17‏/05‏/2017

البديل الجذري// المناطق الحرة أو "مستوطنات" الرأسمال الامبريالي

لقد حول النظام القائم المناطق الصناعية المسماة "حرة" الى معتقلات جماعية للشغيلة المغربية. فباسم تشجيع الاستثمار حول المدن والأرياف الى "مستوطنات" للرأسمال الامبريالي.

 وباسم توفير الشغل حول اليد العاملة المتعلمة، أغلبيتها من خريجي الجامعات، الى ماكينات "بشرية" لمراكمة أرباح الرأسمال الامبريالي. وذلك بواسطة عقود ما يسمى ب"الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات" (ANAPEC)، والتي لا تضمن أي تأمين للأجير الذي يتقاضى ما يسمى بالحد الأدنى للأجور، حيث بموجبه يبقى هذا الأخير "حيا" ومرتبطا بدوامة وجشع مشغليه. إن الشروط التي هيأها النظام لتلك المناطق، من يد عاملة رخيصة وأراضي شاسعة وإعفاءات ضريبية وامتيازات أخرى، معززة بترسانة قانونية حولت المصانع والشركات هناك الى معتقلات جماعية، وفرت للرأسمال الامبريالي مناخ "الاستقرار" وضمانات استنزاف خيرات شعبنا. وبالمقابل، جرمت أي نهوض عمالي أو احتجاج مهما كان حجمه أو شكله، ليواجه بالآليات المعهودة من طرد وتشريد واعتقال... وقد تم تسخير ما يسمى زورا بالمحاكم (القضاء) لإتمام فصول المسرحية البئيسة. ونسوق على سبيل المثال لا الحصر الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف بطنجة في ملف المكتب النقابي لعمال شركة "بريمو" (PRIMO) بصفر درهم كتعويض. وللإشارة، فقد وصل عدد القضايا من نفس الطينة التي صدر بشأنها نفس الحكم ما يناهز الأربعين (40) ملفا.. إن الأوضاع الاجتماعية المزرية التي يعيشها العمال داخل تلك "المستوطنات"عززت الاحتقان داخل الشركات. إذ تنتفي أبسط الشروط الضرورية للعمل بكرامة، وتمنع أي أشكال للتنظيم أو حتى التفكير في ممارسة الحق النقابي. ومع ذلك لم يبق العمال مكتوفي الأيدي في وجه الرقابة البوليسية لأرباب العمل. لقد شهروا بمعاناتهم وأوضاعهم المزرية وفضحوا واقع الاستغلال والاضطهاد الممارس عليهم ببشاعة وعبروا عن همومهم طموحاتهم وعرفوا بمعاركهم ونضالاتهم وتضحياتهم على كافة الواجهات، ومنها بالخصوص الواجهة الإعلامية. وكان النصيب الأوفر للوسائل والوسائط التكنولوجية أمام تواطؤ وصمت وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية والمسموعة، الرسمية منها و"غير" الرسمية؛ وفي ظل الغياب التام للدعم السياسي والنقابي من طرف الجهات التي تتشدق بشعارات الدفاع عن الطبقة العاملة. وهي الحالة العامة ببلادنا، كما حصل مع معارك عمال عوام الذين اعتصموا لمدد طويلة داخل المنجم، ويحصل الآن مع نضالات الجماهير الشعبية بالحسيمة والعديد من مناطق الشمال والجنوب، ناهيك عن نضالات الحركة الطلابية والمعطلين... إن الوضع الاستثنائي الذي يعيشه عمال شركة (NOEVO CALSADO INTERNATIONAL) للأحذية من داخل المنطقة الحرة (Free zone) بطنجة يفتقد كل الشروط الدنيا للعمل بكرامة. فلا تغطية صحية ولا تعويض عن الساعات الإضافية ولا وسائل السلامة للاشتغال ب واسطة المواد الكيماوية ولا وقاية أو مرافق سليمة... كل هذه الشروط وغيرها، دفعت عمال الشركة الى تأسيس مكتبهم النقابي (11 عضوا) يوم 20غشت 2016 على أساس فتح الحوار ومناقشة أوضاعهم المتردية. إلا انه بمجرد أن تم إشعار إدارة الشركة عن طريق مراسلة رسمية، حتى بدأت الترتيبات لطرد المنقبين، وانطلقت أولى حلقات الطرد مع بداية السنة الجديدة 2017. إذ كانت الأشهر التي أعقبت تشكيل المكتب كلها جحيم، فمن الاستفسارات الى الاقتطاعات وتغيير أماكن الشغل. واحتد الانتقام والتضييق وتم تغييب وسائل السلامة الى أن وصل ذلك حد وفاة أحد العمال في ظروف غامضة. لقد سقط داخل المعمل ليلفظ أنفاسه بعد نقله الى مستشفى المدينة. وبعد الاحتجاجات التي رافقت تلك الوفاة بدأت أجرأة التصفية المباشرة للعمال المنقبين ومواصلة تنفيذ باقي حلقات مسلسل الانتقام. وبذلك تحول حال العمال من المطالبة بتحسين أوضاعهم المادية والمعنوية الى مشردين وممنوعين من دخول المنطقة الحرة، أي "المستوطنة". أما القيادات النقابية المتاجرة في مآسي العمال، وكعادتها؛ فلم تكلف نفسها عناء التفكير الجدي في واقع الأمر، وزجت بالعمال في متاهات المساطر القانونية، لتنضاف قضيتهم الى باقي القضايا (medpaper... وغيرها). ولان "القانون" وضع على المقاس، كما أسلفنا الذكر، لحماية النظام ومن هم فوق، فقد تم بذلك اغتيال تجربة نضالية أخرى سعت بكل حماس لاختراق القلع المحصنة للرأسمال الامبريالي. إن إجهاض تجربة أو خسارة معركة لا يعنيان الهزيمة.. و"خسارة" الحرب أو شوط من الحرب درس جديد يغني ويعزز باقي الدروس التي يتحفنا بها واقع الصراع الطبقي ببلادنا. إن الطبقة العاملة تتصلب ويجب أن تتنظم أكثر، استعدادا لحربها الطبقية تحت قيادة حزبها الثوري الذي سيصبح حقيقة مزعجة لأعدائها الطبقيين، والذي سيسير بها ومعها حلفاءها نحو الخلاص والتحرر..

تيار البديل الجذري المغربي

  17 ماي 2017



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق