20‏/02‏/2016

يوسف وهبي// انتفاضة حركة 20 فبراير.. تحرر الشعب المغربي في الافق..

شهد شعبنا عبر تاريخه المعاصر، أقله منذ الاستقلال الشكلي وحتى حدود هذه اللحظة ، العديد من المحطات والانعطافات التاريخية في مواجهة هذا النظام التبعي العميل عن طريق تقديم التضحيات تلو التضحيات ، من أجل نيل حريته
والعيش الكريم وتقرير مصيره. ولم تستثنى الانتفاضة المجيدة تحت عنوان حركة 20 فبراير من الدينامية والاندفاعة الجماهيرية، والتي نخلد الذكرى الخامسة لانطلاقتها، حيث قدم الشعب المغربي العديد من الشهداء، سنحاول في هذه المساهمة تقديم لمحات تعريفية بهويتهم لعل وعسى تكون نبراسا وطيف أفق لعموم المناضلين المرتبطين بقضية التحرر والانعتاق، مبتعدين عن أوهام ضيقي الأفق، متوجهين رأسا نحو المهام المستعجلة في بناء الشكل التنظيمي القادر على استثمار التضحيات الجسيمة للشعب المغربي وفي مقدمتها تضحيات الطبقة العاملة المغربية.
منذ اليوم الأول لانطلاق حركة 20 فبراير، قدمت الجماهير الشعبية في انتفاضتها المجيدة، الشهداء الخمسة، شباب من مدينة الحسيمة، وهم: جعفر نبيل 19 سنة، بنقدور جواد 25 سنة، البو عزاوي سمير 17 سنة، السالمي جمال 24 سنة، القاضي عماد 18 سنة، استشهدوا جراء عملية الحرق التي تعرضوا لها، وخلافا لرواية أجهزة النظام القائم والتي تدعي محاولة سرقة بنك، تلاها اشعال للنيران مما عرضهم للاحتراق، فإن شهود عيان أثبتوا تواجد الشهداء الخمسة بولاية "الأمن" لمدينة الحسيمة قبل الاعلان عن احتراق جثتهم، بل ان آثار التعذيب بادية عليهم، فيما رفضت النيابة العامة مطلب عائلات الشهداء بفحص كاميرات المراقبة. لكن، في حالة مدينة صفرو، وفي نفس اليوم 20 فبراير، ستكون كاميرات المواطنين شاهدا على بشاعة ووحشية أجهزة القمع الطبقي، حيث وثقت وبشكل لا لبس فيه لعنف وتعذيب الشاب كريم الشايب 21 سنة، ليعلن يوم 23 من نفس الشهر عن استشهاده جراء التعذيب الوحشي بإحدى أزقة المدينة . القضية التي استشهدت من أجلها الشهيدة فدوى العروي، وذلك في اليوم الثاني من انطلاق انتفاضة 20 فبراير، تلخص بالمجمل وبشكل مركز حجم المعاناة التي تعيشها المرأة المغربية، إنه واقع الاستغلال والاضطهاد الطبقيين والمحكم بترسانة من القيم الرجعية والتي تشدد الخناق وتسلب قيم الكرامة والانسانية. فاعتبارها أم عازبة لطفلين، تعمل جاهدة وبصعوبة لتوفير لقمة العيش لأطفالها، أضف الى ذلك واقع الفساد والمحسوبية التي ينخر جهاز النظام الاداري برفضه توفير سكن لائق لها ولعائلتها وهو الذي استبق هدم سكنها "العشوائي"، لذلك أقدمت على احراق الذات إدانة وصرخة مدوية في وجه النظام الرجعي القائم.
إن الحديث عن الشهداء يوقظ المواجع ويحتقر الذات الخانعة، لكنه يستفز الذات الواعية ويطالبها الاجابة عن الاسئلة الحارقة، سؤال الذات المناضلة القائدة لتضحيات الجماهير الشعبية، كما سؤال المداخل العلمية والعملية لتجذير وعي هذه الجماهير وبمقدمتها الطبقة العاملة حاملة المشروع الثوري والنقيض لواقع الاستغلال والاضطهاد.
لم تقف تضحيات الشعب المغربي في السنوات الخمس الماضية عند هذا الحد، بل قدم المزيد من الشهداء، منهم كذلك الشهيد كمال العماري ابن مدينة أسفي والذي استشهد يوم 02 يونيو 2011، أثناء التدخل الهمجي لقوات القمع لتفريق تظاهرة احتجاجية لحركة 20 فبراير، والشهيد محمد بودروة شهيد قضية التشغيل، عضو تنسيقية حملة السواعد المعطلين، حيث تم إلقاءه من طرف أجهزة القمع من أعلى سطح بناية مقر الوكالة الوطنية لانعاش الشغل لمدينة أسفي، هذه المدينة العمالية المناضلة التي قدمت العديد من الشهداء من الطبقة العاملة آخرهم العمال الأربعة المشتغلين بالمحطة الحرارية لاسفي الواقعة بتراب جماعة أولاد سليمان، وذلك يوم 22 نونبر 2015 .
زوال يوم الأحد 07 غشت من سنة 2011 ، انضاف الى قائمة شهداء الشعب المغربي البائع المتجول الشهيد حميد الكنوني البالغ من العمر 27 سنة إبن مدينة بركان، وذلك احتجاجا على الظلم والحكرة التي عاناهما من طرف قوات القمع جراء الاعتقال والتعنيف الذي طالاه، وبحرمانه من تجارته البسيطة المتمثلة ببيع الخبز بالمفرق.
ولم تخلف مدينة بني بوعياش موعدها مع التاريخ، حيث ساهمت بنصيبها في التضحيات الجبارة للشعب المغربي، حين قدمت المناضل الشهيد كمال الحساني وهو يهيئ مع رفاقه لاجتماع تنسيقية حركة 20 فبراير حين باغته بلطجي، أحد أذرع أجهزة القمع، وذلك يوم 27 أكتوبر 2011 ( أنظر بهذا الخصوص موقع مدونة مغرب النضال والصمود بتاريخ الثلاثاء 27 أكتوبر 2015). 
لقد كانت السنة الأولى لانطلاق انتفاضة حركة 20 فبراير، سنة دموية بامتياز، لم تكد تنتهي حتى انطلقت انتفاضة شعبية بمدينة تازة الأبية عنوانها الصمود والمقاومة، استمرت إلى حدود شهر مارس 2012 ، استشهد على إثرها الشهيد نبيل الزوهري يوم 17 مارس 2012 ، حيث تعرض لتعنيف شديد ورميه من أعالي إحدى المنحدرات من قبل فيالق الموت. لقد واجه النظام القائم انتفاضة الشعب المغربي بالحديد والنار، ضدا على مطالبه المشروعة المتمثلة أساسا في المطالبة بالعيش الكريم والكرامة الانسانية وفي كافة مناحي الحياة الاقتصادية الاجتماعية والسياسية ( الشغل، السكن، التعليم، الحريات النقابية والسياسية...). إن الشعب المغربي في واجهة الصراع مع العدو الطبقي، وبحجم تضحياته العظيمة، وما على المناضلين الشرفاء سوى استيعاب الدروس والتضحيات المقدمة من طرف شعبنا الأبي نحو خلاصه.
عاشت نضالات الشعب المغربي.
المجد والخلود لكافة شهداء الشعب المغربي. 
الخزي والعار للخونة والمرتدين والانتهازيين.

20 فبراير 2016



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق