09‏/12‏/2015

زينة أوبيهي //في ذكرى الشهيدة سعيدة.. لا للمتاجرة بقضية المرأة.. لا للتعتيم والتآمر على معارك الكرامة من قلب السجون (قلعتا ميدلت والرشيدية، كمثال..)

في ذكراك أيتها البطلة، نخجل.. وننحني أمام شموخك.. 
نخجل من قامتك.. نخجل من التاريخ، الشاهد الحي الذي لن تقوى أي قوة قاهرة على اغتياله يوما..

ما أعيده على المسامع أنك كنت الأيقونة التي وقفت وسط خيرة أبناء شعبنا، وبصوت جهوري، وبكل تحد، في أشهر محاكمة رجعية، محاكمة 1977.. وأرعبت الجلاد في معركة الأمعاء الفارغة.. وبالتأكيد لن يتنكر، من جلدنا لذلك سوى شحاذ ومرتزق أو حقير مندس أو من انحط الى مستوى الخسة الأخلاقية والفساد والميوعة والحقارة والوقاحة..
لن أطيل في تمجيد ما مجده التاريخ.. لأن المطلوب هو استيعاب الدرس واستكمال المشوار..
السير على دربك، درب الثورة.. درب تحرر المرأة وتحرر الرجل.. تحرر شعب.. تحرر الإنسان..
سعيدة، أيقونة الشهيدات والشهداء..
أنت حية بيننا.. أحس أن روحك ترفرف حوالينا في المؤسسة التعليمية التي اشتغلت فيها، فتغمرني سعادة فائقة لأني محظوظة جدا: أطأ أرضا مشيت فوقها، وأدخل حجرات درست فيه، وألمس جدرانا ربما اتكأت عليها، وأكتب على سبورة ربما ما زالت تحمل شيئا من آثار أناملك الناعمة/الحارقة.. أتصورك بين تلامذتك تغمرينهم حبا وحنانا وفرحا، تحفزينهم وتزودينهم شحنة من الحزم والعزم للتقدم، وتسلحينهم علما وأدبا وثورة.. أتخيل كل شبر من تراب المؤسسة، ربما مررت به رغم قصر المدة التي درست فيها.. لأن خفافيش الظلام اختطفتك رغما عنك، وكنت أجمل وأروع الشهيدات لأنك ما زلت حية فينا ومن خلالنا.. سنستمر على خطاك بكل ثبات ورباطة جأش.. 
وأعود من خلال ذكراك للوقوف على وقائع حية تتزامن وذكرى إعلان ميلادك الجديد.. وتحديدا، 25 نوفمبر كيوم اعتبرته الجمعية العامة للأمم المتحدة "يوما دوليا للقضاء على العنف ضد النساء". ويهمني أولا، كيف تسوق قضية المرأة، قضية شكلت، أيتها الشهيدة، رمزا لها في بلدنا، في ظل نظام طبقي، نظام الاستغلال والاضطهاد والقهر، نظام عميل للإمبريالية والصهيونية.. وثانيا، تطورات معركة الكرامة التي يخوضها المعتقل السياسي حسن كوكو (وطبعا العديد من المعتقلين السياسيين، ومن بينهم الآن سفيان الصغيري حسن أوهموش ومنير آيت خافو بسجن الرشيدية)، سيرا على درب الشهادة، على درب كنت نبراسا له والعديد من الشهداء، آخرهم وليس أخيرهم الشهيد البطل مصطفى مزياني..
في البداية، أقر، وبكل صدق، أيتها الشهيدة، بأن تجارة الأوهام، والمتاجرة في قضايا التحرر، وتحرر المرأة خصيصا، وصلت أوجها وحققت رواجا ليس له مثيل.. تجارة مدعومة من طرف أنظمة العصر الرديء وكل مؤسساته المالية والإعلامية والسياسية والجمعوية المتعفنة.. لقد اصطنعوا الأضواء لأنفاق مظلمة وبرامج مفلسة، تنشر الوهم والسذاجة والخنوع.. وتقود مصير نصف شعب، بل شعبا بكامله نحو المجهول.. والمؤسف، أنه في الغالب يتم طرح ذلك وتسويقه باسم إطارات "المجتمع المدني" بعنوان المرأة المقهورة والمضطهدة والمعنفة، إطارات يستعصي عدها، إطارات تفعل فعل الكراكيز، وعلى رأس بعضها أسماء كانت بالأمس القريب محسوبة من أهل الجوار ومنها من كان في ركن الدرب.. أسماء تلوك تاريخ منسوج بالدماء الزكية لرفاقك.. رفاق دربك أيتها الشهيدة.. أسماء تستثمر في الشموخ والبطولات لصالح جهات انتعشت وتنتعش من بؤسنا وفقرنا وجوعنا.. أسماء تقدم أحط مثال للخسة والدناءة التي يمكن أن ينحدر اليها من جفت في عروقه كل مقومات الشرف والكرامة، دون مقاومة أو ندم.. مخططات تؤبد الاستغلال والاضطهاد الذي ضمن، ويضمن، لها حاضرها الربحي/الريعي اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، لصالح مؤسسات وأجهزة نظام أنتج الخراب والتدمير لكل ما هو مشرق ونبيل.. نظام مارس، ويمارس، الإجرام.. ورائحة دماء أبناء شعبنا لازالت تفوح من زنازنه ودهاليزه وأقبيته السرية، بالرغم من مساحيق تجار النضال المستأجرين لتنظيف وتجفيف "ماضي الجمر والرصاص".. إنها إطارات يسوقونها بعنوان القضاء على العنف ضد المرأة، محملة بأسلحة فتاكة ومدمرة ضد القضية وتحت ستار التحرر والمساواة.. إطارات تمت فبركتها في دهاليز دوائر النفوذ، ورضعت ثديها، ونمت وتربت تحت إشرافها ورضاها، بعدما فهم النظام رسالة أسياده المنبهة لخطورة، وقوة، قضية المرأة باعتبارها قوة نصف المجتمع.. نصفه في المعامل والمصانع، ونصفه في الضيعات والحقول، ونصفه في المراتب الوسطى داخل المجتمع.. لهدف خنقها، أي خنق القضية وامتصاص قوتها وتحجيمها وتكبيلها بأغلال النظام الطبقي لكي لا تساهم بمعركتها في فك وتفتيت شباك الاستغلال والنهب والاضطهاد.. وجندوها بالمال الفاسد والإعلام المملوك ونشروا التضليل ووهم الخلاص عن طريقهم.. واستثمروا في بياعة الضمير والمبادئ.. وينتجون ويعيدون إنتاج نساء القاعات والشاشات وبرامج الخداع وأحلام تحمل القضية نحو المجهول.. 
إنها المناسبة لأقول: إن تحرر المرأة ومساواتها بالرجل في الحاضر والمستقبل لن تقوده كراكيز أنظمة الطغيان والنهب والفساد. إن تحرر المرأة رهين بتحرر المجتمع ككل.. وما تنشره من سراب، تحت مسمى القضاء على العنف والمساواة، ليس سوى تجارة تتوخى الربح بنشر الأوهام، وهي ترمينا سذاجة وأحلاما ترهن تحقيقها بأنظمة الاستغلال والنهب والحروب والدمار، وهي أنظمة لا يمكن أن يخرج، أو ننتظر منها التحرر للإنسانية والمساواة بينها، ولن ننتظر منها أي طموح إنساني.. وإن التحرر والمساواة الفعليين لن يتحققا سوى بأيدي المرأة أولا، وبجانبها قوى التحرر والثورة من أجل بناء مجتمع المساواة.
والحدث الثاني الذي يستحق الأولوية والاهتمام والدعاية، في ذكرى ميلادك الجديد أيتها الشهيدة الخالدة، هو معركة الكرامة، معركة الأمعاء الفارغة التي يخوضها أحد الأبطال المنحدر من أعماق مغرب تحصد فيه قساوة الطبيعة وإجرام النظام أبناءه من جراء الفقر والتهميش، وكذلك رفاقه.. 
إنه الرفيق حسن كوكو المحكوم بخمس سنوات سجنا نافذا مع الغرامة كضريبة لانتمائه السياسي لصف المضطهدين والمقهورين.. معركة انطلقت منذ يوم "13 نونبر 2015 وإضراب عن الماء والسكر منذ 23 نونبر 2015"، دفاعا عن مكتسباته كضمان الشروط المناسبة لمتابعة الدراسة، الزيارة، الترحيل من سجن ميدلت.. علما "أن ابننا كان يعيش في شروط جد قاسية داخل السجن المحلي بميدلت إلى جانب 34 سجينا في نفس الزنزانة، إضافة إلى تعرضه لكل أشكال التعذيب من طرف مدير السجن إن تجرأ وطالب بتحسين وضعيته وتوفير شروط متابعة الدراسة " كما جاء في بيان العائلة. 
إنها معركة مفتوحة على احتمال الشهادة في كل وقت وكلما تقدمت عقارب الساعة على إيقاع الجور والعسف والتعتيم والإجهاز على أبسط المكتسبات التي تضمن كرامة وإنسانية معتقل سياسي مؤمن بضريبة القضية، قضية شعب. لقد خارت قواه الصحية ولم يعد "يقوى على الحركة ويتكلم بصعوبة" كما أكدت العائلة في بيانها، وبدأت نوباته تطول.. إننا نشهد مجددا على إجرام النظام الديكتاتوري ونفضح حقيقة المتملقين وتجار المآسي والمحن ودعاة الدفاع عن الحق في الحياة.. 
وللعلم، إن حسن كوكو لم يصنع بجوار أهل "الفخامات"، وصورته لا تليق لرفع سومة أسهم المتملقين وهواة اصطياد المناسبات واقتناص الفرص لتلميع الصورة السياسية المغشوشة في تقديم مغرب يقبل بحق الاحتجاج وبحق الدفاع عن حقوق الإنسان، مغرب "الاستثناء".. كما أن حسن كوكو ليس هو فلان "المشهور" وعلان "المدلل"، ولا غيرهما من الأسماء "الكبيرة" المنتقاة بكل عناية للرفع من حظوظ الشهرة وجريمة خلط الأوراق.. حسن كوكو مضرب بقلعة من قلاع المغرب المهمش والمنسي، تبعد عن الواجهة السياسية المزينة بما يزيد عن ثلاثمئة كلم في أعماق المغرب المنسي.. 
اسم حسن كوكو لم يسبق أن سلطت عليه الأضواء.. حسن كوكو لا تعرفه جمعيات الكامرات "شاعلة" ولا أحزاب الذل والعار ونقاباتها، كما لم تكن تعرف سعيدة المنبهي وبوبكر الدريدي ومصطفى بلهواري و شباضة عبد الحق ومصطفى مزياني في معاركهم البطولية.. 
حسن كوكو مناضل من وسطنا نحن أبناء الفقراء، أبناء المحرومين.. أبناء المضطهدين.. لذا فحسن كوكو ورفاقه، لن يشهر بمعركتهم سوى من يناهض الظلم والاضطهاد كيفما كان.. ولن يتضامن معهم سوى من التزم درب المقاومة كخيار له، أينما وجد.. إذن، نحن من سيتضامن معهم، أبناء جلدتهم المبدئيين.
ولهذا أرفع ندائي إلى جانب عائلة الرفيق حسن كوكو ل" الضمائر الحية وكل المناضلين والمناضلات إلى دعم ابننا والتشهير بقضيته قبل فوات الأوان"..

وهذا نص بيان العائلة، في 6 دجنبر 2015:

عائلة المعتقل السياسي حسن كوكو

بيان إلى الرأي العام الوطني والدولي

"يتواجد حاليا إبننا المعتقل السياسي حسن كوكو بالمستشفى الإقليمي بمدينة ميدلت في وضعية جد حرجة، لا يقوى على الحركة و يتكلم بصعوبة، بعد خوضه لإضراب عن الطعام إبتداءا من 13 نونبر 2015 و إضراب عن الماء والسكر منذ 23 نونبر 2015 دفاعا عن حقوقه كضمان الشروط المناسبة لمتابعة الدراسة، الزيارة، الترحيل من سجن ميدلت...علما أن ابننا كان يعيش في شروط جد قاسية داخل السجن المحلي بميدلت إلى جانب 34 سجينا في نفس الزنزانة، إضافة إلى تعرضه لكل أشكال التعذيب من طرف مدير السجن إن تجرأ و طالب بتحسين و ضعيته و توفير شروط متابعة الدراسة (المكتبة، المقررات الدراسية، العزل عن باقي السجناء...). وتجدر الإشارة إلى أن ابننا تعرض للاعتقال يوم 17 دجنبر 2012 و صدر في حقه حكما جائرا متمثلا في 5 سنوات من السجن النافد قضى منها أزيد من سنتين و نصف بسجن تولال 2 بمكناس، حيث خاض عدة معارك نضالية كان أبرزها إضراب عن الطعام تجاوز 110 يوما تلقى على إثرها عدة وعود من طرف إدارة السجن بحضور ممثلين عن "المجلس الوطني لحقوق الإنسان" حيث التزموا بتوفير كل الشروط المناسبة لمتابعة دراسته، لكن سنتفاجأ بعدها بقرار ترحيله و تفريقه عن باقي رفاقه. لتستمر بذلك معاناته بالسجن المحلي بميدلت، و معاناتنا من رؤية إبننا على سرير الشهادة في ظل حصار وتعتيم إعلامي رهيب و غياب من يدعون دفاعهم عن "حقوق الإنسان"، و بذلك نحمل المسؤولية الكاملة للمندوبية العامة لإدارة السجون بشكل عام و إدارة سجن ميدلت بشكل خاص فيما ستؤول إليه حالة إبننا. كما نؤكد انه مستمر في معركته النضالية حتى تحقيق كافة مطالبه العادلة والمشروعة واننا بجانبه حتى تحقيق هاته الغاية. وندعوا الضمائر الحية و كل المناضلين و المناضلات إلى دعم إبننا و التشهير بقضيته قبل فوات الأوان".



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق