أحمد بيان: نقابة
بيروقراطية جديدة بالمغرب.
ميلاد مركزية بيروقراطية جديدة: الاتحاد المغربي للشغل-التوجه
الديمقراطي
يعرف الحقل النقابي بالمغرب فوضى وتسيبا لا مثيل لهما. ليس فقط
على مستوى التدبير الداخلي، حيث استشراء الفساد المالي والتسيير البيروقراطي (غياب
الديمقراطية الداخلية) بالإضافة الى خدمة أجندة النظام والتواطؤ مع الباطرونا ضد مصالح
العمال والقواعد النقابية، بل كذلك على مستوى تفريخ الأجسام الغريبة وتمزيق صفوف العمال
وضرب وحدتهم.. إن السعي الى الحفاظ على بعض الامتيازات التافهة وخدمة المصالح السياسوية
الضيقة أعمى عيون عتاة "المدافعين" على الوحدة النقابية وقادهم الى صنع دكان
جديد/قديم تحت مسمى "الاتحاد المغربي للشغل-التوجه الديمقراطي" (بلاغ
"الثلاثي أمانة" خديجة غامري وعبد الحميد أمين وعبد الرزاق الادريسي، بتاريخ
19 يوليوز 2014). والمؤسف، اعتماد نفس الأساليب البيروقراطية (التعيينات، الإلحاقية،
التجييش، الإقصاء، الزبونية السياسية في التفرغ النقابي...) التي ألقت "بالديمقراطيين
جدا" خارج الاتحاد في 05 مارس 2011. لقد صنعوا دكانا بمقاسات دقيقة (الاطلاع على
القانون الأساسي الجديد) تضمن الهيمنة المطلقة "للثلاثي أمانة" والمريدين
من مختلف البقع السياسية..
لقد انطلاق مسلسل التأسيس الفعلي منذ اعتماد صيغة "فك الارتباط"
بشكل قانوني، بالنسبة للجامعة الوطنية للتعليم والجامعة الوطنية لعمال وموظفي الجماعات
المحلية والاتحاد النقابي للموظفين والموظفات... وبدل أن يتم تسجيل الحقيقة المكشوفة،
أي انطلاق مسلسل التأسيس، والإعلان المسؤول عن خوض غمار هذه المعركة من الأبواب الواسعة
وبالواضح تم اللجوء الى المناورة والكذب على المناضلين وتوريط بعضهم في الكذب على القواعد.
فمن المشروع التشبث بالاتحاد المغربي للشغل وبإرث الاتحاد المغربي للشغل وبأي إرث أو
رصيد نضالي كان نقابيا أم سياسيا، لكن من غير المشروع الكذب على المناضلين والكولسة
وفرض الأمر الواقع. وكم من مناضل تعرض الى التهجم والتشويه والجلد بمجرد قوله
"إنكم تمهدون الى تأسيس، بل إنكم تؤسسون نقابة/مركزية جديدة"!! وسادت المزايدات
التي وصلت حد زعم القدرة على طرد البيروقراطية من الاتحاد (الفساد يطلع برا، من طلع
برا في الأخير؟). ألن يتم تدبير الصمود إلا بخلق مركزية بيروقراطية جديدة؟ لماذا عدم
تدبير الصمود من داخل الاتحاد؟ أفمن أجل ثلاثة عناصر مطرودة من قيادة الاتحاد يتم الزج
بالمناضلين في متاهات غير منظورة العواقب وتتم "شرعنة" التشتيت النقابي وضرب
وحدة الطبقة العاملة؟
إنه بعد الوصول الى الباب المسدود، خاصة أمام الرفض القاطع لقيادة
الاتحاد المغربي للشغل (الصيغة القديمة أو التوجه البيروقراطي) لأي تنازلات وبإيعاز
طبعا من النظام، ورغم المحاولات والاتصالات المتكررة السرية منها بالخصوص من أجل إرجاع
المياه الى مجاريها بقليل جدا من ماء الوجه، كان لابد من إعلان الميلاد الجديد، والمؤسف
باحتشام، نظرا للإحراج بعد جعجعة الشعارات والتصريحات النارية والصارمة بالتشبث بالاتحاد
(بث.. هنا ننبث) وعدم إنشاء مركزية جديدة لما في ذلك من أثر خطير على وحدة الشغيلة..
لكن كلام النهار محاه الليل وكلام الليل محاه النهار.. ووحدة
الشغيلة المفترى عليها ذهبت الى الجحيم وتبخر شعار "خدمة الطبقة العاملة بدل استخدامها"..
فمن أجل عيون بعض المقاعد المحدودة في اللجن الثنائية في 2015 سقطت فرسان الوحدة النقابية
وسال لعابها.. وسننتظر الدعوة القريبة الى الإضراب العام من طرف مركزيتنا الفتية (قد
يكون سيناريو مكرور ومشوه لتجربة الكنفدرالية الديمقراطية للشغل أواخر السبعينات وبداية
الثمانينات من القرن الماضي)!!
إن المطلوب نضاليا من المناضلين الحضور والفعل حيث يوجد العمال
بالدرجة الأولى وحيث توجد القواعد النقابية بشكل عام، ومحاربة البيروقراطية والتصدي
لها في كل الإطارات النقابية، دون أن يكون همنا الأول (هاجسنا) هو تأثيث القصور النقابية
وزركشتها. إن المهمة الأساسية بالنسبة للمناضلين هي الارتباط بالعمال وباقي القواعد
النقابية وتعميق الوعي الطبقي في صفوفهم حتى داخل نقابة صفراء.. لأن حرب الطواحين الهوائية
لا تنتهي والصراع مستمر.. أما النصر، فمرتبط باقتلاع جذور البيروقراطية والمافيات النقابية
والسياسية وعرابيها ومن يضخ دم العمال والمقهورين في شرايينها، أي النظام القائم والقوى
الرجعية والإصلاحية...