أولا: إن الثورة علم، والعلم يتطلب البناء المعرفي والنظري والبحث والتنقيب عن
الحقائق الواقعية ودراستها وتحليلها تحليلا ماديا ملموسا وتبسيطها لتصير سهلة الاستيعاب وفي متناول الجماهير، واستخلاص المواقف المنسجمة ومصالح وأهداف الطبقة العامل وحلفائها الموضوعيين في كل مرحلة من مراحل تطور الصراع الطبقي، وفي خدمة مهماتها الثورية، والكشف عن المغالطات ووسائل التضليل والأوهام التي تشوبها وعن الأطراف التي تزرعها وتساهم فيها وعن خلفياتها السياسية وأبعادها الطبقية.. لهذا تعد النظرية الثورية بالنسبة للثوار الحقيقيين هي وضوح المعركة والمهمات والمسؤوليات ودليلهم في التعامل مع كل التطورات والمستجدات، ليكون المناضل قدوة وسند الجماهير في المعرفة وبناء الوعي الطبقي والسياسي.
ثانيا: إن الاستعداد الثوري بحماس للتضحية، وتصريف البرنامج النضالي، كواجب ومسؤولية مبدئية، والتربية على الانضباط وعلى المسؤولية والالتزام بالضوابط والمبادئ التنظيمية، هي إحدى أساسيات وواجبات المناضل الثوري الملتزم فعليا بالتنظيم الثوري. لهذا في البناء الثوري يتوجب الحرص لتكون القواعد المنخرطة في العمل الثوري المنظم، والملتزمة بالمشروع السياسي الثوري، بذات المواصفات. وفي حالة تخلف المناضل عن هذه الالتزامات تنتفي عنده مواصفات المسؤولية والتنظيم. ونفس الاستخلاص ينطبق على إي إطار سياسي منظم يدعي الثورية.
ثالثا: إن مسؤولية المناضل الثوري هي العمل من أجل الجماهير والتضحية والقتال لتحقيق أهدافها بصدق. وهذا لا يعني أن المناضل الثوري يتوجب عليه ممارسة النيابة عن الجماهير أو الاسترشاد بأعمال أبطال الأساطير مثل "روبن هود"، ومجوعته "ميري مان" في الأسطورة البريطانية الحديثة والتي قامت على محاربة الظلم والطغيان وعلى سلب وسرقة الأغنياء لأجل إطعام الفقراء في غابات شيروود بالقرب من مدينة نوتينغهام. بل إن قتال المناضل الثوري من أجل الجماهير، هو قتال في صفوفها بالاستناد عليها ومساندتها ورفع وعيها لفهم واستيعاب واقعها. وقيادة نضالاتها ومواجهاتها في الصراع لتحقيق أهدافها. وللتقدم في هذه المهمة بجدية يستدعي الأمر من المناضل التوجه إلى الجماهير والتفاعل معها بشكل معمق، وبطريقة مفهومة، بعيدا عن العموميات والمفاهيم الغامضة، على أرضية القضايا والمشكلات التي تتلمسها وتأطير معاركها وتنظيمها، وتغطية معاركها ورفع تقارير تعري ما تتعرض له من ظلم واستغلال وبطش واضطهاد.. وتقديم أعمال ودراسات تشرح وتفسر بالمعطيات الحية حجم النهب الذي تتعرض له ثرواتها والاستغلال لقواها.. والوقوف معها على كل التطورات السياسية بتحليلها وطرح موقف سياسي ثوري منها. وإقامة علاقات طيبة ومسؤولة مع المحيط من عمال وفلاحين وطلبة ومعطلين وكل الكادحين، رجالا ونساءً، تفتح فرص نشر الوعي الطبقي في صفوفها.
رابعا: إن الاندفاع الزائد، أو انعدام الأخلاق النضالية، أو الانعزالية أو التعالي عن الجماهير، أو التلكؤ في العمل والتخلف عن المسؤولية، وغياب الانضباط، أو التماهي في طرح قضايا بلغة أو طريقة معقدة لا تفهمها الجماهير،.. كلها مواصفات تسيء للنضال الثوري، وتغرق العمل المنظم بقواعد بعيدة عن صلب القضية المطلوب النضال من أجلها، وتحوله إلى إطار للشعارات الثورية الفضفاضة ويفقد، أي الإطار، المسؤولية الفعلية في المعمعان الثوري.
إن المناضل المشبع بهذه القناعات وبهذا الوعي والحامل لهذه المواصفات هو المناضل القادر على الإسهام الجاد في نقل النظرية الثورية إلى الجماهير وعلى توحيد قواها وتنظيمها وعلى تعبيد الطريق لتجميع القوة الثورية القادرة على الانخراط الفاعل في المعركة الطبقية لقيادة نضالات شعبنا لتشييد مشروعه البديل.
صوفيا ملك
شارك هذا الموضوع على: ↓