤونها، وهو كذلك مكان لتنظيف الأغطية خلال فصل الصيف والربيع بجنبات العين ذات الصبيب الهائل، مصدر المياه العذبة والسقي. كان حي تاوجضات معروفا بقلة ساكنته وكثرة نشاطه وحركيته، ويعد قبلة كذلك للسهرات الفنية والغنائية الليلية لشباب المدينة وضواحيها ومكانا مريحا لمراجعة الدروس والاستعداد للامتحانات. كان ذلك شأن الحي الهامشي لمدينة القصيبة المحاذي لثانوية طارق بن زياد.
بعد تبادل الرأي بشأن الإضراب مع انطلاق الانتفاضة بمدن ومناطق عديدة حصل شبه إجماع على تنظيم جمع عام بالثانوية على أرضية مطالب مادية والتضامن مع المؤسسات التعليمية والجماهير الشعبية المنتفضة التي تم قمعها بوحشية. ومما زاد الطين بلة هو الخطاب المشهور للملك (خطاب "الأوباش"). كانت المعركة غير متكافئة، من جهة النظام بأجهزته العسكرية والقمعية المختلفة والمتعددة ومن جهة أخرى شباب القصيبة وتلامذتها يتظاهرون بأزقة المدينة. انطلقت المطاردات في حق المتظاهرين وخلفت العديد من الجرحى والعاهات.. حملها في صمت كل من سقط في أيدي قوى القمع والتعذيب. وفي ظل الرعب والترهيب والتهديد، جاءت الأجهزة القمعية بعائلات التلاميذ للضغط عليهم بغية استئناف الدراسة وتوقيف مقاطعتها، وذلك أمام قوى العسكر المدججة بالأسلحة النارية، ولم يفتها أن تنال نصيبها من السب والشتم والقذف من طرف المسؤولين العسكريين والمدنيين.. حاصرت القوى العسكرية المدينة وضواحيها وشلت الحياة بها وعطلت سير جل مرافقها الاجتماعية والتجارية والإدارية وبدأت الاعتقالات والاستنطاق والتعذيب بمخافر أجهزة القمع. وكان الشهيد عبد الحكيم واحدا من بين المعتقلين..
*الشهيد المسكيني والمآل المؤلم:
يرقد جثمان عبد الحكيم المسكيني، شهيد انتفاضة يناير 1984 المجيدة، بمقبرة حي المطالب، زاوية الشيخ، ليس بعيدا عن السكن الذي ترعرع وكبر فيه. عاش الشهيد طويلا في حضن عائلته بهذا الحي الشعبي.
كدت الأم كما الأب بما يملكان من قوة عمل وصبر وعناد لمواجهة صعوبة الحياة ولضمان لقمة عيش ورغيف للأولاد، شأنهما شأن أوسع الجماهير الشعبية المهمشة على طول وعرض الأطلس المتوسط وسائر قرى ومدن بلدنا الجريح.
لم يحض المناضل عبد الحكيم المسكيني بالاهتمام والعناية الكافيين كشهيد وكشاهد على مآسي وآلام شعبه، ولم تسلط عليه الأضواء كما لم تسلط على نضالا ت أبناء المنطقة، بما فيها النضالات والتضحيات التلاميذية بمدينة القصيبة...
إن جل مراحل تاريخ المنطقة بقي مجهولا وعرضة للارتزاق والتشويه من طرف النظام والقوى الرجعية والإصلاحية وغيرها. فلا مصلحة لأعداء شعبنا في إبراز واقع وحقيقة تضحياته وبطولاته. لقد طال النسيان مدينة القصيبة ومن خلالها جل مناطق الأطلس المتوسط، بل كل المغرب "غير النافع" وحتى "النافع"، رغما عن العدد الهائل من المناضلين الذين أنجبتهم المنطقة. فلا يخلو وادي، كما لا يخلو جبل، أو هضبة، أو قرية أو مدينة من أثر نضالات وتضحيات تمتد جذورها الى عقود من الزمن. عمل النظام بعد أن أجهض معركة التحرر الوطني على سلخ ومسخ تاريخ الساكنة لتسييد ثقافة الهزيمة والاستسلام والتدجين والرضوخ للأمر الواقع، واعتمد في ذلك بالإضافة الى القمع على أدوات إإيديولوجية وثقافية واجتماعية منها الزوايا ورجال الدين وأعيان القبائل. إن الإهمال الذي طال الشهيد، يندرج في هذا السياق العام. زد على هذا، أن إقبار قضية الشهيد قد ارتبط أشد الارتباط بمساره النضالي المتميز وخطه التقدمي والجذري.
بالفعل، لقد واجه النظام بإداراته ومؤسساته وأجهزته المدنية والعسكرية، أي فعل نضالي للجماهير الشعبية سواء كان منظما أو عفويا بالحديد والنار. ومس العقاب الجماعي كل مناطق الأطلس حيث التهميش الاجتماعي والاقتصادي والفقر والأمية والأمراض، علما أن المنطقة غنية بثرواتها وطاقاتها البشرية والطبيعية.
في هذه الأجواء والأوضاع العامة، ترعرع الشهيد وحول أنظاره الى المستقبل، إلا أن أيادي النظام سرقته من بيننا ومن أحضان أسرته وشعبه لتغتاله مرات ومرات..
والمؤلم حقا أن تخصص "هيئة التحكيم المستقلة للتعويض المترتب عن الضرر المادي والمعنوي لضحايا أو أصحاب الحقوق ممن تعرضوا للاختفاء والاعتقال التعسفي" التابعة للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان (سابقا) مبلغ 25000 (خمسة وعشرون ألف) درهم لفائدة والدته فاطمة زهيري ونفس المبلغ لوالده محمد المسكيني، وأن تزكي هذه الإهانة المذلة لهيئة الإنصاف والمصالحة من خلال مقرر تحكيمي موقع من طرف أحمد حرزني والمحجوب الهيبة وفطومة قدامة ومصطفى اليزناسني ومحمد مصطفى الريسوني ومحمد الأمين الفشتالي.
إنها قيمة الشهيد في ميزان "إنصاف ومصالحة" النظام وحواريه ومن بينهم العديد من ضحايا القمع السياسي السابقين الذي أأغدقوا/وزعوا على أنفسهم وعلى أصدقائهم وأقاربهم أكياسا ثقيلة من المال العام بدون حسيب أو رقيب..
*خلاصة:
لنتحمل مسؤولياتنا تجاه شهدائنا وتجاه قضية شعبنا بدل الغرق في الفراغ والتسكع في دروب السفسطة واللغو والضجيج الممل..
تيار البديل الجذري المغربي
C.A.RA.M
الحوار المتمدن-العدد 4514:16/7/2014



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق