20‏/05‏/2017

البديل الجذري//الحسيمة الثائرة بين مطرقة النظام وسندان مرتزقة النظام.

لا يمكن لأي مناضل بكل ما تحمله الكلمة من معنى، بالمغرب أو خارجه، إلا أن
يدعم نضالات الشعب المغربي بكل شبر أو رقعة من بلادنا. لقد سجل شعبنا المكافح عدة ملاحم وقدم تضحيات وبطولات لا تنسى، منذ الخمسينات من القرن الماضي، أي منذ الاستقلال الشكلي الذي أسس لمعاناتنا السوداء الراهنة بواسطة مؤامرة "إيكس ليبان". فمن انتفاضة شعبية الى أخرى، ومن محنة الى أخرى، وحتى قبل الخمسينات من القرن الماضي...
إن الذاكرة النضالية لشعبنا تحفظ لكل مناطق بلادنا تضحياتها وبطولاتها. ومن باب التضليل والتشويش المقصودين، إخفاء الحقيقة التاريخية التي تثبت أن تضحيات شعبنا واحدة، وكذلك بطولاته... وكل النضالات الحالية لم تأت من فراغ، سواء هنا أو هناك. إنها نتيجة طبيعية للتراكمات الخالدة التي خضبها أبناء شعبنا بدمائهم الزكية.
وتضحيات أبناء شعبنا بالحسيمة اليوم، والمنطقة عموما، تؤكد أن معاناتنا واحدة وأن مصيرنا واحد.. ولا يمكن أن نتوهم حل مشاكل الحسيمة ومنطقة الريف، دون حل مشاكل باقي المناطق ببلادنا.. إنه واقع واحد ومصير واحد، في ظل نظام واحد، نظام لاوطني لاديمقراطي لاشعبي... وأي صيغة رجعية، شوفينية أو ظلامية، لا يمكن إلا أن تزج بأبناء شعبنا في مستنقعات الهزيمة التي يسهر النظام القائم على رسمها وتثبيتها لتكريس هيمنته الطبقية القاتلة على كافة المستويات، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية... 
إن النظام القائم يصنع الزعامات الورقية لضرب المناضلين الأوفياء وقطع الطريق أمامهم لمعانقة قضايا شعبهم، بل ويختلق المناسبات أحيانا ويستغل أخرى، لتصفية الحسابات وفرز أصدقائه من أعدائه.. وتجربة 20 فبراير علمتنا كباقي تجارب شعبنا المكافح أن لا ننخدع للشعارات والخطابات والادعاءات وأن لا نثق في أصحابها المجندين لأداء الأدوار القذرة...
فكم من "مناضل" حمل على الأكتاف في شوارع الرباط وباقي المدن المغربية إبان "خرجات" 20 فبراير!! وكم من "مناضل" زعزع القاعات بالشعارات النارية!! وكم من "مناضل" بنياشين الماضي والحاضر غرق في بحار الصمت الرهيب!! بل وكم من "مناضل" انخرط بحزب الأصالة والمعاصرة الملكي!! وكم من "مناضل" (لا يشق له غبار) التحق بالأجهزة القمعية!! 
وماذا عن القوى السياسية والنقابية؟ إنها تكرر جرائم الصمت والتخاذل التي مارستها إبان أو زمن 20 فبراير. بل راحت تكسر جدار هذا الصمت المقيت، لتدين معارك أبناء شعبنا وتشكك في أهدافها. لقد أملى عليها النظام إعلان تموقعها الصريح وخوض معركة التشويش والتضليل دعما لجهوده في فرض "الاستقرار" الذي يخدم مصالحه الطبقية ومصالح الامبريالية والصهيونية والرجعية. 
وبالنسبة للمناضلين المخلصين لقضية شعبنا، الى متى سنضع النقط على الحروف ونسمي الأشياء بمسمياتها دون عاطفة ودون انزلاق واع أو غير واع، تحت ضغط الإحساس بالظلم والقهر...؟ فالأشخاص لا يصنعون التاريخ مهما علا شأنهم، إنما الشعوب هي صانعة التاريخ بدمائها وتضحياتها... ولن تنفلت من قبضة أعدائها دون فرز قياداتها الثورية المؤهلة، تنظيميا وتأطيرا، لصنع حلقات خلاصها... فالثورة لا تصنع بالأيادي المرتعشة أو المرتبكة (المتناقضة).. إن الثورة تصنع انسجاما وتصورات سياسية وإيديولوجية ثورية..
إن الصراع لا يرحم، وأي انخداع لمقالب النظام وأزلام النظام سيضر بقضية شعبنا وسيجهز على طموحاته في التحرر والانعتاق. لقد خرجت الجماهير الشعبية المضطهدة، وفي مقدمتها الطبقة العاملة، الى الشارع لمرات عديدة، ولن يصعب اليوم أمام التردي الفظيع على المستوى الاقتصادي والاجتماعي استنهاض هذه الجماهير المكتوية بنار القمع والتهميش والقهر. لكنها ووجهت بالحديد والنار، وستواجه اليوم كذلك وبدون أوهام "السلمية" بالحديد والنار. فمن ينسى انتفاضة الريف 1958/1959؟ ومن ينسى الانتفاضات الشعبية اللاحقة؟ فكل المدن والقرى شهدت أشكالا نضالية متنوعة، وكل هذه المدن والقرى حازت نصيبها من القمع والحصار والانتقام... فكلما احتد الصراع الطبقي، كلما اشتد القمع... والدرجة العالية للقمع (القتل والاعتقال والتشريد...) مؤشر لقياس مستوى احتداد الصراع الطبقي.. وسيبقى التاريخ يعيد نفسه ببشاعة إذا لم نتحمل مسؤوليتنا في المساهمة الفعلية والجادة في توحيد الجهود من أجل بناء الأداة الثورية المسترشدة بالنظرية العلمية وبالتحليل العلمي، التحليل الملموس للواقع الملموس. فأي ثورة دون قيادة ثورية قد تفشل في تثبيت شعاراتها وأهدافها الثورية. وليس بعيدا عنا دروس شعبي تونس ومصر بالخصوص...
وأسطوانة "التضامن" بدل الانخراط في المعركة من أبوابها الواسعة تعري عجزنا وتكشف انحيازنا غير البريء جهة "الأسهل" (التفرج عن بعد وذرف الدموع ورفع شارات النصر وصياغة البيانات والقصائد...). إن الحديث عن التضامن يستقيم عندما يهم الأمر شعوبا مضطهدة أخرى، وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني، وعندما يتعلق الأمر بمختلف القضايا العادلة عبر العالم... 
واليوم، وأمام انتفاضة الجماهير الشعبية المضطهدة بالحسيمة والمنطقة، لا يمكن إلا أن ندعمها، بل أن ننخرط فيها كمناضلين معنيين ومن مواقعنا النضالية المختلفة دون السقوط في فخ الانتظارية. ولا يمكن كذلك إلا أن نفضح عملاء النظام والمرتزقة التي تسعى بكل قوة لاحتوائها على طريق إجهاضها وقتلها في المهد، وبالتالي توظيفها في إطار الحسابات السياسوية والأهداف الشخصية الضيقة. فالى جانب التعتيم الإعلامي الذي تمارسه الجهات المختصة، كشكل من أشكال القمع والحصار، هناك فرملة دقيقة من طرف عملاء النظام ومن داخل كافة الأشكال النضالية المعتمدة.
ويلاحظ بشكل مكشوف سهر عملاء النظام على عزل نضالات الحسيمة والمنطقة عن باقي نضالات أبناء شعبنا بمناطق أخرى. ألا تعنيهم نضالات الجماهير الشعبية بإيمضر؟ ألا يعنيهم اعتصام عمال عوام بالغار؟ ألا يعنيهم الزخم النضالي الذي يتخلل بلادنا طولا وعرضا (العمال، الفلاحون الفقراء، المعتقلون السياسيون في مختلف السجون بالمغرب، الطلبة، المعطلون، المهمشون والمشردون...)؟ كما يلاحظ اختزال معاناة أبناء شعبنا بالحسيمة والمنطقة في مطالب "اقتصادوية"، وتغييب الشعارات السياسية الجذرية التي تجيب عن متطلبات واقع لا يقبل الاستمرار. فهل نقبل الرجوع الى الوراء؟ إن تضحيات ودروس انتفاضة 20 فبراير (وما سبقها، طبعا) تفرض نضاليا التقدم الى الأمام. فشعار "إسقاط النظام" الذي تخلل جل مسيرات ووقفات 20 فبراير، لن تمحيه من ذاكرة شعبنا الجمل الإنشائية التي تعزف على الأوتار العرقية والدينية والعاطفية... 


تيار البديل الجذري المغربي
C.A.RA.M
20 ماي 2017



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق