30‏/03‏/2016

خليل خليل// على تلك الأرض ما يستحق الحياة!...يوم الأرض هو يوم للذكرى، للتاريخ يعكس الانغراس العميق للانسان الفلسطيني بأرضه...

ارتباط الإنسان بالأرض هو ارتباطه بالحياة وبالهوية، ومن يفقد الأرض يفقد الأمل والمعنى في الوجود.
فمن "لا أرض له، لا بحر له" على حد تعبير درويش. هي تلك المعادلة التي انخرط فيها الشعب الفلسطيني من أجل فكها والاجابة عنها بطريقة علمية وعملية واضحة المقدمات وبديهية المسلمات، ألا وهي طريق/ة المقاومة ونهج الثورة. واعيا بأن أرضه "فلسطين ليست بعيدة (عنه)...إنها مسافة ثورة".
فمنذ النكبة مرورا بالنكسة وحتى عهد قريب، إختار الشعب الفلسطيني حمل السلاح من أجل إسترجاع الأرض وبناء الإنسان وتأسيس الوطن. حتى أن الأرض لعبت دورا محوريا في مخيال الفلسطيني وذلك من خلال جعل الكثير من التعابير تفيض بالمعاني التي ترمز دائما الى الأرض كأساس مادي للوجود والوطن كفهم سياسي وترجمة لهذا الوجود. بدءا من لون العلم الذي كان الأخضر بارزا فيه كلون للأرض إضافة إلى شجر البرتقال والزيتون...التي تنتجه الارض بسخاء، وطبعا دون نسيان تلك الأشعار والأهازيج التي تتغنى بالأرض والتي تتعالى بها في تماهي واندماج شعري مع صورة الأم باعتبارها مانحة الحياة ومنبع الحب والحنان الحاضن...الأرض/الأم. وكم نحن مع الفلسطيني إلى خبز الأم/الأرض، إلى الأصل.
لأجل ذلك قدم الشعب الفلسطيني تضحيات جسام، وفي كل نكبة ونكسة كان ينبعث من جديد أكثر عزيمة كطائر الفينيق. لا لشيئ إلا لأنه كان يعرف أنه يسلك الطريق القويم الذي يكشف به كل التكالبات التي تقف سدا أمام أرضه وخبزه. فكان لا يتوانى في تسديد الضربات الموجعة لكل خصومه وبل وكل خصوم الشعوب التواقة للتحرر بدءا بالعدو المباشر المتمثل في الكيان الصهيوني وراعيته الرسمية الإمبريالية وحاضنه الخائن وغير الشرعي الرجعية العربية. إنها المقاومة الشعبية، طريق الثورة. لا المساومة، طريق الاستسلام.
ولأن شرعية المقاومة هي التي سادت وصوت البندقية هي لغتها ومعبرها في الحوار بما يحمله ذلك من صبر وتضحيات، فقد قفز ذلك بالشعب الفلسطيني لأن يصبح رائدا من رواد التحرر ورمزا من رموز الثورة عبر العالم، يؤثر في كل الحركات الثورية ويمنحها الدروس. بل أصبح ذَا حق مشروع تتعاطف معه كل الشعوب في كل البقاع...هذا التعاطف سيلقى مداه عند انطلاق أول حجرة (والحجرة هنا هي بنت الأرض وإمتدادها الذي يتصدى للغازي المغتصب) من يد طفل فلسطيني، مبدعا بذلك طريقة جديدة في الثورة والمقاومة. الإنتفاظة.
هذا المد الثوري الشعبي سيُلجَم وذلك بسبب نقطتين مهمتين ستخنقان كل إمكانية النهوض وتفصلان المقاومة عن حاملها المادي، الجماهيرالشعبية. 
أولاً، الخيانات المتتالية للقيادات "التاريخية"، والتي دشنتها مساومة أوسلو، بحيث ستسلك هذه القيادات طريقا جديدا أو بالأحرى منحرفا جديدا، منحرف المساومة عِوَض طريق المقاومة. مساومة الأرض مقابل السلام. ستباع القضية في سوق النخاسة الإمبريالية والأرض ستمنح بثمن زهيد للصهيونية تحت تطبيل ومباركة كل الرجعيات العربية، لتنتفخ على إثر ذلك، بالإضافة إلى بطون هذه القيادة الإنتهازية، أرصدتها في البنوك الدولية. على حساب مستقبل شعب بأكمله. وستدخل في مسلسل من التنازلات بين أروقة المؤسسات الإمبريالية ودهاليز صالات الفنادق الخمس نجوم، منقلبة على خمسين سنة من الكفاح. ضدا على إرادة الفلسطيني المتشبث بأرضه والذي يجد أن "القمح مُرّ في بلاد الآخيرين"... 
ثانيًا، إنزياح المقاومة من مستواها الشعبي حيث كل الشعب يقاوم ويثور ضد الصهيونية ككيان عنصري مغتصب إلى مستوى فوقي سطحي. كان بمثابة إنزلاق من مقاومة ذات أفق استراتيجي متمثل في تحرير الجماهير الشعبية وتحررها واسترجاع أرضها، إلى "مقاومة" ذات بعد عقيدي جهادي. فبعدما كانت الجماهير تنخرط في المقاومة باعتبارها مقاومة شعب وتقدم لأجل ذلك التضحيات الجسام، بغض النظر عن انتمائها العرقي أو الديني. أصبحت مع ظهور الحركات الإسلامية تجد نفسها في وضع يختزل المقاومة فقط في طابعها الديني يهود ضد اسلام. فارغا بذلك المقاومة من محتواها الحقيقي كحركة كفاحية شعبية تحررية ضد الصهيونية. إلى جهاد ديني! فتغيرت ملامح المعادلة وتعبيراتها من: مقاومة شعب من أجل تحريره وأرضه من طرف الصهيونية، إلى جهاد أمة من أجل نصرة الدين ودحر اليهود. 
بالاضافة إلى هاتين النقطتين نضيف عامل آخر أساسي في المعادلة والمتمثل في دخول هذين الطرفين ( المساوم والجهادي) في صراع سياسي مصلحي جانبي وضيق، زاد من تفتيت وتشرذم شوكة المقاومة. 
هذه المقاومة أصبحت إما مسالمة ومهادنة وإما جهاد ديني لدحر اليهود! 
فأنتجت حكومتين لشعب بلا وطن...
"ما أضيق الرحلة، ما أكبر الفكرة، ما أصغر الدولة..."
والأرض من كل ذلك!؟
جافة وذات شقوق تنتظر ثورة...ودم يخضبها!
"ما أوسع الثورة"
  
29 مارس 2016



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق