12‏/05‏/2017

سعيدة العزوزي // في ذكرى الشهيد عبد الرحمان الحسناوي، أين هي دموعكم؟ أين كان نبذكم للعنف؟

تحل اليوم 12 ماي 2015 الذكرى الثامنة لاستشهاد الرفيق عبد الرحمان الحسناوي على يد القوى الشوفينية (الحركة الثقافية الأمازيغية) بكلية العلوم التطبيقية
"FST" بمدينة الراشيدية يوم 12 ماي 2007. الحسناوي عبد الرحمان من بين شهداء شعبنا الذين اغتيلوا بدماء باردة. شهيد مزقت أشلائه وكتبت بدمائه عبارات الحقد والتخلف على جدران الكلية وبقيت أسوار العلم والمعرفة شاهدة على معالم التوحش في القرن الواحد والعشرين. وتاريخ يفضح أبصار تراقب الجريمة في السر والعلن ويقدمون الدعم المادي، وأياد أخرى استأجرت للتبريك ولتطهير أيادي الأعداء وخلط الأوراق... وهذا القول ليس للمزايدات وتلفيق التهم المجانية لان التاريخ لا يخضع لرغباتنا وتلفيقاتنا، ودليلنا القاطع على ذلك هو اغتيال الشهيد الطاهر الساسيوي بمدينة مكناس بعد عشرة أيام فقط، ومن طرف نفس العناصر، ولا نقصد هنا بعبارة "نفس العناصر" نفس التنظيم، وإنما نقصد بها نفس الأفراد، وهنا يطرح في المقدمة السؤال العميق والجوهري، كيف يمكن لجماعة مدججة بالأسلحة أن تنتقل ما بين الراشيدية ومكناس دون اكتشاف أمرها ؟؟؟ وليست أي جماعة مسلحة، وإنما جماعة ارتكبت لتوها جريمة قتل بأبشع الطرق.... وقد نجزم القول أنه لولا يقظة المناضلين وحذرهم، لكان هناك شهيدا ثالثا ورابعا بكل من تازة وفاس.

فكيف أمكننا اليوم أن نكرر القول أن النظام هو المسؤول وهو من يقف خلف هذا الإجرام بعد تجنيد وتجييش عصابات أسسها ورعاها على تعصب عرقي بنفس الطريقة التي جند به قوى الظلام؟. فلكشف الوجه الحقيقي للمجرمين، ومن يقف خلف هاته الجماعة، سنستحضر حدثا آخر، منفصل في الزمان والمكان، مؤامرة 24 أبريل بظهر المهراز... يا لمكر الصدف !! أن يحمل الشهيد عبد الرحمان الحسنواي، نفس الاسم العائلي ل"عبد الرحيم الحسنواي" عضو "منظمة التجديد الطلابي" والذي توفي في سياق مؤامرة خبيثة نسجت خيوطها العنكبوتية بعناية فائقة رغم الإخراج الرديء، ولست هنا لتناولها، ويمكن بالمناسبة الرجوع لمقال سابق حول الموضوع بعنوان (ظهر المهراز و"العلبة السوداء")، وما يهمنا الآن هو الأحداث التي تبعت المؤامرة. كل من عايش الحدث منذ يوم 24 أبريل 2014 وتطوراته ولو من موقع المتتبع سيندهش بحجم المطاردات الهوليودية، وكيف جرت الاعتقالات، على امتداد رقعة واسعة جدا، هناك من اعتقل داخل المقهى حتى قبل وفاة "عبد الرحيم الحسنواي"، وهناك من اعتقل في مسقط رأسه (مدينة المنزل)، وهناك من استخرج من داخل شاحنة.. ناهيك عن الإعتقالات والمداهمات العشوائية والتطويق الرهيب للجامعة والأحياء السكنية المجاورة لها.. كل هذا يعطينا لمحة حقيقية عن التحرك القوي للجهاز الاستخباراتي للنظام القائم، وتتبعه الدقيق، والذي يوحي أنه كان مسبق أي قبل الحدث، لكل حركات المرغوب فيهم. وعودة للموضوع، يمكن اليوم طرح السؤال: كيف لهذا الجهاز ألا يكون قادرا على اعتقال جماعة، لم تتحرك كأفراد وانما في مجموعات، ومدججة بالأسلحة، فرغت لتوها من جريمة قتل، وكانت متجهة لارتكاب أخرى ؟؟؟ فهل ترك النظام متسعا للشك حول تورطه؟ إن للتاريخ  كلمته فهو خير كاشف، فلا مجال للشك أن النظام هو الدعامة الحقيقية وراء هاته المجموعة، هو من يحركها ومن يمولها ويوفر لها الغطاء للتحرك بكل حرية.
والمفارقات العجيبة والغريبة ما بين مؤامرة 24 أبريل 2014 واغتيال الشهيدين الحسناوي والساسيوي في ماي 2007 لا تتوقف هنا، بل تأخذ أبعادا ومستويات أخرى، وهنا لابد من الإشارة إلى التغطية التي واكبة الحدثين. في السنة المنصرمة شبت عبارات "نبد العنف" مثل النار في الهشيم، أصبح "الكل" وديعا وملائكيا، أصبح "الكل" يدعوا للحوار السلمي. لكن ما قبل ثمانية سنوات، لم نرى شيء من هذا، لم نرى وزيرا يذرف دموعا، ولم نرى رئيسا يحلق بطائرة خاصة لحضور الجنازة، لم نسمع عبارات "نبد العنف"، ولم نسمع أصواتا تطالب الأمم المتحدة بتصنيف "الحركة الثقافية الأمازيغية" تنظيما إرهابيا، ولم نسمع عبارات التهديد والوعيد بتطهير الجامعة... على ما يحيلنا هذا يا سادة؟
إن التفسير الوحيد لهاته المفارقات، أن النظام وكل المحلقين حوله، لا يهمهم في شيء الحوار أو العنف، لا يهمهم أن يموت طالب من عدمه، ما داموا هم أسياد القتل. وإنما كل هذا اللغط هو توظيف سياسي مقيت، الهدف الرئيسي من ورائه تشويه صورة المناضلين أمام أنظار الشعب المغربي، وتجريم الخط السياسي الحامل للمشروع المجتمعي البديل، المنادي بالتغيير الجذري عبر دك بنية النظام القائم عن طريق ثورة وطنية ديمقراطية شعبية. ويحصل هذا في مرحلة سياسية دقيقة، تشهد افرازا نوعيا لممارسة سياسية متصاعدة محملة بطموح شعبنا في التحرر والإنعتاق، وانكشاف المنبطحين وتساقط المتنطعين وانكشاف عورات العديد من الباعة السياسيين أمام تصاعد زخم شعبنا بعد انتفاضة 20 فبراير الشعبية.
وخطاب "نبذ العنف" ليس بوليد اللحظة، أو لصيق بالنظام القائم بالمغرب، وإنما هو تكتيك سياسي نهجته وتنهجه البرجوازية منذ عقود مضت، ولعلنا نستحضر هنا الدعاية المسمومة التي عرفت أوجها في الولايات المتحدة الأمريكية ضد الشيوعية ابان الحرب الباردة، حيث خصصت إمكانات مادية ضخمة لترسيخ فكرة "الإرهاب الأحمر" لا في عقول الأمريكيين وحسب، وإنما في عقول سكان المعمور، ولا يمكن لأحد ما كان أن ينكر مدى التأثير الملموس الذي لعبته هاته الدعاية في كسر القاعدة الجماهيرية لمختلف التنظيمات الماركسية. إلا أن التاريخ عصي عن اللي، ويشهد أن الإرهاب الحقيقي هو الذي ارتكبه ويرتكبه الثالوث الامبريالي الصهيوني الرجعي في حق شعوب العالم، مهما اختلفت المسميات، تارت باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتارت أخرى باسم الشرعية... وسيظل التاريخ شاهدا على أقنعتكم، أقنعة السلم، أقنعة الحوار وأقنعة نبذ العنف...
وها هما الشهيدين الحسناوي والساسيوي يثبتان بما لا يدع مجالا للشك، زيف ادعاءاتكم وبهتانها، إن أرواح الشهداء ستظل تلاحقكم، وستكشف للعالم حقيقتكم، وقذارتكم.
وفيما يلي بطاقة تعريفية بالشهيد عبد الرحمان الحسناوي:
- ازداد الشهيد يوم 05 ماي 1980 بمدينة كلميمة، عاش طفولة صعبة للغاية على غرار كادحي وطننا الجريح، وما عمق جراحه أكثر انفصال والديه وهو في ربيعه الثاني.
- حصل على شهادة الباكالوريا علوم تجريبية بنفس المدينة، ليلتحق بعدها بكلية العلوم التطبيقية بمدينة الراشيدية، التي حصل بها على شهادة الدراسات الجامعية المعمقة DEUG ليلتحق بسلك المهندسين شعبة الجيوفيزياء.
- ناضل الشهيد في صفوف الاتحاد الوطني لطلبة المغرب كمناضل بارز في صفوف النهج الديموقراطي القاعدي منذ سنته الأولى بالجامعة، إلى غاية يوم استشهاده 12 ماي 2007، على يد قوى الغدر الشوفينية التي حجت للجامعة مدججة بالأسلحة البيضاء لتطهيرها من من تقول عنه "العروبيين المتخلفين"، إلا أن أياديهم طالت مناضلا من أصول أمازيغية ويتحدث اللغة الأمازيغية، لغة وأصول شعبنا، والمفترى الدفاع عنها، ليكون شاهدا وشهيدا على جريمتهم وعمالتهم للنظام الرجعي بتصفية خيرة أبناء شعبنا... يا للمفارقة !! والأكثر من ذلك أخدت دمائهم الطاهرة لتكتب بها عبارات مشؤومة على جدران الكلية.
- ستظل كلمات أب الشهيد منقوشة في ذاكرة رفاقه وذاكرة الشعب المغربي قاطبة وهو يقول بحرقة وألم: "لم أتعرف على ابني عند رؤيتي لجثته بمستودع الأموات، كان رأسه مليئا بالثقوب الغائرة، وأصابعه مقطوعة، وجسده ممزق عن آخره"
سعيدة العزوزي 12/05/2015




شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق