22‏/03‏/2017

أحمد بيان// انتفاضة 23 مارس 1965 حية فينا ومن خلالنا

"من الضروري ألا يتوجه إلى السنة الرابعة من الثانوي سوى التلاميذ القادرين على متابعة الدراسة في إحدى الشعب المتخصصة من السلك الثاني وأن يتوجه الى
السنة الرابعة من الثانوي التلاميذ المزدادون سنة 1948 وتبلغ أعمارهم 17 سنة فقط والذين تبلغ أعمارهم 18 سنة فما فوق فلا يسمح لهم بالولوج الى السلك الثاني من الثانوي وكذا الوصول إلى البكالوريا". إنه نص إقصائي من مذكرة وزارة التربية الوطنية برئاسة يوسف بلعباس الصادرة في 9 فبراير 1965. كانت هذه المذكرة المشؤومة بكل المقاييس بمثابة الشرارة التي أشعلت فتيل انتفاضة 23 مارس 1965 المجيدة. إذ بمجرد علم تلاميذ السلك الإعدادي (السلك الأول) المعنيين بالقرار السياسي المجحف بفحواها الطبقي قاطعوا الدراسة وخرجوا في مسيرات عارمة انطلقت يوم 22 مارس بمدن الدار البيضاء وفاس ومكناس ومراكش إلى جانب آبائهم وأولياء أمورهم. وقد انضم الى المظاهرات الشعبية العارمة، خاصة بمدينة الدار البيضاء، سكان الأحياء الفقيرة/المفقرة من عمال وطلبة وباقي الجماهير الشعبية المضطهدة. وقد كان للاتحاد الوطني لطلبة المغرب (أوطم/UNEM)، وبكل فخر وللتاريخ، الدور الأبرز في تأطير وضمان استمرار الاحتجاجات والمظاهرات في غياب شبه تام للنقابات والأحزاب السياسية. وهو، أي الغياب أو الانبطاح، الذي يعتبر أحد العناصر الجوهرية التي ساهمت بقوة في ميلاد الحركة الماركسية اللينينية المغربية (تنظيميا) في مطلع السبعينات من القرن الماضي. وفي اليوم الموالي 23 مارس اتسعت رقعة المظاهرات الصاخبة وتضاعف عدد المحتجين بعد التحاق تلاميذ السلك الثانوي (السلك الثاني) وطلبة الجامعات والمعاهد وأغلقت المحلات التجارية إعلانا عن العصيان المدني ورفعت شعارات سياسية مناهضة للنظام الدموي القائم بشكل عام وللحسن الثاني بشكل خاص بعدما اكتوت الجماهير الشعبية من سياساته الطبقية في كل المجالات. على إثر ذلك نزل الجيش بهمجية الى الشوارع ومحاصرتها بعدما عجزت الأجهزة القمعية للشرطة والسيمي عن تطويق الوضع وإخماد المظاهرات. وبقيادة ميدانية مدروسة بعناية تحت إمرة الجنرال محمد أوفقير، أعطي الأمر بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين.. وبدأ الشهداء يتساقطون بالعشرات ثم المئات، لدرجة أنه تعذر إحصاء عدد الشهداء والجرحى الذين سقطوا وعدد المعتقلين والمختطفين الذين طالتهم أيادي البطش والبشاعة. ولحدود اليوم لازال عدد الشهداء مجهولا بعد أن عمد النظام إلى دفنهم في سرية تامة وتحت جنح الظلام في مقابر جماعية لازال القسم الأعظم منها مجهولا. 
اليوم وبعد 52 سنة من التضليل والارتجال، بل والإجرام في حق أبناء شعبنا الأبرياء، تطبق مسرحية "الرؤية الاستراتيجية" -جريمة طبقية أخرى وبامتياز– من أجل تسريع وتيرة الخوصصة، ووضع القطاع رهن إشارة رؤوس الأموال سواء المحلية أو الأجنبية بغية الاستفادة من مخرجاته أو الاستثمار فيه بهدف تعميق التجهيل وتأبيد الاستغلال. ففي ظرف 12 سنة -من 2005 إلى 2017– تم إغلاق حوالي 488 مؤسسة تعليمية وتفويتها للخواص. أما ما بقي (لأسباب وأخرى) فهو في طور التفويت بشكل مباشر أو بطرق ملتوية. فالنظام لم يعد يخفي نيته في الإجهاز على ما تبقى من المدرسة العمومية وتفكيكها، معتمدا كل الطرق من الدعاية الفجة للخوصصة تحت مسمى تجويد وتنويع الخدمات تارة أو الانفتاح على تمويل الشركاء -مشروع المؤسسة– تارة أخرى. أما أبناء الشعب المغربي المقصيين والمهمشين، فمصيرهم الشارع أو الحشر في أقسام تضيق بمرتاديها وتغيب فيها أبسط شروط التحصيل، وهي الأقسام نفسها التي تلفظ إلى الضياع أزيد من 400 ألف تلميذ سنويا..
إنها حقبة التصفية التامة للمدرسة العمومية بمشاركة ومباركة الأحزاب السياسية والنقابات التي أبدع النظام القائم في جعلها أدوات لتشتيت الجهود واحتواء و"تفخيخ" أي فعل يمكن أن يقف في وجه أمواج التدمير الممنهج للمدرسة العمومية، أو الأصح ما تبقى منها. وها هم اليوم تحت مختلف المسميات (أحزاب ونقابات وجمعيات...) يدبجون البيان تلو الآخر من أجل الدفاع عن المدرسة العمومية، لكن أي مدرسة تلك التي تدافع عنها الإطارات التي تشكلت/تأسست في الأبراج المعزولة وتضم في صفوفها الكثير من أزلام النظام وأدواته، منها الظلامية والشوفينية والإصلاحية (ادعاء)؟ وهي نفس الأطراف التي تواطأت بشأن تمرير صفقتي "التقاعد" و"التعاقد" والإجهاز على صندوق المقاصة (...) وأصيبت بالخرس أمام الاعتقالات بالجملة في صفوف الطلبة والمحاكمات السياسية التي لا تنتهي، تتخذ الآن من جريمة مصادرة مقر الاتحاد الوطني لطلبة المغرب (أوطم/ UNEM) مطية (عاطفية وحماسية) من أجل مسارعة الوقت لبسط نفوذها رفقة أدوات الحظر العملي على أوطم/UNEM من أجل الهيكلة المزعومة (المفترى عليها)، أي العمل على محاربة النفس الديموقراطي المتحرر والثوري لأوطم/UNEM، وبالتالي ممارسة وتكريس البيروقراطية المتفشية في باقي الإطارات المسماة جماهيرية وفي صفوف قياداتها المتواطئة، سيرا على النهج الذي قتل النقابات واقتلع "أنيابها".. فأي هيكلة، كأولوية، في غياب الأداة الثورية المنظمة والمؤطرة لعموم نضالات الجماهير الشعبية وعلى رأسها الطبقة العاملة، لن تخدم غير النظام وأزلام النظام. علما أن القيادة الثورية الفعلية للاتحاد الوطني لطلبة المغرب كانت إبان وفي ظل الحضور القوي والمتميز للحركة الماركسية اللينينية المغربية، أي في أوجها، وليس قبل ذلك أو بعده.. لقد قطعت مع أساليب التواطؤ والمناورة والانبطاح، وأسست بالتالي لتجربة رائدة لازالت في تعددها ورغم كل الأخطاء والسلبيات التي اعترتها والفيروسات التي تسربت الى ذاتها، لازالت تحمل المشعل وتواصل معركة التصدي لمخططات النظام الطبقية الجهنمية وحلفائه من قوى رجعية (ظلامية وشوفينية) وغيرها، مسترشدة بشعار "لكل معركة جماهيرية صداها في الجامعة"، ورافضة السقوط في حبال القوى السياسية المتخاذلة التي تتربص بالحركة الطلابية بغية تركيعها وإرغامها على الالتحاق "ببيت الطاعة".
كل التقدير النضالي لانتفاضات شعبنا الخالدة
كل المجد لشهداء شعبنا
كل النصر للمعتقلين السياسيين المناضلين
الخزي والعار للنظام ولأزلام النظام...

  21 مارس 2017



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق