لم تعد تمر سنة أو سنتان، أو أيام معدودة، دون أن نشهد معركة هنا أو هناك، دون الحديث عن النضالات اليومية لأبناء شعبنا، من عمال وفلاحين فقراء وطلبة
ومعطلين ومهمشين، في مختلف المدن والقرى. وقد طال الاضطهاد والقمع حتى الأساتذة والأطباء والكثير من الفئات الاجتماعية الأخرى. فتنزيل المخططات الطبقية للنظام التي تعمق التردي الاقتصادي والاجتماعي يفرض المزيد من القهر والقمع. إن رهان النظام على القمع في التعاطي مع الانتفاضات الشعبية يعكس عمق الأزمة التي يتخبط فيها، لان وعي الجماهير الشعبية تجاوز سقف القوى السياسية التي تؤدي مهمة احتواء وتضليل وتزييف الحقائق وكذلك امتطائها. إننا بالمكشوف، أمام بيع خيرات بلادنا بالجملة بعد أن كان يتم ذلك بالتقسيط. وليس غريبا أن تتكاثف حملات الاعتقال المتواصلة، خاصة في صفوف الطلبة ومناضلي حركة 20 فبراير، وفي الإجهاز على العديد من المكتسبات رغم محدوديتها وضرب القوة الشرائية من خلال التجميد المزمن للأجور والزيادات المهولة في الأسعار، باعتماد سياسة/مؤامرة "التحرير" الفجة الموجهة بالأساس الى تعميق الفقر والبؤس، وبالمقابل إغناء مصاصي دماء شعبنا وأسيادهم بالخارج. وذلك (حالة طنجة) من خلال تفويت قطاع "النظافة" والنفايات للشركات الأجنبية "تكماد"TECMED ، "سيتا البوغاز SEITABOUGHAZ" و"سولمطاSOLAMTA"، أما قطاع الماء والكهرباء والتطهير السائل فلفيوليا المغرب Redal-AMENDIS النقلل ALSA.. إنها حال البورجوازية الكبيرة في دفاعها المستميت وحمايتها لمصالحها ومصالح الامبريالية. فكل الشركات العابرة للقارات تتوخى الربح على حساب القوت اليومي لأوسع الجماهير الشعبية، ومن هذا المنطلق جيء بكل هذا الأسطول من الشركات "للتدبير المفوض".
لقد ووجهت كل الانتفاضات الشعبية التي عرفتها بلادنا بالحديد والنار، وكذلك المعارك اليومية. وماذا عن انتفاضة مدينة طنجة في مواجهة "الغول" الفرنسي "أمانديس"؟ حتى الآن، وأمام الورطة/الفضيحة التي سقط فيهاوالتي عرت حقيقة عملائه، وعلى رأسهم حزب العدالة والتنمية وقائده المهرج الذي لا يتوانى عن إهانة الجماهير الشعبية والمس بكرامتها، اعتمد النظام أسلوب المناورة (العصا والجزرة)، حيث زج بالحابل والنابل في المعركة، خلطا للأوراق وتصفية لبعض الحسابات البعيدة عن هموم الجماهير الشعبية المنتفضة. فكما في العديد من الأحيان، وكأسلوب ماكر، يلجأ النظام الى دس بيادقه، كطابور خامس، في كل المواقع الساخنة قصد تفجيرها/تلغيمها من الداخل، وبالتالي التحكم فيها وتوجيه مسارها. فالأيادي الأخطبوطية لحزب الأصالة والمعاصرة، حزب النظام المدلل الآن، طالت كل مناحي الحياة السياسية. والخطير أنها وكذلك القوى الظلامية تتربص بنضالات أبناء شعبنا في كل المواقع والساحات من أجل إجهاضها وإخمادها. وتعمل أيضا على عزل المناضلين والتحريض ضدهم والتشويش على مبادراتهم النضالية.
وكما علمتنا الانتفاضات السابقة لشعبنا المكافح، نقف اليوم، ونحن نعيش ملحمة أخرى بمدينة طنجة، عند علامتين بارزتين، تتطلبا منا الدراسة والتمحيص للخروج من المأزق الحالي الذي يسمح للنظام وأزلامه من قوى سياسية وقيادات نقابية بمواصلة جرائمهم والاستفراد بأبناء شعبنا، من مدينة الى أخرى ومن منطقة الى أخرى.إن العلامة الأولى تتمثل في الاستعداد الدائم والقوي للجماهير الشعبية الكادحة وفي مقدمتها الطبقة العاملة للمواجهة من ّأجل تحررها وخلاصها، رغم الترسانة القمعية التي غطت كل أزقة وشوارع وساحات المدينة. أما العلامة الثانية، فهي غياب الأداة الثورية القائدة التي تؤطر هذا الاستعداد وتنظمه ليصل الى تحقيق الطموحات والآمال المنتظرة.
وإذ نشيد بصور الصمود والتحدي والتضامن الرائعة التي رسمتها الجماهير الشعبية على أرض مدينة طنجة، في إصرار وتشبث قويين بمطالبها، وعلى رأسها مطلب "رحيل شركة أمانديس"، نسجل ما يلي:
- تحميل النظام القائم كامل المسؤولية فيما يخص النهب الذي مس جيوب الجماهير الشعبية، سواء عبر "أمانديس" أو غيرها، كمسلسل رهيب للإبادة والتشريد الذي لا يعني فقط مدينة طنجة؛
- إدانة القمع والاعتقال الذي طال المتظاهرين، ومنهم من يتابع الآن ومن يوجد اسمه على قائمة المبحوث عنهم؛
- إدانة المناورات الجارية الآن لإجهاض المعركة بواسطة الحلول الترقيعية، والإجراءات التهديدية التي قد تفضي الى حمامات دم جديدة؛
- إدانة القوى السياسية المتواطئة والمشاركة في الجريمة، والتي لا يهمها سوى المتاجرة في تضحيات ومعاناة أبناء شعبنا واستثمارها؛
- دعوة المناضلين الى رص الصفوف والانخراط في المعركة والمساهمة كل من موقعه في إنجاحها، على اعتبار أنها معركة الشعب المغربي قاطبة.
إن إرادة الشعوب لا تقهر، وإرادتنا من إرادة الشعوب..
تيار البديل الجذري المغربي
C.A.RA.M.
شارك هذا الموضوع على: ↓