25‏/08‏/2018

أحمد بيان// المعتقلون السياسيون بالمغرب: معاناة التمييز

الاعتقال السياسي قضية طبقية. إنه المنطلق والمبدأ، ومن له رأي آخر، فذلك شأنه.

والمنطلق والمبدأ أيضا هما دعم ومناصرة والانخراط في أي مبادرة نضالية (أكرر نضالية وبكل مسؤولية) تخدم قضية الاعتقال السياسي، باعتبارها أولا وأخيرا قضية شعب.
وأقصد المبادرات النضالية (مسيرات ووقفات واعتصامات وإضرابات عن الطعام...) التي تساند المعتقلين السياسيين، كافة المعتقلين السياسيين وعائلاتهم، وبدون تمييز سياسي.
يمكن تفهم مبادرة نضالية تهم معتقلين سياسيين دون غيرهم، وذلك في سياق معين، مثل مضايقات أو إعلان إضراب عن الطعام.
لكن، ما معنى التركيز على معتقلين سياسيين دون غيرهم؟
ما معنى الاهتمام بمعتقلين سياسيين دون غيرهم؟
ما معنى حصر الدعم فقط لفائدة معتقلين سياسيين دون غيرهم؟
قد يتفهم ذلك المعتقل السياسي، في علاقة الأمر بالمواقف والتصورات والمشاريع السياسية التي ينتمي اليها، وبإكراهات الصراع والحسابات السياسوية. وقد حصل ذلك بالنسبة لجميع المعتقلين السياسيين وجميع المجموعات داخل مختلف سجون الذل.
ومن المفروض أن يتحمل المعتقل السياسي مسؤولية وتبعات موقفه وخندقه السياسيين. فلكل موقف/خندق سياسي "ثمن"، ابتداء من التهميش والحصار وعزل العائلة والتعتيم...
لكن، ماذا عن العائلات؟ ما ذنب العائلات؟ كيف ترى عائلة معتقل سياسي دعم معتقلين سياسيين دون ابنها، خاصة بالنسبة للأمهات؟ علما أن بعض أفراد العائلات ينخرط في الصراع من موقع سياسي معين ويزج بالعائلة أو المعتقل في متاهات قد يكون هذا الأخير بعيدا عنها أو غير معني بها.
المهم، كيف نرى نحن، المناضلون، دعم معتقلين سياسيين دون غيرهم؟
كيف نرضى أو نقبل ذلك؟ّ
أين المبدئية هنا؟ أين القضية الواحدة؟
النظام القائم يصدر التهم ويوزع الأحكام ويفرق بين "هذا وذاك" (فرق تسد، تارة بالترغيب وتارة أخرى بالترهيب).
النظام القائم لا يعترف بالمعتقلين السياسيين، وذلك صار معروفا ومألوفا.
وماذا عنا نحن؟
هل نسوق نفس الأسطوانة؟
هل نناصر/نهتم بمعتقلين سياسيين دون غيرهم؟
هل ننساهم لمجرد كونهم اختلفوا معنا أو لمجرد ادعاء أو وشاية؟
هل من رفع شعارات غير شعاراتنا لا يعنينا؟
هل نحن ديمقراطيون حقا؟
هل يكفي المطالبة بما يسمى ب"المحاكمة العادلة"؟
هل في ظل نظام لاديمقراطي يمكن توقع "المحاكمة العادلة"؟ 
هل يكفي رفع شعار "إطلاق سراح المعتقلين السياسيين"؟
النظام يغرق المعتقلين السياسيين في زنازين العار، أ لا يعد نسيانهم/تناسيهم دعما لجرائم النظام؟
إننا لا نقبل نضاليا أن ندعم معتقلا سياسيا دون آخر. فكل المعتقلين السياسيين اعتقلوا من أجلنا، ومن أجل شعبنا. 
يحصل أن تسلط الأضواء، خاصة الإعلامية، على معتقل سياسي دون آخر، لذا فالاهتمام بالمعتقلين السياسيين المنسيين مطلوب. لكن ليس على قاعدة "معتقلينا ومعتقليكم". إن القضية في العمق واحدة.
ولا ننسى مسؤولية المعتقل السياسي في التواصل مع المناضلين. فارتباطه بجهة سياسية معينة وإغلاق الأبواب أمام جهات أخرى، بل التحامل عليها خيار أو موقف يتحمل مسؤوليته هو بالدرجة الأولى. فأحيانا، نهاجم جهة سياسية معينة، وفي نفس الوقت نحملها مسؤولية عدم القيام ب"الواجب". فيما مضى، أي في تجارب سابقة، كانت العائلة تتواصل مع كل من يتبنى قضية الاعتقال السياسي، وتفتح أبوابها في وجه جميع المناضلين. وكانت الأمهات بالخصوص تعانق جميع المناضلين بمثابة أبنائها. وكثيرا ما لعبت العائلات دور موحد نضالات المعتقلين السياسيين. 
بالفعل، اختلطت الأوراق داخل السجون وخارجها. وتلوثت الحياة السياسية. حتى صارت متابعة أوضاع بعض المعتقلين السياسيين "ارتزاقا" و"توظيفا"، وعدم القيام بذلك "خيانة" و"تواطؤا"...!!
وصار التهافت على "التواصل" مع المعتقلين السياسيين وعائلاتهم موضة وتباهيا من خلال الصور والمناسبات...!! بل وصل الأمر حد "التنافس"!! 
أما التشويش وزرع الأحقاد والتغليط، فحدث ولا حرج، سواء في صفوف المعتقلين السياسيين وعائلاتهم أو عبر وسائل الإعلام أو من خلال وسائط التواصل الاجتماعي.
إن قوتنا في خدمة قضية الاعتقال السياسي بمبدئية ودون تمييز أو انتقاء.
إن التمييز بين المعتقلين خذلان ليس فقط للمعتقلين ولعائلاتهم، بل للقضية. 
يقول البعض، أين أنتم من معتقليكم؟ 
أقول، ليس لدينا معتقلين سياسيين بهذا المعنى. إننا ندافع عن قضية الاعتقال السياسي. فكم من معتقل سياسي رفض الدفاع عنه أو التضامن معه من طرف هذه الجهة السياسية أو تلك، وذلك حقه. وكم من عائلة كذلك، لهذه الأسباب أو تلك. إننا نحترم كل المواقف والقرارات، لكن ذلك لا يمنعنا من الدفاع عن قضية الاعتقال السياسي كقضية طبقية. إننا نضاليا رهن إشارة جميع المعتقلين السياسيين وعائلاتهم، فلن نتردد في تقديم الغالي والنفيس من أجلهم بدون حسابات أو أوهام، ورصيدنا يشهد على ذلك.
ومن المفروض نضاليا أن يكون المعتقل السياسي المناضل تلك الشعلة التي تجمع شمل العائلات والمناضلين وتوحدهم وتكسر الجدران الوهمية فيما بينهم. فلنفضح فخاخ النظام ومؤامراته ومساعيه لتشتيت المعتقلين السياسيين وعائلاتهم من خلال بث العناصر المشبوهة في صفوفهم. والنظام من خلال تسميم الأجواء بين المعتقلين السياسيين وعائلاتهم يرمي أيضا الى تسميم الأجواء بين المناضلين. 
إن كل المعتقلين السياسيين أبناء شعبنا، وكذلك كل الشهداء وكل المناضلين.
ولا يمكن إلا أن أهنئ المعتقلين السياسيين المفرج عنهم بغض النظر عن خلفيات النظام ومراميه من مناورة "العفو"، وأعتبر إطلاق سراحهم انتصارا لقضية الاعتقال السياسي وللمناضلين من أجل قضية الاعتقال السياسي وللعائلات كل العائلات وللمعتقلين السياسيين كل المعتقلين السياسيين. 
لنواصل نضالنا من أجل إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين بكل مبدئية وبكل إصرار.



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق