12‏/10‏/2015

محمد حومد // ''الأصالة والمعاصرة'' و''العدالة والتنمية'' وجهان لعملة واحدة..


أتى تأسيس حزب الأصالة والمعاصرة ''البام'' من أجل إعادة إعطاء الحياة السياسية بالمغرب دفعة وحماسة جديدتين نتيجة عزوف أوسع الجماهير الشعبية عن
المشاركة في انتخابات 2007، حيث وصلت هذه المشاركة إلى أدنى مستوياتها (بالأرقام الرسمية)، مما شكل صفعة حقيقية وصفارة إنذار لمهندسي اللعبة السياسية وأوحى بأزمة سياسية في البلاد وفتح باب عدم الاستقرار الاجتماعي على مصراعيه، لكون الشعب المغربي سئم من الوضعية الاقتصادية والاجتماعية المأساوية ومسرحيات تلك الأحزاب المتهالكة... وفي إطار حسابات سياسية للمرحلة، أي مرحلة ما قبل ''الربيع العربي''، ضُخ المال الكثير من أجل أن تعرف الساحة السياسية ببلادنا مولودا حزبيا جديدا مخضرما يكون جاهزا لمحو آثار التعنت/الغنج السياسي للأحزاب المريضة، سواء ما يعرف منها بالأحزاب الإدارية التي انتهت/تقلصت مهمتها/أدوارها في المرحلة الراهنة أو ما يعرف منها باليسار التقليدي الذي أصبح يراوح المكان و"يتبلقن" يوما بعد يوم. إلا أن التطورات الإقليمية والدولية وخصيصا ظهور حركة 20 فبراير أعطى فرصة لحزب العدالة والتنمية ''البجيدي'' لكي يتربع على رأس الحكومة ويتصدر الواجهة بدل ''البام ''، حيث أبانت التحولات الإقليمية الضعف التنظيمي والسياسي ''لليسار'' و'' الديمقراطيين الليبراليين'' الذين يمدون اليد بالمناسبات وبدونه للمتأسلمين، وعدم قدرتهم على لعب دور القاطرة للتحكم في "عفوية" الشارع وديناميته مثلما حصل في تونس و مصر. وهكذا تم اختلاس صحوة ديموقراطية نوعية من أيادي الشباب الثائر لتقدم كطبق من ذهب لشيوخ الظلامية كصحوة "إسلامية" عبثوا بها وأفرغوها من جوهرها الحقيقي في غياب تنظيم سياسي سديد ينهض بثورة الجماهير. وبحكم أهل مكة ''البيجيدي'' أدرى بشعابها، كان هذا الحزب هو الخيار الأول لردع جماعة العدل والإحسان للتراجع والاستكانة إلى مرحلة قادمة. لأن هذا الأخير لا يستعرض عضلاته الخشبية إلا على قوى اليسار الثوري، نقطة الالتقاء الرئيسية بين هذين الحزبين الظلاميين وإحدى الصفقات السرية للتراضي بينهما. وهكذا تراجع ''البام''، مرغما لا بطلا، لفسح المجال ''للبيجدي'' لامتصاص غضب الطرف الصعب في الصراع و ليهتم هو بالطرف الصعب الآخر ويخترق صفوف الشباب الثوري الذي شكل معادلة صعبة في الصراع ميدانيا. وبالأمس القريب، لاحظنا الترحال بالجملة من طرف بعض العناصر إلى صفوف هذا الحزب، ونتمنى أن يجف هذا النزيف، بل إنها من أولويات المهام الملقاة على المناضلين الحقيقيين للتصدي لمؤامرات هذه الآلة الممولة والمدعومة وفضحها بدل الصمت والهجوم على المناضلين. وبحكم أن مجموعة من أعضائه كانت لها تجربة في هذا الميدان، سيعمل جاهدا لنسف تجارب ومشاريع المناضلين الحقيقيين. وإذا كان هم الحزبين الظلاميين ببلادنا هو القضاء على اليسار الثوري من خلال الإرهاب المادي والمعنوي عبر إصدار الفتاوي لهدر دماء المناضلين وتسييد الفكر الغيبي القروسطي، فإن لحزب ''البام'' فن آخر، وهو ترويض اليسار الثوري واحتضان العناصر التائهة عبر اعتماده في بعض المناسبات لغة وخطاب اليسار الثوري، وخصيصا لما يتعلق الأمر بابتزاز "الإسلاميين"، فمصطلحات الظلامية تتصدر أولى خطاباته… 

إن مهمة ''البام" و''البجيدي'' واحدة ودورهما واحد، وإن اختلفا في التكتيك، فالأمر يتعلق بالدفاع المستميت عن النظام، الذي هما جزء منه، ومحاربة قوى اليسار الثوري... إن مسلسل تبادل وتقاسم الأدوار بين الحزبين واعتمادهم كقطبين رئيسيين في إدارة اللعبة السياسية الآن تجلي واضح م خلال انتخابات 04 شتنبر 2015، حيث كشفت وبالملموس كيف تدار وتحاك اللعبة/المؤامرة السياسية، كيف يصنع النظام الخريطة السياسية، كيف ''ينتصر'' المنهزم وكيف ينهزم ''المنتصر'' بعد غليان وتنطط غوغائي ومزايدات كلامية من هذا الطرف أو ذاك، كيف تعود دار لقمان إلى حالها بعد هدر المليارات في الحملة الانتخابية عبر الجولات المكوكية بين المدن. فالمهرج بنكيران كان يتنقل عبر طائرة خاصة لهذه الحملة، أما من حضر استقباله بالمركب الرياضي لطريق صفرو بفاس وهو يحاول أن يصنع من شخصيته "المهدي المنتظر"، رغم الفراغ الذي عم فضاء المركب ومحاولات تجنب عدسات الكاميرا ذلك، فسيعلم أن المال وشراء الذمم كانا سيدا الحملة الانتخابية.
إن المتتبع لأشواط مهزلة الانتخابات يعي جيدا كيف يستطيع النظام أن يحبك الخيوط، وكيف يؤسس التحالفات بين كل الأحزاب السياسية بدون استثناء.. وهذا مصير كل حزب يحاول أن تطأ قدماه شرعية فضاء النظام السياسي القائم بالمغرب، كيف يصنع المنهزمين والمنتصرين، وبطبيعة الحال فهم جزء من هذه اللعبة لحبكها بإتقان فائق ضد الشعب. إنها مهزلة بامتياز، فالنتائج الانتخابية لا تعكس أي صورة سياسية حقيقية، فبإمكان الحاصل على أدنى عدد من الأصوات أن يترأس الجماعة أو الجهة والعكس كذلك صحيح. وذلك من خلال إرضاء هذا الطرف أو ذاك، أما التوجه الحزبي فليس له مكان، كما أن برنامج الحزب لا أثر له. 
إنها الفوضى الحزبية العارمة والعبث السياسي، فكل الأحزاب المشاركة في مهزلة الانتخابات صديقة وعدوة لبعضها البعض في وقت واحد. تصنع الرئيس ومعارض الرئيس، كيفما شاءت ومتى شاءت، إنها مسرحية باهتة الإتقان. إن انتخابات 2015 أبانت مرة أخرى على أن القوى السياسية المشاركة هي قوى ضعيفة سياسيا وعبارة عن دمى متآمرة يحركها النظام وفق مصالحه. أما الحديث عن المبدأ فيخجل المرء من الكلام عنه.. إنها قوى سياسية فاسدة وعميلة...



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق