02‏/08‏/2015

الرفيقة إيناس محمدي// الماركسي الذي يتجاهل خطأه ويعاند في الدفاع المغلوط عنه لن يستقيم مستقبله.

إن ممارسة العمل السياسي أو أي ممارسة إنسانية مهما كانت لن تكون معصومة من الخطأ، وكما اعتدنا القول وعن صح "من الأخطاء يتعلم الإنسان". لكن هناك من يتعدى حدود الخطأ أو المنزلق ويتحول لجرم، وهذا الأخير ليس موضوع النقاش بل
الموضوع هو حول ظاهرة متفشية بشكل خطير، وللأسف وسط بعض العناصر الشبابية التي تتغنى ليل نهار بالشعارات الثورية، وهي ظاهرة عدم الاعتراف بالخطأ، أو إن صح التعبير تجاهل الخطأ والاستمرار على مسار خطي وكأنه لم يحدث شيئا. ويصل الأمر لحد الالتفاف على الخطأ أو الانزلاق المكشوف بأعذار هشة ومصطنعة عبر ممرات عارية لنقل التبعات على الغير. وهذا في عمقه موقف سياسي يعكس حقيقة البعد الطبقي لممارسيه والتي في العمق هي مواقف انتهازية تتميز بها عناصر البرجوازية بمختلف تلاوينها. أما الموقف الثوري الصحيح فهو الاعتراف بالخطأ مهما كانت نتائجه أو بأي انزلاق مهما كانت المترتبات عنه، بكل جرأة ووضوح وشجاعة أمام الرأي العام. وهذا ما يتشبث به الماركسيون اللينينيون الحقيقيون قولا وفعلا، إيمانا منهم أن الممارسة السياسية بالأخص لا يمكن أن تكون معصومة من الأخطاء وأن الوقوف على الخطأ ودراسته من كل الجوانب للتدقيق في أسبابه وكذا نتائجه، الهدف منه تحصين الذات الممارسة من الوقوع فى نفس الخطأ أو المنزلق في ظل نفس الشروط ونفس المعطيات. لذا الواجب الثوري أولا: الاعتراف الصريح بالخطأ أو المنزلق. وثانيا: ليكتمل العمل الصحيح في مواجهة أخطائنا يكون من اللازم تقديم نقد ذاتي. والنقد الذاتي، ماذا يعني؟ النقد الذاتي لا يعني الاعتراف بالخطأ بالرغم من أن الاعتراف بكل جرأة بالخطأ، وليس بشكل ملتو، خطوة متقدمة في عملية النقد الذاتي لكن تبقى غير مكتملة. لماذا؟ لأن عدم الوقوف على الأسباب والدوافع الحقيقية والواقعية الواضحة التي كانت خلف الوقوع في الخطأ أو المنزلق السياسي لا يمنع من الوقوع مرة أخرى في نفس الحالة أو ما قد يشابهها. فالوقوع في الخطأ يكون في الغالب نتيجة سوء فهم للمعطيات أو لضعفها أو لطريقة تحليلها أو لأساليب العمل، هذا في حدود حديثنا عن الخطأ أو المنزلق. لهذا يعد الوقوف عند الأسباب والدوافع الواقعية الحقيقية والواقعية التي أدت للخطأ أو المنزلق بكل إخلاص وصدق هي الضمانة القوية لمنع تكرار ذلك في ظروف ومعطيات مشابهة، دون أن يعني ذلك المنع الكلي للوقوع في الخطأ مستقبلا. وإن أي تخلف أو تخل عن ذات المهمة هو قبول بوعي أو بدون وعي السير بتجاهل ماض في حاضر نحو مستقبل مجهول وغير واضح، مهما كانت قوة وحدة الشعارات المرفوعة في العمل السياسي، نظرا لغياب ما قد يضمن عدم الوقوع في أخطاء مشابهة مادامت طريقة التحليل والتفكير، أو أساليب العمل، لم يتم التوقف عندها لتغييرها ولمنع تكرار الأخطاء المماثلة، كمهمة ثالثة في عملية النقد الذاتي، علما أن الأخطاء القاتلة غير المسموح بها إطلاقا، فقد تدفع بحركات اجتماعية مناضلة نحو المنحدر الخطير أو الى حتفها. ونقول هذا إيمانا منا أن الحقل الإنساني أخطر حقول الممارسة لاعتبار أن الخطأ وخصيصا الأخطاء القاتلة فيه تكون تبعاتها ضحايا وسط البشرية. ولهذا يعد حرص الماركسيين اللينينيين على مبادئهم هو حرص على مستقبل الإنسانية. لأن تلك المبادئ بنيت لخدمة وتوجيه العمل في الحاضر من أجل مستقبل ثوري عظيم للبشرية ككل. ولهذا يعد التكوين السياسي وتعميق الفهم الصحيح للماركسية وسط المنتسبين لها من المهام التي يستوجب عدم التخلي عنها باعتبار الماركسية علم لخدمة تطور المجتمعات البشرية لتحقيق إنسانيتها. وأن تجاهل ذلك يوقع أصحابه في المجهول والذي لا يستفيد منه سوى أعداء البشرية مهما كانت الإدعاءات المرجعية للمتجاهلين.
وكما نتحدث عن النقد الذاتي الذي اعتبرناه من الخاصيات الأساسية للماركسيين اللينينيين لاعتبارات دقيقة وعلمية وبفهم دقيق وعلمي أيضا أي من خلال الاعتراف بالخطأ بكل جرأة ووضوح دون الالتواءات والتبريرات المكشوفة، وثانيا بالوقوف عند دوافع وأسباب الخطأ بجد ومسؤولية وبكل إخلاص، وثالثا بتغيير وإصلاح كل ما كان سببا في الخطأ لتأمين عدم تكراره، مع الأخذ بالحسبان أن في حالة التنظيم السياسي قد تكون إجراءات تنظيمية موازية تصل لحد إعادة النظر في المسؤوليات، فكذلك يمكن الحديث عن النقد ولو أن هذا الموضوع سبق لي وأن تناولته في مقال سابق تحت عنوان "نعم للنقد.. ولا تشويه النقد" وموجود على الرابط  (الرفيقة إيناس محمدي// نعم للنقد.. ولا تشويه النقد)، والذي أورد منه المقتطف التالي "فمعيار صحة النقد أو نقد النقد هو في النظر إليه ولمدى إسهامه في التقدم أو تأبيد التخلف قبل البحث في ماذا سدادته من خطئه، أي البحث في مدى تقديم النقد كإسهام بهذه الطريقة أو تلك في بناء المعرفة العلمية برفع طرف الانتقاد أو في مدى تشويهه للنقد وتحويله لميدان الهجوم على الأشخاص موضوع الانتقاد لتحطيمهم وهو تشويه لمبدأ النقد، ومنتوج لا تخجل منه سلة المهملات، أما التاريخ فله كلمة أخرى. ولهذا أتساءل: هل يمكن اعتبار رفض أو رد على نقد موجه لفكرة ما أو لأفكار ما بالقول إن الناقد أو النقاد بعيدون عن "الممارسة" وعن "حرائق الميدان"، مثلما هو التعبير/السند المتفشي وسط بعض العشائر على مواقع التواصل الاجتماعي، دون الدحض للنقد المقدم بكل ما يستلزم من الحجج والدلائل على خطأ الناقد، نقدا أم تشويها للنقد؟ بالتأكيد أن لا شيء يعلو فوق الحجة والدليل وعلى التعبير الدقيق عن الفكرة أو الرأي والمبني بطريقة علمية. فالناقد الذي يتبع طريقة سليمة في نقده يساهم بشكل فعال في تصحيح الأفكار لدى الناس بغض النظر عن قبول المنتقد لفكرة الناقد لتصحيح أفكاره وتقديم نقد ذاتي واضح بعد اكتشاف أخطائه، من عدمه. لهذا لا تعد حرائق العبارات للرد على النقاد بنقد مضاد أو ببحث جدي عن الرأي أو الفكرة الحق سوى بالقدر الذي تعبر عن دعوة لترك سكان المعبد لدفن أمواتهم كيفما شاؤوا، لأن النقد العلمي لا يلتفت لمشاعل وبراكين العبارات ولضجيج طبول أهل العشيرة من خلفها في حرب شعارها انصر أخاك خاطئا أو صحيحا ضد الناقد ولو أن مثل هذه الحرب لا تحرك ولو شعرة على رأس أي ناقد، فبالأحرى أن تموه العلم، بل إن النقد العلمي يشتغل على، ويتفاعل مع كل بناء يرتكز على تحليل للوقائع الحقيقية وعلى مدى سدادته من خطئه دون أن تتنازل غالب الأعمال عن ملح الكلام." هذا وكما لا أرى مانعا في إعادة التوقف عنده من زوايا أخرى وخصيصا أن النقد أو الانتقاد أداة من الأدوات العظيمة والمهمة لفكر الإنسان فالنقد ليس هو التهجم وليس هو السب أو القذف والشتيمة، لهذا لا يجب الخلط بينهم، بل هو الأداة التي تساعد الفكر الإنساني للتوصل للحقائق وتطوير أطراف النقد ومستواهم المعرفي السياسي والنظري وكذا المستوى الثقافي للإنسان ككل، بحيث للخطأ والصواب دور في رفع مستوى الاستفادة لأطراف النقد ولكل من له اهتمام بموضوع النقد. بحيث أن الناقد الخاطئ يصوب آراءه مع ما يقدم من نقد ليصححه ويكشف منزلقه ونفس الشيء للمنتقد الخاطئ.. لأعتبر من وجهة نظري أن النقد هو حق كل إنسان بل أعتبره من الحقوق المقدسة والتي لا يجب أن توضع موانع في وجهها سواء كان الناقد على صواب أو على خطأ لأنه أداة قوية بيد الإنسان لتطوير مستواه المعرفي أما التعامل مع النقد بتهجم فهذا لا يساهم في تطوير ورفع المستوى المعرفي لان النقد يواجه بالنقد وليس بالتهجم أو السب والقذف والشتيمة، أو بوضع موانع مثل وضع شروط وحواجز عدة للناقد كي لا ينتقد، فهذا بدوره في نظري هو نوع من المنع والقمع الفكري والحظر لاستعمال أداة النقد. إنها "مكارتية" فاشية جديدة. لكن هذا لا يمنع من أن للنقد ضوابطه، ومن ضوابطه هو أن يكون ما نريد انتقاده ليس حالة افتراضية تعتمد العنعنة الشفوية أو القيل والقال وكأننا نريد أن نقيم محاكمة تستدعي التهمة والشهود المحلفين وقاضي وغيرها من المستلزمات التي لا تدخل في اختصاص الناقد وفي هذه الحالة نحول النقد الى محاكمة يكون فيها الناقد هو موقع صك الاتهام والشاهد والقاضي في نفس الآن. لهذا يجب أن يكون ما يراد انتقاده هي حقائق ووقائع على الأرض أو أقوال وممارسات ثابتة باسناداتها البينة والمضبوطة وليست من صنع الخيال، مع التزام سليم دون المحورة لخدمة أهداف مسبقة. كما يمكن القول أنه من الخبث والانحطاط أن يبنى النقد دون هذا الضابط أو أن يصنع الناقد ما يحلوا له لغرض التشهير لا غير أو اعتماد الهجوم كوسيلة "ناجعة" للدفاع عن الخطأ أو المنزلق. وتقديم المستهدفين للقراء على الجدران الخاصة ككراكيز من ورق يسهل إعدامهم أو العفو عنهم طبقا لمستلزمات وأهداف الناقد. وثانيا من ضوابط النقد هو تقديم ما يبين خطأ الفكرة بشكل ملموس وواضح دون لبس أو لف أو دوران، وهذا يساعد الطرف الثاني للنقد لتصحيح أخطائه أو في تصحيح الطرف الأول وهذا ما يتيح الفرصة للإقناع والاقتناع، بدل لف الموضوع بغموض لستر الحقائق. وهذه الضوابط هي ضوابط كل ناقد جاد ومسؤول والتعريج على هذه الضوابط هو كان بدافع ما أتابعه من انحرافات عن موضوع النقد في مجموعة من الجدالات في مواقع التواصل الاجتماعي، وخصيصا المعلنون عن منطلقاتهم الماركسية، والتي صارت تحترف التعويم للمتتبع وتجعله بعيدا عن حقيقة ما يدور حوله الجدال والنقد..
 2 غشت 2015



شارك هذا الموضوع على: ↓




↓للتعليق على الموضوع
تعليقات
1 تعليقات

1 التعليقات:

رسالة أقدم الصفحة الرئيسية