03‏/10‏/2017

حسن أحراث// جيش التحرير المغربي: ذكرى "مثلث الموت"

من أخطر الآفات التي ابتلينا بها أو التي كبلتنا أذكر انصياعنا في جل الأحيان لسحر الراهن من الأحداث (ليست بالضرورة أحداثا تافهة، وقد تكون جرائم فظيعة) دون
أن نكون من صانعي هذه الأحداث، بل هي أحداث تصنع صنعا من أجل إلهائنا واستنزاف طاقاتنا وكذلك إسدال الستار عن قضايا أخرى ذات راهنية وأهمية كبيرتين وطمس معالمها "المستفزة" للحاضر المشوه. لست في حاجة الى سرد الأمثلة، لأنها كثيرة، وطنيا ودوليا. 
من الإيجابي تتبع ومواكبة الأحداث في حينها والقيام بالواجب النضالي تجاهها. لكن من الإيجابي أيضا أو من المفروض عدم الانزياح عن مسار خدمة قضية شعبنا في شموليتها وفي ماضيها وحاضرها ومستقبلها. ويعد غياب التنظيم الثوري من بين أسباب سقوط المناضلين "الاضطراري" في شرك هذه المطبات. إنها باختصار صيحة، أو دعوة رفاقية الى عموم المناضلين من أجل بذل المزيد من الجهد والعطاء النضاليين لتفادي الانسياق وراء مناورات النظام وعملائه..
مناسبة هذه المقدمة "الثقيلة" و"المكرورة" هو عدم استحضار المناضلين للعديد من المحطات اللامعة في سجل شعبنا الذهبي. ليس في الأمر الاستنجاد بالماضي أو الغوص فيه، كما ليس هروبا من لفح الحاضر الحارق، إنه الاعتراف بالتجارب الغنية بالدروس، واستلهام هذه الأخيرة للفعل في الواقع والتأثير فيه. فكم رددنا أن من لا ماضي له لا حاضر ولا مستقبل له..
فمن يجهل تاريخ شعبه لن يقدم له الشيء الكثير، وقد يكرر أخطاء الماضي ببشاعة. فحتى الآن نجهل الكثير من تفاصيل محطات مفصلية في تاريخ شعبنا، وفي المقدمة مؤامرة "إيكس ليبان" (Aix-les-Bains) وكذلك إعلان "لاسيل سان كلو" (Celle Saint Cloud) سنة 1955. علما أن حاضرنا في جزء كبير منه قد بني على نتائج هذه المؤامرة المشؤومة وملحقاتها. ولا يخفى أن فضح خبايا هذه المؤامرات يعري الواقع ويضع كل واحد من الأسماء المحسوبة زورا على المقاومة في الخانة التي تناسبه. ولو انكشفت أسرار جريمة "إيكس ليبان" وما تليها من جرائم في حق شعبنا لسقطت الأقنعة عن العديد من الوجوه ولصار عاليها سافلها.. مع العلم أن الأقنعة قد سقطت عن وجوه بعض "الرموز" المتورطة في خدمة مخططات تطعن قضية شعبنا في الصميم، لكن الحال هي الحال.. فقط، الشعوب "تمهل ولا تهمل".. وأملنا كبير في شعوبنا وفي إرادتها التي لا تقهر..
ما يهمني الآن هو تاريخ "انطلاق" العمليات العسكرية لجيش التحرير المغربي بالمنطقة التي عرفت ب"مثلث الموت" أي أكنول وتيزي وسلي وبورد، وذلك يوم 2 أكتوبر 1955. إنه التاريخ الذي أريد لنا أن ننساه أو أن نتناساه. وللتاريخ، فمن بين خلفيات مفاوضات "إيكس ليبان" إجهاض تجربة جيش التحرير المغربي والقضاء عليها. ولن يرحم التاريخ الخونة والعملاء الذين أبدعوا لقتل الكفاح المسلح وتشييد مسار التفاوض السياسي الخياني والانهزامي تلبية لحاجات الإقطاع والاستعمار وضدا على تطلعات الشعوب المضطهدة المستعمرة، ومن بينها شعبنا المغربي والشعب الجزائري والشعب التونسي وكذلك الشعب الفيتنامي، خاصة بعد هزيمة المستعمر الفرنسي في الهند الصينية في معركة "ديان بيان فو" (Bataille de Dien Bien Phu) سنة 1954، وشعوب أخرى بالتأكيد في افريقيا وبكل القارات.. 
ودرء لأي لبس، فالوقوف عند هذه التجارب المتميزة وتسليط الضوء عليها، ليس تبنيا لمرجعية أبطالها أو لمواقفهم السياسية، أو للمزايدة، إنه احترام لشجاعتهم وتصديهم بصدور عارية للرصاص الغاشم من أي جهة كانت، ومساهمتهم في خلق أجواء استمرار الصمود والمقاومة لإقامة وترسيخ قيم الشموخ والحياة الكريمة لشعوبهم..
إن استحضار هذا التاريخ إشادة بالتضحيات المنسية لأبناء شعبنا وتحفيز لنا على مواصلة مشوار التضحيات والبطولات بهدف خلاص شعبنا وتحرره، ومناشدة أيضا لتصحيح المغالطات التي شابت مسار المقاومة المغربية طيلة فترة طويلة من الكفاح. فمن حق الجميع أن يسائل التاريخ بحثا عن الحقيقة أو بعض أطرافها.. لقد كتب ما كتب بهذا الخصوص وقيل ما قيل، لكن أين الدقة؟ وأين المسؤولية؟ بمعنى آخر، أين الحقيقة؟
إنها مسؤولية المناضل من بين المسؤوليات الأخرى، إنها مسؤولية التنظيم الثوري فيما يتعلق بالاشتغال على الموضوع كضرورة نضالية..
ملاحظة: 
عفوا، لم أقدم جديدا حول الحدث التاريخي العظيم ليوم 02 أكتوبر 1955. لكن لي شرف استحضاره والدعوة الى العمل على إبراز الجوانب التي يعمل البعض على إقبارها.. إنها مسؤوليتنا جميعا..



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق