أيها الرفاق الأعزاء، أيها الأصدقاء الأعزاء، يحتفل الكثيرون هذه الأيام بيوم الأسير الفلسطيني، من خلال مبادرات مشابهة لمبادرتكم، بإحياء ذكرى استشهاد وليد دقة.
هذه الشخصية الرمز من رموز المقاومة الفلسطينية الذي لم يستسلم أو يتوانى بأي شكل من الأشكال طوال عقود من الأسر، متحدّياً التعذيب والحرمان والعزلة والمرض، فضلاً عن حظر رسائله وكتاباته.
في العام الماضي، وفي مثل هذه المناسبة نفسها، كان وليد لا يزال صامدًا في زنزانته الانفرادية؛ إرادته لا تتزعزع، رغم حرمانه من كل الرعاية الطبية اللازمة.
لا يزال البعض منكم يتذكر مختلف عبارات التضامن الثابتة معه ومع غيره من المقاومين المعتقلين في السجون الصهيونية، ويتذكرون بشكل خاص النداءات والدعوات إلى دعمه، وبشكل خاص المبادرات النضالية التي كانت جارية في تلك الأيام، بهدف انتزاع الرفيق وليد، الذي كانت حالته الصحية تنذر بالخطر، من براثن سجانيه المجرمين.
لكن لسوء الحظ، لم تكن كل جهودنا كافية للتغلب على تعنت بن غفير وأعوانهم من السجانين والقضاة. لقد أصبح الموت بالحرمان من الرعاية الطبية هو سيد الموقف الآن في مختلف السجون الصهيونية، وخاصة سجن النقب حيث يحتجز مختطفو غزة.
لعله من المفيد أن نذكّر أنفسنا أيها الرفاق أنه إذا كان المؤتمر الوطني الفلسطيني قد أقرّ في عام 1974 يوم السابع عشر من نيسان "يوم الأسير الفلسطيني" فإن ذلك لم يكن يهدف فقط إلى التنديد في هذه المناسبة بهمجية المحتل الصهيوني، ولا إلى تكريم المقاومين الأسرى بتذكير الجماهير الشعبية بتضحياتهم وتنازلاتهم أو بإرادتهم التي لا تتزعزع في مواجهة الجندية الصهيونية. إن الاحتفال بيوم الأسير يهدف قبل أي شيء آخر إلى التأكيد بصوت عالٍ وواضح على واجباتنا تجاه رفاقنا الأسرى، وقبل كل شيء إدراج تحريرهم في الديناميكية العامة لنضالاتنا المستمرة.
إن الاحتفال بيوم الأسير الفلسطيني يهدف قبل أي شيء آخر، أيها الرفاق، إلى دعوة وتشجيع قوى الثورة الحية وطلائعها المناضلة على تنفيذ كل الإجراءات اللازمة للتعبير العملي عن عزمنا الأكيد على تحرير رفاقنا من براثن سجانيهم المجرمين.
لقد مات وليدنا على قدميه. ويبقى حياً إلى الأبد في قلوبنا وفي أذهان جموع الناس والمناضلين المشاركين في ملحمة المقاومة هذه، ويبقى حياً إلى الأبد مع كل من سبقه أو لحق به كمشاعل تضيء طريق المقاومة والتحرير والحرية والانعتاق.
أيها الرفاق الأعزاء، أيها الأصدقاء الأعزاء في زمن الإبادة الجماعية في غزة والاغتيالات والمذابح ومصادرة الأراضي على نطاق واسع في الضفة الغربية، يصعب على التعبئة الشعبية أن تستغرق في الحديث عن أوضاع أبطال النضال أو تستخلص منها...
إن الحجم المهول للمجازر يجعل من المستحيل تقريباً فهم قصص مختلف شخصيات النضال. إن عدد الشهداء الذي تجاوز 33000 شهيد، من بينهم أكثر من 14000 طفل، وأكثر من 76000 جريح، ناهيك عن كل من هم تحت الأنقاض، أكثر من مهول... لكن الحقيقة أن آلاف الأسرى الذين سجنوا لسنوات طويلة، وبعضهم لعدة عقود، يبرزون اليوم أكثر من أي وقت مضى مقاومة الشعب الفلسطيني في تعدد أشكالها. ولا يمكن لهذه الحكومة الصهيونية، أكثر من أي حكومة أخرى قبلها، إلا أن تكثف القمع وتحاول أن توسع أكثر من أي وقت مضى مجال تدمير كل ما هو فلسطيني، وبشكل خاص كل من ينضم إلى الإرادة الجماعية للمقاومة.
لهذا السبب، من بين أمور أخرى، فإن التضامن الدولي مدعو أكثر من أي وقت مضى إلى أخذ هذا الواقع بعين الاعتبار. وهذا ليس سهلاً دائماً، نظراً لأننا نتعامل مع إبادة جماعية تجري أمام الجميع وليس في ضباب المعسكرات السرية، ولأول مرة في تاريخ البشرية، يشهد مئات الملايين من البشر إبادة جماعية جارية.
تبقى الحقيقة، أيها الرفاق والأصدقاء، أنه في الإطار العام لهذه المقاومة التاريخية للشعب الفلسطيني يمكننا أن نفهم بشكل أفضل الترابط الديناميكي للعوامل المختلفة التي تشكل "الإرادة الجماعية للمقاومة" والمكانة الخاصة التي يحتلها الأسير في الذاكرة الجماعية الفلسطينية.
على امتداد هذه الملحمة التاريخية وحتى يومنا هذا، فإن "الأسير المقاوم"، إلى جانب "الشهيد"، هو الشخصية التي تتقاسمها غالبية العائلات الفلسطينية.
وبطبيعة الحال، كما هو الحال في كل مكان آخر، كان أبطال النضال الثوري، وخاصة أولئك الذين جسدوا بوجودهم الإرادة الجماعية للمقاومة، هم الأهداف المفضلة لسياسات الإبادة التي سارع الفاشيون من جميع الأطياف إلى تنفيذها، خاصة وأن أجواء الإبادة الجماعية جعلت من السهل القيام بذلك.
أيها الرفاق، لنكن يقظين ولنمنع المجرمين الصهاينة من إبادة الأبطال الثوريين في الأسر!
لنكن جديرين بملحمة مشاعل الحرية، أولئك الأبطال المقاومين الذين لا يقهرون والمعتقلين في السجون الصهيونية!
بطبيعة الحال، يمكن للجماهير الشعبية الفلسطينية وطلائعها المناضلة في الأسر أن تعول على تضامنكم الفعال.
فلتزدهر ألف مبادرة تضامنية لصالح فلسطين ومقاومتها المجيدة.
التضامن، كل التضامن، مع المقاومين في السجون الصهيونية وزنازين الحبس الانفرادي في المغرب وتركيا واليونان والفلبين وأماكن أخرى في العالم.
التضامن، كل التضامن، مع الكادحين من الطبقة العاملة!
تحية للشهداء وجماهير الشعب المناضلة!
تسقط الإمبريالية وأذنابها من الصهاينة والرجعيين العرب!
الرأسمالية ليست إلا همجية، تحية لكل من يعارضها بشتى التعبيرات!
معا أيها الرفاق، ومعا فقط سننتصر!
لكم جميعاً أيها الرفاق والأصدقاء أحر التحيات الشيوعية.
رفيقكم الرفيق جورج عبد الله
17 نيسان/ أبريل 2024
#الحرية_لجورج_عبدالله