24‏/08‏/2017

حسن أحراث// في ذكرى الشهيدين الدريدي وبلهواري: هل يقبل الشهيدان التحالف مع القوى الظلامية؟!!

لقد استرخص الشهيدان بوبكر الدريدي ومصطفى بلهواري دماءهما في سبيل بزوغ فجر جديد، فجر العمال والفلاحين الفقراء، فجر شعب متطلع عبر تضحياته المتواصلة الى التحرر من الاضطهاد والاستغلال.

وبدون تنميق وكثير من الكلام، فالدريدي وبلهواري استشهدا على كلمة واحدة: النظام لاوطني لاديمقراطي لاشعبي والثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية، وهي الكلمة التي يمارسها شعبنا بطرقه الخاصة بالريف وبكل المناطق على درب خلاصه القادم...
إنها الحقيقة الساطعة التي تنير طريق المناضلين وتصون إرث الشهداء. ويشرفنا أن نؤدي ثمن الجهر بهذه الحقيقة قمعا وتضييقا وترهيبا... 
إن من يتبنى الشهيد ملزم سياسيا وأخلاقيا أن يتبنى مواقف الشهيد (يتبع خطاه). ومن يتبنى الشهيد شكلا ويغتاله مضمونا، أي إقبار مواقفه وطمس مرجعيته، فليس غير انتهازي حقير ومرتزق جبان.
وفي ذكرى الشهيدين الرمزين، وللتاريخ، متى نطق الشهيدان الدريدي وبلهواري كلمة "المخزن" أو "النظام المخزني"؟!! هل يجهل الشهيدان المعاني والدلالات والمفاهيم والمواقف المتعلقة بالنظام و"المخزن"؟!!
هل يقبل الشهيدان التنسيق أو التحالف مع القوى الظلامية، كقوى رجعية؟!!
من يبرهن على أن الشهيد عبد اللطيف زروال يقبل التنسيق أو التحالف مع القوى الظلامية؟!!
والشهيدة سعيدة المنبهي، هل تقبل ذلك؟!!
وماذا عن الشهيد عمر بن جلون؟!!
وماذا عن الشهيد محمد أيت الجيد بنعيسى؟!! 
أسئلة وأخرى تطرح نفسها. عموما، لا للي عنق الحقيقة وتشويهها ولا للافتراء... 
إن من بين مسؤوليات المناضلين فضح امتطاء بطولات الشهداء وتوظيف إرثهم الخالد في مشاريع سياسية انتكاسية تناقض طموحاتهم والأهداف التي استشهدوا من أجل تحقيقها. فلا مجال للمجاملة السياسية، لأن في طياتها التواطؤ والسكوت عن الحقيقة التي تكون في غالب الأحيان مرة وجارحة. وتكون بدون شك محكومة بخلفية الحفاظ على المصالح السياسية المشتركة وبالتالي تقاسم نتائج تلك المصالح والاستفادة منها. 
إن قول الحقيقة (في نسبيتها طبعا) يخدم الجميع، وخاصة الديمقراطيين قولا وفعلا. فكثيرا ما أعاقت المجاملات الفجة مبادرات سياسية كبيرة. فحتى التحالفات القائمة على المجاملة يكون مآلها السقوط والانهيار.. ولنا العبرة في عدة تجارب مغربية، ومن بينها تجارب "تجميع" اليسار. وعكس ذلك، فكل فعل نضالي مبني على الوضوح والمبدئية، أي على أرضية صلبة، يحمل في سيرورته عناصر النجاح أكثر من عناصر الفشل.
* ملاحظة: أحترم المناضلين في صفوف بعض الأحزاب والنقابات على قلتهم، ومن حقي انتقاد توجهات ومواقف وقيادات هذه الإطارات المتخاذلة...
* إضافة: فيما يلي مقتطف من كتاب "مجموعة مراكش.. تجربة اعتقال قاسية"..
معركة الشهيدين بلهواري والدريدي
أ - الطور الأول من المعركة:
بعد صدور الأحكام في حق المجموعة لم يبق أي عذر للتعايش مع الشروط المذلة التي سبقت الإشارة اليها. وتبعا لذلك نظمنا نقاشات متواصلة لبلورة الصيغة النضالية المناسبة لتحسين وضعيتنا داخل السجن ولإثارة واقع السجون بالبلاد الذي لا يختلف في جوهره وحتى الآن عن واقع الجماهير الشعبية المضطهدة. وأمام تباعد الرؤى السياسية واختلاف التقديرات والتقييمات للظرف السياسي الذي كانت تمر منه البلاد قرر عشرة معتقلين خوض إضراب لا محدود عن الطعام من أجل تحقيق ملف مطلبي شامل. والمعتقلون السياسيون المعنيون هم:
الشهيد مصطفى بلهواري
الشهيد بوبكر الدريدي
نور الدين جوهاري
كمال سقيتي
أحمد البوزياني
الحسين باري
حسن أحراث
الطاهر الدريدي
الحبيب لقدور 
عبد الرحيم سايف
وفعلا، انطلقت معركة الشهيدين يوم الأربعاء 04 يوليوز 1984. وكان من الطبيعي ومن المنتظر أن يواجه الإضراب بالتجاهل والاستخفاف. ولم تتحمل إدارة السجن بمراكش حتى "عناء" أخذ الرسالة التي تضمنت قرار الإضراب ومطالب المضربين التي تجلى أهمها فيما يلي:
- الزيارة المباشرة لكافة أفراد العائلة وكذلك الأصدقاء.
- وسائل الإعلام و التثقيف: الجرائد، المجلات، الكتب، الراديو، التلفزيون.
- اجتياز الامتحانات (منع المعتقلون السياسيون في صيف 1984 من اجتياز امتحاناتهم على الصعيد الوطني).
- الإقامة في جناح ملائم وفي ظل شروط مقبولة: التغذية، الفسحة، النظافة، التطبيب...
وتجدر الإشارة الى أنه وبعد حوالي أسبوع من انطلاق المعركة أعلن بعض المعتقلين من مجموعة مراكش عن خوض إضراب آخر عن الطعام وقدموا رسالتهم الى إدارة السجن لتلقى نفس مصير رسالة رفاق الشهيدين الدريدي وبلهواري.
إلا أنه وبدل الاستجابة لمطالب المضربين تم انتظار فجر يوم الجمعة 20 يوليوز 1984 لتشتيت المجموعة بكاملها سواء المضربين أو غير المضربين على سجون مراكش والصويرة وآسفي. وكانت عملية التشتيت كالآتي:
- تنقيل المعتقلين المحكومين بسبع سنوات الى 15 سنة، الى السجن المدني بآسفي (22 معتقلا) 
- تنقيل المعتقلين المحكومين بثلاث سنوات الى خمس سنوات، الى السجن المدني الصويرة (16 معتقلا) .
- إبقاء المعتقلين المحكومين بسنة واحدة بالسجن المدني بمراكش (خمس معتقلين).
كان الاستقبال حارا بسجني الصويرة وآسفي. فقبل حتى أن تطأ أقدامنا أرضيتي السجنين المذكورين، انهالت علينا التهديدات والسب والشتم بغية تكسير حماسنا منذ الوهلة الأولى. فلم يطيقوا شعاراتنا ولا تحدينا الجريء للموت البطيء. لقد اختلفت أساليب التعذيب من مراكش الى آسفي ومن هذين الأخيرين الى الصويرة في الشكل فقط وبقيت واحدة في المضمون. ففي الصويرة تم تعذيب المعتقلين المضربين وتشويه حالتهم عن طريق الحلق العشوائي للشارب وشعر الرأس. وتم الزج بهم على هذه الحال في عنابر معتقلي الحق العام. أما بآسفي وبعد اصطدام عنيف مع الحراس وأمام بنادق رجال الدرك زج بالمضربين فرادى بالكاشوات بعد إشباعهم جلدا وتجريحا.
ورغم كل هذا استمر الإضراب بآسفي كما بالصويرة ومراكش وتوحدت الخطوتان/الإضرابان رغم بعض التحفظات وبعض التجاوزات. وبدورها واجهت عائلاتنا بإصرار ناذر مشاق السفر لاقتفاء أثرنا من سجن لآخر وتصدت بشجاعة للمضايقات وقاومت الإشاعات المرعبة التي سعت بخبث الى الأخذ من صمودها والى زرع البلبلة في صفوفها. وواجهنا نحن الجوع والعطش والتعتيم وأصناف متعددة من الآلام والإجرام في عزلة تامة. ولم يتم تنقيلنا الى المستشفيات إلا بعد تدهور الحالة الصحية لكل المضربين حيث انطلق فصل جديد من الاحتراق تميز هو الآخر بالإهمال والتيئيس وافتعال كل ما يمكن أن يؤثر على صمودنا ومعنوياتنا. فمن التقييد بالأصفاد مع الأسرة وإغلاق النوافذ والحرمان من وسائل النظافة الى إجبارنا على القيء فوق الأرض والأسرة عندما عجزنا تماما عن الحركة. وكانت النتيجة المأساوية هي استشهاد المناضل بوبكر الدريدي بالصويرة في 27 غشت 1984 والمناضل مصطفى بلهواري في 28 غشت 1984 وهما في أسبوعهما الثامن من الإضراب عن الطعام، ثم سقوط عدد كبير من المضربين في غيبوبة عميقة. وبما أن الظرف السياسي كان استثنائيا حيث الحملة الانتخابية في أوجها (الانتخابات التشريعية لشتنبر 1984) تم العمل على تكسير الإضراب بأي شكل من الأشكال، خاصة بعد توسع التغطية الإعلامية للمعركة بالخارج وصدى الاستشهادات (استشهاد عبد الحكيم المسكيني في يوليوز 1984 بالسجن المدني ببني ملال وكذلك استشهاد الرفيقين بلهواري والدريدي ) وعلى محاصرة كل ما من شأنه التشويش على طقوس الانتخابات. بعد ذلك تم تنقيل الحالات الخطيرة في صفوف المضربين من الصويرة وآسفي الى مستشفى بن زهر بمراكش مع استقدام أطباء ذوي كفاءات عالية من الدار البيضاء والرباط للإشراف على الوضعية الخطيرة التي بات يتردى فيها المضربون.
أخيرا توقف الإضراب بعد 62 يوما من انطلاقه، وذلك بكل من مراكش وآسفي والصويرة بعد الوعود بتلبية مطالبنا والتي تلقيناها عن طريق الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في شخص رئيسها آنذاك وبعد ما لم يعد في وسعنا بالنظر للتمزيق الذي استهدفنا والوضع الصحي الذي أصبحنا عليه التحكم في مسار المعركة.
وبعد قضاء مدة طويلة بمستشفيات مراكش والصويرة وآسفي تخللها أكثر من إضراب إنذاري، من جهة لمعرفة مصير مطالبنا ومن جهة أخرى لانتزاع بعض المكاسب داخل المستشفى كالراديو الذي لم يتمتع به المضربون بآسفي قط بالإضافة الى الجرائد والكتب والمجلات، تم تنقيلنا الى سجون آسفي والصويرة ومراكش ما عدا بعض المعتقلين الذين كان وضعهم الصحي يستدعي البقاء بالمستشفى. أما مطالبنا فلم تلب بسجني آسفي ومراكش، وأكثر من ذلك أصبحنا أمام مطلب جديد انضاف الى مطالبنا الأخرى وهو مطلب الجمع بسجن واحد.
ب - الطور الثاني من المعركة :
استمرت النقاشات التي كانت قد استؤنفت في صفوف المجموعة المضربة الموزعة على مستشفيات مراكش والصويرة وآسفي رغم صعوبة التواصل ورغم الشروط الصحية المتدهورة لجل أفرادها حتى بعد التنقيل الى السجون. ومن جديد برزت الخلافات حول ما يمكن أن نقدم عليه في ظل المعطيات الجديدة. مما أدى في آخر المطاف أي بعد ما وصل النقاش الى الباب المسدود الى مواصلة المعركة فقط من قبل المجموعة الأولى التي أضربت عن الطعام في 04 يوليوز 1984 واستشهد في صفوفها الشهيدان بلهواري والدريدي (رفاق الشهيدين) بالإضافة الى معتقل آخر التحق بالإضراب الأول في السجن المدني بالصويرة. علما أننا لم نسمح للمناضلين الحبيب لقدور وعبد الرحيم سايف بالدخول في الإضراب الثاني رغم إصرارهما على ذلك، نظرا لوضعهما الصحي المتردي والذي ما فتئ يزداد سوء نتيجة عزلتهما القاهرة المستمرة الى الآن، وهي نفس وضعية المعتقلين السياسيين السابقين عبد الكريم بيقاري وخالد نارداح. مما يستدعي وفي أسرع وقت الالتفات اليهم قبل فوات الأوان .
خاض رفاق الشهيدين الموزعون على سجني آسفي والصويرة ومستشفى ابن زهر بمراكش إضرابات إنذارية عديدة كان أطولها الإضراب الذي دام من 25 أبريل الى 19 ماي 1985 (25 يوما) والذي تم توقيفه عشية حلول شهر رمضان كفرصة للمسؤولين لمراجعة وعودهم الكاذبة التي على إثرها أوقفنا الإضراب اللامحدود عن الطعام الأول. لكن، لا حياة لمن تنادي، حيث تم تنقيل ستة مضربين بعدما تم تجميع الكل بمستشفى ابن زهر بمراكش الى مستشفى الصوفي بالدار البيضاء لمدة أسبوع وليتم بعد ذلك إرجاعهم الى السجن المدني بمراكش في ظل نفس الوضعية غير المقبولة.
وأمام التعنت واللامبالاة اللذين قوبلت بهما الإضرابات الإنذارية بغية فرض الأمر الواقع، واقع الذل والمهانة خاض رفاق الشهيدين في 23 يونيو 1985 إضرابا لامحدودا عن الطعام باعتبار هذا الأخير سلاحا فعالا لإسماع صوت المعتقل وصيانة كرامته، مصرين على اختراق الصمت والحصار ورفض الذوبان كما حصل لبعض التجارب السابقة رغم التضحيات البطولية التي تم تقديمها (مجموعة تزنيت كمثال صارخ). وكالعادة ألقي بالمضربين داخل الكاشوات التي تحولت الى أفران حارقة بفعل حرارة صيف مراكش، بدون ماء ولا سكر لمدة أربعة أيام. وبعد ما يزيد عن 20 يوما داخل الكاشو نقلنا الى ما يسمى بالمصحة داخل السجن ومكثنا هناك في شروط كارثية الى غاية 03 غشت 1985، وهو تاريخ تنقيل جوهاري والدريدي وسقيتي الى مستشفى ابن رشد بالدار البيضاء (موريزكو) وبالضبط الى قسم الإنعاش الجراحي ( الجناح رقم 17 ). وفي 05 غشت 1985 ألحق باري والبوزياني وأحراث بنفس الجناح. وقد تمت محاولات عديدة بمراكش كما بالدار البيضاء عبارة عن إغراءات ومساومات كان الهدف منها هو كسر وحدة المجموعة المضربة وبالتالي ضرب المعركة خاصة إبان انعقاد القمة العربية بالدار البيضاء في غشت 1985 ومجيء البابا الى المغرب. لكنها محاولات باءت كلها بالفشل، وهو نفس ما حصل مع العائلات للتأثير على المضربين وحملهم على توقيف الإضراب.
وأمام عدم ثقة المضربين بالوعود وبالمقابل تشبثهم الواعي والمسؤول بشروط توقيف الإضراب المتمثلة باختصار في فتح حوار مسؤول وجاد يتم في إطاره تحقيق كافة المطالب، وأمام عدم رضوخهم لأساليب الترهيب والترغيب اقتناعا منهم بخطورة ما سيشكله أي تراجع في رهان قوة أول من نوعه ببلادنا ليس فقط على المجموعة المضربة بل على كافة المعتقلين السياسيين تم اللجوء بشكل سافر وفظ مستغلين في هذه العملية القذرة عدد المضربين (06 فقط بعد توقيف الإضراب من طرف المضرب الملتحق من الصويرة) الى تخديرهم بواسطة خليط من المواد المخدرة نذكر من بينها: 
PHENERGAN, DOLOSAL, VALIUM, LARGACTIL….
والى تقييدهم مع الأسرة (تقييد اليدين والرجلين) ثم تأكيلهم بالقوة بواسطة المسبار وآلات التأكيل الاصطناعي والتي تستعمل في الحالات العادية لتغذية المرضى في غيبوبة طويلة. وكان كل ذلك يمر تحت أنظار وبمساهمة عدد كبير من الأطباء ضدا على الضمير المهني وضدا على الأخلاق وضدا على المواثيق الدولية لحقوق الإنسان وخاصة ما تعلق بدور الطبيب أو طاقم التمريض في المشاركة في مثل العمل الإجرامي الذي تعرضنا له.
استمرت هذه الوضعية الجهنمية مع بعض التغيرات الطفيفة التي كانت تصب كلها في اتجاه تركيع المضربين وتدميرهم واستمرت معها عذابات العائلات ومعاناتهم (التهديد بالاعتقال، الاعتقال فعليا، المضايقات...) وأدت ثمن تشبثها بأبنائها ومؤازرتهم من راحتها ومن وقتها ومن صحتها. ولا يفوتنا هنا أن نقف إجلالا وإكبارا لروح إحدى أمهاتنا الصامدات التي لم تكن تعرف للنوم أو للراحة طريقا أو طعما منذ اعتقال أول ابن لها والتي تجرعت مرارة استشهاد الثاني (بوبكر الدريدي). فقد قادت الى جانب أمهاتنا وأمهات كل المعتقلين السياسيين المعارك تلو الأخرى من أجلنا ومن أجل كل المغيبين قسرا الى أن ماتت واقفة بعد نزيف دموي في الدماغ في 17 مارس 1990.
أما المسؤولون وأمام حدة التغطية الإعلامية للمعركة و دخول معتقلين سياسيين بكل من السجن المركزي بالقنيطرة (السرفاتي وبعض رفاقه) وسجن لعلو (بنعمرو وبعض رفاقه) في إضرابات عن الطعام لمؤازرتنا بالإضافة الى حملات التضامن الواسعة معنا من مختلف السجون المغربية أصدرت وزارة الداخلية في أكتوبر 1985 بلاغا أذيع على أمواج الإذاعة والتلفزيون يطمئن الرأي العام على وضعنا الصحي وتضمن مغالطات فجة قامت عائلاتنا بالرد عليها في حينها.
إلا أن كل المحاولات التي دفعت نحو إيجاد حل مقبول لوضعيتنا أقبرت سواء محاولات من داخل البلاد أو من خارجها (منظمة العفو الدولية بالخصوص). واستمرت وضعية المضربين لما يفوق ست سنوات (من 23 يونيو 1985 الى 16 غشت 1991) مقيدين الى الأسرة بالأصفاد بدون زيارة وبدون كتب وبدون مجلات وبدون جرائد وبدون حتى الأقلام أو الأوراق وبدون وسائل النظافة، ما عدا عمليات موسمية كانت تمر تحت إشراف البوليس السري وتتكاثف أثناءها جهود عناصر الحراسة لنتف شعر المضربين وقلع أظافرهم ولصب بعض القطرات من الماء البارد في أغلب الأحيان على أجسادهم تحت يافطة النظافة.
وفي يناير 1988 وبعد استكمال المضرب أحمد البوزياني المدة المحكوم عليه بها غادر المستشفى وهو في حالة إضراب عن الطعام وفي وضعية صحية يرثى لها. ونفس الشيء حصل بالنسبة للمضربين كمال سقيتي في يناير 1989 والحسين باري في أبريل 1989. وبقي المضربون الثلاثة الآخرون (أحراث والدريدي وجوهاري) يصارعون الموت والحصار والصمت الى أن قام المضرب الطاهر الدريدي بعملية فرار في شهر يوليوز 1989 واعتقل في نفس اليوم وأوقف الإضراب عن الطعام منذ ذلك الحين لينقل بعد مدة الى السجن المركزي بالقنيطرة.
وبعد استشهاد المناضل عبد الحق شباضة في 19 غشت 1989 في الإضراب اللامحدود عن الطعام الذي خاضه بعض المعتقلين السياسيين بسجن لعلو بالرباط اشتدت مرة أخرى الحملة الإعلامية حول الإضرابين وحول واقع السجون بالمغرب. مما دفع بالوزارة الأولى الى إصدار بلاغ حول أوضاع المضربين بكل من الدار البيضاء (أحراث و جوهاري) والرباط (حسن العلمي البوطي وعبد الإله بن عبد السلام وعبد الفتاح بوقرو) أذيع بدوره على أمواج الإذاعة والتلفزيون.
ورغم ذلك استمرت حملات التضامن بالداخل من طرف الهيئات الحقوقية بالخصوص وبالخارج من طرف منظمة العفو الدولية على رأس منظمات إنسانية وحقوقية أخرى. وسدت جميع الأبواب وأغلقت الآذان في وجه كل النداءات التي دعت الى تسوية وضعية المضربين. وهو المآل الذي لقيته توصية البرلمان الأوربي بهذا الشأن في 14 دجنبر 1989 .
وفي سنة 1990 اتخذت إجراءات عديدة على المستوى الرسمي لقيام منظمة العفو الدولية بزيارة المضربين أحراث و جوهاري . إلا أن المحاولة باءت بالفشل لما تشبث المضربان بإجراء حوار تحضره الهيئات الحقوقية المغربية. 
واستمرت المعركة حتى 16 غشت 1991 عندما أفرج عن أحراث وجوهاري إثر عفو صدر في 14 غشت 1991 وشمل في المجموع 40 معتقلا سياسيا من مختلف سجون البلاد، ومن بينها السجن المركزي بالقنيطرة.



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق