15‏/03‏/2017

حسن أحراث// هل ننسى الأحبة؟ هل ننسى أنفسنا؟

أمنا الفقيدة السعدية الدريدي ورفيقنا الفقيد محمد عباد: حضور الموقف والقوة والعزة...


محمد عباد (الولادة الجديدة: 01 مارس 2007)

لن ننساك رغم ذلك الرفيق العزيز عباد.. ستبقى حيا من خلال رفاقك ومن خلال كل من أحبك ويحبك.. لقد كنت رائعا.. لم يكن رحيلك في 01 مارس 2007 موتا ولا فناء، إنه ولادة أخرى من ولاداتك اللامتناهية..

فيما يلي نص حول الفقيد عباد منشور بكتاب "مجموعة مراكش.. تجربة اعتقال قاسية" (حسن أحراث) الصادر سنة 2012:

"فاجعة فقدان محمد عباد
إنها ليست فاجعة مجموعة مراكش 1984 وحدها، إنها فاجعة كل المجموعات وكل المناضلين، إنها فاجعة شعب بأكمله وبدون مبالغة. فمن يعرف المناضل محمد عباد، حب ودفء وشموخ وعطاء ومرح...، وحده يقدر حجم الخسارة التي ألمت بنا، نحن أسرته ورفاقه وخندقه الذي "تمترس" فيه بكبرياء المناضل الفذ حتى آخر نفس.
لقد التحق الفقيد برفيقيه الشهيدين بوبكر الدريدي ومصطفى بلهواري، ليطلعهما على بشاعة هذه المرحلة وعلى جبن أبطالها... لقد التحق الفقيد بقافلة الشهداء من الباب الواسع..
إنه كباقي الشهداء قد رفض المسخ والذل والتواطؤ والصمت، الصمت الرهيب والقاتل..
والآن، ماذا بعد؟ هل نقبل ب"سقوط الجبال"؟ هل نصمت مرة أخرى؟ هل نستسلم للقدر اللعين وللشؤم الذي يطاردنا الواحد تلو الآخر؟
إنها الإهانة تلو الإهانة، إنها الإمعان في الإهانة.. إنهم ينتظرون فناءنا.. وحينذاك، هل سيعتذرون وسيعلنون الحقيقة، وسيحاكمون أنفسهم بأنفسهم..؟
سينالون الأوسمة وشهادات التقدير.. إنها أحلامهم، أوهامهم..
إن رحيل المناضل محمد عباد ليس موتا أو فناء أو هزيمة، إنه سفر البطل القادم، إنه سفر الشهداء القادمين لا محالة..
إن رحيل المناضل عباد هو الحياة بعينها.. إنه إدانة صارخة للمتواطئين والمتآمرين والمتملقين.. إنه فضح للعهد الجديد ولشعارات العهد الجديد و"لنكافات" وصالونات العهد الجديد..
إن رحيل المناضل عباد هو درس لرفاقه أو لمن تبقى من رفاقه، إنه دعم لهم في معركة الوجود "المستحيل"، إنه تضحية أخرى لعل رفاقه أو من تبقى من رفاقه يستوعبون أحلام وأوهام الجلادين أسياد الجلادين..
إن رحيل المناضل عباد صرخة مدوية في أعماقنا، ستحثنا بقوة على مواصلة المعركة حتى نهايتها..
لقد عاهدنا المناضل عباد على مقاومة الاستنزاف والاندثار القسري، الفردي والجماعي، وبالتالي الثبات في وجه كل أصناف القتل كجسم واحد وكصوت واحد وكنفس واحدة، فلنتحمل مسؤولياتنا كاملة، ولنكن في مستوى العهد والطموح والآمال، ولنعاهد من آمن بطموح وآمال الشهداء والشعب المغربي قاطبة.."

السعدية الدريدي (الولادة الجديدة: 17 مارس 1990)

كيف لمن تربى على الصدق، ألا يكون صادقا؟
كيف لمن عاش القوة، ألا يكون قويا؟
كيف لمن خبر أدغال الزنازين والكاشوات، أن يهاب زعيق الجبناء؟
وكيف لمن كان زاده الصمود والشموخ، ألا يكون صامدا وشامخا، دوما وأبدا؟
اخترنا الصدق والقوة والصمود والشموخ وفاء لعهد رفاقنا الشهداء ولعهد الأبطال من أبناء شعبنا، داخل السجون وخارجها، الأمس واليوم..
لا نزايد على أحد.. لا نتباهى..
إنها مسؤوليتنا أمام التاريخ (تكليف، وليس تشريفا).. إنه العهد المبدئي أو الجمرة الحارقة، سياسيا وأخلاقيا..
إنها الحقيقة الساطعة..
لقد كان لنا شرف التوقيع على عهد مواصلة المشوار النضالي بكل عنفوان، وحتى النهاية.. لم نكن حينها نعرف من سيستشهد ومن سيواصل المشوار..
لقد وقعنا بالدم الى جانب الشهيدين بوبكر الدريدي ومصطفى بلهواري، داخل الزنزانة رقم 1، بسجن بولمهارز بمراكش سنة 1984، على مواصلة المعركة حتى النصر..
وقعنا على النضال، واستمرار النضال والتضحية حتى انتصار قضية شعبنا، قضية العمال وعموم المقهورين..
ومن يخون القضية، يخون الدم.. يخون العهد..
هذه رسالتنا وهذه وصيتنا (أحياء أو أمواتا)..

وفيما يلي فقرة حول الأم الشهيدة السعدية الدريدي، مقتطفة من كتاب حسن أحراث "مجموعة مراكش، تجربة اعتقال قاسية" (2012):

أمي السعدية*
صفة الأم هنا ليست مجاملة.
إنها أم حقيقية..
عرفتها قبل الاعتقال؛
عرفت بيتها، عرفت طبخها، عرفت دفئها...
عرفتها بعد الاعتقال؛
عرفت قوتها، عرفت حيويتها، عرفت صمودها...
كانت أمنا جميعا؛
أم المضربين وغير المضربين؛
أم مجموعة مراكش 1984، وباقي المجموعات.
آزرتنا وآزرت عائلاتنا؛
شرفتنا وشرفت عائلاتنا.
أزعجت المجرمين وأربكت حسابات المتخاذلين؛
انتصبت شامخة؛
وماتت شامخة.
لم تنتظر معانقتنا؛
أو الأصح، طال انتظارها، بعدما تأخرنا؛
بعدما تأخر انتصارنا.
إننا نعانق شموخها؛
إننا نحيي انتصارها؛
أمنا السعدية..

* أمي السعدية: السعدية بنرزوق، والدة الشهيد بوبكر الدريدي والمعتقل السياسي السابق الطاهر الدريدي. توفيت يوم 17 مارس 1990.



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق