01‏/05‏/2016

البديل الجذري// فاتح ماي يوم تتعرى فيه الحقيقة

في الوقت الذي سيخرج العمال وبجنبهم كل الكادحين الى الشوارع وإلى الساحات العامة في أغلب بلدان المعمور للاحتفال بفاتح ماي، اليوم العالمي للعمال، كتعبير
عن عدم القبول بهذا العالم المقلوب الذي ينعم فيه مصاصو الدماء والعناصر الأكثر ذناءة وانحطاطا بالسيادة والشرف والثراء ومنتجو الثروة محرومون ومعدومو الحقوق. وفي الوقت الذي تعلو أصواتهم في كل بقعة من العالم تحت شعار "يا عمال العالم اتحدوا"، كتجسيد لوحدتهم كطبقة أممية ضد التفقير والتشريد والعطالة والظلم وضد تمرير المخططات الطبقية لتصريف أزمات الرأسمالية على كاهل الشعوب ويجهروا بالرفض للاستغلال والنهب الرأسمالي والامبريالي وللديموقراطية البرجوازية/ديكتاتوريتها الطبقية حامية الإجرام بكل أشكاله ومصدر كل مآسي الشعوب المضطهدة وكل المعاناة والظلم والاحتقار والحروب والدمار ونشر الأمراض الفتاكة خدمة لجشع شركاتها العملاقة، ويعلنوا استعدادهم لتأدية المهمة التي وضعها التاريخ على عاتقهم، مهمة القضاء الثوري على كل أنواع المجتمعات الطبقية القائمة على استغلال الإنسان للإنسان وإنشاء المجتمع الإنساني الحقيقي، المجتمع الاشتراكي، والمجتمع الشيوعي، المجتمع الذي تنتفي فيه الفروقات الطبقية وينتفي فيه الاستغلال وتنتفي فيه الحروب والمجاعات وينتفي فيه القمع ويصبح فيه الإنسان سيّد نفسه.
لقد كانت انتفاضة شيكاغو فاتحة عهد جديد في تاريخ النضال الطبقي لعموم الشغيلة، إذ فتحت آفاقا رحبة بعد الانتكاسات التي أعقبت مجازر باريس وأسست لأشكال متقدمة من التضامن العمالي العالمي من جديد. إن التطور الرأسمالي الذي عرفته أوربا وأمريكا الشمالية بالخصوص عجل بشكل مواز بتسريع نمو الطبقة العاملة كما وكيفا. وبذلك ظهور التنظيمات العمالية لتقود نضالات الشعوب ضد الاضطهاد والاستغلال. إن واقع الاستغلال حينذاك في أمريكا، إذ كان العمال يعملون 16 ساعة وأكثر كيوم عمل دفعهم الى تأسيس أولى المنظمات العمالية اسوة بأوروبا الرأسمالية، ليكون المطلب الأساسي بعد ذلك تخفيض يوم العمل الى 8 ساعات مع وضع القوانين المرفقة لذلك مع أرباب العمل. لكن مطالبا من هذا النوع لم تقبل بها حفنة الرأسماليين وسخرت لذلك كل الأجهزة القمعية لتنفيذ مجزرتها وحتى المجازر اللاحقة لثني العمال عن خوض الإضراب العام الذي دعت اليه المنظمات العمالية. ورغم التهديدات والاعتقالات نفذ الإضراب العام ليوم فاتح ماي 1886. وقد أعقبته مجازر واعتقالات يومي 3 و4 أيار ومحاكمات وصلت حد الإعدام. إن همجية وبشاعة تعاطي الرأسمالية مع إضراب عمال شيكاغو كان محط إدانة أممية. وصار بذلك فاتح ماي من كل سنة يوما للطبقة العاملة لاستلهام روح وبطولة عمال شيكاغو في مواجهة صريحة مع المستغلين وخطوة أخرى الى الأمام لدفع العمال الى الانخراط في معمعان النضال الطبقي، لذا كان من الضروري ربط نضال العمال بالنضال السياسي. لقد ولد فاتح ماي من رحم المجازر الدموية التي ارتكبت في حق العمال وإيذانا بصراع مرير بين عموم المستغلين والمستغلين، بين البروليتاريا وحفنة الرأسماليين الطفيليين.. لكن كيف أصبح ينظر إليه الآن في بلدنا؟
في هذا اليوم، سيكون محكوما على الطبقة العاملة المغربية أن تكون مغيبة قسرا وظلما من طرف من أتت منهم كل الويلات للشعب المغربي، تغيبها القيادات النقابية المافيوزية ويغيبها البيروقراطيون والانتهازيون والسماسرة والعملاء والبياعة (عشاق البيروقراطية والمدافعون عنها، بل والمستميتون في الدفاع عنها) والشخصيات الكرتونية المصطنعة وأكثر العناصر النقابية وضاعة وذناءة، ويغيبها النظام وأذياله وأحزاب الذل والخنوع والانبطاح.. في هذا اليوم، سيصعد الى المنصات، ويقف أمام الكاميرات، عوضا عنها، أي عن الطبقة العاملة، تجار الكلام المنمق والكاذب ومحترفو الديماغوجية السياسية والمنتشون بعرق المفقرين من كل شاكلة ومصاصو دماء الكادحين والكادحات، ليطلقوا العنان لتوزيع الأوهام والحديث عن "المنجزات" وعن "البطولات" فوق الأرائك وعلى طاولات "المفاوضات"/الغنائم وعن "نضالات" الصالونات (الحوارات "الاجتماعية" المغشوشة لذر الرماد في العيون) وأشكال الفعل المبتذلة وعن "المكتسبات" المسمومة للتغطية على مخططات التفقير مثل الزيادات في الأسعار والخوصصة وشركات المناولة وما سمي زورا "إصلاح نظام التقاعد" ويرسلوا إشارات الاطمئنان لصناديق التمويل العالمي وبالأساس صندوق النقد الدولي والبنك العالمي، تلبية للواجب والدور المُطالبين به من طرف أسيادهم، ممن أموالهم بالمليارات والملايين داخل المغرب وخارجه، والقابضين بالحديد والنار على قوت يومنا ورقابنا وموارد بلادنا، والمتاجرين بحياتنا، والذين لا يروا فينا إلا قوة عمل يجب أن تكون بخسة وجائعة ومقموعة ومبتورة اللسان واليد..
وعكس صراخ الشوارع سيصعدون الى المنصات بتأمين وحماية مكشوفة من ديموقراطية/ديكتاتورية النظام اللاوطني اللاديموقراطي اللاشعبي، تجار العمل النقابي ليعيدوا نفس الكذب بالصراخ وبأصوات عالية، ويُطمئنوا/يُخدعوا العمال بأنهم سيكونون تحت "تصرفهم وفي خدمتهم وليس استخدامهم"، تحت شعار بارز "الهدنة" و"السلم الاجتماعي" و"الوطنية" و"الاستثناء" المزعوم من "أجل الرقي ببلادنا إلى مصاف البلدان العظمى" بطبيعة الحال تحت "القيادة الحكيمة" لمهربي الثروات والمتهربين من دفع الضرائب والمضاربين ومن فرضوا هشاشة التشغيل ومن أمنوا للامبريالية مصالحها ومرتع النهب لثروات وخيرات البلاد. إنه كذب تكوًّنوا على أدائه بكل احترافية بمناسبة كل فاتح ماي، وكل المناسبات، بل وكل يوم. وألفوا أن يطلقوا على التفقير والبؤس والبطالة، وكل أساليب الشقاء والنهب الازدهار والتقدم وفي بعض الخرجات ينعتوها ب"الثورة"، ويشيدوا بهذا العالم المقلوب الواقف على العبودية المأجورة وعلى الفساد والانحطاط والظلم والتمييز العرقي والجنسي والدعارة والمخدرات والعوز والجوع والأمراض والحروب التي تحصد الملايين من المحرومين والأبرياء، وعلى الخضوع المطلق لسلطة النظام القائم عميل الامبريالية والصهيونية والرجعية.
في هذا اليوم، يتبين على المكشوف الفراغ السياسي القاتل الذي ينخر الطبقة العاملة والشعب المغربي بشكل عام، وكيف أن القطاعات المنظمة داخل النقابات جلها تحت حراسة البيروقراطية والانتهازية لمصلحة النظام ويظهر على المكشوف أن المركزيات النقابية فاقدة لأي مصداقية في نظر عموم الشغيلة التي اختارت العزوف النقابي وفاقدة لأي استقلالية في القرار بحيث أن كل ما يمارس في هذا اليوم باسم القيادات البيروقراطية هو وحي يوحى، وكذلك فاقدة لأي ديمقراطية في التسيير كما يشهد بذلك مشاركيها في اللعبة، وبعيدة كل البعد عن لعب أي دور فعّال في حماية مصالح منخرطيها وتبني نضالاتهم في مجابهة التفقير والعطالة والتسريح وغلاء الأسعار وتدهور أوضاعهم على كل المستويات الاقتصادية الاجتماعية كنتيجة للتنفيذ الإجرامي للنظام اللاوطني اللاديموقراطي اللاشعبي لمخططات القوى الاستعمارية والصهيونية.
كذلك، يتبين في هذا اليوم شتات المخلصين والجادين، ويتبين ما نجنيه من النقاشات المدرسية حول الشعارات الثورية ونشر الأكاذيب والافتراء وتوزيع الأحكام الزائفة والوشايات في صفوف المناضلين الشباب وتجنيبهم العمل الجاد والمسؤول والمنظم والنضال الفعلي لتنظيم وتوحيد الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء وسائر الكادحين بهدف تحقيق تحررهم من نير الاستغلال والاضطهاد عبر مدخل توحيد الماركسيين اللينينيين الفعليين والجادين والعازمين على المساهمة في قيادة معارك الطبقة العاملة بكل الإمكانيات المتوفرة في شروط الوضع الراهن لتحقيق أهدافها، والذي هو في العمق إبعادهم عن الفهم العميق والمفهوم الحقيقي للماركسية اللينينية عبر نقاشات عقيمة وكاذبة ولا أساس لها غير ما تختلقه الأوكار التي تنتعش فيها العناصر المريضة والمقيتة لتهييء الأجواء لأعداء شعبنا لاستقطاب المترددين والتشويش على جبهات الصراع وتسهيل عملية اختراقها وتدميرها ومحاصرة المناضلين الحقيقيين وطمس مساهماتهم وتضحياتهم والعمل بحقد وشراسة على قتل تجاربهم الرائدة.
إن الطبقة العاملة المغربية تواجه أعداء فعليين وليس أعداء وهميين. إنها تجابه قوى هائلة تملك كل وسائل الاستغلال والإرهاب والتفرقة والإعلام الزائف. ترسانة مالية وإعلامية وعسكرية جبارة ومرعبة وتستخدم كل ما تنتجه التكنولوجيا من أدوات الردع والفتك وتدمير الحياة على كوكبنا، بالإضافة الى جيوش من المرتزقة ومحترفي التشويش والتحريف. ولكي تحقق الطبقة العاملة مصلحتها وأهدافها لا يبقى لها من خيار غير مقاومة هذا العدو الشرس المحترف في سفك الدماء والتصدي لكافة صنائعه ومن بينها بالمناسبة القيادات النقابية البيروقراطية (من مهام المرحلة في المجال النقابي إسقاط البيروقراطية بدل تقويتها عبر التحالف معها أو الاشتغال تحت إمرتها). وهذه الحقيقة يجب استحضارها بكل وعي ومسؤولية من أجل فتح عمليا الأفق الثوري للمعركة الطبقية في الظرف الراهن بدل محورة الصراع نحو "نقاشات" لا جدوى منها. وهي مهمة تتوقف على بناء قوة الطبقة العاملة وحلفائها من أجل المجابهة لقلب موازين القوة، بناء يحتاج في الوضع الراهن إلى سلاحين أساسيين لا يمكن الفصل بينهما. سلاح التنظيم السياسي الحديدي القادر على قيادة معركة توحيد الطبقة العاملة وبناء تحالفها وسط نيران الصراع الجاري على جميع الجبهات، أي تحت نيران العدو، لمجابهة كل القوى التي تقف أمام التحرر والانعتاق لتكريس الظلم وتأبيد الاستغلال وهذا السلاح لا يمكن فصله عن السلاح الثاني، سلاح النظرية العلمية، النظرية الماركسية اللينينية لقيادة وتوجيه المعركة في المسار الصحيح في جميع الظروف والأوضاع، بعد تحليلها تحليلا علميا أي ماركسيا لينينيا (التحليل الملموس للواقع الملموس)، واتخاذ الوسائل الكفيلة لقيادة الجماهير الكادحة في معركة التحرر من الاضطهاد والاستغلال بشتى أشكاله.
إن هذه المهمة كانت أساس تحرك الماركسيين اللينينيين منذ سنوات، والتاريخ يؤكدها ويعيد إثبات صحتها وضرورتها في كل المنعطفات، وفي كل مجريات الصراع الطبقي الضاري. وهي المهمة التي ينتدب تيار البديل الجذري المغربي نفسه لإنجازها الى جانب كل المناضلين المبدئيين والمخلصين لقضايا شعبنا ولمشروع الثورة الوطنية الديموقراطية الشعبية كبوابة أولى للمجتمع الاشتراكي والشيوعي. ووحده التحرك الجاد والعملي في اتجاه انجاز هذه المهمة التاريخية، في شخص الأداة الحديدية العمالية تحت راية الماركسية اللينينية، يفتح الطريق أمام تقارب وجهات النظر بين المناضلين الجادين والمجموعات العملية والمبدئية وكذلك مع باقي التوجهات التي قد يفرزها الصراع الطبقي ويعطي للاختلافات والتفاوتات معانيها العميقة (إن الاختلاف لن يكون له معنى خارج حقل المعركة الحقيقية، بمعنى أن الاختلاف بعيدا عن حركة ونضال الطبقة العاملة كطبقة معنية بموضوع الصراع يعد مجرد ثرثرة في وادي)، والسبيل لذلك هو التقدم العملي في التصدي للمسائل التي تطرحها الثورة المغربية من زاوية المصالح المستقلة للطبقة العاملة. وذلك من خلال الدعاية والتحريض في كل حقول الصراع وعلى كل الواجهات، وخاصة الواجهة العمالية التي تستحق منا كل الجهد والتضحية مقارنة مع واجهات أخرى سهلة التلغيم والتسييج، ومن خلال الأعمال التنظيمية بين العمال حول المسائل المحددة التي يفرزها الصراع وتجابه الحركة الواسعة، الواعية والعفوية، كلما توفرت الإمكانيات والشروط لذلك، وكذا عن طريق الدعاية للماركسية اللينينية على صعيد المجتمع، بفضح لا هوادة فيه للرأسمالية ولإديولوجية البرجوازية بشكل عام، وكذا بتعرية الامبريالية والصهيونية والرجعية والقوى الانتهازية والبيروقراطية والظلامية والشوفينية وتشريح حقيقة هذا التحالف أمام الجماهير، وعن طريق ممارسة أي عمل محدد يخدم تصعيد حركة الطبقة العاملة والسير بها الى الأمام. وهي المهمة العملية التي تفصل الماركسيين اللينينيين الحقيقيين عن الانتهازيين من صغار البرجوازية والمساومين والغوغائيين، لأن القبول اللفظي ببناء سلاح الطبقة العاملة وحلفائها، في شخص الأداة السياسية الثورية الماركسية اللينينية، وسط المعنيين بها، والقفز عليها عمليا بالارتكان الى الشعارات العامة والى لعبة خلط الأوراق وترديد النصوص المحنطة والموضوعة على الرفوف لا يعني سوى ترك الحركة العمالية أسيرة القيادات المافيوزية والقوى الانتهازية الإصلاحية والظلامية وتجار الاستسلام و"النضال" الانتهازي لإيديولوجية البرجوازية الصغيرة الانتقائية وقبول هيمنة البرجوازية وهزيمة المشروع الثوري لشعبنا. وهذا يعد في العمق خيانة تاريخية للموقف والمبدأ وتحريفية العصر المتسترة خلف صخب الشعارات والمقولات والنصوص الحمراء. وان أية تبسيطية وعدم رؤية هذه المسائل بالجدية التي تستحقها لن تخدم في الواقع سوى النظام القائم بالمغرب وأذياله والقوى الانتهازية والمنبطحة والبيروقراطية.
المجد للطبقة العاملة المغربية ولكل عمال العالم في عيدهم الأممي..

تيار البديل الجذري المغربي
C.A.RA.M.





 1 ماي 2016



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق