24‏/01‏/2016

أسماء العوني// في ذكرى 24 يناير أو درس من التاريخ

24 يناير 1973 يوم من أيام الإجرام الموشوم على جبين النظام القائم بالمغرب. إنه يوم يؤرخ للقرار المشؤوم القاضي بالحظر القانوني للمنظمة الطلابية الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، لتعميق الخنق والبتر لكل ما هو مشرق. وذلك مباشرة بعد
 نجاح "الجبهة  الموحدة للطلبة  التقدميين"، وبالتالي اليسار الماركسي اللينيني المتمثل أساسا في المنظمتين الثوريتين "إلى الأمام" و"23 مارس"، في تحقيق انتصار ساحق على القوى الإصلاحية وقيادة المؤتمر 15.
 هذا  الانتصار الساحق لليسار الماركسي اللينيني شكل قفزة نوعية في تاريخ الحركة الطلابية المغربية ومنظمتها، وهو ما عكسته بياناته ومقرراته التنظيمية والسياسية، والمعبرة عن مواقف تقدمية  همت بالخصوص القضية الفلسطينية بالتأكيد على اعتبارها قضية وطنية وكذلك مساندة ودعم الجماهير الشعبية وكل الشعوب التواقة للتحرر والانعتاق وتبني الشعار الثوري "لكل معركة في الشارع صداها في الجامعة"، وصاغ برامج  لخص في الشعار الاستراتيجي "النضال من أجل تعليم شعبي ديموقراطي علماني وموحد" لمناهضة تعليم رجعي ونخبوي غارق في الخرافة والأساطير ويعمم الجهل وثقافة التخلف والانبطاح والعبودية... إنها المحطة التاريخية التي عمقت بالفهم الصحيح استقلالية وتقدمية منظمة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب وديموقراطيتها من خلال الصياغة الهيكلية المطروحة وربط الحركة الطلابية بالخط المنحاز الى الجماهير الشعبية الكادحة، وفي مقدمتها الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء، والمعبر عن طموحاتها.
وبعد أسبوع  من انتهاء أشغال المؤتمر 15، دشنت مختلف الأجهزة القمعية حملة اعتقالات وملاحقات واسعة طالت قيادات المؤتمر ومناضلي الاتحاد الوطني لطلبة الغرب وصلت حد اصدار أحكام غيابية قاسية (الحكم بالاعدام).
كما سجل التاريخ أن قوى التوجه البيروقراطي استغلت صدور قرار الحظر القانوني، وما خلفه من فراغ سياسي وتنظيمي، لتشن هجماتها الفكرية والسياسية بغرض التشويه والطعن في المشروع الثوري لليسار الجذري.
ينضاف للوضع السابق، الأحداث الثورية في 3 مارس سنة 1973 بمجموعة من المدن(فكيك، خنيفرة، كلميمة،…) والتي أخمدها النظام، بالاستعانة بالقوات المسلحة، في مهدها ـ وارتكابه لمجازر رهيبة في حق ساكنة المناطق التي كانت مسرحا للأحداث، تحت دريعة احتضانها للمقاتلين. تلتها محاكمات عسكرية وأحكام قاسية وصلت حد تنفيذ الإعدام في حق الشهيد عمر دهكون ورفاقه، بالإضافة إلى الاحتجاز والاختطاف والاغتصاب في الشارع العام وفي دهاليز التعذيب، فقد أرخت سنة 1973 و1974 لدموية النظام الذي خرج سالما من انقلابين متتاليين ومكنه ذلك الفشل من تحكيم سيطرته على المؤسسة العسكرية  والشروع في إبادة المليشيات المسلحة واجتثاث منظمات الحملم…. فكان من الطبيعي أن ينعكس هذا الوضع على الحركة الطلابية الوضع لتعرف ركودا نسبيا موسم 1974/1975 على مستوى نضالاتها، لكنها سرعان ما استجمعت قواها انطلاقا من موسم 1975/1976 ودخلت في صراع حاد من اجل رفع الحظر عن المنظمة الطلابية واسترجاع شرعيتها القانونية، ويعود الفضل في النهوض النضالي والعودة القوية للحركة الطلابية، رغم الحضر القانوني والحصار واعتقال أغلب أطر ومناضلي أوطم ونفي آخرين، إلى تجربة المجالس واللجان السرية التي ابدعها المناضلون في ظروف الحضر، حيث لعبت دورا كبيرا في تهييء المعارك وتأطيرها وتوحيد نضالات الحركة وطنيا إلى جانب بعض الجمعيات الطلابية في مجموعة من المعاهد والمدارس التي لم يطلها الحضر القانوني.
وكان لتجربة اللجان والمجالس القاعدية، بالإضافة إلى الوعي المتجذر أوساط الطلبة وتشبثهم بمطلب رفع الحضر القانوني عن منظمتهم أوطم، الفضل الكبير في صد هجومات النظام والأحزاب الاصلاحية خصوصا مع محاولة تنزيل الإصلاح الجامعي لسنة 1975 بعدما صدر قرار يوم 12 غشت يقضي بفرض "تعاضديات إدارية لتمثيل الطلبة"، وهو الأمر الذي واجهته القواعد الطلابية بالرفض بعدما انكشفت خلفية هذا القرار الذي كان يستهدف الإطار العتيد أوطم كممثل وحيد وأوحد للطلبة، واستهداف دوره في الدفاع عن المطالب المادية والديموقراطية للطلبة. هذا الأصرار والتشبث من طرف الجماهير الطلابية فضح القوى الإصلاحية وتواطؤها المكشوف في تمرير مخططات النظام (التقدم والاشتراكية الذي قبل الاصلاح وموقف التردد بين القبول والرفض للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية). ونظرا للشعبية الواسعة  في صفوف القواعد الطلابية، وتبني هاته الأخيرة لنهج وافكار الطلبة اللجانيين والمجالسيين (نسبة للمجالس واللجان الطلابية المناضلة)، وبعد أن انتصرت الحركة الطلابية في معركتها ضد "الإصلاح الجامعي"، سيشرع النظام في حملة اعتقالات واسعة بهدف القضاء على تجربة المجالس واللجان القاعدية السرية، ورغم الحملة الشرسة التي طالت المناضلين اللجانيين والمجالسيين، لم يستطع النظام القائم إيقاف التقدم النوعي لمعركة الحركة الطلابية في اسقاط الحضر القانوني على منظمتها. وهو ما تحقق فعلا يوم 9 نونبر 1978  بإعلان النظام رفع الحضر القانوني عن أوطم. 
لقد شكلت المجالس واللجان القاعدية إبان فترة الحضر القانوني على أوطم، التي سينبثق عنها ومنها (اي اللجان) فصيل النهج الديمقراطي القاعدي،تجربة فريدة ونوعية  جسدت بوضوح وبشكل ملموس القراءة العلمية التي قدمها الماركسيون اللينينيون لتلك الفترة الحرجة من الصراع الطبقي بالمغرب، والإجابات العلمية التي قدموها لتجاوز وضعية الازمة، وكيف استطاعوا قيادة  الحركة الطلابية، في ظل غياب الأداة السياسية الثورية في الشارع السياسي وهيمنة القوى الاصلاحية والحصار البوليسي والاعتقالات والاغتيالات، قيادة ثورية سليمة  تجاوزت كل التوقعات وكسرت كل رهانات النظام في القضاء على الحركة الطلابية وإفراغها من مضمونها الكفاحي وبالتالي اجتثاث اليسار الماركسي اللينيني من الجامعة المغربية والقضاء بشكل مطلق على حق أبناء الشعب في الجامعة العمومية.
وليبقى من الدروس العميقة البارز  من خلال هذه التجربة هو قدرة الحركة الطلابية على اسقاط قرار الحضر القانوني. بمعنى أن النظام تراجع، تحت وقع نضال جذري لا يعرف الاستسلام والانبطاح، مرغما وبدون قيد أو شرط عن قرار سياسي من حجم قرار الحضر القانوني للاتحاد الوطني لطلبة المغرب، في مرحلة كان لايحاور سوى على إيقاع حملات الاختطافات والمخافر السرية والمصير المجهول لعدد لا يحصى من أبناء شعبنا ولا يتكلم سوى لغة الرصاص والرعب المستشر. لأقول أن هجمات اليوم لن تتكسر سوى على مثل هذه الصخور. ضخور ملزمون على تشيييدها، إن كنا فعلا عازمين على تحقيق النصر مرحليا أو استراتيجيا، ولو تحت حملات الجمر والرصاص. 




شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق