10‏/04‏/2017

حسن أحراث// لسناء محيدلي قدم وسط عائلتنا.

بعد استقبالنا للأحكام الجائرة التي أغرقت مجموعة مراكش (44 معتقلا سياسيا) داخل السجن (ثلاثة قرون وعشر سنوات من السجن)، وبعد الشوط الأول من معركة
الشهيدين الدريدي وبلهواري الذي دام أكثر من شهرين سنة 1984، سنة انتفاضة يناير المجيدة، وفي أجواء التهييء لخوض الشوط الثاني من المعركة في ربيع سنة 1985، استشهدت عروس الجنوب اللبناني سناء محيدلي (09 أبريل 1985).
كان لاستشهادها الأثر البالغ والوقع العميق على معنوياتنا. فكيف لا نقاوم نحن من أجل شعبنا ومن أجل القضية التي اعتقلنا من أجلها وقدمنا شبابنا ومستقبلنا "قربانا" لانتصارها؟ لقد ارتفعت درجة حماسنا وازداد حبنا للتضحية واقتناعنا بها..
صارت حينه سناء رمزا، ليس فقط بتضاريس لبنان وجنوب لبنان، بل بأعماق وزنازين سجن بولمهارز بمدينة مراكش.. صارت نسيما لطيفا أنعش قلوبنا وغذى صلابتنا..
ورغم أن عمر زيارة العائلة غير المباشرة حينذاك لا يتجاوز دقائق معدودة في الأسبوع عبر "المزار" (PARLOIR)، أبلغت/أوصيت أختي الحامل في شهورها المتقدمة (مينة أحراث) بتسمية مولودتها القادمة سناء، اعترافا وتقديرا لتضحية البطلة سناء محيدلي..
خضنا معركة الشهيدين في طورها الثاني ولم أكن أدري ما سيحصل بعد ذلك.. انقطعت الصلة، وتبخرت الزيارة والأخبار، بل تبخر أثرنا لما يزيد عن ست (06) سنوات.. زج بنا في غياهيب المجهول.. الإضراب اللامحدود عن الطعام والكاشوات والزنازين المظلمة والتعذيب من سجن الى آخر (بولمهارز بمراكش، عين برجة بالدار البيضاء) ومن مستشفى الى آخر (ابن زهر بمراكش، الصوفي بالدار البيضاء، ابن رشد بالدار البيضاء)..
دفنونا "أحياء" بكاشوات ودهاليز بولمهارز وولدنا من جديد بمستشفيات الدار البيضاء.. 
بدون شك، كان لنسيم استشهاد سناء النصيب الأوفر في صمودنا وتحدينا للموت وهزمنا لسادية الجلاد ولتعطش النظام للدم ورغبته الجامحة في قتلنا.. 
وفي أول عناق "للحرية"، استبشرت بتحقيق وصيتي..قدم/أثر البطلة سناء وسط عائلتنا. وبعد ذلك، ضممت سناء الى صدري وقبلت جبينها. وصار اسم سناء رنينا خاصا يذكرني في الشهيدة محيدلي.. كما أسماء سعيدة ودلال وزبيدة ونجية وكذلك بوبكر ومصطفى وعبد اللطيف ورحال وعمر... وباقي أسماء الشهداء والشهيدات.. 
إني أتذكرك الشهيدة سناء مرات ومرات في السنة وفي الشهر وفي اليوم، وليس فقط في ذكرى استشهادك. وإنه المغزى من الوصية..
فجمال سناء الموسالي، النبتة الطيبة وسط العائلة، يذكرني بجمالك، وطيبوبتها ولطفها ووفاؤها وإخلاصها، جزء من تضحيتك الغالية من أجل الإنسانية والحياة الكريمة في كل مكان، وليس فقط في لبنان..
لقد قتلوا رفيقينا بوبكر الدريدي بالصويرة ومصطفى بلهواري باسفي.. 
لقد استشهد الرفيقان لنحيا وتحيا القضية، كما استشهدت سناء..
لم نكن ندري من منا سيستشهد قبل الآخر، لقد خلصنا للعهد ولازلنا مخلصين له..



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق