13‏/05‏/2017

حمان الأطلسي// انتصار عمال عوام: المعارك تصنع النتائج وتصنع الأبطال .

شهر من النضال والصمود تحت وفوق الأرض، بالمنجم وبالشارع، عمال وزوجات
وأمهات وآباء وأطفال... الكل رسم ملامح ميدانية وثقافية تجاوزت التوقعات بأشكالها الجريئة. بدأها العمال بالاعتصام على عمق 600 متر تحت الأرض، وبصمود وتحد قل نظيره في زمننا الرديء هذا، شحذ العمال عزيمتهم منذ البدء. نبذوا كل متخاذل قد تسول له نفسه التلاعب بمصيرهم، وصمدوا وتحدوا الصعاب من رطوبة وحرارة وقلة الأكسيجين، لكي يعيشوا و يعملوا بكرامة. هذه هي شيم الأبطال، ولا يصنع الأبطال إلا النضال والواقع المر. طيلة سنين والعمال بجبل عوام يراكمون التجارب تلو الأخرى، تجارب امتزجت بالدم والموت والخذلان والهزائم والانتصارات... 
الجميل في المعركة لهذه السنة هو فطنة العمال المعتصمين لدور المكاتب النقابية وتذبذبها وفق مصالحها الضيقة. لذا عمد العمال منذ البدء بسحب قوة القرار منهم ليصبحوا هم وحدهم لا غير من يقرر في مصير معركتهم. لن نعود الى الوراء كثيرا، لكن نكتفي بثلاث سنوات سابقة، فقبل السنة الماضية خاض العمال معركتهم، حيث اعتصموا لأكثر من شهر دون تحقيق أي مطلب. لان المعركة كانت معزولة عن الجماهير وغير ملموسة الأهداف، وكانت مرتجلة أكثر من كونها معركة مرسومة الهدف. هذا الخطأ/الدرس اتخذه العمال درسا لهم خلال معركتهم السابقة السنة الماضية، إذ اعتمد العمال واجهتين، واجهة الاعتصام بالغار وواجهة التشهير والتأثير الجماهيري لمدينة مريرت على مجرى المعركة. هذا التأثير وتفعيله كان ملقى على عاتق العائلات، تنج عنه رضوخ الإدارة للأمر الواقع. لكن في خضم المعارك، تغيب عن العمال حقيقة الحلفاء والأعداء. وهذا الدور من المفترض أن يقوم به المناضلون الماركسيون اللنينيون. لكنه للأسف غائب، فكانت النتيجة أن العدو يسكن الدار، التلاعب كان من المكاتب الإقليمية والوطنية للاتحاد العام للشغالين بالمغرب الذين "حاوروا" وسمسروا بتضحيات العمال وبماسيهم. دروس المعركتين السابقتين تعلم منها العمال جيدا، الدرس الأول هو خلق أشكال التضامن من لدن العائلات، والدرس الثاني الصمود في الغار وفوقه، والدرس الأساسي هو القرار للعمال لا غير... أما المكاتب، فدورها يقتصر فقط على إيصال "الخبز الى الفران" وكفى. 
رفع الاعتصام والعامل رأسه مرفوع، قوي العزيمة ومتشبث بحقه. فرض على إدارة بارعة في التلاعب أن ترضخ للأمر الواقع. انتصرت تضحيات العمال وصرخات النساء والأطفال، ملحمة شعب رسمت بحناجر ذهبية وسواعد من حديد.. بينما انهزمت تنظيرات المتخاذلين و"مناضلو" المكاتب والمناسبات والمتسترين خلف شعارات الواجهة..
في معمعان النضال، يصنع الأبطال وتؤسس الانتصارات.. عمال جبل عوام عنوان للتضحية ورمز للصمود... 
هنيئا للعمال بانتصار معركتهم، وهنيئا لشعبنا بهذه السواعد وبالمرأة المغربية المكافحة...
لقد فك العمال الاعتصام وصعدوا الى السطح بعد الحوار ليواكبوا مدى جدية الإدارة في تحقيق/تلبية مطالبهم، ومنها طبعا إسقاط أي متابعة في حقهم، وهي التهمة التي لوحت بها إدارة الشركة لترهيب العمال. وسيتم كل يوم أربعاء تقييم مدى التزام الإدارة وكل الأطراف المعنية بوعودها وتنزيل المطالب على أرض الواقع...




شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق