25‏/03‏/2016

محمد حومد// في ذكرى انتفاضة 23 مارس الخالدة..

في مثل هذا اليوم من سنة 1965 شهد الشعب المغربي بمدينة الدار البيضاء مجزرة رهيبة من طرف النظام استعمل فيها الرصاص الحي ضد الجماهير الشعبية
المنتفضة على إثر المظاهرات الاحتجاجية التي عمت شوارع العاصمة الاقتصادية الصاعدة فور إعلان وزير التعليم حينذاك إحداث قانون جديد يقضي بتحديد السن "القانوني" للتمدرس.

لقد كان الهدف من وراء هذا المخطط هو الإلقاء بشريحة واسعة من أبناء الجماهير الشعبية إلى الشارع وإقصائها من حقها في التعليم، بل كان من جملة المخططات التي تحاك ضد الشعب المغربي في ظل واقع صراع طبقي طاحن ومختل لفائدة النظام وقاعدته الطبقية (البورجوازية الكبيرة: الكمبرادور والملاكين العقاريين).

 فمنذ مطلع عقد الستينيات استهدف النظام وبشراسة قطاع التربية والتكوين بعد أن كان للتحصيل العلمي وقعا كبيرا في صفوف أبناء شعبنا، من عمال وفلاحين فقراء وكادحين، وأعطى للطالب/التلميذ المغربي صورة نموذجية ومكانة قوية في المجتمع.

فبالإضافة إلى كونه شكل مشروعا اقتصاديا ناجحا، حيث ساهم في إنقاذ فئات اجتماعية كثيرة من حياة البؤس والتشرد وكان أيضا مجالا خصبا للفعل الكفاحي المستميت للمناضلين الثوريين المتطلعين إلى مستقبل زاهر لشعبهم وغد أفضل، خصيصا في الجامعات والمدارس.
 لقد كان التعليم ولازال إلى يومنا هذا من الضروريات ويعد خطا أحمرا لا يجب المساس به إن محليا أو دوليا. فعقد الستينيات كان عقد الثورات الثقافية وعقد التجاوز والإطاحة برموز الخنوع والتواطؤ من قوى سياسية ونقابية متخاذلة وكذلك عقد البناء الجديد والبديل، عقدا ارتبطت فيه الثقافة بالمناضل وامتزج الفكر بالممارسة من شرق الكرة الأرضية إلى غربها.

ففي أدغال أمريكا اللاتينية كان القلم يدون وينظر بشكل يومي للبندقية، وكتاب يوميات تشي جيفارا يعكس بشكل دقيق هذه العلاقة الجدلية وكذلك الثورة الثقافية الصينية بقيادة ماو تسي تونغ التي أزعجت العالم مرورا بالتجربة الفلسطينية الرائدة لمجلة الهدف للمناضل والأديب الشهير غسان كنفاني... بالموازاة مع الحديد والنار اللذين كانا من نصيب الشباب المتعلم والثائر سيعرف الحقل التعليمي استهدافا بشكل ممنهج وتحت ذريعة ما اصطلح عليه ''بالإصلاح التعليمي''. وسيتخذ هذا المخطط عدة أشكال، فبالإضافة إلى سن القوانين للحيلولة دون أن يلج أبناء الجماهير الشعبية الكادحة المدارس العليا والجامعات كان تفقير فظيع على مستوى نوعية الكتب وخصيصا المترجمة منها.
فترجمة الكتب الأجنبية كان ضئيلا، أما الكتب/المراجع الثورية فكانت منعدمة وكان التفكير جد متقن في إفراغ الطالب ذي التوجه العلمي من محتواه في الإدراك الاجتماعي. فتم حذف مادة الابستملوجيا من كلية العلوم لقطع الصلة بين مواد الرياضيات والفيزياء والكيمياء... وحركة المجتمع بحكم المد الثوري داخل الجامعات المغربية.
إن دراسة المواد العلمية أو ما يصطلح عليه بالعلوم الحقة في غياب تحصينها بمواد علوم المعرفة وعلوم الاجتماع، هذه المواد التي تربط بين الحركة التاريخية للمجتمع والتطور العلمي في أفق إعطاء دراسة متميزة ونوعية ستجعل من الطالب العلمي عبارة عن حاسوب يصعب في الحقيقة تصنيفه في خانة العلوم كما هو الشأن في تحديد مادة المعلوميات اليوم. سيلجأ النظام كذلك إلى إعطاء المزيد من الاهتمام والمكانة للمواد الدينية من قبيل إنشاء شعبة الدراسات الإسلامية داخل الجامعة بالإضافة إلى إغراق المكتبات والأسواق و"المعارض" بالكتب الدينية (الصفراء)، وكذلك إحداث كلية الشريعة وإلحاقها بالجامعة المغربية. ورغم كل هذه المحاولات أو المخططات لم يفلح النظام في إسكات الشرارة الطلابية الثائرة، بما في ذلك تسخيره القوى الظلامية مدججة بالسيوف لاستئصال الوعي الثوري في بعض المواقع الجامعية (اغتيال الشهيدين محمد أيت الجيد بفاس والمعطي بوملي بوجدة). 
إن مسلسل استهداف الحقل التعليمي وإفراغه من محتواه المادي والفكري لم يتوقف يوما. فهاهي ''الحركات الإسلامية'' و من موقعها الحكومي اليوم تستمر في هجومها العلني على التعليم بعد أن فشلت عبر اغتيالاتها الفاشية المتتالية، وذلك بإعلان رئيس الحكومة و تشبثه بتنفيذ المرسومين المشؤومين لاجتثاث ما تبقى للطالب المغربي الكادح من أمل في البقاء وفي الحياة الكريمة. إن الهدف الحقيقي من وراء الترسانة ''الإصلاحية'' هو ضرب حق أبناء الجماهير الشعبية الكادحة في التعليم عبر تفويت التعليم العمومي للقطاع الخاص.

 إنها حرب طبقية بامتياز وعلى جميع الأصعدة والمستويات.. 
فمن 23 مارس 1965، الانتفاضة الشعبية الخالدة، إلى 20 مارس 2016، المسيرة التاريخية ضد المرسومين.. 
إنه الهجوم الطبقي الدائم للنظام.. مقابل الصمود الشعبي المستمر والمتصاعد..

24 مارس 2016



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق