18‏/07‏/2016

يوسف وهبي// ملحمة أنوال التاريخية... هل لنا أن نعي الأدوار الملقاة على عاتقنا؟

على مدى اثنين وسبعين يوما صيف 1921، خط الشعب المغربي بمنطقة الريف آيات من التضحيات والبطولات في مواجهة الاستعمار الاسباني بعد أن استباح هذا الأخير
أرضه وعمل على النيل من كرامته وحريته، بانتصاره في معركة أنوال التاريخية. لقد مثلت منعطفا حاسما في مواجهة المستعمر بقيادة البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي.

ونحن نعيش الذكرى الخامسة والتسعين لانتصار أنوال التاريخي، لابد وأن نقلب في صفحاتها المجيدة ونستحضر دفاترها المؤجلة، وقد آن موسم استحقاقها الفعلي. إذ لا يخفى على الشرفاء وعموم الكادحين حجم الاستغلال والاضطهاد الطبقيين الذين يعيشهما الشعب المغربي الآن، وبخاصة طبقته العاملة المكافحة. لذلك، لن نسترسل في إعادة كتابة كرونولوجيا معركة أنوال والأحداث التاريخية المصاحبة لها (بحكم توافر المراجع والكتابات عن تلك الحقبة)، بقدر حاجتنا الى استخلاص عبرها ودروسها.

إن الوضع الاقتصادي والاجتماعي الصعب الذي يرزح تحت نيره الشعب المغربي جراء المخططات الطبقية للنظام القائم والمملاة من دوائر القرار العالمي الامبريالية (صندوق النقد الدولي والبنك العالمي...)، بالإضافة الى كل أشكال الاضطهاد السياسي، كصورة من صور السيطرة الطبقية، هو ما يدفع الشعب المغربي نحو الانتفاض وإبداع صيغ المقاومة الشعبية (إضرابات، اعتصامات، انتفاضات شعبية...). لكن، يبقى غياب المعبر السياسي الثوري عن الطبقة العاملة كطبقة ثورية صاعدة وعموم الشعب الكادح، يجعل من كل هذه التضحيات غير ذي جدوى في المدى المنظور (على الأقل) رغم قوتها وعظمتها. إنه وفق سيرورة تاريخية معقدة حتما، ستبقى التجارب المتراكمة لهذا الشعب تحفز طلائعه المتقدمة على مواصلة إبداع أشكال النفاذ الى الواقع الملموس والعمل على تفكيك تعقيداته بغاية الإجابة العلمية والعملية بما يسمح بالنهوض الثوري المنظم.

إن انتصار أنوال التاريخي لم يأت اعتباطا أو من خلال الغوص في مستنقعات التلاسن والمزايدات الرخيصة، بل توافرت أسباب نجاحه وانتصاره. أولا، التفاف جماهير الريف حول قيادة موحدة تمثلت في جيوش القائد البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي، بالإضافة الى التنظيم والتخطيط المحكمين والاستفادة من نقاط القوة المتوفرة آنذاك حيث المعرفة الدقيقة بجغرافية المنطقة، والمجندين وسط العدو لمعرفة تفاصيله، كما والهيكلة بما يتوافق وعدد وعدة المقاومين البواسل.

صحيح أن الشكل التنظيمي مختلف على ما هو مدرج اليوم، حيث غياب الطبقة العاملة بداية القرن العشرين، كما أن التشكيل الاقتصادي والاجتماعي كان مبنيا حول الأرض بالأساس، وهو ما أنتج الشكل القيادي بحجم ثورة الريف المغتالة، لكنه يبقى الشكل الناجز للانتصار التاريخي لمعركة أنوال. الآن، وبعد السيطرة الامبريالية الكاملة الى جانب حليفتيها الرجعية والصهيونية وعلى مختلف المستويات (العسكرية والاقتصادية والتكنولوجية والإعلامية...) وبتعاون وثيق والبورجوازية الكبيرة (الكومبرادور والملاكين العقاريين...)، وبالمقابل اكتساب الطبقة العاملة المغربية للخبرات ومعها كل الشعب الكادح، وباعتبار الطابع الاجتماعي للعمل، يبقى الانخراط في بناء التنظيم الماركسي اللينيني الحديدي هو الشكل الأرقى والمهمة الجوهرية لتوجيه كل هذا الصبيب النضالي والاستفادة القصوى من كل هذه التضحيات الجبارة للشعب المغربي.

إن هذه المهمة التاريخية الملحة هي ما يجب أن ينتدب من أجلها المناضلون الثوريون، الماركسيون اللينينيون، وذلك بالحضور في معمعان الصراع الطبقي ومن داخل الحركة الجماهيرية، أي وسط نضالات العمال والفلاحين الفقراء وعموم الكادحين، كمحاولة مستمرة لاكتساب الخبرات وبناء الأشكال الجنينية للعمل التنظيمي وسط المعنيين بالتغيير الثوري، حيث هم أصحاب الفعل الثوري باعتبارهم المنتجين الفعليين للثروة. أما كل ما عدا ذلك من زعيق وتفاهات الهامش، هو فعلا خارج عن الحركة الجماهيرية، ولا يعدو أن يكون شكلا من أشكال العمل البورجوازي الصغير حتما سيتم كنسه الى مزبلة التاريخ.

فلتحيا الطبقة العاملة المغربية.
المجد والخلود لشهداء الشعب المغربي.

  17 يوليوز 2016



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق