07‏/01‏/2017

أحمد بيان// النهج الديمقراطي: التطبيع مع القوى الظلامية..."سقط القناع عن القناع"...

بداية، ألاحظ في الآونة الأخيرة هجومات مسعورة متكررة للنهج الديمقراطي بصبيته وشيوخه على تيار البديل الجذري المغربي. وهي حرب بالوكالة ضد تيار
مناضل صار مزعجا بالنسبة لهذا الحزب الملكي. وما يزعجه وأسياده بالضبط هو فضح التيار لكافة المناورات والمؤامرات التي تحاك في السر والعلن ضد قضية شعبنا المكافح من طرف جميع الأطراف المتخاذلة، وبالتالي رفضه (أي التيار) تزكيتها أو الانخراط فيها بأي شكل من الأشكال. ومن بين هذه المناورات/المؤامرات التطبيع مع القوى الظلامية واحتضانها.
إن حزب النهج الديمقراطي يرمي الى إقامة علاقة سياسية شرعية ومكشوفة مع جماعة "العدل والإحسان"، ويعمل كل ما في وسعه على توفير شروط ذلك وإقحام الجماعة في صفوف الحركات النضالية (جبهات وتنسيقيات وشبكات التصدي لمخططات النظام الطبقية، حركة 20 فبراير...)، وكأني به متيم بها، وهو يردد اللازمة المكسيكية "الجماعة أو لا أحد". ولأن تيار البديل الجذري المغربي يفضح هذه "الانزلاقات" النظرية والعملية الخطيرة، نظرا لما للأمر من تبعات وخيمة على نضالات شعبنا وعلى مستقبله، تجند الحزب للتشويش عليه والعمل على محاصرته وعزله (حتى لا أقول أشياء أخرى، التي لا أستغرب أن تصل حد التجريم، مادام يلصق بمناضلي التيار وبقلم أحد قيادييه المدعو التيتي تهمة "حمل الزبارات" في الجامعة...). ومعلوم أنه بإشراك القوى الظلامية في أي مبادرة يعتبر قطعا للطريق على مشاركة وحضور المناضلين. والنهج الديمقراطي يهمه حضور الجماعة (الكم المسموم والخادع) أكثر مما يهمه حضور المناضلين (الكيف والمبدئية)، متحديا حتى الأصوات من داخله الرافضة لهذا الزواج غير الطبيعي، وخاصة صوت الشبيبة. وأذكر عشاق الجماعة بهذا المقطع من البيان الختامي الصادر عن المؤتمر الوطني الثالث لشبيبة النهج الديمقراطي (24 مارس 2013):
"لقد استطاعت قوى الإسلام السياسي قرصنة نتائج هذه السيرورات الثورية مدعومة في ذلك من لدن القوى الامبريالية ورجعيات البيترودولار، غير أن المسار فتح أفاقا جديدة لشروط عمل متقدم للقوى الثورية والاشتراكية خاصة بعد انفضاح وعجز القوى الاصولية عن تلبية مطامح الشعوب المتزايدة في الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية وتضايقها من القوى التقدمية و جنوحها نحو تكرار مسلسل التضييق والترهيب والاغتيال (الشهيد شكري بلعيد في تونس مثلا)"؟
ولا أستبعد ترحيب النهج الديمقراطي بالجماعة في صفوف الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بعد هيكلته وتعبيد الطريق أمامها للجلوس على "عرشه". وتعتبر بالنسبة له معركة مقر الاتحاد البوابة الواسعة لمعانقة الجماعة على حساب رمزية وتضحيات وإرث الاتحاد الوطني لطلبة المغرب..
لقد انبرى الفارس الحريف الى خوض هذه المغامرة "المقدسة" بكل ما أوتي من قوة. فتراه يذبج المقالات ويعطي التصريحات ويشارك في ندوات الجماعة، آخرها ندوة طنجة يوم 06 يناير 2017.
فأي حوار يبشرنا به "فارسنا" الجهبيد؟ فلا حوار مع من لا يؤمن لا بالحوار ولا بالديمقراطية ولا بحقوق الإنسان (الموقف المفضوح من المرأة، كمثال)...
وهل نسي لغة الحوار (الاغتيالات) التي جسدتها القوى الظلامية على أرض الواقع بالمغرب وخارج المغرب (الشهداء عمر بن جلون وأيت الجيد بنعيسى والمعطي بوملي وشكري بلعيد ومحمد البراهمي والحسين مروة وفرج فودة ومهدي عامل...)؟ إن الحوار مع القوى الظلامية بمختلف تلاوينها، سواء كان عموميا أو خاصا، ليس سوى تبييضا لسجل هذه القوى الدموي، وتنكرا للشهداء الذين سقطوا على أيديها القذرة وبرصاصها الغادر.
فمن أين للنهج الديمقراطي بكل هذه "الشجاعة" بعد أنهار الدم التي تفصل بين القوى الظلامية كقوى رجعية فاشية والقوى الثورية الحقيقية التي تنشد التحرر والانعتاق؟ 
وهل نسي محاولة قتل حركة 20 فبراير من خلال التنسيق مع النظام وأمريكا، وقرار الانسحاب المملى على الجماعة ("برد الطرح"، أي المهادنة: زلة لسان نادية ياسين النجلة المدللة لشيخ الجماعة)؟ 
إن القوى الظلامية صنيعة الرجعية والامبريالية، لا يمكن أن تكون سندا أو حليفا للقوى الثورية التي تناضل ضد الامبريالية والرجعية والصهيونية. ومصالح قاعدتها تلتقي موضوعيا مع مصالح قاعدة النظام الطبقية المتمثلة في البورجوازية الكبيرة (الكمبرادور والملاكون العقاريون...). والتجربة الإيرانية ليست ببعيدة.
وكملاحظة بسيطة، ماذا يمنع جماعة "العدل والإحسان" ذات الأتباع والمريدين (من كل فج عميق)، وذات الكم الهائل والقاعدة العريضة التي "سحرت" النهج الديمقراطي وخاصة بعض رموزه التائهة، من الخروج الى الشارع والتنديد بالتردي الاقتصادي والاجتماعي الفظيع الذي يخنق الشعب المغربي؟ هل تنتظر "أوامر وتعليمات واجتهادات" النهج الديمقراطي؟
لنتأمل هذه الفقرة من حوار الحريف مع "جريدة أنباء 24 الالكترونية" (03 يناير 2017): "إن المؤتمر الرابع للنهج قد اتخذ له كشعار: “بناء حزب الطبقة العاملة والجبهة الموحدة للتخلص من المخزن وبناء الدولة الوطنية الديمقراطية الشعبية”.
انطلاقا مما سبق، فإن النهج الديمقراطي يعتبر أن بناء الجبهة للتخلص من المخزن، وأساسا نواته الصلبة المافيا المخزنية، مهمة ملحة لكونه يشكل العقبة الكأداء أمام أي تغيير لصالح الشعب. ونعتقد أن هذه الجبهة يمكن أن تلف كل القوى الحية وكل الطبقات الشعبية، بل حتى فئات من البرجوازية الكبرى التي تعاني من استعمال المافيا المخزنية لنفوذها السياسي لمراكمة الثروة، بما في ذلك على حساب هذه الفئة من البرجوازية الكبرى".
إن ما يهم الحريف بالدرجة الأولى ليس حتى "التخلص من المخزن" أو ما يعبر عنه عادة بواسطة شعار "إسقاط المخزن" المحرف لشعار "إسقاط النظام"، بل فقط "نواته الصلبة المافيا المخزنية". والخطير أنه يفتح ذراعيه أمام "فئات من البرجوازية الكبرى".. وأخاله يعتبر تيار البديل الجذري المغربي "العقبة الكأداء" أمام طموحاته وآماله..
لقد "سقط القناع عن القناع"، ولم يعد هناك ما يمكن مناقشته أو التداول بشأنه.. لقد اختار النهج الديمقراطي طريقه وحلفاءه (وهي حقيقة ليست بالجديدة).. فقط ليترك المناضلين لحالهم، فيكفيهم ما يتعرضون له على يد النظام الدموي القائم من بطش وإجرام. وليترك الماركسية اللينينية ومنظمة "الى الأمام" بعيدا كذلك، فلا صلة تربطه بذلك "الزمن الجميل". فللقبح طريق (معارك)، وللجمال طريق (معارك)..

  7 يناير 2017



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق