05‏/03‏/2018

حسن أحراث// وجوه أم أقنعة...؟ كم من بوق "ثوري" صار بوقا رجعيا...

حاولت كثيرا أن أعرف حقيقة بعض الوجوه؛ أي حقيقة بعض الأسماء "المناضلة"؛ قبل السجن وداخل السجن وخارج السجن...

ألقيت بكل تجربتي المريرة في الحياة، خاصة تجربة الاعتقال والتعذيب والزنزانة والكاشو والعزلة والإضراب عن الطعام ومقاومة الجلاد/السجان، في رهان كشف حقيقة الوجوه القبيحة والوجوه التي تبدو جميلة...
ألقيت بتجربتي وذكائي وحدسي، وبكل الدروس التي راكمتها طيلة عمري...
كم تفرست من وجوه؛
كم تمعنت في العيون الجاحظة؛
كم تعقبت من ممارسات، ليلا ونهارا؛
كم أنصتت الى الخطب والشعارات والوعود وأداء "قسم" الوفاء للشهداء... 
كم تشنفت أسماعي بالحب الزائف للشهداء وللشعب وللمستحيل..
كم رأت عيناي من لقطات "ممسرحة" وخادعة... هدفها، طمأنة الذات المريضة وفتح آفاق "الانهيار"، عن وعي أو بدونه... 
كم سئمت التهجم المجاني على المناضلين المبدئيين..
كم من بوق "ثوري" صار بوقا رجعيا... 
لنعد الى التاريخ، ولنحص "متلاشياتنا"... 
كم نخجل من أنفسنا... فلم يعد "سحر" المتنطعين يجدي نفعا، ولم يعد سحر الساحر ينقلب ضده... 
من يتذكر رمز التحريفية بريجنيف وحداءه بمنصة الأمم المتحدة؟!!
من يتذكر "غضب" فتح الله والعلو بمنصة البرلمان؟!!
من يتذكر "قسم" المتنكر اليوسفي، بل المتنكرين لمجد الرفاق ولتضحيات الأبطال ولدماء الشهداء (المهدي بنبركة...)؟!!
من يتذكر شعارات ومواقف "رموز" سياسية ونقابية وجمعوية منبطحة اليوم أكثر من انبطاح وزحف الزواحف...؟!! 
من يتذكر "قشفات" البهلوان عبد الإله بنكيران؟!!
إن النتيجة واحدة.. أقنعة بريئة ووجوه لئيمة...
مجرمون (وغيرهم) بكل معاني الكلمة...
الممارسة هي المحك، وهي المرآة، وهي الخلاصة...
وليست الممارسة وفقط، أقصد الممارسة المستمرة والمتواصلة حتى النهاية..
كم من "بطل" صار بهلوانا... وكم من معتقل صار مرتزقا، بل خادما طيعا للنظام (اللائحة طويلة)... وكم من "فهيم" صار مهرجا...
لنحذر المهرجين باسم الثورة والخطاب الثوري... لنحذر المتسكعين في دروب "الثورة" المهجورة والمقفرة...
لا أشك في ذكاء أبناء شعبنا... إنهم أقدر على التمييز بين المناضل وشبه المناضل...
فناذرا ما يكون القناع هو الوجه، والوجه هو القناع..
وناذرا أيضا ما يبدو القناع "لئيما"، والوجه بريئا..
أن ترفع التحدي اليوم، لابد من كشف حقيقة الوجوه المتهافتة وبدون عناء على الكراسي الوتيرة وعلى مواقع المسؤولية والصفوف الأمامية..
بعد كل الدماء التي جرت تحت الجسر (وفوقه)، لا مجال للخطأ..
بعد كل التضحيات التي نقشت على الصخر، لا مناص من الانتصار، الانتصار على الأرض، وليس على شاشات الحواسيب...
لنقاوم (ولا أستثني نفسي) سحر التكنولوجيا، ولنفشل غايات أرباب التكنولوجيا الساعية الى تنويمنا وتخديرنا وتنميطنا وتوهيمنا بالانتصارات الوهمية (الافتراضية)...
لنوظف التكنولوجيا عكس غايات أسيادها... 
لنجعل منها صرحا للتواصل الحذر وآلية للفضح الواسع...
ولنحتفظ لأنفسنا بالحضور الكافي على الأرض، لنندمج في الواقع... لنعش الواقع الدامي الذي "يبدعه" النظام والقوى الرجعية (ومنها القوى الظلامية والشوفينية) والقوى الإصلاحية الجبانة والمتواطئة من خلال نقاباتها وجمعياتها و"مثقفيها"...
لنبن قلع المستقبل المتين على الأرض الصلبة، الى جانب العمال والفلاحين الفقراء...
لنشيد جسور الثورة المنشودة، كواقع وليس كحلم... 
لنساهم في تأجيج شعلة الصراع الطبقي من أجل الخلاص من قبضة الاستغلال والنهب والاضطهاد، القبضة التي تخنق الرجل والمرأة معا...
بعد مساحات ثائرة عديدة من بلدنا الحبيب (ماضيا وحاضرا)، انتفضت الحسيمة ومنطقة الريف، وبعدها زاكورة وبركان وبوعرفة ومناطق أخرى... واليوم، جرادة...
ماذا بعد جرادة (السؤال الذي يطرحه المناضلون الصادقون والمخلصون للقية)؟!!
إنها الأسئلة الآنية والمستقبلية...
من يتذكر انتفاضة الريف 1958/1959 (...)؟!! من يتذكر انتفاضة 23 مارس 1965؟!!
من يتذكر انتفاضة أولاد خليفة؟!!
من يتذكر إضراب واعتصام الغار بقطارة (قرب مدينة مراكش) ؟!!
من يتذكر الانتفاضات اللاحقة (20 يونيو 1981 بالدار البيضاء وانتفاضة يناير 1984 وانتفاضة دجنبر 1990 وانتفاضة صفرو وتازة...)؟!! 
من يتذكر استشهاد العديد من المقاومين قبل 1955 وبعدها؟!! 
من يتذكر الإعدامات التي طالت الأبطال المغاربة، ومن بينهم الحنصالي وشيخ العرب ودهكون...؟!!
من يتذكر رموز النضال والثورة عبد اللطيف زروال وسعيدة المنبهي وعمر بنجلون وسعيدة المنبهي ومحمد كرينة ورحال جبيهة وعبد الحق شبادة... (اللائحة طويلة)؟!! 
من يتذكر أسماء أخرى...
من يتذكر استشهاد الدريدي وبلهواري والرحيل المبكر للمناضلين محمد عباد وعبد الرحيم علول وصالح بوحمزة (مجموعة مراكش 1984)؟!!
بكل صدق، لم تعد تطربنا الشعارات (الملحنة وغير الملحنة) ولا الجمل الإنشائية "الثورية" ولا الخرجات الإعلامية المتنطعة (والمغشوشة) ولا المسيرات "المليونية"، ولا أي قالب من قوالب امتصاص الغضب، كما حصل بالحسيمة... أين الحسيمة الآن؟!!
أيننا من شعار "الموت ولا المذلة" الذي رددته آلاف الحناجر؟!! 
لا مجال للعاطفة "البريئة"... لا مجال للثقة الزائدة... لا مجال لصنع "أصنام" جديدة و"رموز" تقتلنا بدون شفقة...
الشهداء يتساقطون، ونحن نردد الكلام المكرور ونزاول الممارسة المكرورة...
والنتيجة؟ ما حصل بالحسيمة والريف سيعيد نفسه (مشوها) بجرادة...
قد نستيقظ، وكثيرا ما استيقظنا... 
لكن، ألن نعود الى النوم العميق...؟!!
إننا نكرر كلامنا.. إننا نكرر أنفسنا.. كفى...
إنها رسالة واضحة (رسالة مكرورة وغير مشفرة) الى المناضلين الثوريين المبدئيين...
وإننا اليوم، كما الأمس، وكما الغد بكل تأكيد...
إننا مناضلون ثوريون مبدئيون ...



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق