28‏/10‏/2016

محمد حومد// في ذكرى الشهيد كمال الحساني... لماذا نكتب عن الشهداء؟

تحل اليوم، 27 أكتوبر، الذكرى الخامسة لاستشهاد المناضل كمال الحساني. ففي مثل هذا اليوم فارق الشهيد قسرا وطنه ورفاقه وأصدقاءه وعائلته... إلا أنه لم  
يفارق درب النضال الشائك الذي رسمته شهادته شامخا وحيا دائما. لقد اغتالته الأيادي الغادرة بعد أن كان شوكة في حلق النظام، يتصدر الحراك الشعبي لحركة 20 فبراير في إطار الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب. إنها تضحيات المناضلين، تضحيات الشهداء، تضحيات شعب لا يبخل بدمه وحياته في سبيل تحرره وانعتاقه، تضحيات من العيار الثقيل في مواجهة ترسانة القمع المتعددة المستويات. إنها أمانة حملها مناضلو الحاضر مثلما حملها مناضلو الماضي ليحملها مناضلو المستقبل، إنها قضية نقبض عليها إلى أن يرث الشعب الأرض وما عليها، قضية هي نفسها القضية الطبقية، قضية التحرر والخلاص من نير الاستغلال والاضطهاد الطبقيين. 

إن مساهمتنا تعد حلقة من حلقات السيرورة والترابط الدائم بين الماضي والحاضر والمستقبل من زاوية القراءة العلمية لتراكم الأحداث التاريخية (التحليل الملموس للواقع الملموس). إن مناضلي الصفوف الأمامية والجبهات القتالية مستهدفون بالدرجة الأولى من طرف الأعداء الطبقيين، وعلى رأسهم النظام القائم. فإصرارهم على التمسك والثبات على خط المواجهة في ظل معادلة سياسية غير متكافئة سيفضي في غالب الأحيان إلى الاعتقال أو الاغتيال السياسيين. إن الاستشهاد ثابت دائما، كما الاعتقال. إلا أن في الاعتقال والاغتيال استمرار للمعركة من نوع آخر وبكيفية متجددة، قد تحدث القفزة النوعية في مسار الصراع الطبقي. 
إن لجوء النظام اللاوطني اللاديمقراطي اللاشعبي إلى البطش من أجل إسكات الصوت المكافح وتركيع المناضلين هو شكل من أشكال ملامحه القمعية التي يعمل المناضلون على تفجيرها من أجل هزمه هو وإركاعه هو، والإعلان بالتالي على أن المعركة لازالت متواصلة. كذلك شأن شهداء الإضرابات البطولية عن الطعام، ففي معركتهم/معركتنا تحد ونكران للذات من خلالها يتعرى الوجه الدموي والقمع الوحشي للنظام أمام جسم نحيف بين الصحوة والغيبوبة قابض على الجمر والجلاد يتفنن في محاولة إذلاله. إلا أن الصمود هو عنوان الاقتناع بتحمل المسؤولية في الدفاع عن قضية الشعب. فلنحمل القضية المعروضة علينا حتى ''لا نكون ظلوما جهولا". 
ونحن نخلد هذه الذكرى، نشعر بالألم والجرح العميقين ولا أشد من ألم وجرح الخيانة. فعلى جثمان الشهيد كمال الحساني وجثامين شهداء ومعتقلي 20 فبراير، تتراقص فرحا كالدببة تنظيمات وجمعيات وأندية وأحزاب سياسية ب''إنجازاتها'' الوهمية في السابع أكتوبر من سنة 2016. إنها ''استحقاقات'' سياسية في الواجهة وصفقة من طراز الصفقات السرية لطائرات ف 16 وغيرها خلف الستار... فها هي المشاورات واللقاءات والمحاضرات والسفريات اللامتناهية بين الأطراف السياسية على قدم وساق لتشكيل الحكومة المقبلة. وللأسف الشديد، فضعفها (الأحزاب السياسية) الفظيع وانبطاحها اللامحدود يجعلها دمى سياسية تنتظر التوجيهات لرسم تحالفاتها المستقبلية. إن القوى السياسية ببلادنا بشتى تلاوينها لا تمتلك برامج دقيقة من داخل المنظومة الرأسمالية التي تشتغل فيها، ولا أستثني منها حتى الأحزاب ''اليسارية''. فمن المفروض أو الطبيعي أن تعطينا هذه الأحزاب برنامجا متكاملا حول التعليم مثلا. ما هي التغييرات التي يجب إحداثها؟ كيف سيتم ذلك؟ ما هي الميزانية المكلفة لهذا الإصلاح في إطار الخمس سنوات القادمة؟ لا شيء من هذا القبيل، اللهم بعض العناوين العريضة. وكذلك الشأن بالنسبة لقطاع الصحة ولقطاع الشغل والعلاقات الخارجية والمشاريع الاقتصادية... فكيف سيميز المواطن المغربي بين الأحزاب السياسية، إن لم تتمايز هي في برامجها وفي ممارستها...؟! فلذلك نجدها مستعدة أن تكون معارضة لبعضها البعض ومتحالفة في نفس الوقت... إنه التيه و''الترتليه'' السياسي، ليس هذا ب"عيب"، فالأحزاب السياسية اختارت لنفسها هذا الخيار/المسار، والتحقت بها بعض تنظيمات ''اليسار'' (فدرالية اليسار...)... 
إنه خيار "الإصلاح"، فماذا عن الثوريين؟ وهذا هو العيب... فلقسوة ومرارة ضعفنا، نترصد خطوات البناء الثوري لنطعنه من الخلف وبصمت... وأحيانا بالجهر العلني، ونترك الساحة السياسية فارغة للأعداء ولبعض من يهوى الترف "الفكري"، تحت ذريعة العمل السري أو النظري المغلف. نلقي بحقدنا الأعمى على من يدعو كل المناضلين الحقيقيين لرص الصفوف لمواجهة العدو الطبقي الواحد. 
إننا نكتب في ذكراك أيها الشهيد للوطن وللتاريخ ولشعبنا البطل...



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق