04‏/09‏/2017

حسن أحراث// ورشات التطبيع مع "الشيطان"!!

"التقى أكثر من أربعين مشاركًا من الخبراء والفاعليين السياسيين من شمال أفريقيا، وغرب آسيا، ومنطقة الساحل، ينتمون إلى التيارين العَلماني والإسلامي، وناقشوا
قضايا متعلقة ببناء الثقة وإرساء إطار للتعاون بين فاعليين ذوي منطلقات فكرية ورؤى كونية مختلفة".. إنه مقتطف حرفي من مقدمة "نص" بعنوان "نحو فضاء للتواصل والعمل المشترك"، عبارة عن "خلاصة" لأشغال ورشات نظمت من طرف "مؤسسة قرطبة بجنيف" (FONDATION CORDOUE DE GENEVE).
وقبل التعليق على الموضوع، أقدم بأمانة أسماء المشاركين من المغرب حسب ترتيبهم في قائمة الحضور المنشورة من طرف المؤسسة المنظمة على موقعها الالكتروني:
- أحمد أرحموش؛
- حامد ادريس؛
- خديجة رياضي؛
- سعد الدين العثماني؛
- سمية بنخلدون؛
- عبد العلي حامي الدين؛
- محمد حمداوي،
- محمد عب الوهاب رفيقي؛
- المعطي منجب؛
- نبيلة منيب.
كثيرا ما عدت الى نفسي أمام بعض "الانتقادات" الحادة الموجهة الى شخصي بدل أفكاري ومواقفي (أغلبها غير مسؤولة وصبيانية، ومنها التحامل الحاقد والجارح). وحاولت بتجرد علمي تبين الصواب من الخطأ. وبالفعل، أحسست أني كنت قاسيا في بعض الكتابات. إلا أن واقع الحال يثبت كل مرة أنه يصعب تجاوز أو السكوت عن بعض ما يجري أمام أعيننا وأيضا وراء ظهرانينا، خاصة أن ذلك ليس شأنا خاصا، إنه يعني قضية شعب. كما انه يفوق ما يمكن نعته بكونه استفزازيا. فكيف نكون لطفاء أمام شراسة الآخر عبر مبادراته وتدخلاته وممارساته ومواقفه؟ 
إن ما يجعلنا نواصل مسارنا بكل تبعاته المتوقعة وغير المتوقعة هو الصدق والوفاء للقضية ودعم الرفاق والمناضلين. وأكثر من ذلك، فما نلام عليه بكونه قاسيا، ليس سوى قول وتسجيل الحقيقة عارية وبدون "روتوش". ونرحب بكل الانتقادات الموضوعية الهادفة والمحترمة لأخلاق النقاش الديمقراطي..
وعودة الى الموضوع، كيف نقبل أن يجتمع هذا "النفر"، إلا إذا صدق عليه قول "جمع ما يجمع". فعلا، حضر الأشخاص، لكن انتماءاتهم السياسية تلاحقهم رغما عنهم ورغم تنظيماتهم، وليس ذلك تحاملا منا أو تشفيا. فمن يحترم تنظيمه، لابد أن يكون قد استشاره في أمر المشاركة من عدمها. فإذا شارك بموافقة تنظيمه، فذلك منطقي ويجب التعامل معه بمسؤولية وفي علاقته بالتنظيم وليس بالشخص. أما إذا شارك دون موافقة تنظيمه، فهذا الأخير مطالب بتقديم توضيح في الموضوع، بل اتخاذ إجراء في حق المعني بالمشاركة (ولو داخليا). إنها الديمقراطية التي تعلمها الديمقراطيون الحقيقيون وكذلك اليساريون الحقيقيون. إن الوضوح مسؤولية أمام الشعب والرأي العام، وممارسة تحيل على الجدية في التعاطي مع الشأن السياسي، بما يقطع مع الممارسة السياسية التقليدية والانتهازية القائمة على الغموض والمكر والخداع...
إن الجديد المستفز والأكثر شراسة هذه المرة، حتى لا أقول الغريب أو العجيب، هو الجلوس الى جانب رئيس الحكومة سعد الدين العثماني ورفيقه في الأمانة العامة ل"حزب العدالة والتنمية" عبد العلي حامي الدين المتورط في اغتيال الشهيد محمد أيت الجيد بنعيسى. 
بالنسبة لخديجة الرياضي سبق أن جالست "المدلل" حامي الدين وكذلك جماعة "العدل والإحسان"، هذه المرة في شخص محمد حمداوي (عضو مجلس إرشاد جماعة العدل والإحسان ومسؤول مكتب علاقاتها الخارجية)، لكن أن تجالس رئيس الحكومة ولو في شخصه وفي ظل الإجرام الذي يطال أبناء الريف وباقي مناطق البلاد من اغتيالات واعتقالات واضطهاد...، أمر مثير حقا؛ بالنظر الى رمزيتها (حزب النهج الديمقراطي، الجمعية المغربية لحقوق الإنسان...).
وماذا عن نبيلة منيب؟ فمعروف عن الحزب الاشتراكي الموحد وكذلك فدرالية اليسار رفضهما مجالسة القوى الظلامية. لكن نراها قد ضربت ذلك كله عرض الحائط وجالست "مرة وحدة" جماعة العدل والإحسان وحزب العدالة والتنمية، والحكومة "حتى هي". بل جالست أحد المتورطين في اغتيال الشهيد محمد أيت الجيد بنعيسى. وهذا الأخير يعتبر خطا أحمرا بالنسبة للعديد من أعضاء الحزب الاشتراكي الموحد. وبمسؤولية، فالشهيد وباقي الشهداء الذين سقطوا على أيادي قوى الغدر الظلامية (عمر بنجلون والمعطي بوملي...) خط أحمر فاصل.
تحدثت هنا فقط عن هذين الاسمين، نظرا لموقعهما البارز في الحياة السياسية. أما الأسماء الأخرى، فحضورها كغيابها، خاصة على مستوى التأثير السياسي المباشر. 
إن الأسماء العشرة فريق متجانس ومحترف (بلغة كرة القدم)، شئنا أم أبينا، ويضم نجوما قد تلهب "الميركاتو" الصيفي وباقي أسواق "الانتقالات" من "اليسار" الى "اليمين"، ومن هذا الأخير الى "اليسار".. 
أما ما ورد في "خلاصة" الورشات، فمن العبث مناقشته، لأنه مفجع ولا يمت بصلة لمرجعية اليسار الحقيقية. وقد نعود إليه والى الأسماء المشاركة الأخرى إذا اقتضى الأمر ذلك..

إضافات:
- لتوضيح الصورة أكثر يمكن الرجوع الى الأسماء الأخرى المشاركة من المغرب ومن خارجه (قطر، مصر، تونس، تركيا، السعودية، سوريا، الجزائر، لبنان، ليبيا) والبحث عن انتماءاتها السياسية أو "المدنية" وأنشطتها ومجالات انشغالاتها؛
- فيما يلي نص "الخلاصة" كما هو منشور بالموقع الالكتروني للمؤسسة المنظمة:
" نحو فضاء للتواصل والعمل المشترك
إنّ الاستقطاب الحاد في سياقات الانتقال السياسي الهشة غالبًا ما يؤدي إلى حالة الفوضى، ممّا يمهّد الطريق لعودة أنظمة الاستبداد أو للاحتراب الداخلي. التقى أكثر من أربعين مشاركًا من الخبراء والفاعليين السياسيين من شمال أفريقيا، وغرب آسيا، ومنطقة الساحل، ينتمون إلى التيارين العَلماني والإسلامي، وناقشوا قضايا متعلقة ببناء الثقة وإرساء إطار للتعاون بين فاعليين ذوي منطلقات فكرية ورؤى كونية مختلفة.
وتمّ التركيز على أهمية إنتاج ثقافة سياسية جديدة مشتركة تستند إلى قِيم الحرية والعدل والكرامة والتنوع والقبول بالآخر وعدم الإقصاء والمواطنة ونبذ العنف، من خلال بناء تحالفات عابرة للأيديولوجيات تسهم في إنجاح الانتقال السياسي السلمي في المنطقة.
اتفق المشاركون على أن التخفيف من الاستقطاب بين الإسلاميين والعَلمانيين ينبغي أن يتجاوز الجدل الفلسفي ويركّز على ضرورة العمل المشترك لفائدة الصالح العام ومن أجل تقوية المجتمع وبناء الدولة، ويتوافق هذا الإطار مع "فضاء مشترك" لا يقتضي تنازل أيّ طرف عن مرجعيته الفكرية أو خيانته لقضيته. فهذا الإطار للعمل المشترك والجهد الجماعي لخدمة المجتمع يمكن تأصيله انطلاقًا من المرجعيات الدينية والأيديولوجية لجميع الأطراف.
يمكن لجماعات ذات قواعد مختلفة في إطار أنظمتها القيمية ورؤاها الكونية أن تختار الانخراط في عمل مشترك مع جماعات أخرى مختلفة، ولكل منها أسبابها الخاصة. وبهذه الكيفية، يمكن لمختلف الجماعات أن تعيش معًا في فضاء مشترك، وتجد كل واحدة التبرير والحافز للقيام بذلك من منظور نظام قواعدها ومبادئها التوجيهية الخاصة بها. ويطلق الفيلسوف الأمريكي جون رولز على عملية الانخراط المشترك من مختلف الجماعات للتفاعل ضمن نفس الفضاء مصطلح 'التوافقات المتداخلة'.
ويفسح الإسلام مجالًا واسعًا لإمكانيات العمل المشترك من أجل مصلحة المجتمع. فالقواعد الدينية في مجال سياسة أمور المدينة / الدولة تشكّل إطارًا يوفّر التوجيه ويسمح بالإبداع. إنّ صحيفة المدينة دليل عملي، من منظور إسلامي، عن إمكانية التعايش والتفاعل الإيجابي في مجتمع متعدّد الانتماءات القبلية والدينية. وقد نجحت هذه الصحيفة، التي سُمّيت بالوثيقة الدستورية الأولى في تاريخ البشرية، في القيام بذلك بإدخال مفهوم جديد للانتماء الاجتماعي مكوّن من ثلاث طبقات مختلفة: القبيلة المعترف بها كواقع اجتماعي، والانتماء الاجتماعي للدين الذي ينطوي على منظومة من القِيم المشتركة، والانتماء إلى المدينة.
إن 'فضاء التواصل والعمل المشترك'، المعرّف بهذه الطريقة، لا يُنظر إليه من طرف المشاركين كشأن متّصل بالضرورات الظرفية والمصالح الحزبية الضيقة والمناورات السياسية، بل كآلية مستديمة تبدأ في مرحلة الانتقال السياسي وتستمرّ طيلة مرحلة تشييد دولة القانون والحكم الراشد. أوصى المشاركون بأن ينصبّ مجهود العمل المشترك على الرهانات الكبرى التي تواجهها شعوب المنطقة فيما يخص المشاركة المواطنية والانخراط المجتمعي للشباب، والتعليم، وكذا بناء ثقافات سياسية جديدة".



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق