13‏/09‏/2017

أحمد بيان// أيلول الأسود أم الزمن الأسود؟


ارتبط شهر أيلول (شتنبر) بلون الحداد، اللون الأسود، منذ 1970؛ عندما نفذ النظام الرجعي القائم بالأردن مجازره الدموية في حق الفلسطينيين، وخاصة مقاتلي
المنظمات الفلسطينية المعادية له، وفي مقدمتها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين. لقد خاض حرب استئصال في حق المقاومة الفلسطينية، بالوكالة عن الكيان الصهيوني، في ظل تواطؤ وصمت الأنظمة الرجعية بالمنطقة. وكان ذلك أحسن تعبير عن الولاء للامبريالية، حفاظا على مصالحه وضمانا لاستمراره واستمرار اضطهاد الشعب الفلسطيني وباقي شعوب المنطقة، خاصة والتهديد الذي باتت تشكله المقاومة الفلسطينية بعد معركة الكرامة سنة 1968.
وكمقدمة لتلك المجازر الوحشية أصدر المجلس الوزاري، مباشرة بعد عودة الملك حسين من زيارة خاطفة لمصر (جمال عبد الناصر) قرار 10 فبراير 1970 الذي استهدف الوجود الفلسطيني بالأردن والتضييق عليه، وخاصة المقاومة الفلسطينية، ومن بين ما جاء فيه:
"- كل القوى في الدولة حكومية وشعبية وفردية مدعوة إلى القيام بدورها حسب ما يفرضه القانون وترسمه السلطات المختصة.
- حرية المواطن مصونة بأحكام الدستور.
- يمنع منعاً باتاً وبأي شكل من الأشكال تأخير أو تعطيل أو منع رجال الأمن العام أو أي مسؤول من أية مؤسسة رسمية من تنفيذ واجباته المشرعة.
- يجب على كل مواطن أن يحمل بطاقته الشخصية في جميع الأوقات وأن يعرضها على رجال الأمن إذا طلب منه ذلك.
- يمنع إطلاق النار داخل حدود المدن والقرى.
- يمنع التجول بالسلاح داخل حدود أمانة العاصمة أو الاحتفاظ به, ويستثنى من ذلك تنظيمات المقاومة الشعبية فقط.
- يمنع خزن المتفجرات أو الاحتفاظ بأية مقادير منها داخل حدود أمانة العاصمة أو الأماكن المأهولة وتعطى مهلة أسبوعين اعتباراً من تاريخ صدور هذا القرار للإبلاغ عن مثل تلك المواد المخزونة وإزالتها وإبلاغ القيادة العامة للجيش العربي الأردني وكل من يخالف ذلك يتعرض للعقوبة.
- كل سيارة أو مركبة تعمل في المملكة الأردنية الهاشمية يجب أن تحمل الرقم الرسمي المخصص لها من دائرة السير.
- تمنع منعاً باتاً جميع المظاهرات والتجمهرات والاجتماعات والندوات غير المشروعة ولا يسمح بعقد الندوات إلا بإذن مسبق من وزارة الداخلية.
- تمنع جميع النشرات والصحف والمجلات والمطبوعات الصادرة خلافاً للأصول المرعية.
- النشاطات الحزبية ممنوعة بموجب القانون وتمنع ممارستها بأية صورة من الصور". 
لقد واجه الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية عدة محن وتعرضا لمحاولات التركيع، بل الإبادة وكذلك الخيانة والغدر (من الداخل والخارج)، ومؤامرات التطبيع مع الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية والنظام القائم بالأردن نفسه، حتى صارت كل شهور السنة سوداء قاتمة. والخطير أكثر أن يعرقل تحرر الشعب الفلسطيني من قبل أذرع ظلامية رجعية استنبتت في صفوفه وساهمت في تمزيقه بتنسيق مع أعدائه بالداخل والخارج.
ومع التطور الذي عرفته تكنولوجيا الإعلام والاتصال، بات الداني والقاصي يتابع معاناة الشعب الفلسطيني والإجرام الذي يلاحقه من طرف الكيان الصهيوني والأنظمة الرجعية والامبريالية، وأمام أنظار العالم وبمباركة المؤسسات الخاضعة للتوجهات الامبريالية وعلى رأسها "الأمم المتحدة". وهي حال الكثير من الشعوب اليوم في ظل اندحار جل حركات التحرر الوطني عبر العالم. فهل وضع الشعب السوري أو اليمني أو الليبي أو العراقي...، الآن أحسن حال من وضع الشعب الفلسطيني؟ وإذا كنا نسجل عن حق كون القضية الفلسطينية قضية وطنية، فالآن كل قضايا الشعوب المضطهدة، القريبة منا أو البعيدة، قضية وطنية. وإذا كنا نسجل كذلك أن إسقاط نظام رجعي أكبر خدمة للقضية الفلسطينية، فإن إسقاط نظام رجعي أكبر خدمة لكافة الشعوب المضطهدة. فواقع الشعوب المضطهدة، ومنها شعبنا المغربي، واقع واحد؛ وكذلك مصيرها، مصير واحد.
إن المسؤولية النضالية في بعدها الأممي تقتضي المساهمة في حفظ ذاكرة الشعوب، ومنها ذاكرة شعبنا. وإحياء ملاحم الشعوب ليس تباكيا على الماضي، بل من أجل استيعاب الدروس وكذلك شحذ الهمم، وبناء الجسور نحو المستقبل...؛ علما أن الملاحم والبطولات التي ارتبطت بالرمزية الفلسطينية مازالت تؤرق أعداء فلسطين وأعداء القضايا العادلة وتقض مضاجعهم، ونفس الشأن بالنسبة لرمزية كافة الشعوب المضطهدة وقتاليتها...
ونجدد في هذه الذكرى الأليمة، ذكرى "أيلول الأسود 1970"، تضامننا ودعمنا المطلقين للشعب الفلسطيني وللفصائل المناضلة في صفوف الثورة الفلسطينية ولكافة الشعوب المضطهدة. والخزي للامبريالية والصهيونية والرجعية...

  11 شتنبر 2017



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق