16‏/07‏/2015

زينة أوبيهي // تجربة اعتقالي: ذكرى الصمود والأمل..


غادرت السجن في شهر يوليوز سنة 1984، ولم يغادرني حتى الآن.. أتذكره ويتذكرني.. أذكره في شخص الجلاد وسوط الجلاد وفي صورة العتمة والأسوار
الخانقة والقضبان الصدئة.. أذكره في سيف الإذلال والخنوع ورائحة الموت.. وبدون شك، يذكرني امرأة شامخة وصامدة وعاشقة للحياة والجمال.. يذكرني أقوى من الجلاد ومن أسياد الجلاد.. يذكرني شعلة ستحرق أيادي الظلم والاستغلال والاضطهاد.. 

غادرت السجن لأستقبل في نفس الشهر خبر استشهاد المناضل عبد الحكيم المسكيني بالسجن المحلي ببني ملال، وبعده، في شهر غشت من نفس السنة، استشهاد المناضلين الدريدي وبلهواري، بطلي مجموعة مراكش 1984.. 
لم تتوقف المعاناة، لم يتوقف الألم.. استمر السجن يلاحقني بكل ما يرمز اليه من دلالات التدمير والحصار وآيات الإخضاع والتشريد والضياع..
في كل يوليوز تحضر الذكرى، بل الذكريات.. ذكرى الاعتقالات، ذكرى الاستشهادات.. وفي كل غشت تنزف جراحنا وتتعمق مآسينا.. من الدريدي وبلهواري بسجني الصويرة واسفي الى شباضة بسجن لعلو بالرباط سنة 1989 ثم مزياني بسجن عين قادوس بفاس سنة 2014..
في كل شهور السنة، تحضر الذكرى.. يحضر الألم والمعاناة.. لكن، يحضر الصمود أيضا.. ويحضر الأمل والعمل..
لقد ولدنا لنحيا حياة العز والكرامة والمساواة.. الحياة السعيدة، حياة الفرح والحب والإبداع والحلم..
فلم نولد لنعتقل.. ولم نولد لنقتل.. ولم نولد لنشرد ونهان..
فعلا، ولدنا لنناضل.. ولدنا لنقاوم.. ولدنا لنصنع الفرح..
وسنستمر في أداء الرسالة رغم الاعتقال ورغم الاغتيال ورغم القمع والجوع..
فلتكن كل ذكرياتنا تجديدا للعهد على مواصلة مشوار النضال، مشوار الشهداء، مشوار المعتقلين السياسيين، مشوار العمال والفلاحين الفقراء وكل المضطهدين..
لتكن كل ذكرياتنا صمودا وأملا وعملا لقهر أعداء الإنسان المنتحلين لصفة الإنسان، صانعي الدمار والخراب وحاملي فيروسات الضغينة والكراهية..
لنجعل كل ذكرياتنا محطات حب للقضية وللرفيقات والرفاق القابضات والقابضين على الجمر، السائرات والسائرين في درب المسكيني والدريدي وبلهواري وشباضة ومزياني وكافة الشهداء على طول شهور السنة وفصولها..
لنجعل كل ذكرياتنا مشاتل لإنتاج آيات البطولة والتضحية من أجل خلاص ومستقبل شعبنا المكافح.. 
لتكن ذكرياتنا تعبيرا عن نضجنا وعن دعواتنا الصادقة لتجميع قوانا المشتتة، لتصير قوة ضاربة في عمق خندق العدو الواحد الذي ينفرد بنا الواحد تلو الآخر..
فكم سنحيي من ذكرى؟! وكم سنحصي من شهيد ومن معتقل سياسي ومن معطل ومن مشرد ومطرود ومن جريح...؟!
كم سنحصي من خيبة أمل ومن عثرة ومن خيانة ومن طعنة غدر... ؟!
ألا نستحق تخليد محطات الانتصار تلو الانتصار، محطات العناق الحار ووحدة المعركة والكفاح، محطات الفرح، محطات الحياة بكل معاني الحياة الرائعة...؟!
إنه التحدي اليوم وغدا..
فلنترجم شعاراتنا الى ممارسة واضحة ومبدئية..



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق