لا يهم من يؤدي الثمن، ومن يضحي ،ولا تهم طبيعة التضحيه، ولا خلفياتها..
لا يهم إن كان اعتقال، سجن، طرد من العمل، توقيف،.. طالما الاجراء آت من دهاليز مؤسسات النظام واجهزته القمعية. الأمر يستدعي فقط البحث عن مبررات الصمت..
لا يهم كل ذلك حين يكون المبدا هو التخلص من المناضل ( بصيغة الجمع) ومن ازعاجه المستمر والقلق الذي يحدثه، والوضع الذي يخلقه.
ولا يهم ان الالتقاء، على هذا المستوى، مع ممارسة النظام وازلامه، وحوارييه، من تربكهم فعلا ممارسه المناضل وتزعج مصالحهم، وتعرقل تمرير مخططاته الطبقية.
على هذه الارضية يظهر بشكل بارز التناقض الرئيسي، بين خطين يعكسان موقعين طبقيين، يحددان رؤيه كل طرف، وموقعه الحقيقي في الصراع لحظة اشتداده وتأزمه. حيث تنكشف بالتالي ضدا على الجمل والخطابات، والشعارات، الممارسه والسلوك السياسي الذي يبين الجذور الطبقية لأي اتجاه سياسي وأية مصالح طبقية يدافع عنها .
فلا غرابة عندنا، فيما يرتكبه النظام القائم من جرائم، من الاعتقال، والقتل والمنع، والقمع، والمحاكمات، والمتابعات، والتوقيفات والطرد، وقمع الرأي السياسي، وحرية التظاهر والانتماء، وحريه التعبير، والتجويع.
وليس بالغريب عنا، ان يلجا كذلك، الى نصب الفخاخ، والى الدسائس والمؤامرات، والى الشكايات الكيديه، والى تلفيق التهم، وطبخ المحاضر ضد المناضلين لتجريم ممارستهم السياسية، والحقوقيه، والنقابيه.. ما دام يدافع عن مصالحه، وعن مصالح اسياده وعن تمرير مخططاتهم.
لكن الغير مقبول، بل والفظيع، هو ان يتم غض الطرف، عن هذه الممارسات بالصمت، أو بالتقليل من وقعها وخطورتها، أو بالقاء اللوم والمسؤولية، على المناضل وعائلته واصدقائه ورفاقه، والتشكيك في خطواتهم النضالية، واعتماد المحاضر المطبوخه، والتهم الملفقه في الشكايات الكيديه، لتبرير العجز والتواطئ الهادف الى شرعنة إجرام النظام بشكل ضمني.
كان هذا نموذج من كشكول جمل مسمومة، لمن يحملون وجهة نظر تتكلم على استبداد النظام وقمعه، لكنهم يخدمونه بتصرّفاتهم، والكاشفة عن ممارستهم، وموقفهم الحقيقي من قضيه الاعتقال السياسي، ومن نضال عائلات المعتقلين السياسيين ومن الادوار التي لعبتها وما زالت، في فضح اجرام النظام، وهي تسير على تجارب كانت لها الريادة في وضع لبنات تاسيس الجمعيه المغربيه لحقوق الانسان، وهو ما يوحي ان هذا في العمق عربون للنظام وإشارة يتمنّون من خلالها أن ينالوا رضاه.
لا يهمني من اثارة هذه الملاحظات التي ركزت فيها على جزء بسيط من ممارسة لا زالت مستمرة، وتتكرس بشكل يومي، واصبحت تشكل عبئا ثقيلا، على كل مناضل مبدئي، الا لأبرز ، نتائجها المدمره على المناضل من داخل المعتقل .
وهي الممارسة التي يلتقطها الجلاد ويوظفها ضد المناضل، للنيل من عزيمته، وصموده، وصلابته، وخاصه في فترة معاركه بالسجون، وكذلك لتأليب السجناء ضده ولعزله ومحاصرته، والحد من تاثيره عليهم. وتسهل عليه، أي الجلاد، تنفيذ العمليات القمعية الإنتقامية، للمعتقل وعائلته.
إننا فعلا، امام صورة مصغرة لانحطاط العمل السياسي، ولواقع الجزر الممتد
لما يزيد عن ثلاثة عقود من الزمان.