18‏/02‏/2018

حسن احراث // في ذكرى انتفاضة 20 فبراير... مساءلة الذات المناضلة ضرورة آنية..

في كل ذكرى، يواصل المناضلون الثوريون تمجيد وتعظيم نضالات الجماهير
الشعبية المضطهدة، وفي مقدمتها الطبقة العاملة. وقد تجلى ذلك بالخصوص في التعاطي مع انتفاضات 20 فبراير والحسيمة وباقي مناطق الريف وزاكورة وجرادة... وفي نفس الوقت، يدينون النظام القائم وعملاءه (أحزاب سياسية وقيادات نقابية وجمعوية...) وكذلك أسياده (الامبريالية والصهيونية)، ويفضحون بالتالي الإجرام المتواصل في حق عموم أبناء شعبنا في شتى المجالات (السياسية والاقتصادية والاجتماعية...)، وخاصة ما تعلق بنهب خيرات بلادنا ومصادرتها واستنزاف طاقاتنا وحرماننا من أبسط حقوقنا المادية والمعنوية وترهيبنا، بل والزج برفاقنا ومناضلينا في غياهب السجون.
نعم، من واجبنا الاستمرار في الإشادة بتضحيات وبطولات شعبنا المكافح على الدوام، ومن واجبنا الاستمرار في إدانة أعداء شعبنا وأعداء كافة الشعوب المقهورة، قولا وفعلا، خاصة والفضائح تتواصل أمام ميوعة اللعبة الديمقراطية وعجز أساليب الطمس والتستر عن أداء وظائفها بإتقان وأمام كشف أقنعة المتخاذلين والمتواطئين من قوى ظلامية وشوفينية وبهلوانات سياسية ونقابية. 
لماذا الاستمرار؟
الجواب بسيط، وهو مواصلة شعبنا لتضحياته وبطولاته، ومواصلة النظام وعملائه وأسياده لإجرامهم، حيث الكلمة الأولى اليوم كما الأمس هي "القمع"؛ فمختلف الأجهزة القمعية مثبتة في كل مكان... 
إننا في كل ذكرى، نغتنم الفرصة لتسجيل حضورنا وإسماع صوتنا ومواقفنا...
وفي كل ذكرى، وأحيانا بدونها، نكيل ما شئنا من "الاتهامات" لبعضنا البعض... نعم للانتقاد (النقد والنقد الذاتي)، لكن لا معنى للافتراء وتزييف الحقائق... لقد فرض الوضوح نفسه، ولم يعد بإمكان أحد ممارسة الغموض أو لعبة حجب الحقيقة.. لقد صار بإمكان الجميع معرفة حقيقة الجميع، حيث يكفي بعض عناء البحث والتواصل للوقوف على الحقيقة ودرء الادعاءات الزائفة والافتراءات... 
لقد صار واضحا اليوم أن الاختباء وراء انتقاد الآخر، وفقط انتقاد الآخر، يسيء الى القضية أكثر مما يخدمها...
مر الكثير من الوقت بالنسبة للانتفاضات الشعبية التي زينت سماء بلادنا وخضبت أرضها. لا داعي لذكر كل هذه الانتفاضات، لنتوقف قليلا أمام انتفاضة جرادة الأبية. إن آخر المعطيات تقول برفع المقترحات المطبوخة للجهات "المسؤولة" الى "الجماهير" للحسم فيها...
أمر ظاهره جميل، وباطنه غير جميل (حتى لا أقول شيئا آخرا)... إنها "الديمقراطية" الفجة أو المفترى عليها... إن اللقاءات أو الجموع العامة مخترقة وملغومة. ويحتمل أن تصيب، كما يحتمل أن تخطئ. فلن يترك النظام، عبر أذرعه الأخطبوطية المندسة، المناضلين أو الجماهير الشعبية تقرر مصيرها أو تتخذ مواقفها بدون تشويش أو توجيه.
إن الأمر الذي يجب البث فيه نضاليا هو مدى تمثيليتنا للجماهير الشعبية، كتنظيم وليس كأشخاص مهما عظمت تضحياتنا...
وفي غياب هذا التنظيم الثوري، سيستمر العبث والضحك على الذقون والإجرام...
وليتربع سماسرة المرحلة على جراحنا وعلى معاناتنا وبؤسنا، ولا محالة سيغرقون عاجلا أم آجلا في بحر عرق الفقراء ودموع المحرومين والمظلومين ...
أما نضالنا، فسيستمر حتى النهاية، حتى النصر الأكيد...
لينشغل المناضلون بالدراسات الميدانية في مجالات الثروة الفلاحية والصناعية والمعدنية/المنجمية والبحرية...؛
لينشغل المناضلون بالمتابعة والتقصي بشأن الجرائم السياسية المقترفة في حق أبناء شعبنا (شهداء ومعتقلين سياسيين ومختطفين...)؛
لينشغل المناضلون بالتواصل مع رفاقهم من أجل توحيد الرؤى وبلورة خطط العمل النضالية؛
لينشغل المناضلون بتنظيم صفوفهم وتمتينها وابتكار آليات متطورة للنهوض بالأعباء التنظيمية والتواصلية؛
لينشغل المناضلون بالتكوين والتأطير من أجل تجويد الأداء النضالي وتجديده على أرضية المستجدات العلمية والتقنية وما تمور به الساحة السياسية من أحداث ومعطيات متسارعة، ولينهلوا من تجارب الشعوب استيعابا وإبداعا وليس اجترارا أو نقلا بليدا؛
إن من يتجاهل هذه المهام النضالية وينشغل عنها بتشويه المناضلين والافتراء عليهم، ليس مناضلا، ولا يمت بصلة للمناضلين وللقضية، وكذلك من ينزوي بعيدا فوق أبراج عاجية ويوزع التهم والمهام حسب مزاجه المريض وتقلبات طقسه غير المستقر، كما يستشعرها بأدواته الخشبية المتجاوزة (النميمة والتلصص والإغراء...). 
إن التحدي اليوم هو إنتاج ما يخدم قضية شعبنا ويقدم نضالات شعبنا، وليس ما يكرس التيه والتخاذل ويرسخ اليأس والإحباط.
نعم، إن فضح المتخاذلين والانتهازيين والتحريفيين والتشهير بهم من مسؤولية ومهام المناضلين الثوريين، لكن ذلك لا يجب أن ينسينا أولوياتنا ومسؤولياتنا ومهامنا الرئيسية...
إننا أمام المحك، وأيضا مصداقيتنا ونزاهتنا النضاليتين...
لنكن في مستوى الاعتراف (النقد الذاتي)، من أجل مواصلة المشوار النضالي عن جدارة، وحتى لا نسقط في "النمطية" أو نتلاشى بفعل الصدأ وتكرار أنفسنا... إن من لا يتقدم، يتأخر بالضرورة...
لقد ضحى شعبنا كثيرا... ألا يكفي ذلك؟!!
ليسائل كل مناضل ثوري ذاته، قبل أن يسائل رفيقه؛
ليعترف كل مناضل ثوري بحقيقته، قبل أن يطلب حقيقة رفيقه؛
لنضع برنامجا لأنفسنا قبل أن نضعه لشعبنا أو لنطالب به غيرنا؛
لننظر الى المرآة لنرى أنفسنا قبل أن ننظر الى شعبنا أو غيرنا...
في الذكرى السابعة لانتفاضة 20 فبراير، لابد من مساءلة الذات المناضلة قبل غيرها.



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق