18‏/02‏/2016

الرفيقة إيناس محمدي// من بيان الكلمات: كيف سندخر القوى؟

إن مهمة البناء للأداة السياسية وممارسة الدعاية والتحريض السياسي مهمة لا تقبل التأجيل تحت أي مبرر كان أو أي ظرف من الظروف في المرحلة التاريخية.
فالتاريخ لا يرحم ولا ينتظر لحين استعداد المتخلفين لكي تتلاءم الظروف مع مزاجهم، والتأخر وعدم الإنتظام هما جريمة الآن، وغدا، ضد الشعب المغربي. وقد أقول، إن من السخافات المضحكة بناء القناعات بهذه الطريقة، أي اعتبار البناء السياسي الثوري له شروطه الموضوعية والذاتية في المرحلة التاريخية التي نمر بها، وهي في العمق دعاية تستخرج كل مرة لحصار أي تجربة تتقدم لتأسس العمل الثوري المنظم. كما أن في تجاهل هذه الحقيقة المتفشية، أي المحاربة والتشويش والمحاصرة لعملية البناء الثوري، والتي تعمل كل الجهات المستفيدة منها على نقلها لأوساط الحركات الشبيبية وبالدرجة الأولى إلى الحقل الطلابي في بلادنا، يمكنها أن تشكل سدا مانعا وتعمل نخرا في التنظيم الثوري إن هي لم تعالج، نظريا وعمليا، منذ البدء، وبوعي. وقد تستطيع أن تنجح في النهاية في نقل أمراض متفشية لوسط الحركات المناضلة لتحاصر أي تقدم محتمل للتيارات والخطوط الجادة، بل أقول بدت ملامح هذه الأمراض الفتاكة  تطفو إلى سطح الواقع، وبدأت العلاقات الشخصية تطغى بل تحل محل العلاقات النضالية والرفاقية، والمعاندة والدفاع عن الأخطاء بما فيها القاتلة لحماية المجيمعات محل النقد والنقد الذاتي.. وأغلب المجموعات، منذ بداية التسعينات الى اليوم، بما فيها تجربة من لفضتهم عملية التجميع التي آلت إلى تشكيل حزبي النهج الديموقراطي واليسار الأشتراكي الموحد وكذا تجربة حزب الطليعة الاشتراكي الموحد، قد أضحت بعد صيرورة التجربة غوغائية وصبيانية. وهذا الوضع لا يعني اشكالها "التنظيمي" المبهم فحسب، أو علاقاتها المبنية على الولاءات الشخصية، وعلى تكتيك/استراتيجية البروز فوق الأحداث، بل يعني أنها تفتقد للنظرية الثورية التي لا يمكن للمسألة التنظيمية أن تحل دونها، وتجعل من الثرثرة بالجمل الثورية، والشعارات الرنانة، وتوزيع الاتهامات والتشهير بالمناضلين الجادين، لحافا لستر فقرها النظري والتغطية عن تخلفها السياسي. وفي السياسة يعد تجاهلها، بمثابة تغاض عن أسس الفشل المرتقب للتنظيم ليس فقط في تقديم نموذج حي ومصغر لمستقبل النضال وللمجتمع الذي ينتدب نفسه لتشييده، ولكن أيضا في تحقيق مهامه الاساسية في شخص بناء الأداة السياسية الثورية، إن لم يستطع هذا التنظيم مسلحا، بالنظرية العلمية، ضبط المسألة التنظيمية ونشر الوعي بها وتصليبه وسط أبناء شعبنا وبالدرجة الأولى الطبقة العاملة.
 ودون ذلك يفقد التنظيم قدرته على أن يمثل فصيلا طلائعيا يتصدى لمهمات نضالية ذات دور تاريخي، بل يفقد معناه الأساسي كتنظيم جماهيري. ولهذا فمن يعتنق الخيار الثوري لا يمكن أن يذهب في نفس الاتجاه الذي يختاره من يتجاهل هذه الظاهرة بالقول أنها "أدرع مكسورة" لان هذا الخيار ينسجم و أفقه السياسي المحدود وباعتباره طرف مستفيد من ذات الظاهرة.
إذن كيف سندخر القوى؟ وهل يمكن بناء عمل ثوري بتلحيم العناصر المتنافرة؟
 إن تدخير القوى لا يصنع إلا من خلال تنظيم متماسك ومحكم، تحكم وحدته، وتجمعه، القضايا المبدئية. أما تلحيم عناصر غير منسجمة ومتباينة لحد التنافر، في عمقه، يعد لبنات تؤسس للانهيار والفشل لحظات المعارك الحقيقية إن لم أقل قد يحصل ذلك قبل اندلاعها. وهذا فهم عبرت عنه أعمال تيار البديل الجذري بعمق، وهو خلفية الجدال  حول الاشكالات والموضوعات الاساسية في كل مرحلة وحول كل التطورات التي تحدث في كل منعطفات الصراع، التي لابد ان يكون المناضلين الجادين والمنسجمين مستعدين لها، لتوضيح اسس كل التيارات والتوجهات، والتوقع بالوحدة الممكنة المؤقتة أو الاستراتيجية او كذا حتى العداءات والطعنات المحتملة من صناع الكلام المنمق عن الثورة والفكر الثوري. وبالمناسبة أقول أن تجارب الانسانية تتحفنا بدروس عظيمة حيث كان الانبهار بالجمل المعسولة دافعا لتلحيم عناصر متنافرة سببا في الكوارث والفشل السياسيين. فمن الحتمى ان نختلف ، وندخل في جدالات، ونتشاجر ايضا وسط الحركات المناضلة، ولكن الحازمين والعازمين على التغيير والمحملين بنظرية علمية سيتعلمون لا شك من دروس التجربة التاريخية. سيتعلمون كيف ينسجون الوحدة وكيف يبنون التحالفات الميدانية والتحالفات المؤقتة والاستراتيجية وكيف يثبتون أساس كل اتجاه سياسي ويتبينوا الحديث الصائب وبالتأكيد سيطرحون جانبا الحديث المشوش، والمنحط لكي لا يزيحوا عن السكة على مستوى الاهتمامات الجادة والعملية التي يحملها التاريخ الى واجهة الصراع الحقيقي. و قوة المناضلين العازمين على التغيير، والقول بالعازمين لا يعني تحييد الجماهير(وهذه الجملة أضعها بالخط العريض)، تصير قوة حقيقية وفعالة وذات قدرة على زحزحة أسس الأعداء فقط حينما تكون قوة جماهير العمال والكادحين الواعية طبقيا كما عبر عن صواب تيار البديل الجذري في العديد من أعماله. فلا القمع ولا السجون ولا المعانات والحصار بمقدورها افساد وتدمير وعي الجماهير واستعداداتها، إنما يفسد ويدمر وعيها البرجوازيون الصغار والمترددون والحلفاء المزيفون والتائهون والصبيانيون هؤلاء من يدمر الفعل النضالي للجماهير بجملهم الثورية الفارغة وبأساليبهم الانتهازية وخياناتهم ومتاجرتهم بالنضال هؤلاء هم أشد الأعداء وأخطرهم من العدو المكشوف بتقمصهم صفة أصدقاء الشعب، لهذا فالنضال ضدهم هو نضال من أجل محاربة مخلفاتهم وما ينشرونه من أفكار مزيفة ومشوشة حول النضال الثوري. وهذا الفهم والمسار الذي يحرص التيار على تثبيته وتكريسه من أجل مهمات بناء وعي سليم وسط المعنيين بقضية الثورة هو من صار محط هجوم النفوس الضعيفة المحملة بأفكار مستهلكة وبالية من أجل تهديب الصراع مع كل الخطوط المزيفة والفاسدة، والسكوت عن فضحها لإدامة استفادتها من أجواء التشويش والتغليط لوعي الجماهير واضعاف الخط الثوري. 

18 فبراير 2016




شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق