03‏/10‏/2015

حسن أحراث// 02 أكتوبر 1955.. جيش التحرير/جيش الخلاص

كل الشعوب -على مدى التاريخ- تتوق الى الحرية وتقرير المصير (حق تقرير مصير الشعوب حق ثابت لا محيد عنه).. كل الشعوب تسعى الى صنع مستقبلها بيدها..
لا يوجد شعب واحد قبل أو يقبل الذل والهوان. لا يوجد شعب واحد قبل أو يقبل الاستغلال والقهر والنهب، سواء من طرف الاستعمار المباشر أو غير المباشر. الثورة والمقاومة والكفاح المسلح والنضال (على كافة واجهات الصراع الطبقي) والصمود، عناوين ساطعة ومعبرة عن مداخل كبرى، مفاهيم وآليات (تصورات وبرامج...) واحدة وموحدة في العمق بالنسبة لجميع الشعوب المضطهدة. فلا بديل بالنسبة لكافة الشعوب عن النصر وممارسة السيادة الكاملة على ماضيها وحاضرها وعن مستقبلها السياسي والاقتصادي والثقافي ورصيدها الحضاري.. قد تختلف التجارب ومرجعياتها وكذلك أساليب التصدي والمواجهة من شعب الى آخر (تكتيكيا ووفق الإمكانات المتاحة)، إلا أنها تصب كلها، في نفس الاتجاه (استراتيجيا)، أي التحرر والانعتاق..
والشعب المغربي، كشعب مضطهد، لم يحد عن هذه القاعدة العامة. لقد قدم تضحيات جليلة من أجل تحرره وانفلاته من قبضة المستعمر القديم والجديد. ويلاحظ بقوة الأشياء، بقوة الواقع، حيث التردي الاقتصادي والاجتماعي المتفاقم، أن الشعب المغربي لم يستفد من تضحياته مقارنة مع شعوب أخرى، لم تقدم رغم ذلك أكثر من تضحياته. 
لماذا؟ ماذا عن مآل انتفاضة 20 فبراير 2011 التي شهدت سقوط العديد من رموز الأنظمة الرجعية بالمنطقة (تونس، مصر...)؟ ما العمل الآن؟ 
أسئلة مطروحة أمام أبناء شعبنا الصادقين والمخلصين لقضية شعبهم.. 
فلم يعد مقبولا، حتى أخلاقيا، استمرار الغوص في المتاهات والمزايدات (الشعارات العامة والفضفاضة..)، وترك الأسئلة الحارقة بعيدا.. 
إن قوة المناضل، وقوة التنظيم المناضل، تتجسدان في قدرتهما على استيعاب المرحلة السياسية الراهنة، في أبعادها الداخلية والخارجية، بما يؤهلهما لتحقيق أهدافهما المسطرة بعناية.
وقوتنا، أو أحد عناصر قوتنا، تتمثل في الوقوف عند تجارب شعبنا وتناول نقط ضعفها ونقط قوتها. فلا معنى للحديث عن صنع مستقبل شعب بدون المعرفة الدقيقة لماضيه وحاضره..
إن الشعب المغربي قد خبر محطات متعددة، أبرزها الانتفاضات الشعبية البطولية.. وقدم العديد من الشهداء والمعتقلين السياسيين والمختطفين ومجهولي المصير.. ويواصل الآن معركته المصيرية من أجل التحرر والانعتاق.. ولنتذكر خلاصة أحد رموز الثورة الكوبية، تشي غيفارا، بشأن نجاح الثورة في كوبا: الانتفاضة الشعبية المسلحة.. 
وتزامنا مع ذكرى ذات دلالات قوية، أي ذكرى انطلاق شرارة جيش التحرير المغربي (02 أكتوبر 1955) بمنطقة إكزناين، وبالضبط في أكنول- بورد –تيزي وسلي، نجدد الدعوة الى دراسة تاريخ شعبنا الزاخر بالملاحم والدروس القيمة التي لا ريب ستفتح أعيننا على مسارات أكثر خصوبة؛ وستقينا، على الأقل، شر السقوط في نفس الأخطاء..
بدون شك، لهذه الانطلاقة الفارقة مقدمات مرتبطة بمختلف أشكال المقاومة المسلحة التي خاضها أبناء شعبنا منذ ثورة الريف بقيادة البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي، وحتى قبلها. ولعل الخلاصة البارزة التي شكلت الإرهاصات الأولى لمعانقة الكفاح المسلح من جديد، خاصة في بداية خمسينات القرن الماضي، هي الاقتناع بانسداد أفق العمل السياسي وتيه هذا الأخير منذ سنة 1934 (كتلة العمل الوطني) داخل الحدود والآفاق المرسومة من طرف الاستعمار، سواء الفرنسي أو الاسباني، المنتشي بعد معركة بوغافر سنة 1933. وأمام البطش وفظاعة الجرائم المقترفة تفجرت المقاومة المسلحة في مختلف المناطق (الدار البيضاء ومراكش ووجدة...)، وتوجت بالحدث التاريخي الذي نعيش اليوم ذكراه الستين (60). علما أن تسريع وتيرة أوفاق "إيكس-ليبان" كان محكوما بخلفية إجهاض هذه التجربة الكفاحية المتزامنة والنهوض الثوري بالقبايل ووهران (الجزائر) وغيرهما، بالإضافة طبعا الى سعي الاستعمار الفرنسي بالخصوص، المنهك بهزيمة "ديان بيان فو" في الفيتنام (ماي 1954)، الى الانفراد بالثورة الجزائرية المشتعلة وربح دعم النظام المغربي العميل.
ولم يقف الأمر عند تثبيت نتائج "إيكس-ليبان" الخيانية، والتي ساهم فيها الكثير من الأسماء "المبجلة" اليوم في الحياة السياسية بدون حياء، بل تواصلت المؤامرة حتى إعدام التجربة نهائيا من خلال العملية/الجريمة الشهيرة "المكنسة" (Ecuvillon) سنة 1958. فكما تم تحالف الاستعماران الفرنسي والاسباني والزمرة الموالية لهما داخل المغرب لإعدام ثورة الريف سنة 1926 ونفي الخطابي الى جزيرة "لارينيون" (La Réunion) لمدة حوالي 20 سنة، "أعيدت" نفس الجريمة في حق جيش التحرير المغربي (المقصود المناضلين الذين رفضوا تسليم السلاح للنظام والتحقوا بالجنوب لمواصلة المعركة، مواصلة الكفاح المسلح). 
إن المسؤولية النضالية تفرض الاشتغال على هذه المحطات المذكورة وعلى محطات أخرى لا تقل أهمية عن غيرها. والقيام بذلك (استحضار التاريخ والذاكرة، أي العمق/الرصيد النضالي لشعبنا) يعد واجبا نضاليا ومؤشرا معبرا عن التزام الطريق الصحيح (ماو تسي تونغ: تأتي الأفكار السديدة من الممارسة السديدة). وتجاهل هذا الرصيد العظيم لشعبنا دليل على البشاعة والوضاعة باسم النضال والثورية المفترى عليهما..
   3 أكتوبر 2015



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق