19‏/05‏/2016

عادل حمادي// دروس من التاريخ في ذكرى استشهاد المناضلين عبد الرحمان الحسناوي والطاهر الساسيوي

مرت 9 سنوات على اغتيال الشهيدين عبد الرحمان الحسناوي والطاهر الساسيوي على أيدي القوى الشوفينية بجامعتي الراشدية ومكناس سنة 2007، بعد أن قامت
مليشيات مسلحة بالهجوم على الموقعين الجامعيين المذكورين بالتوازي مع تجييش النظام كل إمكانياته للتسريع في تنزيل بنود المخطط الطبقي في التعليم -" الميثاق الوطني للتربية والتكوين"-.
 لقد شكلت القوى الشوفينية إحدى أوجه وآليات تنفيذ المخطط الطبقي وأجرأة بنوده التخريبية كما هو شأن القوى الظلامية التي تفننت طيلة تاريخها الإجرامي في تنفيذ هجوماتها على الحركة الطلابية ومنظمتها التاريخية الاتحاد الوطني لطلبة المغرب في أوج المعارك المناهضة "للإصلاح" التخريبي داخل الجامعة المغربية.
 وقد وصلت حدة الهجومات إلى مستوى اغتيال المناضلين الشهيدين المعطي بوملي بوجدة سنة 1991 وآيت الجيد بنعيسى بفاس سنة 1993. ثم اغتيال الشهيد عبد الرحمان الحسناوي في فجر 12 ماي 2007 بالحي الجامعي بالراشيدية من طرف القوى الشوفينية التي مزقت جسده أشلاء أمام مرآى ومسمع أجهزة النظام السرية والعلنية الداعمة لإنزالها المكثف والمدجج بجميع أنواع الأسلحة، لتمتد أيادي الغدر يوم 22 ماي من نفس السنة الى الرفيق محمد الطاهر ساسيوي بعدما تربصت به وهو عائد من كلية الحقوق بمكناس لينضاف الشهيدان الى قافلة شهداء الحركة الطلابية والشعب المغربي ويكونا بذلك وصمة عار على جبين النظام وأذياله.
 فقد شكلت هاتان القوتان الإرهابيتان، ولازالتا، الأداة المباشرة لهجومات النظام على الحركة الطلابية وتكسير شوكتها وقوتها. ونظرا لعدم قدرتهما على إقناع الجماهير بمشروعهما الرجعي، المنسجم مع مشروع النظام القائم، بحيث لا يتنافى  والاستهداف لحق الطالب في التعليم وفي ممارسة العمل النقابي. فقد شكل العنف الرجعي والاغتيالات إحدى مرتكزاتهما في التصدي لنضالات ومعارك الطلبة. فرهانات النظام القائم في حقل التعليم اصطدمت بقوة النضالات البطولية والطويلة النفس للحركة الطلابية، وهو ما استوجب اعتماد أسلوب الإرهاب والتقتيل لفسح المجال لخوصصة ما تبقى من التعليم العمومي، خصوصا إذا استحضرنا المأزق الذي وضع فيه النظام بعد أن فجرت الحركة الطلابية معركة مجابهة تنزيل بنود الميثاق واستطاعت في عدة مواقع جامعية تجميد مجموعة من البنود الجوهرية التي تعتبر ركيزة "الإصلاح الجامعي" خصوصا في الجانب البيداغوجي والجانب المادي منها؛ نموذج نظام صرف المنح حيث ينص "الميثاق" على اعتماد نظام الشطرين (لكن المنح لازالت تصرف لحدود الآن وفق ثلاثة أشطر)، نظام الوحدات وكذالك رسوم التسجيل التي لم يستطع النظام فرضها في مجموعة من المواقع الجامعية بفضل نضالات وتضحيات الحركة الطلابية. وتشكل معركة التصدي لمخطط" الميثاق" النموذج البارز، بعدما انطلقت شرارتها بجامعة ظهر المهراز بفاس سنة 2003 وانتقلت بعدها إلى معظم الجامعات واستطاعت تجميد البنود السالفة الذكر. وهو الأمر الذي وضع النظام أمام خيارين، الاستمرار في مراقبة الوضع وبالتالي فشل رهان تنزيل المخطط المستوحى من إملاءات صندوق النقد الدولي وما يستتبع ذلك من نتائج على القروض التي من المفترض أن يتلقاها النظام مقابل تنفيذ توصيات صندوق النقد الدولي خصوصا تلك المنصوص عليها في تقريره سنة 1995 حول الوضع الاقتصادي بالمغرب، والخيار الثاني هو إيجاد مدخل لضرب القوة التي باتت تمتلكها الحركة الطلابية بقيادة النهج الديمقراطي القاعدي، فكان لزاما عليه من أجل تنفيذ هذا المخطط الإجرامي، تحريك القوى الرجعية، الظلامية والشوفينية على الخصوص، تحت غطاء إيديولوجي للقوى الإصلاحية والتحريفية (دعوات الحوار مع هاته القوى واعتبارها مكون داخل الحركة الطلابية) في الجامعات، بعدما اتضح أن التدخل المباشر عن طريق القمع وعسكرة الجامعات والاغتيالات والمحاكمات الصورية لا تأتي أكلها بل تقوي الحركة وتجعلها أكثر صلابة ونضالية. وانطلقت أولى فصول هذا المخطط سنة 2003 حين قامت القوى الشوفينية بمهاجمة الطلبة والمناضلين بالراشدية، إلا أن هذا الهجوم لم يكتب له النجاح وباء بالفشل، نفس الشيء أقدمت عليه القوى الظلامية بعدة جامعات خصوصا بفاس حينما قاطع طلبة جامعة ظهر المهراز الدراسة لعدة أشهر موسم 2004/2003 ومقاطعتهم الامتحانات بكليتي الحقوق والعلوم ظهر المهراز موسم 2005/2004، حيث شنت القوى الظلامية هجوما بالسيوف والحجارة على المناضلين المضربين عن الطعام بكلية العلوم، وبعدما لم يجد هجوم الظلام من جهة وعسكرة الجامعة من جهة ثانية نفعا رضخت الإدارة واستجابت لمجموعة من مطالب المضربين. وللإشارة، وللتاريخ، فقد شكلت معركة التصدي لـ"الميثاق" سنة 2003 بفاس بوتقة ومتنفسا لباقي المواقع الجامعية لخوض المعركة ضد المخطط الطبقي، في وقت أصيب فيه "الكل" بالحيرة والتردد والارتباك مع بداية تنزيل البنود التخريبية لما سمي إصلاح جامعي. فمعظم المواقع الجامعية قد تخلفت كثيرا عن المعركة وخوض غمارها نظرا لمستوى تفكك العلاقات النضالية بين المواقع وعدم تبلور رؤية واضحة عن الكيفية التي سيتم بها خوض غمار المواجهة والمجابهة في ظل أزمة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب منذ الحظر العملي وما خلفته من غياب آليات التنسيق بين المواقع الجامعية لخوض معركة موحدة ضد الميثاق من جهة وتجليات الحظر العملي على أوطم من جهة أخرى. وبالمناسبة، يمكن الرجوع لأرشيف تلك المرحلة حتى يتسنى لمن لم يعاصروها معرفة حقيقة جبهات الصراع ومن أين انبثقت الرؤية والبوصلة لخوض الصراع على جميع الجبهات وفق رؤية استراتيجية وتصور سياسي واضح. وكيف لزم البعض الصمت حينها وانتظر لتفتح المواقع المتقدمة الطريق وتزيح الضباب والتيه. وقد لا تسمح مناسبة المقال هنا للحديث باستفاضة عن ذلك لأن لكل مقام مقال.
 ومنذ ذلك الحين ظلت القوى الشوفينية تعد العدة وتشكل الميلشيات والخطط للحظة المناسبة بتوجيه محكم من المخابرات. لتنطلق من جديد هجمة أخرى لهاته القوى، لكن هذه المرة أكثر حدة ولم تشمل موقع واحد وفقط، بل استهدفت مجموعة من المواقع حيث كان بداية إنزالها العنيف والإجرامي من الكلية المتعددة التخصصات بتازة ثم جامعة أكادير وبعدها موقع الراشيدية، حيث حصد الهجوم روح الشهيد عبد الرحمان الحسناوي وبعد أسبوع من ذلك انتقل الهجوم إلى جامعة مكناس حيث قامت ميليشيا القوى الشوفينية باغتيال الشهيد محمد الطاهر الساسيوي. 
وبعيدا عن أسلوب المزايدة نستحضر دروس التاريخ باعتبارها مختبر تجارب الشعوب لدعم أو تفنيد هذا الرأي أو ذاك. ونقف في اللحظة على الوضعية التي آلت إليها الانفجارات العنيفة والقوية بالمنطقتين العربية والمغاربية منذ 2011 بشكل خاص، بحيث يتبين بالملموس وعلى المكشوف الأهمية الاستراتيجية التي تحظى بها القوى الرجعية، التي تبني وجودها على الوازع الديني والعرقي والإثني...، من طرف الإمبريالية والصهيونية في مواجهة الشعوب وقواها الثورية. ويتبين كذلك لماذا حظيت ربيبات هاته القوى بالمغرب بالدعم القوي من النظام إعلاميا وسياسيا وإيديولوجيا ولوجيستيكيا..، فأعداد هذه القوى انتشرت كالفطر في زمن قياسي وقسمت البلدان والأوطان إلى "دويلات" و"إمارات" و"فيدراليات" (وجب عدم الخلط بين حق الشعوب في تقرير مصيرها وفق المنظور الماركسي-اللينيني وما بين الحالة المشار إليها فيما سبق). وحظيت بدعم قوي على جميع المستويات لدرجة أن الأوساط الإعلامية الامبريالية والصهيونية والرجعية صنفتها ضمن القوى "الثورية"! وهي تستهدف بالدرجة الأولى تشتيت وإضعاف قوى الشعوب ومقدراتها على الكفاح والمقاومة وتدمير حضاراتها. ونفس الأسلوب، مع تغير الزمان والشروط، اعتمده النظام القائم بأن أولى أهمية كبيرة للقوى الرجعية التي جندها للهجوم على الجبهات المناضلة والمقاتلة المستعصية عليه لعقود من الزمن. فالجامعة المغربية ظلت لعدة عقود خارجة عن "الإجماع" المزعوم وشكلت الاستثناء وبقيت الحركة الطلابية وفية لنهج المقاومة والمجابهة ومعارضة النظام جذريا.

المجد والخلود للشهيدين الحسناوي والساسيوي ولكل شهداء شعبنا
والخزي والعار للنظام القائم وكافة أزلامه المفضوحين والمتسترين



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق