24‏/09‏/2017

أحمد بيان// دموع التماسيح لا تنقذ حياة المضربين عن الطعام!!

يقول مثل دارج: "إذا سقطت البقرة تكثر الخناجر" (الدارجة المغربية: "إلا طاحت البكرة تيكثرو جناوة").
 والمقصود هو تهافت الانتهازيين، كل أصناف الجوارح من غربان وبوم و...، لاستغلال المناسبات، بما فيها المناسبات غير السعيدة (الحزينة)، مثل إضرابات المعتقلين السياسيين عن الطعام المحدودة المدة أو غير المحدودة (المفتوحة). والسبب الرئيسي هو الفراغ الذي تعرفه الساحة السياسية. فما حصل في الماضي "يتكرر" اليوم ببشاعة. كانت هناك تضحيات بطولية، لكن نتائجها لا تعكس حجم وثقل تلك التضحيات. إننا ما فتئنا نعيش الانكسارات وموجات الردة والانبطاح. علما أن أي تغيير جذري، أو ثورة، لم يأت من فراغ أو من عدم أو على طبق من ذهب. فكل ثورات الشعوب المضطهدة قامت على أكتاف الشهداء وبعد التضحيات البطولية (الكثير من الدم والدموع...) وتقديم الغالي والنفيس، بشكل فردي وجماعي. إنه التراكم النضالي الذي يغذي الذاكرة النضالية للشعوب. فبعد أن نحصي الشهداء، نعود لإحصاء المعتقلين والمشردين... 
إننا عندما نتحدث عن الثورة وعن التغيير الجذري وعن النضال وعن الاعتقال السياسي وعن الإضراب عن الطعام وعن باقي عناصر القاموس السياسي، ومن أي موقع، فإننا نعي ما نقول. وكل من وضع يده في هذا الجحر (جحر الأفاعي...)، وكل من وضع رجله أو سار في هذا الدرب (درب الثورة والنضال)، يتحمل مسؤولية "اختياره". فهذا المجال لا يعرف "الرحمة" أو الشفقة أو حسن النية... فإما أن تكون، أي تصمد وتقاوم (تحيا) مرفوع الرأس من أجل قضية عادلة؛ أو لا تكون (تموت)، تنهزم/تستسلم أو تستشهد.. إن الاعتقال السياسي قضية طبقية؛ ونقولها للمرة الألف، لا مجال للعاطفة أو استدرار العطف؛ إنه الصراع الطبقي القائم على المصالح الطبقية. 
نتفهم وضع عائلات المعتقلين السياسيين، وعائلات المضربين عن الطعام منهم (أمهات وآباء وزوجات وأطفال وأخوات وإخوان...). نقدر معاناتهم وتضحياتهم الصامتة، ونحييهم بالمناسبة على وقوفهم المشرف الى جانب أبنائهم رغم كل الظروف الصعبة (المضايقات والاستفزازات والفراق والحرمان والتنقل من سجن إلى آخر ومن مدينة إلى أخرى...). ونستحضر التجارب السابقة للمعتقلين السياسيين وعائلاتهم إبان سنوات الجمر والرصاص والحديد والنار المستمرة حتى الآن.. نستحضر شموخ الأمهات والآباء، نستحضر اعتقالهم واستفزازهم، نستحضر عموم أفراد عائلات الشهداء.. فلا زالت الزغاريد المشيعة للشهداء تصم آذاننا.. 
لكن، ماذا عن المعتقلين السياسيين؟
لن نتحدث عمن انحاز الى "الخيار السهل" عن "اقتناع" أو تحت الضغط، أي الرضوخ للأمر الواقع وقبول التعليمات والأوامر، وبالتالي انتظار "ساعة الفرج".. لن نتشفى أو نزايد على أحد، ولن نفرح لسقوط الشهداء، وليس ذلك من شيم المناضلين الثوريين.. فلن نتردد في الدفاع عن الجميع؛ فحتى من ركب "الخيار السهل"، لم يركبه عن طواعية أو عن حب..
يهمنا بالدرجة الأولى من رفع التحدي.. يهمنا من سار على نفس الدرب.. يهمنا من رفض واقع الذل داخل السجن.. وفي هذه الحال، يحملنا مسؤولية التضامن والدعم وكل الأشكال النضالية التي يمكن أن تفك عنه الحصار وأن تساهم في خدمة قضيته العادلة، وفي المقدمة إطلاق سراحه بدون قيد أو شرط...
وخوض الإضراب عن الطعام، وخاصة اللامحدود أو المفتوح، من قبل من رفع التحدي بمبدئية، يضعنا أمام الأمر الواقع مع احترامنا الكامل لقراره. إنه يفضح إجرام النظام القائم وتواطؤ حواريه وكذلك "صقوره". ويحملنا نحن، المناضلين خارج جوقة النظام، المسؤولية في جانب التضامن والدعم، بالنسبة للمضرب عن الطعام وعائلته كذلك.
ولأن التماسيح تملأ المكان وتتكالب على العائلات بغرض خدمة مصالحها الخسيسة وأهدافها الدنيئة، وتصطاد المناسبات والأسماء المعروفة لامتطاء شهرتها.. فمسؤولية المناضلين تكبر وتتعاظم.. لا مجال، طبعا، للعودة الى الخلف (الكرسي الفارغ)، لكن لابد من فضح تلك التماسيح في صفوف المحامين المشبوهين (ضمن هيئة الدفاع) وفي صفوف الأحزاب السياسية وما يسمى ب"المجتمع المدني"..
لم نعد نتحمل أو نحتمل الصمت والمجاملة، بل التواطؤ. فهناك العديد من المعتقلين السياسيين لم يلتفت جهتهم أحد ولم ينبس ببنت شفة في حقهم، لا المحامون ولا الصحافيون ولا الأحزاب السياسية أو النقابات أو "المجتمع المدني".. لابد من كشف الحقيقة أو بعضها/جزئها على الأقل. فحقا "ليس كل ما يلمع ذهبا"، في صفوف المعتقلين وفي صفوف المحامين وفي صفوف الهيئات السياسية والنقابية والجمعوية، وبين صفوف كل المناضلين...
إن النضال بمبدئية يفرض الدفاع عن جميع المعتقلين السياسيين، وغير ذلك ليس سوى دموع التماسيح...



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق