14‏/12‏/2015

البديل الجذري - ذكرى انتفاضة 14 دجنبر 1990 ستبقى -انتصارات- النظام وعملائه مؤقتة وسيستمر النضال حتى النصر

التاريخ لا يكرر نفسه.. وكذلك معارك الشعوب المضطهدة.. إنها تتواصل وتتطور..
وشعبنا واحد من الشعوب المبدعة.. لقد أبدع الكثير من الانتفاضات، من بينها انتفاضة 14 دجنبر 1990 الخالدة..
لم تكن هذه الانتفاضة الأولى وليست الأخيرة.. إنها معارك بطولية وتضحيات مستمرة..
منذ الخمسينات وشعبنا يبدع.. وحتى الآن، إنه يبدع، بعماله وفلاحيه وعموم مضطهديه..
إنه الماضي المستمر في الحاضر، وسيستمر في المستقبل، حتى ثورة شعبنا المظفرة.. 
تحية لشهدائه ومعتقليه الصامدين في مختلف السجون.. 
ونغتنم المناسبة وننشر عملا سابقا لتيار البديل الجذري المغربي (2013) حول الانتفاضة الشعبية المجيدة، نظرا لراهنيته وعمقه..

البديل الجذري - ذكرى انتفاضة 14 دجنبر 1990 ستبقى -انتصارات- النظام وعملائه مؤقتة وسيستمر النضال حتى النصر...

14 دجنبر، يوم الذكرى الذي تحدت فيه الجماهير الشعبية بالأجساد العارية سنة 1990 الرصاص الحي للنظام الدكتاتوري، انه ذكرى خروج جماهير غفيرة من عمال ومعطلين وطلبة وتلاميذ بقوة من الأحياء الشعبية وبدون أي قيادة سياسية لإنجاح الإضراب العام، وصد كل محاولات تكسيره بعدما أعلن النظام، عبر وزارة الداخلية، يوم 5 دجنبر، استعداده لاستعمال كل الوسائل لضمان "حرية العمل" والحفاظ على"النظام العام"، وبعد مطالبة القيادة النقابية البيروقراطية المضربين بالتزام بيوتهم. وهو ما كان يعني للجماهير الشعبية إفراغ الإضراب العام من أي مضمون كفاحي. فكان لها قرار آخر، قرار تحدي النظام وتحدي الأحزاب السياسية المتواطئة والقيادات النقابية العميلة، وعدم الخضوع لقرارات العبيد.
إذن الإطار العام ليوم 14 دجنبر 1990: مركزيتان نقابيتان تعلنان الإضراب العام من اجل "الزيادة في الأجور والتعويضات" و"إصلاح قانون الشغل" و"عودة المطرودين" و"حرية العمل النقابي"... ومن الخلف قوى سياسية عرجاء تلوح بخجل بالإصلاحات الدستورية، وجميعهم يرتجفون خوفا من النظام، من جهة، ومن الجماهير الشعبية المضطهدة من جهة أخرى. فهناك نظام يعلن استعداده للبطش وإسالة الدماء، وجماهير تتحدى الدكتاتورية وتخرج وجها لوجه ضد الأجهزة القمعية وتراكم لمسار المجابهة والمواجهة وتبدي استعدادا نضاليا جبارا وتحديا بطوليا في ظل الفراغ السياسي القاتل.
ولفهم ما جعل هذا الخيار ممكنا، من اللازم الرجوع لملامسة وضع الصراع آنذاك، والوقوف على مستوى التطور الذي وصل اليه.
ففي عقد الثمانينات رسم خبراء الامبريالية خطط السياسة العامة للنظام القائم بالمغرب من اجل تهيئ الشروط لبيع ثروات البلاد في المزاد العلني وهو ما نفذه النظام بكل تفان، ليحصر معدل النمو في اقل من 4 %. وتندرج سياسة "التقويم الهيكلي" في هذا السياق الذي حمل معه مخططات من قبيل "إصلاح التعليم" و"الخوصصة" و"التقشف"... لتحكم بالطرد الواسع لإفراغ والتخفيف من عبء التعليم وتفويت قطاعات للخواص لصالح الاحتكار، وتعريض العمال للطرد والتسكع، وحرمانها من مكتسباتها المحققة بعد نضالات مريرة وتضحيات تاريخية خالدة، واستهداف قوتها اليومي وكرامتها، وشق وحدتها النقابية بالتآمر مع الأحزاب الإصلاحية والرجعية لتفريخ ملحقاتها وأذيالها.
وفي هذه الشروط كان النضال متواصلا في مجموعة من المواقع، في المعامل والضيعات والشوارع وفي الجامعات، في المدن والقرى، وتساقط الشهداء في الجامعات والسجون، وامتد النضال، إلى قطاعات كانت هادئة من قبل مثل الطيران والبنوك، وكان الكل يواجه بالقمع الشرس. وكان الوضع الطبقي ساخنا، وملامح التأهب بادية، في اجتماعات الشغيلة وفي دور الشباب، وأصداء نقاشاتها تنتقل الى الشوارع، وكل طبقات المجتمع كانت تترقب الوضع، وتتأهب للدفاع عن مصالحها الطبقية.
أما المشهد السياسي فقد طبعته النزعة الإصلاحية بتململها لتوسيع رقعتها داخل المؤسسة التشريعية الممنوحة والمزورة برفعها إيقاع الخطاب الديماغوجي لإعادة ترميم وضعها المفلس وتغليط وعي الشعب بالوهم البرجوازي وفي تحالفات رجعية، خاصة مع حزب الاستقلال. و"اليسار الجديد" كان غارقا في نقاش نظري هامشي وكان مرعوبا من الانهيار المدوي لجدار برلين و"البيريسترويكا" من جهة، ومفتتنا ب"النضال الديمقراطي" و"التحالفات السياسية" الفجة السرية و"العلنية"، بعيدا عن غليان الشارع وعن هموم النضال المتصاعد والمتزايد، من جهة أخرى .أما القوى الظلامية فكانت في عز الاستعداد والتنظيم، لكن في تحالف مع النظام والامبريالية لإتمام وتجفيف بقايا بقع التوتر، أي البؤر الثورية. فكانت سهامها وتنظيماتها واستعداداتها موجهة للجامعات المغربية وتحديدا الحركة الطلابية التي لم تنطفئ بالرغم من التدمير الكبير الذي استهدفها.
هكذا أهم أجزاء صورة وسمات الوضع الأساسية التي سبقت الانتفاضة الشعبية المجيدة لدجنبر 1990، والتي كانت وسيلة الكفاح العمالية، أي الإضراب العام، الوسيلة النضالية المتقدمة التي فجرت الأوضاع، ولتتجاوز كل الرهانات السياسية الانتهازية والضيقة.
وفي عشية تنفيذ الإضراب العام كانت القيادة النقابية البيروقراطية تبذل كل جهودها لاجتناب معارك الشوارع، وهي التي حاولت التذرع بالحوارات المغشوشة كما كان الأمر مع إضراب 19 ابريل 1990 ، وأعلنت التزام البيوت يوم الإضراب، وكانت إشارة لرفع مسؤوليتها السياسية عن نضال الشوارع، وبالتالي تجريد الجماهير من أي سلاح سياسي وتنظيمي، لتثبت عجزها وخوفها من الجماهير. وبالنيابة عن أحزابها كانت تعلن الخضوع والإجماع وتبحث عن صكوك الأمان، فكان قرارها قرارا مهينا. فما كان على الجماهير إلا أن تدافع عن نجاح المعركة، وأن تتحمل وأن تقاوم وأن تتحدى جبروت النظام وبيادقه السياسية والنقابية، وأن تنزل الى الشوارع بقوة في المدينة المناضلة فاس لتواجه ببسالة وبكل كفاحية وبأجسادها العارية الرصاص الحي ونيران المدافع. فظهرت روح التآخي والتضامن بين الجماهير الكادحة، وأبانت عن قدرتها على تحديد العدو، فاستهدفت المصالح الرأسمالية، وحصنت الأحياء الشعبية.
وفي اليوم الأول اعتمد النظام في قمع المنتفضين بفاس على الشرطة والقوات المساعدة وجنود ثكنات ظهر المهراز، لكنها عجزت عن إخماد المظاهرات، وهو ما دفعه لاستقدام قوات قمعية أخرى من خارج المدينة (البيزات) وتسليمهم الأسلحة دفع الثقيلة، فأعطيت لهم الأوامر بالفتك بالمنتفضين، لترتكب أفظع مجزرة في ظرف وجيز، وشرع في تشييد المقابر الجماعية.
ومع ذلك استمر الصمود والقتال إلى ساعات متأخرة من الليل.
وصباح يوم 15 دجنبر نهضت فاس على وقع حصار/احتلال عسكري، الدبابات مرابطة في النقط الإستراتيجية لشوارع وأحياء المدينة، ومدافعها مصوبة لمخارج الأحياء الشعبية والجنود على أهبة الاستعداد لإطلاق النار. وكان اليوم، الخميس،يوم السوق الأسبوعي المجاور لحي عوينة الحجاج وليراك، وهي أحياء غالبية سكانها عمال وطلبة، ويستقطب ساكنة الأحياء المجاورة وفلاحي المنطقة. ومع الساعة العاشرة انطلق القصف بالرصاص الحي كل التجمعات بما فيها السوق الأسبوعي والجامعة وكانت الأجساد العارية تخترقها النيران وكان القصف عشوائيا، ولم تسلم منه حتى الجدران. وبالرغم من شدة القصف كانت الجماهير تفرض على الجيوش التراجع في بعض النقط، وكان النظام يلتجئ للمروحيات لإمطار المتظاهرين بغازات لم تعرف طبيعتها لحدود الآن. ولم يستطع النظام التحكم في الوضع إلى حدود يوم الجمعة16 دجنبر، ليفرض حالة من الحصار يومي17 و18 دجنبر ويشن حملة من المداهمات على المنازل استهدفت بالدرجة الأولى مساكن العمال –الزوفرية-. وهكذا واجهت الجماهير لوحدها عارية من أي تغطية سياسية.. وكانت الأحزاب والقيادات النقابية البيروقراطية تبيع الدماء والنظام يستمر في إجرامه.. كان الكل في إجماع لتدمير الثقة في النضال..
ستبقى انتصاراتهم مؤقتة وسيستمر النضال حتى النصر..
الإدانة كل الإدانة للنظام ولعملائه من قوى سياسية ونقابية ..

تيار البديل الجذري المغربي
C.A.RA.M.

16 دجنبر 2013



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق